الجمعة، 23 فبراير 2024

أتيت محبا للجمال و عاشقا بقلم الشاعر حامد الشاعر

 أتيت

محبا للجمال و عاشقا

أتيت محبا     للجمال   و عاشقا ــــــــ فما زال     قلبي    بالمحبة   عابقا

و ما زلت فيها مستهاما و   شائقا ــــــــ و ما زلت طفلا     للحياة    معانقا

هواي فبالي لا  يبالي       بغيره ــــــــ و ما كنت فيها ما أحب      مفارقا

ينال العلا و المشتهى في  زمانه ـــــــــ فمن كان أبواب  المحبة     طارقا

و من دونه يبدي السراب  عوائقا ـــــــ و في الحب لا يخفي المحب حقائقا

و يمشي مليكا في خطاه و  واثقا ــــــــ فمن حبها و القلب يرعى  المواثقا

،،،،،،،

تنادي على قلبي عروس و حسنها ــــــــ   عليه حمدنا    كالخلائق    خالقا

أراه تباهى لا يضاهى و   حسنها  ــــــــ يدوم مشعا في العيون     و فائقا

تساوي حياتي و الحياة      أحبها ــــــــ يدوم الهوى فينا فإن كان  صادقا

إليها و من سلوى المحبة والهوى ــــــــ لتجعل    قلبي مستكينا  و     خافقا

فلم تر مثلي مستهاما و    عاشقا ــــــــ مشوقا و مشتاقا جعلت و   شائقا

تطيب حياتي بالقوافي  و    دائما ـــــــ تراني عيون الشعر صبا و   وامقا

،،،،،،

تغنى و في زهو قصيدة    حبها ــــــــ بها عاليا حرفي  سيبقى و    باسقا

أراها كشمس لا تغيب       مغاربا ــــــــ تعيب   بزهو تستطيب       المشارقا

و لي قمرا تهدي و يبقى سناؤها ــــــــ بوجه التجلي       للضياء     مطابقا

و يرقى إلى مجد هواي و سؤدد ــــــ و يبقى على  الحب القصيد   موافقا

و طيفا جميلا قد أراني   هيامها ــــــ و  صرت خيالا في الليالي    مسابقا

،،،،،،

وما أبدا عنها كتمت     لواعجي ـــــــ و شب و صار الشوق كالنار    حارقا

و كالديك مذبوحا بآخر    رقصة ـــــــ أراني و سيف الذبح تحمل     بارقا

يظل بملء الزهو حلوا  و عابقا ــــــــ له ما وجدت الحب في القلب  عائقا

و حين يحب القلب يزهو و يزدهي ــــــــ شبابا و يمسي  من جديد    مراهقا

و يحيا سعيدا دائما     في حياته ـــــــــ فمن كان طعم الحب بالقلب   ذائقا

،،،،،،،

لنا رائقا ما فيه   يغدو     و كلما ــــــــ نعيش  زمانا     سالكين    طرائقا

جمالا يزيد الشعر يمسي    و كلما ــــــــ يحاكي تناصا مستنيرا    و سامقا

و شعري المقفى يقتفي سر   حبها ــــــــ بإعجازه أضحى بليغا     و خارقا

و أضحى بناء الشعر حلوا و رائقا ـــــــ يضاهي سناءً في ارتفاع و   شاهقا

و كالجار أضحى للفؤاد مجاورا ــــــــ و منه فلا أخشى القصيد     بوائقا

،،،،،،،

و ما زال قلبي بالمحبة    عابقا ــــــــ محبا تراني      للجمال    و عاشقا

و كم من محب صار عبدا  لسيد ــــــ يسمى الهوى يبغي العلا ليس    آبقا

و حين يجافي حبه خارجا  عن ــــــــ القوانين يغدو في الحياة   و     مارقا

هوى خالقا أثنى عليه    بقلبه  ـــــــ    محبا  يرى رزقا  كثيرا    و رازقا

بإيامه يحيا المحب     مفاخرا ــــــــ و مختصرا  عد  الحياة         دقائقا

،،،،،،

فلما وجدت الحب يبدي خوارقا ــــــــ على    هامة الدنيا     حملت     بيارقا

و بين الرزايا و المنايا فلم  يجد ـــــــــ فمن قد تباهى       بالحياة     فوارقا

نحق الهوى حقا به و     حقائقا ــــــــ نرى باطلا في  الاختبارات     زاهقا

يسر الهوى قلبي و يثلج خاطري ـــــــ و ينبت  حولي في ابتهاج      حدائقا

حياة لمن يسعى شهيدا حسبته ـــــــ ببحر الهوى  و الحب من  مات غارقا

فلا ينحني للريح من كان عاشقا ـــــــــ على  بحره أجريت زهوا      زوارقا

،،،،،،،

صوابا يجافي ثم عقلا و  منطقا ــــــــ و بين الورى يوما فمن صار   فاسقا

هو الحب يجري في المحب قيامة ـــــــ به   ساحقا أغدو عدوا     و ماحقا

لقد خضت ضد العابثين   معامعا ــــــــ و قدت بدنيا     العاشقين     فيالقا

ضميري ومهما لي جرى لن أخونه ــــــــ سيبقى الهوى مثل الينابيع  دافقا

بإحساسه الراقي الهوى فكأنه    ـــــــــ و فيَّ   كما يهوى   يثير   الصواعقا

و منها يحوز اسما و رسما و دائما ــــــــ أراه   فؤادي بالمحبة        ناطقا

،،،،،،

بقلم الشاعر حامد الشاعر

الغطرسة بقلم الشاعر منصور العيش

 الغطرسة 


وضعت على القلب كف يدي 

أستشهده على هلكي و وأدي 


و للخيبة النكران ممقوت وقع

يبعثر أشواقي و يشل سعدي


لا رادع لوهج فورتها إن غضبت

و سرجت جيادها لكيد التحدي


لها غلو مستدام العناد مضرمه

و دوي أنعش هواجس كمدي 


لسانها بفاتك النعوت تراه ناطقا

و عيناها بشرارات الغيض تردي


لها فؤاد من حديد سك صنعه

ما ألان صلابته عطفي و توددي 


ها أنا و النيران في الجوف حارقة

لرحمى لطفها أتضرع و أستجدي


أسائلها خنوعا عن مجهول ذنبي 

فترميني بما يهد قواي و جهدي 


فلا التشكي ألبسها ثياب السماح

و لا ثناها عن عجرفة ادمت كبدي 


      منصور  العيش 

      الرباط

           21 - 02 - 24

على كف القدر بقلم يوسف بلعابي تونس

 على كف القدر


على كف القدر  

سطرت أحكامنا

وقضايانا ووعودنا

وما سيحصل لنا

خيرا كان أم شر

لا نستطيع  الاستئاف فيها ولا اعتراض

لا مهرب منها ولا مفر

فأقدارنا وأحكامنا

شرعها حاكم الأرض والسماء

حاكم عادل منصف

يحكم بالقسطاس

لا يميز بين البشر

ما علينا الا أن نخضع

  نلبي ونجيب

لأحكامه وقضائه وقدره

إنه القادر والقدير والمقتدر

إن الأقدار تفعل ما تشاء

تفرق الشمل وقد تجمعه!

تقرب غريب وتبعد قريب

ثم تعيد لك حبيب

حبيبك الأول 

حبيبك الذي يهواه قلبك

فنحن ليس لنا  علم بالغيب

ما علينا سوى الصبر

فربنا لكل جرح طبيب

فهو السميع المجيب


بقلمي يوسف بلعابي تونس



* مع خالص حرصي ... بقلم الكاتبة ( روضة بوسليمي )

 * مع خالص حرصي ...


ألف استفهام يقضّ مضجعي 

كيف لكِ يا أنت، أن تتحمّلي طعن

الحراب ...؟!

كيف لإلهامك الحبيس أن ينجوّ

 من خنق ...

ويمسيَ استهلالا لحكاية خالدة ؟!

كيف لقلب صفيّ أن يحذر عواصف التّجنّي ...؟!

أقول ؛ الرّوح إذا ما التقت بشبيهها، اكتملت ...

بوحك اللّذيذ، آيات في الزّهد 

تثير في أرجائي نوبات من التّجلّي ...

كما لو كنت لامست قلب السّماء

بوحك الدّسم، يشرّع نوافذ الوحي

تمدّ جروحي - ما طفا منها وما غار

أياديها للبنفسج 

ترجو هدنة مفتوحة ...

وعينٍ ثاقبة تميّز بين باطل وحقّ

وبديهةٍ تحفّزت لقولِ ما حَسُن

واستوى لوزا ،

وعشقٍ أزهر وأعرش ورقّ

ورُبّ وله يلهم ملاك الشّعر، قصيدا

يتدلّى من عليائه .

إنّ هذا لقلمٌ لا يهاب فجرا ميّتا 

فيا ربّة الفصاحة دام منكٍ العجب

إنّ العطاء، يأتي على قدر النّوايا 


كمن تحتمي بسحابة حبّ لحظة الفراق

أفتح قلبك بابتسامة

وأدعوك لاحتساء كوبَ صدق 

وعد لكٍ منّي ، يا أحلاما أرهقتها

 المسافات ...

بأن أتعهّدَك ، كما لو كنتِ أشعاري

وأعتني بك كمحاصيلي ...

فلا يتلقّفك الطّير ، وإن سعى ...

ويحنا... ويحنا ...!!

وعيون الأطلال تلاحقُنا...

والصّدى يخذلنا ... !!

وأنا المثخنة بالذّكرى 

ألاحق أثر سفينة علت صافرتها

اتتبّع قوافل نبضك تتبّع موسى للخضر

أتعلّم منها رُشدا ...

أستنطق رسائل حُشرت في الحلق

لا تجد لها منفذا .

أعبّر وصايا شجن تلوتُها في عينيك

حُقبا .

ولأنّ الدّمع لمستحقّيه 

أفتي بأنّ نفسي أولى به 

تعالوا نستظلّ بقصيد بلغ الرّشد 

فلا يكون العزف حزينا هذا الصّباح .


         ( روضة بوسليمي )



الفين صلاة وسلام بقلم عبدالرحيم العسال

 الفين صلاة وسلام

============

الفين صلاة وسلام

وكمان نزيد ألفين

على النبي وكمان

آل النبي الحلوين


الفين صلاة وسلام

مني على الهادي

والآل يا رب كمان

تاج راسي وعمادي


الفين صلاة وسلام

يا ناس انا صليت

الفين كمان بتمام

مني لآل البيت


إقبل يارب الكون

مني صلاة وسلام

على النبي المحبوب

آل النبي يا كرام


(عبدالرحيم العسال مصر سوهاج أخميم) 

الخميس ٢٢- ٢ - ٢٠٢٤

... . القنبلة رواية / رضا الحسيني ( 26 )

 ...      . القنبلة رواية  /  رضا الحسيني    (  26 )

في هذه الأثناء كانت شاهي مع والدها في سيارتها تسير خلفنا باكية وعيونها لاتفارق سيارة الإسعاف ، فروحها هنا بداخلها ترقد بلا حراك وكأن نظراتها تُلاحقني طِيلة الوقت تسألني لتطمئن عليها ، وكانت عيوني تحاول جاهدة أن تبعث لها دوما ماتقدر عليه من الاطمئنان

حين وصلنا للمشفى كل شيء كان يحدث بأقصى سرعة ، وشعرت أن الجميع هنا كانو بانتظارنا ، ففهمت على الفور أن الضابط عماد قد فعل كل شيء بإمكانه ليجعل الأمور تسير هكذا ، وكانت شاهي رغم ماتعيشه من خوف وحزن على طفلتها الجميلة صاصا ن إلا أنها كانت بذات الوقت تشعر بشيء من الارتياح ، فاقتربت مني قائلة :

_ مش عارفة من غير عماد كنا هنعمل إيه ، بيعمل كل حاجة لصاصا وهو هناك بالمعرض

اخترقت كلمة عماد أذني كما يخترق صوت انفجار قنبلة أرجاء المكان ، تقول عماد ؟! ، عماد هكذا لاضابط ولا باشا ولا أي شيء ، وكأن هي وعماد يعرفان بعضهما منذ سنوات وليس منذ دقائق فقط ، وشعرت بعيوني تخرج من وجهي مندهشة ، ولا أدري هل لاحظت شاهي ذلك أم لا ، وأجبتها قائلا :

_ طبعا شاهي هانم ، صاصا غالية كتير على سعادته، حضرتك متعرفيش عملت فيه إيه من بعد ما انصرفتوا

_ هتحكيلي بالتفصيل حضرتك كل حاجة بس أطَّمن الأول عليها

_ خير خير اطمني ياهانم ، دلوقتي الدكاترة هيطمنونا عليها ، هي وقعت بس من الخضة ، واضح السيارة لم تصدمها ، الكل قالوا كده

_ معرفش بصراحة إيه اللي حصل ، كل حاجة حصلت فجأة و بسرعة ، وحسيت إن روحي راحت والسيارة بترجع نحيتها لحظة ما اندفعت ورا البالون لما فلتت من إيديها

ولا أدري كم مر علينا من الوقت ونحن داخل المستشفى ننتظر حتى يخرج علينا أحد من الموجودين بداخل الحجرة حيث يقومون بالكشف عليها ، في حين كانت أجهزة تدخل وأخرى تخرج وممرضات تتحركن دخولا وخروجا ، ولا أحد يتكلم ، فقط ينظرون نحونا مبتسمين ، كانت ابتسامتهم وحدها تقول لنا أن الأمر ليس خطيرا ، ومع كل ابتسامة كانت تخرج جملة واحدة جعلتنا في غاية اندهاشنا :

_ اطمني شاهي هانم

وأخيرا خرج طبيب وهو يرسل بابتسامة أكبر وجاء نحونا قائلا :

...          ,غدا نلتقي مع 27



عِمْتِ صباحاً يا غزَّةُ بقلم الشاعر محمود بشير

 عِمْتِ صباحاً يا غزَّةُ


يا (غزَّةَ) الأحرارِ عِمْتِ صباحَا

       فلقد جعلتِ من الدّماءِ سِلاحَا


هذي الدِّماءُ وإنْ تدفّقَ سيلُهَا

                     ناراً يظلُّ عبيرُهَا فَوَّاحَا


 رحماكَ ربِّي أنتَ مالِكُ أمْرِنَا

            اُلْطُفْ بِ(غزَّةَ) أبْعِدِ الأتْراحَا


واجْعَلْ لِ(غزَّةَ)من حنانِكَ لمْسَةً

           كانَتْ أرادَتْ أن ترَىٰ الأفراحَا


محمود بشير

2024/2/23



الخميس، 22 فبراير 2024

رحلة بحث / قصة قصيرة بقلم الكاتبة ليلى عبدالواحدالمرّاني

 رحلة بحث / قصة قصيرة

ليلى عبدالواحدالمرّاني
هاجسٌ غريب دفعها أن تفتّش عنه بعد عقودٍ من النسيان. هي تزوّجت وأنجبت، وهو سافر ولم تعد تسمع عنه شيئاً، بعد أن رفضه أهلها، وبعد معاناةٍ مع النسيان، كادت تفقدها ذاكرتها، تقول، “ وبغفلةٍ من الزمن قفز اسمه من بين دهاليز ذاكرتي المعتمة. “.
آلامٌ قاسية، ورحلة شقاء مع النسيان، ورغبةُ أهلٍ جامحة في تزويجها كي تكون نهايةً لأحلامها في أن تلتقيه يوماً. نظرت إلى وجهها في المرآة، “ ما زلتُ جميلةً، وما زالت عيناي تشعّان بريقاً أنثويّاً، ودمعةٌ حائرة تطوف بهما، صفةٌ تفرّدتُ بها بين طالبات الكليّة، ولكن أين هو، هل حبسني طيفاً في ذاكرته، وأخرى يعيش معها، وأنجب منها الطفل الذي حلمنا به معاً؟ ألا يزالُ وسيماً، كما عرفته، أم فعلت فعلها السنين ؟”؟
إعتدلت في جلستها، شريطُ ذكرياتها معه عاد إلى الوراء. لقاءاتٌ معدودة اختطفاها من عمر الزمن،
ذلك الشاب الوسيم، القادم من أرضِ الموت والتهجير، لم تره يوماً برفقةِ أحد، وحيداً يدخل نادي الكلية، إلى منضدةٍ منزوية يجلس، نظراته لا تفارقُ الكتاب الذي يرافقه بانتظام، فقط حين يذهب لشراء كوبٍ من الشاي أو القهوة، يرفع رأسه دون الإلتفات إلى أحد، ورهانٌ كان بينها وبين صديقاتها أن تدير رأسه !
منضدةٌ طويلة وسط إحدى قاعات النادي المخصصة للدراسة، كانت وصديقاتها يتحلّقن حولها، حين ظهر فجأةً . تلفّت حوله، كانت منضدته المنزوية قد شغلها غيره، وركن المطالعة مكتضٌّ بالطلبة . كرسيّ واحد شاغر في الطرف القصيّ للمنضدة التي تحتلها وصديقاتها. بهدوئه المعتاد جلس، لم يرفع رأسه عن كتابه، لهمست بإذن صديقتها.. “ سترين “ ! وبهدوءٍ اقتربت منه، حاملةً كتابها، همست.. “ هل تسمح؟ “، رفع رأسه، والتقت عيناه الخضراوان بعينيها الدامعتين أبداً، وابتسامةٌ خفيفة، أودعتها كلّ أنوثتها، أشارت إلى صفحةٍ ،عشوائيّاً فتحتها .. “ ممكن تشرح لي هذه الجملة، لو سمحت ؟ “؟
تلعثم، ثم تمالك نفسه ، وهو الطالب المتفوّق في قسمه، والذي تطارده عيون زميلاته ، فلا تجد صدىً.
وكان لقاء ثانٍ، وفِي المكان نفسه، ولقاء ثالث، وآخر، همس في أذنها فجأةً، وبلهجته التي تعشقها ..” بحبّك، بموت فيكِ “. دارت الأرض بها نشوى، وهي التي راهنت أن تلفت انتباهه، غارقةً في حبّه وجدت نفسها، والسنة الدراسية شارفت على الإنتهاء، وإلى بلده سيعود بعد أن أنهى بتفوّق أربعة أعوامٍ في منحةٍ دراسية، هبةً من الحكومة العراقية ، وهي ما تزال في السنة الأولى.
تلاحقت الصور أمامها، وكأنها حدثت بالأمس حين تحطّم جدار النسيان. بكت حين سافر، رافضةً مشهد الوداع في المطار . “ سأكمل دراستي في أمريكا “، كتب في رسالته الأولى، “ وأعود لأختطفكِ زوجةً ترافقني إلى بلدي “..
غزيرة انهمرت دموعها وهي تسترجع أياماً وليالٍ عاشتها مترقّبةً رسائله. كتب في إحداها، وبعد سنتين من سفره..” سأعود لأتقدّم إلى أهلكِ، وتأتين معي. “.
ثورةُ عارمة اكتسحت كلّ دفاعاتها كانت حين أبلغتهم بذلك. إنتفض الأب، يسابقه الأخ الأكبر في تقديمها قرباناً للشرف المهدور ..!
عادت تعبث على شاشة الكومپيوتر، تضع اسمه الثلاثي، وتبدأ من جديد رحلة البحث عن حبيبٍ أطلق ساقيه للريح، ما أن سمع ضجيج المعارك ..!
إنهارت، ومحاولة انتحارٍ فاشلة، محت كلٰ ذاكرتها وما يتعلّق به، وعلى الزواج أعلنت حرباً.
تقول صاحبتي، أنها طوت كلّ أحلامها وذكرياتها معه، كلّ لحظات حبٍّ أو ألم، وفي بئرٍ عميق رمتها، وأهالت عليها تراباً، ثمّ صخوراً لتأكيد موته، وصوب الحياة أدارت وجهها . فجأةً، ودون استئذانٍ من حاضرها، أو احترامٍ لعقودٍ طويلة من النسيان، انبثق برعمٌ صغير من بين الركام . بعد أكثر من أربعين عاماً، عجباً! هل هو الإحباط الذي تعيشه، أم الفراغ الذي يبتلع أيامها وسنين عمرها، بعد أن تزوّج الأولاد، والزوج رحل ؟
المرّة الأخيرة، قالت لنفسها، وضعت اسمه على الشاشة، صدمت، عشرات الأسماء المشابهة تتوالى أمام عينيها. تركت البحث بعد أن أعياها التعب، مجرّد فكرةٍ طارئة، قالت، أو حبّ استطلاعٍ تحوّل فجأةً إلى تحدٍّ وإثبات شيء، أي شيء؟ لا تدري!
عنوانٌ في بلدٍ مجاور قفز إلى ذهنها، كان مقرّراً أن يستقرّا هناك حين عودته، ويعيشان معاً. إلى البحث عادت من جديد وقد أمسكت الخيط من رأسه، كما تقول . الإسم والعنوان . سكتت، وكأنها دخلت في غيبوبة، أو ربما أضاعت الخيط والعصفور وهي تبحث في عالم خيالها. إحترمتُ صمتها، وأحدتُ نظري عنها . فجأةً، وبصوت ناسكٍ بوذيٍّ يتعبّد، جاء صوتها عميقاً ، منتحباً ..” أتعلمين، وجدته، إسمه الثلاثيّ الذي ما زلت أذكره، كان مسبوقاً بكلمة _ المرحوم _ ….
Peut être une image de 1 personne, sourire et lunettes

بَيتٌ من الشِّعر بقلم الشاعر محمد جعيجع

 بَيتٌ من الشِّعر :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُذَكِّرُني بَيتٌ منَ الشِّعرِ قائِلُهْ ...
لِساني وقَلبي في الهَوى عَنهُ سائِلُهْ
يُسائِلُ مَوجَ البَحرِ عن صَدَفاتِهِ ...
بِلَيلٍ وصُبحٌ لاحَ والضُّوءُ سادِلُهْ
بِمَدٍّ بِجَزرٍ ساكِتٍ ناطِقٍ مَعًا ...
كَطَيفِ اللَّيالي حامَ والفَجرُ خاذِلُهْ
يُسائِلُ عَن عَن ثُمَّ عَن عَن قَصيدَةٍ ...
وشِعرٍ كَشِعري في الهَوى قد يُماثِلُهْ
وفي في وفي في ثُمَّ في في بِنائِهِ ...
ومَن مَن ومَن مَن ثُمَّ مَن مَن يُنابِلُهْ ؟
بِنِبلِ القَوافي والقَوافي مَتينَةٌ ...
بقَوسٍ بحَبلٍ لانَ والقَوسُ حامِلُهْ
فَسَل سَل وسَل وسَل ثُمَّ سَل بَني الهَوى ...
بهَل وهَل وهَل وهَل ثُمَّ هَل هَل يُعادِلُهْ ؟
وكَم كَم وكَم كَم ثُمَّ كَم كَم مَليحَةٍ ...
لِشِعري وشِعري في الهَوى رَاقَ نادِلُهْ
وشِعري كأزهارٍ ووَردِ حَديقَةٍ ...
و لا بِكُنوزِ الأرضِ لا لا أُبادِلُهْ
و لا بِقِرابِ الأرضِ من ذَهَبٍ و لا ...
بِمِلءِ السَّما مِن أنجُمٍ مع ماثِلِهْ
فَلَولا ولَولا ثُمَّ لولا القَريضُ ما ...
وَلَجتُ بِحارَ الشِّعرِ والمَوجُ شاغِلُهْ
فَهُو هُو و هُو هُو ثُمَّ هُو هُو و هُو و هُو ...
مُنايَ بِدُنيا النَّاسِ و النَّثرُ عاذِلُهْ
وآخِرُ قَولي مِثلُ ما قُلتُ أَوَّلًا ...
يُذَكِّرُني بَيتٌ منَ الشِّعرِ قائِلُهْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد جعيجع من الجزائر ـ 22 فيفري 2024
Peut être une image de texte

جولييت الشرق بقلم الكاتبة منى فتحي حامد _ مصر

 جولييت الشرق

منى فتحي حامد _ مصر
يا زهرةً فوق النيل
أضاءت شموع الهوّى والقناديل
سابحة من هنا لِهُناك
عاشقة للرواية والأساطير
بداية من أميرة الثلوج
حتى شهرزاد وجولييت
تسدلين ستائركِ
من أعلى منصة مسرح أم كلثوم
كي تشعرين بلذة الغرام
مع أغنياتِها طوال الليل
لمحت كوكب الشرق عشقي إليها
مَست جبيني بأناملها
همست بِنضارة إحساسها
بعيد عنك وأمل حياتي والأطلال
دمعت مقلتيّ
وكان يلمحني من بعيدٍ ابراهيم ناجي
فترقرقت مشاعرهما تجاه بكائي وأدمُعي
تزايد اشتياقهم بالدنو من أحاسيسي
فسألتني الراقية لماذا
تعجبت واندهشت من سؤالها
ألستُ كتاباً مقروءا أمام عينيّها
أنثى عاشقة للحياة والمودة
للمشاعر هاوية
مُنيّتي السكن فوق سحب
تخلو من شهب حارقة
جيراني من طيور النورس الصافية
تلاحق جلبابي وتدثر ثيابي
بأطوار موسمية متنوعة
بداية من فصول ربيعية
حتى أوهام خريفية
مغمورة بالسحر والشعوذة
لأفئدة ماقتة مظلمة
شموس عشق ورغبة
تجاه مشاعر متلألئة
صراخ يعلو أوراق الخريف
ينادي عودة الروح بعد الغياب
تنادى الحبيب لأحضان دفء وسعادة
راجية عودة الغرام والاشتياق
بين رجل وامرأة
ها هوَّ نظام كونيَّ
يُلملِم الآهات والشجن في بوتقة
ابتسمت إليّ كوكب الشرق
ثم توجني إكليل الخجل
مِن نظرات ابراهيم ناجي
أجبتها:
إنني نجمة خُلِقَتْ من بريق مقلتيّْهِ
مِن هوّاه عشق الدنيا
وإلى جناته القُدسية والعبادة
_______________
Peut être une image de 1 personne et écharpe

الوفا عتبان بقلم الكاتبة ريما خالد حلواني

 الوفا عتبان

صحي الوفا عتبان
وعم يشكيلي همّو
اتاري الوفا من الجحد كبران همّو
المصالح هيمنت ع الناس
وكترت مشاكلها وما حدا بها الدني
حاسس وهمّو
هم الوفا ساكن بقلبو وما حدا همّو
والوفا سلطان يا ناس وفيه وحدو اهتمّو
بقلمي ريما خالد حلواني
Peut être une image de 1 personne, cheveux blonds et sourire

حين تخترق الكلمة سجوف الصمت والرداءة..وتتحدى لهيب الجحيم (جمالية المبنى والمعنى في قصيدة الشاعرة الفلسطينية المغتربة عزيزة بشير -مَنْ في السّماء سألتُ نُصرَةَ غزّةٍ-) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

حين تخترق الكلمة سجوف الصمت والرداءة..وتتحدى لهيب الجحيم (جمالية المبنى والمعنى في قصيدة الشاعرة الفلسطينية المغتربة عزيزة بشير -مَنْ في السّماء سألتُ نُصرَةَ غزّةٍ-)

-هرم الناس وكانوا يرضعون/عندما قال المغني عائدون/يا فلسطين ومازال المغني يتغني/وملايين اللحون/في فضاء الجوح تغني/واليتامى من يتامى يولَدون..-أحمد مطر-
-"تفاح جرحكِ،هل سيثمر للغزاة الفاتحين؟/يتفقد الأغراب جرحكِ:«قد تموتْ في الفجر غزة،قد تموتْ»وتعود في الفجر الحزينْ/صيحات حبكِ والحياة/أقوى وأعلى،يا صباح الخير،أختَ المعجزاتْ"(معين بسيسو)
أن يكون الشاعر(ة) في خندق الحرية،هذا قدر إنساني واختيار جمالي وأخلاقي،فالشعراء هم قادة ثورات وفتوحات على تخوم الخيال وفي مساحات الحركة الإنسانية لأجل المستقبل.وقصيدة الشاعر(ة) صوت نقي من أصوات الحرية.
وهنا أسأل : هل ثمة فرق جوهري بين قصيدة يكتبها شاعر(ة) لم يبرح مقيماً في بيته الأول،بيت طفولته حيث مسقط الرأس،بكل ما يذخر به من ثراء،ومن صور وظلالها الأليفة،رغم ما يعتمل في نفس الشاعر(ة) مما هو مبهم ويتصل بغوامض الشعور في عالم حميم محروس بوجود ناس المكان،وقصيدة يكتبها شاعر(ة) يخوض في سفر مديد مع الأمكنة والغرباء،ومغامرة مع الشعر مفتوحة على مفاجآت الطريق،وعلى صور الأمكنة الغريبة،والعوالم المختلفة،والأرصفة المتحركة صوب المجهول؟
عرف العرب في فلسطين مأساة الإنسان،وعنفوان التحدي،وعلى أرضها سوف يتقرر
المستقبل العربي،وفيها يواجه العرب قضيتهم المصيرية الكبرى.
وإنه لمن الضرورة أن نبني اندفاعنا النضالي المعاصر،على أساس الوعي الصحيح
والحقائق الثابتة،إذا أردنا لمسيرتنا الحالية أن تكون انطلاقة تاريخية لا مجرد َهّبة عابرة..
فالوقائع التاريخية تثبت بما لا يقبل الشك،وعي الشعب العربي الفلسطيني المبكر
بأخطار العدو الإسرائيلي،والإستعمار البريطاني،وتؤكد بشكل قاطع أن هذا الشعب قد ناضل
نضالا متواصلا،مريرا لمقاومة هذه الأخطار.وقد اتخذت المقاومة العربية الفلسطينية للإحتلال الغاشم أشكالا عديدة وتبنت مختلف الأساليب،والوسائل الكفاحية،من الإحتجاج إلى المقاطعة فالإضراب،فالعصيان المدني،فالثورة المسلحة.
ولم تخل هذه الوسائل الكفاحية من الأدب والشعر،فالشاعر الفلسطيني لا ينتمي إلى
القضية الفلسطينية كأي شاعر آخر يناصر الحق والعدل،وإنما هو في واقع الأمر ينتمي إلى
ذاته باعتباره هو القضية،لذلك لم تكن المقاومة حيث أطلقت هذه الصفة على الشعراء
الفلسطينيين هي قذف جنود الإحتلال بالحجارة الشعرية من هجاء،وفضح،وتحريض،بل
كانت ذاتها بكل ما تحمله من تراب ومقاومة،فالشعر في فلسطين لم يقف عن القيام
بدوره في المقاومة،مستخدما الوسائل التي يستطيع تجنيدها كافة،ليجعل منها سلاجا للوقوف
في وجه العدو الغاشم.
ومن هنا يجوز القول-في تقديري-أن الشعر من الفنون التي رافقت الإنسان منذ فجر تاريخه، وما يزال،وخاصة في لحظات الاضطهاد والاحتلال وسلبِ الحريات،حيث يحضر الشعر إلى جانبِ السلاحِ لتحقيق فعل المقاومة،هذا الفعل الذي يستلزمُ الكلمةَ كما يستلزمُ الرصاصة.
وقد عبر الأدب عن ضمير الشعب،وعن معاناته ومأساته،ورفضه للذل والإهانة،فها هي الشاعرة الفلسطينية المغتربة ترسم بحبر الروح جراح غزة ونزيفها الدامي :
نُصرةً لِغزّةَ،لِرَفح،وَسائرِ..بلادِ العرب والمُسلمين!..
مَنْ في السّماء سألتُ نُصرَةَ غزّةٍ
ورَجَوْتُهُ للمَظلُومينَ..نَصيرا
يا ربِّ حَقّقْ سُؤلَنا وتَوَلّهُمْ
واهْلِكْ عَدوّاً ،غازِياً..شِرِّيرا
واحفظْ (رفَحْ)يا ربِّ مِنْ هجَماتِهِ
فالكُلُّ فيهَا،مُشرَّداً..محْصورا
بلَغَ الزُّبى سيْلٌ لنا في مِحْنَةٍ
فدَمُ الضّحايَا على الرُّكامِ..بُحورا
(و النِّتْنُ) نِتنٌ ،مُجرِمٌ وَمُشوَّهٌ
قتْلُ العِبادِ بِشرْعِهِ..مأجورا
حَرْقُ البلادِ بِقاطنيها لُعْبةٌ
يلهو بها،(بايْدِنْ) معاهُ..مُجيرا
لا شيءَ يَعْني أن تُرحَّلَ غزّةٌ
وَيُبادَ شعبُ،وَتُسْتَحلَّ..دُهورا
كلٌّ يهونُ لأجْلِ مصلَحَةٍ له
قتْلُ الجميعِ : رهينةً..وأسيرا
هذي (رفحْ )ثاني مطايا كيْدِهمْ
فيها يعيدُ مهابةً..وَحُضورا
ويقولُ : إنّ النّصْرَ فيهَا مُحتَّمٌ
رغمَ الإبادةِ ،نستفيدُ..كثيرا
فَجَلاءُ مليونيْنِ عنهَا..مُهيّأٌ
نصْرٌ على القسّامِ يَغْدُو..جديرا
لا شيء يَعْني أن يُبادُوا كلُّهُم
أو يَفرِشوا رملَ الصّحارِي..حَصيرا
كلٌّ يُبادُ لأجلِ عيْنِ (مُنَتِّنٍ )
كيْ لا يؤولَ إلى السّجونِ..مَصيرا!
يا أُمّةَ المِليارِ ماذا تنظُري؟
ما بعدَ غزّةَ،فانظُريهِ..مُغير..!
عزيزة بشير
إذا كان عمر الرصاصة محكوما بسرعة وصولِها إلى الهدف،فإن الكلمة/القصيدة تستمرُّ انطلاقتُها دون حدود زمنية،تؤثر وتُخلد،وتواصل تذكير الغاصبِ بعُقمِه الإنسانيّ،وتذكير المُضطَهَدِ بِعُمْقِه الإنسانيّ..
ومن هنا،فإن القصيدة تشكل أفقا للمقاومة والتحرر والوقوف في وجه الظلم،فالقضية الفلسطينية قبل أن نكون قضية سياسية،هي قضية أخلاقية،مما يجعلها تمثل للشعراء أفقا لإستحضار القيم الإنسانية النبيلة.
إن الشعر العربي هو سيد الفنون وأكثرها تفاعلاً مع القضايا الإنسانية لما يمتلك من خصائص موسيقية وصور جاذبة للمتلقي.وقضية فلسطين كانت وما تزال محوراً مهماً من محاور الشعر العربي،وأغلب الشعراء العرب كتبوا عن فلسطين ولفلسطين.وما يحدث في غزة اليوم من قتل وتدمير ممنهجين،هو حافز كبير على صياغة أجمل القصائد التي كتبها شعراء لا يملكون سوى سلاح الكلمة،ليعبّروا به عن تضامنهم مع قضية العرب المحورية،فكانت تلك القصائد دموعاً ممزوجة بالدم،وما هز وجدان هؤلاء الشعراء كان له الأثر الكبير على الوجدان الشعري للشاعرة الفلسطينية الفذة عزيزة بشير،فكتبت قصيدتها النازفة جرحا غائرا في الضمير العربي وانتصارا مطلقا لغزة أرض العزة.
ولأن لكلٍّ من اسمه نصيباً كما تقول العرب،فقد دأبت غزة ولو بكلفة باهظة،على مقاومة غزاتها الطامعين عبر الزمن،تماماً كما كان حالها مع الأوبئة والكوارث الطبيعية،في حين كان أهلها لشدة تمرسهم بالآلام وأهوال الحروب،يزدادون صلابة ومنعة وتشبثاً بأهداب الحياة.
وإذن؟
لم يكن غريباً إذا،أن تحظى غزة منذ القدم باهتمام الشعراء،أو أن تكون مصدر إلهامهم ومحط أنظارهم ومثار حنينهم،كما كان حال الإمام الشافعي،الذي وُلد فيها وقضى في ربوعها ردحاً من الزمن،حتى إذا غادرها متنقلاً بين الأمصار،واستبد به الشوق إلى مرابعها،قال فيها:
وإني لمشتاقٌ إلى أرض غزةٍ وإن خانني بعد التفرّق كتماني
سقى الله أرضاً لو ظفرتُ بترْبها كحَلتُ به من شدة الشوق أجفاني
أما في الأزمنة الحالية،حيث بات الحديث عن جمال المدينة وألق بحرها وسواحلها نوعاً من الترف،فقد اختارت غزة أن تنتصر لنفسها ولهويتها القومية والإنسانية،وأن تدفع مرة أخرى الأعباء الباهظة لتقاطع الجغرافيا مع التاريخ على أرض مأهولة بالزلازل.
ولأنها اختارت بشكل طوعي أن تقبل ما شاءته لها أقدارها من أدوار،فقد أطلقت إثر سقوط فلسطين،أولى صيحات التمرد والعصيان،وقدمت في سبيل الحرية أغزر قرابين الدم،وأكثر التضحيات جسامة وسخاء.كما استطاع هذا الشريط الساحلي الضيق الذي تشغله المدينة والذي يعدّ أحد الأماكن الأكثر اكتظاظاً على الأرض،أن يلفت أنظار العالم بصمود أهله الأسطوري،ويصبح المجسد الأمثل لروح فلسطين العصية على الانكسار،وهو ما مكّنه في الوقت ذاته من أن يشحذ بالاستعارات والحدوس والصور الملحمية المعبرة مخيلات الشعراء(قصيدة الشاعرة الفلسطينية عزيزة بشير-نموذجا)
أعادتني محرقة غزة الراهنة إلى شعر المقاومة في مناطق عديدة من العالم،خصوصًا الشعر الفرنسي،وبالذات بول إيلوار،ومع ذلك ظل ما يحدث اليوم أقرب إلى الدم وروائح الموت من كل التجارب المقاومة في العالم،وبالذات لأن مفهومي لشعر المقاومة يتجاوز فكرة التحريض، وما يتصل بها من غايات "تثويرية"،طامحًا إلى التعبير عن حالة إنسانية عنوانها الأبرز والأكثر عمقًا في الروح الإبادة كفعل تدميري للإنسان بالمفهوم والاحتمال الشمولي.
محنة غزة التي تتجاوز أية كارثة عرفتها البشرية شكلت شعريًا استنفارًا هائلًا لمخزون الذاكرة،ذاكرة المكان،أو بدقة أكثر الأمكنة وذاكرة البشر،بما هم معادل إيجابي للحياة.هنا بالذات بات الأمر يتعلق بما يتجاوز فكرة المقاومة بمعناها البديهي والبسيط كفعل إرادة من أجل الدفاع عن الحاضر والمستقبل،إلى اجتراح نصوص-تستشرف-المصير الإنساني برمته،والمقاومة هنا باتت تعني إزاحة الكارثة كواقع حقيقي يطال الأشياء كلها،بما فيها المآلات الكبرى،كالموت والحب مثلًا.
وفي الرهان على الشعر،ذهبت الشاعرة الفلسطينية عزيزة بشير إلى خيارها الأبرز،وأعني تقديم قصيدة تنتمي إلى المشهد،بما فيه من نسغ درامي يقدم الرؤية الشعرية في إطار سردية حجر الأساس فيها هو الصورة،التشكيلية والدرامية معًا،والتي تنجح في إطار علاقتها بما قبلها وما بعدها من الصور في تكوين مشهد شعري ينجح في بث الروح القلقة والمتوثبة معًا في النص لتحقيق أثر يتكئ على فكرة أساس هي أن يتمكن القارئ من استعادة هذا المشهد في مخيلته،أي أن يكون القارئ بدوره مشاركًا في القصيدة من خلال التلقي الفاعل..
هكذا يذهب الشعر إلى المحرقة،يدخل أتونها يحترق بها ومعها،ولعله يؤجج نار القهر والتعجب من أمة "المليار" الهاجعة في كهوف التاريح،" يا أُمّةَ المِليارِ ماذا تنظُري؟/ما بعدَ غزّةَ،فانظُريهِ..مُغير..!
على سبيل الخاتمة : قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت إن تجربة غزة بآلامها وجراحاتها النازفة وبكل ما تحمله من أشكال ومعاني التراجيديا تدفع الشعر للخروج بكامل لياقته وحضوره إلى كتابة نفسه على نحو مختلف يتأسس في أتون المحرقة،ويجتهد للتعبير عنها من خلال التوحد مع الألم،ودفعه نحو أفق فني جديد يجانب الحماسات الصاخبة والهتافات العالية،كي ينصت أكثر للعميق في الروح،المستتر والخافت،والذي يحاور الدم،ويرسم صورة الجراح في الذات البشرية بجمال.
صبرا أيتها الشاعرة الفلسطينية الفذة عزيزة بشير
"صبرًا يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة"
سينتصب الحقّ شامخا،يخرّ الباطل صريعا..وينبلج الصبح على فلسطين.
لست أحلم..لكنه الإيمان الأكثر دقة في لحظات التاريخ السوداء من حسابات الآفاقين..وحفاة الضمير..
"وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ(الصف-13)"
محمد المحسن