**((حين نبت الحب))..
قصة: مصطفى الحاج حسين.
- سلسلة قصص عن أبي -
واستطاع (جدّي)، خلال فترة العمل تلك، وعلى دفعاتٍ متقطّعة، وبعيدًا عن أعين وآذان الآخرين، أن يعرف كلّ شيءٍ عن (محبوبته).
وكذلك حدّثها هو أيضًا عن نفسه، وعن حياته، وما كان عليه سابقًا، وما فعلت به ظروف الحياة وتقلّباتها.
كانت جدّتي (صبريّة) تبلغ من العمر اثنتين وعشرين سنة، تصغره بثلاث سنوات.
يعود أصلها إلى مدينة (حماة)، وهي متزوّجة ومطلّقة، ولها ولدان: صبيّ وبنت.
ماتت البنت، وبقي الصّبي، وكان عمره سنتين ونصف، وقد تركه والده يعيش معها.
وهي تقيم مع والدتها، ولها أخوان متزوّجان.
طلبت الطّلاق من زوجها الثريّ، وهو قريبٌ لها، ابن عمّتها، بعد أن تزوّج عليها من امرأةٍ أخرى، لأنّ كرامتها كانت غاليةً عليها، فهي لا يمكن أن تقبل العيش مع ضرّة... مهما كلّفها الأمر، ونالت حرّيتها بعد جهدٍ جهيد.
حاولت أمّها أن تثنيها عن الطّلاق، من أجل طفليها، حتى إنّ أخويها كانا قد عارضا فكرة الطلاق،
ولكنّها أصرّت، وتحدّت، وحاربت، وثبتت، حتى تحقّق لها ما تريد.
قال لها (جدّي)، بعد أن حدّثته بقصّتها:
- "حمار من يفرّط بكِ يا (صبرية)! كم كان زوجكِ غبيًّا، يومَ تزوّج عليكِ وخسِركِ، أنتِ وأولادَه؟!"
ثمّ تابع كلامه:
- "ربّما كان هذا من حسن حظّي... فأنا أتزوّجكِ، إن كنتِ تقبلين بي؟"
وهكذا، قُدّر لهذه الفاتنة أن تكون (جدّتي).
وبعد زواج (جدّي) من (صبريّة)، تحوّل إلى مزارع، بمساعدتها، إذ كانت تعمل معه يدًا بيد.
فصار (مرابعًا) يعمل عند أحد الإقطاعيين، يزرع له الأرض، ويتقاضى ربع ما تجود به الأرض، من محصول القطن، في نهاية كلّ موسم.
رُزق جدّي بعمّي (حسين)، لكنه سرعان ما مات.
وتبعته عمّتي (صبحيّة)، ثم عمّتي (فطمو)،
ثم جاء إلى الدنيا أبي (محمد)، وتبعته عمّتي الثالثة (حميدة).
وبعد انقطاعٍ دام عشر سنوات، كان مجيء عمّي (عمر)، الذي يكبرني بثلاثة عشر سنة.*
مصطفى الحاج حسين.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق