أصلُ الحكايةِ ..
أنَّ ليلَ حبيبتِي يُشبِه ألفَ عامٍ ..
شكلَ رقصتِها في قوامِ المَيسَمِ..
ونسيتُ أنني متعَبٌ من ألفِ عامْ ..
منْ ربعِ قرنٍ والبساطُ يُسافِرُ..
ويُسافرُ..
ويُسافرُ..
شَرقًا ..
في زمانِ طفولتِي..
من شارعٍ لشارعِ إني لا أَتَذكَّرُ..
كلُ مَا أذْكُره ..
فِي شَارعِ التيهِ البعيدِ وجدتُكِ والقصيدةَ فَكتبتُكِ ..
بِلُجينِ نُورِي وتِبْرِ تَوَحُّدِي..
ونسجْتكِ وكتبتُ في خانةِ الجيدِ الجميلِ أُحبكِ..
وأُحبكِ ..
ولأَلفِ عامٍ قادمٍ ..
فعجِّلِي الردْ..
ولا تتردَّدِي..
قُولِي أُحبكَ ..
واحبك..
واحبك..
أو اكْتبيها ..
أو علِّقيها تَميمةً..
فَقوارِبي الحُبْلى..
مِن ألفِ عامٍ قد غَزاها طيْشُ تَسوُّسٍ وتَهشُّمِ..
أدركتُ حينَها ..
أنَّ الشيخَ الذي هدَّ الفِصامَ بداخلِي..
دلَّني ..
قائلا إنَّ العلاجَ تَشابُه فِي البُعد..
فَسافِر ..
أيُّها الوَلَدُ المسكونُ بغُبْنِ غيثِ حكايةٍ..
ودِّع مدينَتَك الجميلةَ وارْتحِلْ..
ودِّعْ قصائدَك القَديمةَ وارْتحِل ..
فالوقتُ وقتُ تَذكُّرٍ..
والبُعدُ بعدُ تذكُّرٍ..
والنومُ نومُ تذكرِ..
سافرْ في مغيبِ الشَّمْسِ قبلَ احْمِرَارِ خُدودِها..
فمصيرُ ليلِكَ أنْ تكونَ مُسافرًا..
ومصيرُ عُمرِك أنْ تَحتَوِيك مدائنٌ..
وشوارعٌ..
وجميلةٌ في الديرِ تَقرَأ كَفَّها..
في ظلِ خطٍ والخطوطُ تشابكتْ..
في ظلِ حلمِ أُغنيةٍ..
تَراقصَتْ طرَبا ..
تحتَ ظِلالِ البوحِ..
في بياضِ ثلجِ مدينةٍ..
في غربةِ البحرِ المسافرِ في دمِي ..
في بَسمةِ الطِّفْلِ المُخبَّإِ في ضلوعِ قصَائدِي ..
صَمتُ الحكايَا..
غربةُ البحرِ..
جرعةُ الأفيونِ المُهرَّبِ من مدينةٍ لمدينةٍ..
من شارعٍ لشارعٍ ..
ودِّعْ مدينتَك الجميلةَ وارتحِلْ قدَرًا..
ودِّع قصائدَكَ القدِيمَة وارْتجِل غيرَها مدَدًا..
مزِّق شِرَاعَ غُرْبتِك التي لفَّتْكَ فِي حُجُبِ..
المراكبِ..
والأزقَّةِ..
والأماكنِ ..
والحفرْ..
وارْمِ سوادَ الظَّنِ خلْفَك هَازِئًا..
واسكبْ فِي يَمِّ تِيهِكَ كلَّ حِبرِ تَذكُّرٍ..
وتَذمُّرِ..
حَلِّقْ فِي سمَاءِ البحرِ مثلَ نَوارسٍ..
فَالبحرُ بَحرُكَ سَيِّدي..
والملحُ ملحُكَ من زمانِ طُفُولَةٍ..
والطهرُ طهرُكِ فَتجمَّلِي..
وتَمَرَّدِي..
فُكِّي الوثاقَ وغرِّدِي..
فالذَّنْبُ يمحُوه القصيدُ بِرقْصةٍ شرقيةٍ..
فلِمَ التذمرُ..
ولِمَ التأسفُ..
وبحركِ أطْهرُ من عقِيقِ العنْبرِ..
إنِّي قد رسمتُكِ فِي الخَيالِ حبيبَتي..
وسكَنتُك..
وسقَيتُك منْ ماءِ طُهْرِي وزمزَمِي..
إنَّ الوجْدَ هدَّني وأفْنَى قَصائِدِي..
فَتكرَّمِي..
وتَواضَعِي..
وتَنَازلِي..
إنِّي أَعلَم أَنَّكِ شَرْقِيةٌ..
ودينُك الإسلامُ ..
دينُ محمدِ..
وأظَلُّ فِي غيبِ القَصيدةِ أرسمُ ضِلَّهَا..
رَاحِلاً في تيهِ قَيْسِ..
أو لبيدِ الأخْطلِ..
بصمْتِ نَايِكِ قدْ إستبحت مَشَاعِري..
وهزمت صبري..
وأثرت دمعي..
بعد طول تجلدِ وتعففِ..
أيُّها الوَلَدُ المسكونُ بغُبْنِ غيثِ حكايةٍ..
شَرِّقْ بنُبلِ حرْفكَ وابْتَغِ شَرَفًا..
حُثَّ الخُطَى في سَيْرِكَ نحوَ العُلَا ..
إِنِّي أَظُنُّكَ قد وصلْتَ جَزِيرتِي ومَمَالِكي فَتَمَهَّلِ..
وأْمُر بساطَ رِيحِكَ أَن يَحُطَّ بِتُرْبَتِي..
فَأَنَا الشَّبيهةُ..
وأَنَا اليَقِينُ..
وأنا التي أسْكَنتُكَ أَرَقِي..
فهَا قَدْ أَوْصَلَتْكَ رَسائِلي وقَصَائدِي مُلْتَحِفًا..
نارَ المَشَقَّةِ والوجْدِ والتَّعَبِ..
اِنْزِلْ من بِساطِ ريحِكَ وَالْتحِفْ مُدُنِي..
إِنِّي انْتَظرْتُكَ مِن زَمانِ طُفُولَتِي..
أوتعلمُ أنَّي وشَمْتُكَ في ضِلالِ الماءِ..
وأنا الرضِيعَةُ التي شَرِبَتْ..
مُرَ الحليبِ..
من ثدي مُرضعةٍ..
وضَنى السهدِ ..
والوجدِ ..
والتعَبِ..
أنت أنا ..
وانت وريثُ مواجعي..
وتأوهي..
فأْمُرْ بِسَاطَك أنْ يَعودَ مُسَافِرًا..
فإني أَمَّرْتُكَ أَرْضِي وإرثَ ممالكي..
فأْمُرْ أَهْلَكَ بِالمَجيء كي يستقرُّوا هنا ..
فنيلُ قصائدي عادَ يجري وينهمرُ ..
وأعلمُ أن بداوة َالشرقي ترفضُ رقصتي ..
وتمايلي..
وَرَقصتُ أمامَ الجمعِ لكَ طرباً..
لأمحوُ خطى الوجدِ..
والبعدِ يا سندِي..
فالذنبُ ذنبكَ قدْ أعدتَ طفولتي..
وقلت َلي ..
الذنبُ يمحوهُ القصيدُ برقصةٍ شرقيةٍ..
فلما التذمرُ..
ولما التأسفُ ..
وبحركِ اطهرُ من عقيقِ العنبرِ.
الشاعر:عبد الرزاق خمولي
الجزائر