يا رفاق الغياب
أيّها الغائبون عن العين، يا ظلالا ممتدّة منذ البعيد،
لماذا غابت خطاكم عن الأماكن التي اعتدناها؟
أين اختفت تحيّاتكم التي كانت تضيء الصّبح كأنّها شمس ناعمة، وتنير المساء كقمر في عين طفل حالم؟
أجلس على أطراف الوقت،
أسترجع وجوهكم في ذاكرتي
كمن يعدّ نجوما انطفأت،
وأخشى أن تمحى الملامح من الذّاكرة، وأن يصبح الحنين عادة باهتة
كجريدة نسيت على طاولة في مقهى.
كم تغيّرنا!
هل ما زالت الدّروب الّتي جمعتنا تشعر بخطانا؟
هل ما زالت الأشجار تذكر ظلّنا حين كنّا نستلقي تحتها بلا خوف من الغد؟
أنا لا أطلب عودة، فالأيٌام تمضي ولا تعود،
لكنّني أريد فقط أن أطمئنّ أنكم بخير،
وأنّ الحياة لم تطفئ فيكم تلك الشّرارة الصٌغيرة الّتي كانت تجعل العالم أجمل.
علّمني غيابكم،
أنّ الصّمت أحيانا لغة من اللّغات،
وأنّ الرّسائل الّتي لا ترسل أبلغ أحيانا حين تحسّ.
أكاتبكم لا لتسمعوا،
بل لأتذكّر أنّنا كنّا معا،
وأنّ الودّ لا يموت،
بل ينام في القلب مثل طفل مطمئنّ.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق