الثلاثاء، 2 نوفمبر 2021

كيف يمكن أن ننقذ الشِّعر؟ سفيان المسيليني/جريدة الوجدان الثقافية


 كيف يمكن أن ننقذ الشِّعر؟

_________________________
الشِّعر موهبة لا تظهر إلاّ مع التّجربة والمعرفة. والشِّعر مادّة روحيّة حبّذا لو تقدّم للجمهور بشكل أجمل ممّا عليه الآن في ملتقياتنا وتظاهراتنا.
والشّاعر سيّد الحرف وملك البيان ونديم الشِّعر ورائد التّربية. إنّه ذلك الطّائر الذي يجد نفسه في أوراقه وحروفه، وينسج منهنّ عباءة يدفّئ فيها عظام مشاعره المنكسرة.
وأنا مع أيّ شيء يشجّع الشّاعر ويحفّزه على الإبداع. ومن الضّروريّ جدّا، أن يرى المبدع نفسه في عيون الآخرين.
ففي ظلّ عدم وجود معايير نقديّة حديثة من الضّروريّ أن تقام التّظاهرات والملتقيات الشّعريّة لتسدّ ذلك الفراغ. فالمحافل الشّعريّة نافذة الشّعراء للوصول إلى الضّوء.
إنّنا نفتقد في مسابقاتنا وندواتنا إلى رؤية نقديّة جادّة، تميّز بين الغثّ والسّمين بشكل موضوعيّ. فمعظم النّقد الذي نقرأ هو انطباعيّ.
وعلى الأصدقاء الشّعراء أن يدركوا أنّ المسابقات الشّعريّة وسيلة وليست غاية، وأنّ الشِّعر يجب أن يحقّق الهدف الأسمى وهو إرضاء ذوق الجمهور. ولا يخفى عن الجميع أنّ المسابقات لم تعد فرصة جيّدة للتّألّق، لما يعتريها من أجواء تنافسيّة، حيث يكون بيت القصيد حاضرا بكلّ ألقه، فنرى أقلاما جديدة ومنافسة محتدمة، ونفسا شعريًّا يتحرّك في أطراف القصيدة المتوهّجة بروح إبداعيّة، وإنّما هناك عوامل أخرى تتداخل في المسابقات والدّعوة إلى الملتقيات، ربّما آخرها العامل الفنّي. فهي وسيلة تتّخذ من المبدعين جسرا لمآرب أخرى. ولا يفوتنا أن نشير إلى أنّ الكثير من الأسماء التي نراها تُلمَّع وتُفرَد لها الصّدارة تفتقد إلى مؤهّلات هذه المكانة. لقد أخذت أغلب المسابقات والملتقيات منحى آخر، وسمحت لأنصاف الموهبين أن يظهروا.
في تونس والوطن العربيّ عامّة لا توجد عدالة للمنتج الإبداعيّ في المسابقات والملتقيات. فما أكثر الأسماء التي لا علاقة لها بالشِّعر تتصدّر المحافل، وما أكثر النّصوص الشّعريّة المتينة المغيّبة والمهمّشة والمقصيّة من خارطة الحراك الثّقافيّ عن قصد أو عن غير قصد. وما أكثر الأسماء التي لمعت في سماء الشّعر بُعيد فوزها في مسابقة شعريّة هنا أوهناك، في حين تحطّمت أحلام بعض الشّعراء أمام لجان التّحكيم، ممن بحثوا عن طرق أخرى للظّهور.
لذلك على لجان تنظيم الملتقيات والمسابقات أن يدركوا الفرق بين الشِّعر والشَّعر، وأن يحترموا الشّاعر الحقيقيّ فيقع تقديمه بالصّورة التي يستحقّها، ويبتعدوا عن الإقصاء والتّهميش والمحسوبيّة، ويهتمّوا اهتماما أكبر بالشِّعر/ النصّ أكثر من اهتمامهم بصاحبه؛ لأنّ الشِّعر مفتاح كلّ الفنون بلا ريب، والنصّ هو الخالد.
________________________
سفيان المسيليني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق