الأحد، 16 أكتوبر 2022

مهرجان نور تونس للثقافة للإبداع تغطية مراسل الوجدان الأستاذ فاروق بن حورية

 مهرجان نور تونس للثقافة للإبداع تغطية مراسل الوجدان الأستاذ فاروق بن حورية











































جرّةُ باندورا• بقلم الدكتور حمد حاجي

 ا======= جرّةُ باندورا•*=======

وجاءت من البئر
 تحمل جرّتها
 عالي الكتفِ

وكان الزمان شتاءً
 وشمسه
 توشك أن تختفي

كأنّ أكفّ الزمان
محت ذكرياتها عن بصري  
ويْ كأنّ مَشْهَدَها في فؤادِيَ غيرُ خَفي

وجاءت  من البئر
تركض لي ظبيَةً
تتلألأ كالدرّ في باطن الصدَفِ

تخبئ
أشواقها عن خطاي
وتمشي إلى شغفِي

وتقطر
مقلتها بالهوى في الدروب
كأنّ بجرّتها  باقياتٍ من الأدمُعِ الذُّرُفِ

فدمع وماء يهش عصاه،
بكل الثنايا
يلوّن بلورة القلب باللهفِ!

عجلتُ إليها
وأمسكتُ عنها الأواني..
وعانقتها والتحمنا كما النخل بالسعفِ

وحين لززتُ فؤادي إلى صدرها
صادف الحب جَرّتَها:
أهرق الماء في كل منعطفِ

تباكت، فقلت لها سوف أملؤها..
ناوليني الجرار دقائق ثم أجيء
وقد كنت غطيتها معطفي..

ومن يومها لم يعد للصبابة طعم
ولا للشقاوة من هدفِ
سوى العمر يسرع في سيره.. بعد لم يقفِ..!

ا============
شعر أستاذ :حمد حاجي
ا============

اللوحة للرسام جوزيف نارسيس بودان (1820-1890)  بعنوان:  امرأة جزائرية تحمل جرة..
ا=========
اما (جرة باندورا) بالاسطورة
ا========
يقال انه بمناسبة الزفاف، قدم الاله زيوس هدية للعروس باندورا، وهي جرة أو صندوق، ولكنه طلب منها ألا تفتحها أبداً... ولكنها فتحتها .. كانت جرة باندورا تحتوي على كل شرور وأمراض العالم: الموت، الحروب، الأوبئة، الجشع، الكراهية، وكل ما يمكن أن يسمّم حياة الإنسان.
وذهبت مضربا للمثل على انتشار الفضول...


قراءة وتعليق قصيدة    "الحرية" للشاعر الفنان "حبيب بن مبارك" بقلم الكاتب محمود البقلوطي

 محمود البقلوطي
قراءة وتعليق قصيدة    "الحرية"
للشاعر الفنان "حبيب بن مبارك"

حبست انفاسي طويلا وانا اقرأ حروف قصيدة الحرية وما مللت من القراءة..
حلقت واخذتنا معك في رحلة سرمدية.. خافقة.. مشبعة بالجمال..
اراك  ولا ارى غيرك يجيد السرد ويلون القصيدة بتفاصيل غير مملة ليجعل منها لوحة فنية راقية تشد القارئ.. عادة مااقطع القرءة اذا النص زاد عن حده، ولكني وددت لو انها لا تنتهي.. اسلوب فريد في الخيال والواقع... رائع وغزير

قصيدة الحرية هي تقاسيم شاعر يعانق الغيمات ليسكب مداد قلمه زخات عشق، هو عناق لرائحة الربيع الاتي من بعيد براءة الكلام وروعة الاحساس، كلماتك تقرأ على مهل تتغلغل بالروح كما حبات المطر تراقص الذوات تبلل الأرض العاقر لتبعث فيها الحياة وتعيد للقيتارة أوتارها الستة لعازف فنان اشتاقت أنامله لعناق صمت الفراشات ولحن كلمات راقصة اسمها حرية نثرت زخات عطرها في   القوافي ففاحت روائح القصيدة فازهرت معانيها واخضرت دلالاتها وجمالية الصور الشعرية المتلاحقة في متنها
دام نبض حرفك الخافق العاشق لجمالية المعنى ولعمق الدلالة صديقي الشاعر المبدع البهي تحياتي ومودتي وباقة ورد لشخصك الكريم

جزء من نص قصيدة "الحرية"
 للشاعر حبيب  بن مبارك

كن إنسانا لتعشقك الحياة...

سفري المعتاد على  زوارق الحب..
على رفوف الربيع..  وورد البقاء..
جعل مسكني لوحة بدوية
تتجمل في زرقة حضرتها...
لوحة  أساطيرها شعاع ذهبي..
دهاليزها  بربرية...
في لمسها تختفي رائحة الخريف الكئيبة
وتشرق شمس نيسان العظيم

سأحملك يا لوحتي من مطبات الصمت
ألى بحر الكلام...
إلى ساحة العظماء والمقام...
سفن السلام العذراء تلقن السلام...

                        جزء من نص الحرية
                                 قلم
                         حبيب بن مبارك


 

رسالتي إليك سيد قلبي .. بقلم الشاعرة هدى الشرجبي

 رسالتي إليك سيد قلبي ..
ايه الساكن شغاف القلب.
يا رفيق الحرف  والهامه
يا وترا تجدد
     في النبض.   ألحانه ..
    أنت قلبي...
     وقلبي لي وحدي ...
أنت ميلادي المتجدد
      .... في بقايا عمري...
يا جنون العقل
 يا كل ودادي وودي ...
أيقونتي ....
وجذوة من غرام.    
 تزيد الحب
ونار غيرتي.  وعشقي ..
كن معي ....
     في أمسيات الوجد
     ترنيمة
            ولقاء
    وسطوة للخيال
      يزداد معها شغفي ...
حتى وإن كان الغياب
      يرسم سطور خطي..
أنت أجمل خاطرة..
      كتبت بمداد صبري....
وأجمل لحظة عانقتها
     حين  هطول عطرك
                   قربي......
فأنت الوفاء.....
 في زمن الردى إن خاب ظني .
غيمة الغيث التي تروي حنايا الفؤاد إن جاد صمتي.
فكيف لا يكون العشق نبضتي ورسالة بحبر شذرتي
         يا هيامي ...
وقافيتي في أبيات شعري ..
فأنت القلب  والقلب أنا
وأنت لي وحدي.........
..هدى الشرجبي


𝓐𝓛 𝓗𝓤𝓓𝓐

إعتنقتُ غرامك .بقلم الشاعرة هدى الشرجبي

 إعتنقتُ غرامك .
إعتنقتُ غرامك
        وطوقتني قلادته .
ومبادئه وقوانينه
       وسحرتني طلاسمه.
عشقت محاسنه
      وتقبلت مساوئه.
رضخت بروح العاشقه
لقراراتك راضيه
        بحبك سعيدة .
 في بحره مستسلمة غارقه ..
جعلت من بيداء عالمك  أرضي.....
وبساتينك ردائي
         ......وخضابي...
وهمسات عشقك عطري.      وفصول أجوائي
        واطلالتك قمر.
               ياكل اقماري..
وكل شذرة منك
      ارتشفها همسة و لذة
        بل  اكسيرحياتي.....
تكتحل عينيي بإبتسامتك
وتسكن الروح بين احضانك
أيقونة العشق أنت.......
    وذبذبات النبض رحيقه.
بحور شعره...
       كينونة العشق أنت..
فلسفة ينسجها الحرف
فصحى وعامية
          كان شعر أونثر.
او رواية مغلفة باطواق الزهر ..
لتبقى  معي كأغنية
        في ميلاد عمر ... .
. هدى الشرجبي
𝓐𝓛 𝓗𝓤𝓓𝓐


 

في حضن عشقه بقلم الشاعرة هدى الشرجبي

 في حضن عشقه .
تربى كالطفل الصغير.
يعشق .. يكبر ..
          في لب وجدانه .
 سر في جماله مثير ...
   النور في ملامحه سحر..
         كالزهر يشتد أغصانه..
هبت نسائم الود قبل الرحيل .
ارتوى .....زلزلت أركانه.
.هدى الشرجبي
𝓐𝓛 𝓗𝓤𝓓𝓐


 

ذمة الله بقلمالشاعرة هدى الشرجبي

 في ذمة الله.
         في ذمة الله
 ياتلك الليالي العابرة  مضحكة أنتي.
        بارعة ماهرة..
كم ادعيتي  إنك بالعشق  ثرية ماطرة..
               ..وأنتي...
 و الجفاف ....كالصحاري .
وبالتصحر متميزة
     لكل المشاعر جارفه...
..هدى الشرجبي.الهدى


 

عاشق الروح بقلم الشاعرة هدى الشرجبي

 إلى عاشق الروح
إلى ذاك الصمت الجارف في بحور وجدي ...
خذ مني  أزهاري ...
وكلماتي.....
أتعلم...
مكانتك في قلبي    
ستحكيها حروف شعري
لن انظمها فهي منظومة ملضومة من جواهر  إحساسي ونبضي.
ولن الونها فلونها خمري خدي....
وعطرها آه كم تثمل السطور منه!!
 فهو عطري
من تعشق عبقه
وكأنني معك  لا تفارقني..
كن معي وأمسية تراقص حرفي ...
..هدى الشرجبي
𝓐𝓛 𝓗𝓤𝓓𝓐


 

تجليات المشاعر الوطنية في قصيدة : يا تونسَ الخضراءَ يا أحلى وطنْ ! للشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 تجليات المشاعر الوطنية في قصيدة : يا تونسَ الخضراءَ يا أحلى وطنْ ! للشاعر التونسي القدير -طاهر مشي

التجربة الشعرية للشاعر التونسي المتمرس -طاهر مشي -غنية وحافلة بالعطاء الإبداعي والتنوع الموضوعاتي,كتب عن الوطن (تونس) وعن الوَجد والحب بأبعاده الإنسانية والحياة والوجدان والقصيدة..
ولكن قبل أن يخوض المرء في الحديث عن صورة الوطن في شعر- طاهر مشي-يجدر به أن يحدد تعريفاً لهذه المفردة التي لم تكن ذات حضور كبير في الشعر العالمي، والشعر العربي(1) كذلك. ويبدو أن بروزها أخذ يطفو على السطح،ضمن فهم جديد،في مرحلة نشوء الدول ذات الكيان السياسي المحدد جغرافياً. «والوطن بالمعنى العام منزل الاقامة،والوطن الأصلي هو المكان الذي ولد به الانسان، أو نشأ فيه.
والوطن بالمعنى الخاص هو البيئة الروحية التي تتجه اليها عواطف الانسان القومية.ويتميز الوطن عن الأمة (Nation) والدولة (Etat)بعامل وجداني خاص،وهو الارتباط بالأرض وتقديسها،لاشتمالها على قبور الأجداد»(2).
ونقرأ في المعجم الفلسفي المختصر،تحت مفردة «الوطنية»،ما يلي : «مبدأ يعبر عن حب المرء لوطنه وعن استعداده لخدمة مصالحه.انها انشداد المرء الطبيعي نحو مسقط رأسه، نحو اللغة الأم والتقاليد الوطنية،واهتمامه بمصير البلاد التي ترتبط حياته كلها بها». ونقرأ أيضا : « ولكن المشاعر الوطنية لا تأتي عن أسباب غيبية،من «صوت الدم» أو «العرق» كما يزعم المنظرون البرجوازيون.فهي تظهر تاريخاً،بتأثير ظروف حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية،ولذا فان مضمونها يتغير تبعاً لتغير تلك الظروف” وتحضر تيمة الوطن في قصيدة  "يا تونسَ الخضراءَ يا أحلى وطنْ.."  للشاعر التونسي المتميز --طاهر مشي-موضوع الدراسة،بشكل قوي ومهيمن،حيث يحتفي فيه الشاعر بوطنه تونس،ويجعله في قلب الشعر والخيال والتفكير وفي قلب الأحداث،هو المحور المركزي وفي فضائه الأنا والجماعة روحا وجسدا. “
يا طاغِيًا ما جُبتَ في أرضي و لنْ                  
فالعزُّ في أرضي على طولِ الزمنْ
والمجدُ يسري في دماءِ شعوبِنا                     
نأبَى الهوانَ ولا يُدانينَا الشجنْ
من أين جئتَ لتِستبيحَ مدامعي ؟                     
كالنّصل في قلبي يخضِّبهُ الحَزَنْ
ستعودُ أورِدَتي تعانقُ عِزَّها   
وَجمالُ ألحاني يُردِّدها الزّمَنْ
وتعودُ أشعاري تُحَلِّقُ في الفضا                 
فخراً بأمجادي  بِسِرّي والعلنْ
وبيارقُ العزِّ التي رُفعتْ هنا                         
سيَصونُهَا الأبطالُ من فتكِ المِحَنْ
سنعيشُ في كنَفِ الحُماةِ وعزِّهمْ
واللهُ يكلَؤنا، يُجَنِّبنَا الفِتَنْ                  
والعابثونُ نذيقُهم كأسَ الرّدى                      
نبني قصورَ المجْدِ في كلِّ المُدُنْ
والظالمونَ نردُّهُمْ في غَيْظِهِمْ                      
والحاقدونَ نُذيقُهُمْ ماءً أسِنْ  
يا زهرةَ الأوطان يا بدرَ الدُّجى                     
يا تونسَ الخضراءَ يا أغلى وطنْ
سيَهابُكِ الأوغادُ يا أرضَ الهُدى                   
دينُ الأُباةِ  بِكُلِّ  مَنْ فينا سكنْ
بَلَدي، لِيرْعاكِ الإلهُ  بِعيْنِهِ                       
في أرضنا كم مِن شهيدٍ قد دُفِنْ
مِنّا رعاةُ الحقِّ، لا ما همُّهُمْ                      
 إلا البلادُ وشعبُها في مُؤتمنْ
أُهدي دمائي في سبيل رخائها                     
كلُّ الدُّروب بعطرِها نبضي كمَنْ!
يا زهرةَ الدّنيا أُعيذُكِ دَوْلتي
يا تونسَ الخضراءَ يا أحلى وطَنْ!

حينما قرأت هذا النص توقفت عند عتباته المهمة من حيث التشكيل في الصورة والسينوغرافيا والالوان واللغة والمشاعر من جهة،،والابداع والتألق والانطلاق في عالم كتابة الشعر..
لغة الشاعر التونسي اللامع -طاهر مشي- تتميز بالدلالات المتغيرة (غير ثابته) لوصف الصورة التي تتشابك في ذهنه وخياله،وتعصف لنا صورا شعرية متحركة..لأن الصورة الشعرية وبحجم الشاعرية التي تحملها تكون جوهراً للشعر،كما هي روح القصيدة التي تمتد من أول عتبة الى اخرعتبة لتثبت للقارئ الصلة بين الواقع والتأثير المهم جداً،لذلك تأتي الصور قوية ! كل مفردة لها خصوصية في حواس القارئ وشعوره،لأن فن الصورة مرتبط بمفهوم الفن لدى الشاعر-د-طاهر مشي-..والناقد بطبيعة الحال يبحث عن الجمالي في الصورة وعن التجربة الفنية والحالة النفسية للشاعر..وأيضا يبحث الناقد في مستويات الشاعر المتميز من حيث كيفية تجدد الصورة ونشاتها في فكره وخياله وعكسها للقارئ لأن الحواس وحدها غير كافية بتوصيل ما نصبو اليه،بالاضافة الى بحثه عن الانزياح اللغوي وتحديث اللغة عند الشاعر،وبين الذاتية والموضوعية نتوقف كثيرا،لأن حجم الشاعرية والانزياح اللغوي،وتشكيل الصورة الجديدة،وسعة الخيال والمخيلة وسائل نكتشف بها معايير مهمة لجمالية الصورة الشعرية عند اي شاعر،وهي بصراحة مفاتيح للناقد مهمة لتفكيك اي نص شعري،حتى نصل الى جوهر النص وجمالياته الفنية..
الشاعر -د-طاهر مشي-لم يأت بالصدفة أبدا إنما هو ثمار تجارب عديدة حاولت أن تمزقه لكنه كان قويا من الداخل،حيث يمتلك الذائقة الشعرية ليبوح يتكلم ويصرخ ،له الشغف الكبير والمعرفة في حب الوطن، لذلك جعل اهتمامه في الشعر في قلب اهتماماته، وجعله صوته المنحدر من أي مكان يسكنه صوب الوطن..وليس رجع صدى .الصوت والكلمة والطاقة التي يمتلكها الشاعر ضمان كبير في تركيبة الصورة وانعكاسا لحياته، وبنفس الوقت انعكاس لمفهوم المكان -الوطن -لأن الزمان ماعاد يشكل شيئاً الآن ..فالذاكرة تعتمد المكان اولا ًثم تخوض في الازمنة لاحقاً لتثبت من قبل الاسماء كدلالات معروفة للقاصي والداني،ومن اهتم بشأن الادب والتاريخ .
وهذا التقابل الفني بين واقع الشعر المعيش وبين ركام التاريخ يؤسس لوعي ولاحساس الشاعر في فكره ووجدانه بحب الوطن ومتابعة معاناة الناس..
 نص شعري تتدفق منه مشاعر خليطة من قوتين أساسيتين هما الفكر الانساني الذي يحمله الشاعر ونبضات قلب حساس رهيف شفاف،يشكلان قوة نابضة في دعائم النص،وهما في نفس الوقت الجسر الذي يعبّر به الشاعر-طاهر-إلى الانسان القارئ وبالتالي يضيف تفاعلاً عضوياً في المجتمع،وبالمحصلة يتحول النص الى ثمرة جميلة فيها من التكامل الروحي والانساني ..وتسكن في مخيلة القارئ ويتدفأ بها وبأحضانها ! كعاشقة، كحبيبة ! كمعشوقة،كمعشوق ! فالنص يسري على المذكر والمؤنث بنفس التوجهات، لأن الجميع يعيش داخل الاسوار..أسوار حب الوطن (تونس) وأنا هنا بصراحة لا أتساهل في مسؤولية الكتابة النقدية من حيث المحاباة في الاصدقاء، كوني ولسبب بسيط لاأعرف الشاعر--طاهر مشي-عن قرب أبدا ..انما أعرفه عن بعد لمتابعتي اعماله الشعرية وما يكتب بالفن والادب وهذا من تخصصي انا !
وقد استحوذ علي هذا النص لأن أسجل له ما يستحق من حق واستحقاق وكنشاط ابداعي له ولتجربته الشعرية وفي قصائده  المتعددة وهو إبن تونس-مهد الثورات العربية-
إبن الشعر وابن السرد والحكايا ومكامن الوعي الجمالي في العلاقة بين السحر في اللغة والشعر وما بينهما من انتاج للوعي المتجدد في فضاء وروح الشاعر السائر على درب العالمية بخطى ثابتة ..
قبعتي يا طاهر مشي

محمد المحسن

المراجع :

1-لم تتكرر كلمة وطن كثيراً في الشعر العربي.وفي لسان العرب المحيط للعلامة ابن منظور،وهو معجم لغوي علمي قدم له الشيخ عبد الله العلايلي وأعده وصنفه يوسف خياط ونديم مرعشلي.ورد التعريف التالي لمفردة وطن : موطن: اقليم يتسم بخصائص طبيعية تلائم احياء معينة. بيئة: مكان له ظروف خاصة يستوطنه بعض الأحياء مثل ساحل البحر والغابة والمستنقع. الموطن الأصغر: هو الموطن البيئي الخاص الذي يعيش فيه كائن ما.موطن الأصل:  موطن الشخص عند ميلاده.
2- انظر : جميل صليبا،المعجم الفلسفي، بيروت 1982. ج2 ص 580 .





القرآن المُعجز بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 د. جاليملر ألقسُّ المتَعصِّب وعالم اللاهوت بعد ادّعائه بأن القرآن من عند محمّد أوْحتْ له به الشياطين يُسلِمُ بعدَ بحثٍ وتحدٍّ له من القرآن الكريم
واكتشافه بأنّه كلام الله وألفَ كتاباً أسماهُ (القرآن المُعجز) سبحان الله !

هُوَ القرآنُ مُعْجِزُ فافْهَموه
      لَعَلَّ المُلحِدينَ بِهي ….،  يَأوبوا

( فجارِمِيلَرْ) يقولُ وَبَعْدَ بحْثٍ :
          "كَلامُ اللهِ ( قرآنٌ)…عجيبُ !

فهذا القِسُّ أدْرَكَ  مُعْجِزاتٍ
     فآمَنَ  كَيْ  تُنارَ  …….بِهِ  الدّروبُ

وَقَالَ : …بأَنَّهُ  كَلِماتُ  رَبٍّ  
   فَلا ( أحمدْ) أتاهُ …… ولا صليبُ

كَلامُ اللهِ لا أحَدٌ سِواهُ
   وفيهِ الفصْلُ …، عن كُلٍّ يُجيبُ !

فأشهدُ …أَنَّهُ أحَدٌ وَرَبّي
     إلهي ، خالِقي  …….وَلَهُ أُنيبُ !

فَمُسلِمُ قد غدوْتُ، لِتَتْبَعوني
       ولا رَبٌّ سِواهُ …… فَيسْتَجيبُ

 فكيفَ بِمُسلِمٍ يعصيهِ أمراً
      ولا يخْشَعِ لِذِكْرِهِ …أَوْ يَذوبُ؟

وقد عَرَفَ الظّواهِرَ والخفايا
      وَتُدْرِكُهُ الجَوارِحُ  والقلوبُ ؟"

 -تداركْ يا أخي ، أوَلَسْتَ أَوْلى
         فَمِثْلُكَ مُسْلِمٌ  ، أوَلا تثوبُ ؟

تزَوّدْ بالمَكارمِ ، قُمْ وَصلّي
     وَعُدْ لِلهِ ،…   تُغْفَرْ  لَكْ   ذُنوبُ !

              عزيزة بشير


 

اغتراب ...~ بقلم الشاعرة روضة بوسليمي/ تونس

 ~ اغتراب ...~

أنا الشّريدة بلا مأوى
و أنت ؟!! أنت كلّ الدّيار ...
أنا المرأة التي عشقتك
قبل أن تحاكيك
أنا التي تحبّك بلا قسم
 فأستكين حين أناديك
حروف آسمك ...!!
مهدّئات لحمى الشوق في صدري
مسكّنات لقيظ الشغف في عينيّ
لا غيرك في قلبي يحصي نبضي
لا سواك يوسفيّ يحسن تأويلي
أحبّك أنا ...
حتّى ظنّك الفؤاد منّي
وخير الظّنّ ما ظنّ الفؤاد
يامن تربّع في مماليكي
أي عمري...
احبّك وأحبّ ضمّة عينيك لهمسي
أقول قولي هذا و أنا من أنا ...
انا امرأة ثائرة - في مهب العشق
نويت ان أكون
يا من ماؤه ينادي كلّ العطاشى
أنا تلك الموغلة في الأسرار
المحلّقة في معراجها النّبوي
أنا الماسكة للجمر
أنا ...؟! أنا المغتسلة بماء الخلع
 و كاهنة معبد العاشقين ...

        ~~~~~بقلمي :روضة بوسليمي/ تونس


 

السبت، 15 أكتوبر 2022

تاني يا بلدنا بقلم الشاعر - حسن ماكني

 تاني يا بلدنا
- حسن ماكني
*************
تاني يا بهيّة
تاني
كلّ ما اجيلكْ تعبانْ
ناوي أشكيلكْ همّي
وأملّي  عيني مِنّكْ
وأخُدْلي كامْ بُوسة
الاقي وِشّكْ دبلانْ
وافْـــعِينكْ دمعة
مَحبُوسَة
امتى ينزاحْ عنّا الغمّ
يا بنتْ العمّْ
واشوفكْ بالطّرحة
امْحليّة اللّمّة
دِحكتكْ عالية
وفرحانة يا عروسة

 

مملكتي الزرقاء بقلم الأديبة هدى كريد

 كلّ يوم تهديني الحياة صداقات جديدة. وفي الغد تلاقت نظراتنا. كنت ملازمة ظلّي إذ قرّرت صديقتاي البقاء في قابس لحضور عرس إحدى المقرّبات منهما.
أحببت إشراقة لفتاة وضيئة دافئة ممتلئة الجسم والقلب. جمعنا انتظار طويل لسيّارة الأجرة وانتظار أطول لمعنى أعمق. زقزقة الصّوت الطّفوليّ شدّتني. وأعرف كم أنا ضعيفة إزاء الأطفال وإن كانوا في عمر العشرين. كلّ قوّة فيّ تتهاوى، تتلاشى. فأبقى مجرّدة من كلّ حياد. متورّطة في الحبّ بالضّرورة.. أنا عون لهم ضدّ كلّ ما يعكّر بهجتهم.. استسلمتْ لعنادي حين رفضتُ ركوب سيّارة لم أرتح لسائقها وتحمّلت برصانة نزقي الّذي كلّفنا إهدار وقت ثمين. بنفس الابتسامة الصّادقة تجيبني وبعفويّة تثرثر بحكايات السّهر مع أصدقائها وحريّة جميلة لاقت في النّفس هوى.. ما أحلى صورها المختلسة من عمر الزّمن.. بثياب السّهرة السّوداء أو الملابس الرّياضيّة البسيطة.. تمرّ أمام ناظريّ فأشاركها الافتنان.. بين الفينة والأخرى تهديني من حقيبتها قطعة بقلاوة أو تقاسمني ما تشرب.. كريمة هي مثلي قبل أن أراجع مسلكي بسبب أشباه البشر الّذين لا ينبغي أن أنظر في وجوههم فضلا عن تقديم أيّ شيء ولو كان ماء أجاجا. قالت إنّها عرفت لهجتي المحبّبة إليها لأن أمّها من جزيرة قرقنة السّاحرة وإنّها تطبّعت ببعض مفرداتها.. انطلقت السّيارة ومعها مهرة جموح كبرت قبل الأوان. كبرت بكلّ معنى عطشى إلى حنان زلال، إلى نوم لأنّها مجهدة جدّا.. وسّدتها كتفي. نامت ذات الرّبيع الذي أضاع الزّهور وأنا أربّت على رأسها كما كنت أداعب صغيرتي سمر في لحظات الصّفاء وكبرت المخاوف. ماذا لو كانت ابنتي وحدث كلّ هذا دفعة واحدة؟ جرعة من وجع كفيلة بتدمير أقوى البشر فما بالك بكائن أرقّ من النّسيم. أحسست بقعر الهاوية وهي تحدّثني عن موت والديها في ذات النّكبة لمّا تهاوت العمارة العجوز. وأخذت المنيّة عمرهما وإن أبقت عليها كي تتجرّع الغصّة كلّ لحظة.. أواسيك صغيرتي وقلبي يبكي دما.. وألعن خرق حياة نذرت للسّوء.. كان الله في عونك يا فراشة بلا أجنحة وراقصة أضاعت قدميها. وكان الله في عونك يا حبيبتي أضعت أمومتي في منتصف الطّريق. لا فرق بين غياب وغياب ولا بين موت وحياة إهمال. ضرب من العبث ووجود بمذاق الغربة.
ناح الصّوت الصّغير:
- لم أستطع يوما أن أعرف مقدار الحبّ الذي أكنّه لوالدي المغترب. حين يعود من سفره الذي يستغرق شهورا في الدّوحة حيث يعمل، أشرب نخب عودته، قطرا مباركا من عذب حديثه قبل هداياه السخيّة الّتي يؤثرني بها. كنت أسرقه بكلّ مكائد الأطفال لأستبقه إلى جانبي وانام ملء الشّوق في حضنه. لم أكن أكره أمّي، ولكنّ العشق الأكبر لم يترك لها سوى مدد ما أطلبه زمن الغياب. لم أعد أذكر ما الّذي حدابي إلى زيارة بيت خالتي بتونس العاصمة صبيحة الحادث المشؤوم وكيف انصعت إلى رغبتها في المبيت عندها. قيّض لي أن أنجو.. ليتني قضيت نحبي تحت الأنقاض.. فاتني أن أتوسّد ذراعه للمرّة الأخيرة، فاتني أن أملأ روحي بملامح الوجه الحبيب وألثم الجبهة النّوريّة لآخر مرّة. دكّت الشّقة كما العمارة العجوز قبل أن يكتمل بيتنا الجديد بشطّ مريم.. عجن اللّحم بالحجارة التي مازلت ترجمني، دفنت مطامحي كلّها. أنشبت المنيّة أظافرها في حياتي وخرّبت الجسدين معا.. جعلت حياتي معبرا إلى حضنه من خلال أحضان كثيرين. أستمرئ ما أتوسّده من الأيادي وأبحث عن وجهه بين وجوههم.
كانت الفتاة وجودا كاحتمال في مملكتي الزّرقاء.

هدى كريد


 

حين تكتب الشاعرة التونسية فايزة بنمسعود أشعارها..بحبر الرّوح ودم القصيدة..في زمن فقدنا فيه عبقَ الشعر..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين تكتب الشاعرة التونسية فايزة بنمسعود أشعارها..بحبر الرّوح ودم القصيدة..في زمن فقدنا فيه عبقَ الشعر..!

    "قصائدي تستقرئ الذات والآخر..ولا ترضيني سوى القصيدة المكتوبة بدمعي" (فايزة بنمسعود)
"الشعرعندي تدوين لحياة البشر،للألم وللخذلان،وللفرح المقبور منذ أزمنة بعيدة،ورثاء لحب مغتال.."(فايزة بنمسعود)

الـــوجه الآخـــر للمديــــنة*
في مكان ما
قد يكون معلقا
بين السماء والماء
وفي الزمن الفاصل بين
الأمل واليأس
وفي بقعة تتوسط
جهنم
رأيت الأحلام تحتضر
كصغار عصافير
أسقطت عشها العاصفة
أمام عملاق بشري
فداسها ومضى مختالا
يتطلع في قرص الشمش
حالما مهددا- يوما ما سأشتري
أشعة الشمس
مع نصف الكرة الأرضية
وأقيم عليه مساكن
للإيجار والتسويغ
(فايزة بنمسعود ) (يتبع)

يتوهّج الإبداع مضيئا في سماء الشّعر العربي ليسافر عبر موسيقى القصيدة الجميلة إلى شاعرة تتنفّس الكلمة العذبة و الشّعر الجميل العابق بمواويل الحب المترامي بين أحضان القصيدة العربية..
ياقوت حرفها و زبرجد شعرها و سحر بيانها و قافية بوحها تستبي القارئ لفصاحة تعبيرها ولغتها الثّرية العذبة الموحية بملكة الإبداع الشّعري و موهبة الكتابة .
وإذن؟
-قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ الكتّاب الحقيقيين يشتغلون بشكل دائم،في رؤوسهم وفي نصوصهم، على آليات الكتابة التي يقيمون فيها كتأملات وتقطيعات خاصة للعالم.وهم بذلك الصنيع،يرقبون الحياة والوجود من نقطة دقيقة بمثابة فتحة بابهم المكتظ بالأسئلة والإشتغال الدؤوب.-
الشاعرة التونسية السامقة-فايزة بنمسعود-التي أنجبتها ولاية بنزرت المطلة بشموخ على الأبيض المتوسط،واحدة من هؤلاء،تشتغل بحرقة في الكتابة الشعرية،لتأسيس نفس وخيار جمالي،له تسويده وتقطيعه ونظره الخاص ليس للحياة فحسب،بل للنص الشعري نفسه الذي يغدو مرتعشا في يدها وزئبقيا وشفيف المرايا إلى حد الكسر في الرّوح..
هذه الشاعرة المتألقة تؤسس لمشهد شعري متميز،عبر استمرارية وصيرورة ذات قيمة انتمائية فذة،حيث تبيح لقلمها،لرؤاها ورؤياها،متعة التحليق في الآقاصي لتأثيث عوالم بعيدة،باحثة من خلالها عن ممرات دلالية وصورية ومديات بلاغية روحية لكونها الشعري اللامحدود،وخالقة عبر توظيفاتها متعة دلالية،ولذة تصويرية حركية،لتمارس فعلتها الكينونية الإبداعية،حالمة بولادة جديدة في رحم النص الشعري.
وأنا أضع يدي على بعض قصائدها أحسست،بعد تمحيص ونظر،أنّ الشاعرة-فايزة بنمسعود-تكتب وفق استراتيجية في الكتابة الشعرية.
ولذا وجب-في تقديري-لفت النظر بدقة لكل الآليات والتقنيات المستعملة وفق وعي جمالي ونقدي ملازم.وإذا حصل،سيتم تقليب صفحات قصائدها-الخصبة-،مثلما نقلب المواجع الرائية،لأنّ الألم في الكتابة،له بكل تأكيد،ينابيعه الخلاقة التي تغني نهر الإبداع الإنساني بالإضافات العميقة والجميلة.
وهذا يعني أنّ نجاح المبدعة التونسية فايزة بنمسعود (وهذا الرأي يخصني) في جل منجزاتها الشعرية متمثّلا في عدم سقوطها في الإرهاق اللغوي،فهي تملك لغتها وتعرف كيف تتلاعب بها ومعها،وتبدو رؤية الشاعرة واضحة،واعية تماما لطروحاتها كشاعرة احترقت بلهيب الحرف.. ففي قصائدها المنتقاة بحذق ومهارة تحاول الإنفلات من عقال ذاتها،والإنفصال عنها لصالح المحيط،والعبور من الخاص بإتجاه العام والإنساني.
حين سألتها عن آفاق وتجليات الكتابة الإبداعية في-زمن فقدنا فيه الطريق إلى الحكمة-إكتفت بالقول :
"الكتابة الإبداعية لا تنطلق إلا من دوافع خاصة،أو هذا ما أفترضه دائما،لكني لا أسأل نفسي في كل مرة وأبحث فيها عن دوافع الكتابة لدي،فالكتابة-في تقديري-شكل تعبيري مثل الرسم والموسيقى والنحت وغير ذلك،وتحتاج إلى وعي كبير بالذات،وإلى قدرات أخرى بطبيعة الحال،ثم تكون هي نفسها أداة تعبيرية عن ذلك الوعي وسبيلا لتطويره.
كما قد يكون أيُّ نتاج للكتابة بحثا عن ذات يُفترض أنها موجودة على نحو ما.
والشعرعندي تدوين لحياة البشر،للألم وللخذلان،وللفرح المقبور منذ أزمنة بعيدة،ورثاء لحب مغتال.."
وبسؤال مغاير سألتها :" لقد تمرسنا في صناعة الأمل،و لولاه لقضينا حزنا و كمدا"،كان قد أخذنا لنفس السياق الكاتب الروسي"دوستويفسكي"منذ أكثر من مائة عام ليؤكد أنه"أن تعيش بدون أمل هو أن تتوقف الحياة"،لماذا هذا الإجماع على قدرة الأمل في مجابهة واقع لطالما تساءلنا عن جنسيته ضمن حدود أحلامنا..؟
فأجابت محدثتي -(فايزة بنمسعود)"يبدو أنّه علينا أن نخلقَ معادلاً موضوعياً لأزماتنا،الأمل يشكّل هذا المعادل الموضوعي.هذا من جانب،من جانب آخر فإنّ الأمل يحمل في طياته بذور الأمل التي ستنبت يوماً ما في حقول الألم،وشيئا فشيئاً ستتمدد تلك النباتات وهي تطرد أمامها الأشواك حتى تنظّف الأرض منها،وتحولها من أرض يباب إلى أرض مفعمة بعطر الأزهار."
لو عدنا إلى زمن الكاتب الروسي الخالد دوستويفسكي:"أن تعيش بدون أمل هو أن تتوقف الحياة"،سنرى أنّه أطلق مقولته تلك بينما كانت بلاده تعيش أصعب ظروفها،وبعد ذلك بسنوات شهدت روسيا "الثورة البلشفية"عام 1917،تلك الثورة التي غيّرت وجه روسيا والعالم لعدة عقود."
ثم ختمت حديثها معي بالسؤال التالي :"في عالم الكتابة،إذا ما تطرّقنا لرأي الروائية الأمريكية "بيرل باك" بأن "سرّ الاستمتاع بالعمل يتلخّص في كلمة واحدة،الإجادة"،أين نجد الشاعرة" (فايزة بنمسعود)"بين الاستمتاع و الإجادة؟
وكانت إجابتها :"من الصعب عليّ أن أصدر أحكاماً على ما أكتب،وبالتالي تصبح الإجابة على هذا السؤال خالية من الحيادية.بالنسبة لي أنا لا أتعامل مع الكتابة الشعرية بالخصوص كشكل من أشكال الترف والتسلية،وإنما أتعامل معها بمنتهى الجدية،احتراما للكلمة،واحتراما للقارئ الكريم.
وفي المقابل لا بدّ وأن يرصدَ الشاعر ردود الأفعال على كتاباته علّ ذلك يساعده في ضبط اتجاه بوصلته.صحيح أنّ من حقِّ القارئ أن يحقّق قدراً من الاستمتاع أثناء قراءته،ولكنني لا أصرف جهداً في هذه المسألة،بل أصرف هذا الجهد في تطوير أدواتي الفنية،لتوصيل الرسالة التي أسعى إلى توصيلها للقارئ،مع التأكيد على ضرورة توفر الشروط الفنية بأعلى درجاتها الممكنة في النص الشعري."
للشاعرة فايزة بنمسعود قدرة على استبطان اللغة وتشكيلها بحيث تعطي أقصى طاقتها في الدلالة على ماتريده وكأنما قد ألينت لها العربية..واللغة ليست صماء بكماء إلا حال استخدامها من قبل أصم أبكم أعمى فساعتها تجدها جامدة ..
وتظهر اللغة أسرارها حال الاجتماع والبناء إذ اللفظ في ذاته مجرد أداة ولا يظهر مكنونه ومعناه بغير اجتماع لذا كان اللفظ في مبني بحيث يكون لبنة من لبنات هذا البناء غيره في معجم..
قد لا أبالغ إذا قلت أنّي لست من الذين يتناولون القصائد الشعرية بأنامل الرّحمة ويفتحون أقلامهم أبواقا لمناصرة كلّ من ادّعى كتابة الشعر،إلاّ أنّي وجدت نفسي في تناغم خلاّق مع جل قصائد الشاعرة التونسية القديرة- فايزة بنمسعود-التي فيها-كما أشرت سابقا-كثير من التعبيرية وقليل من المباشرة والتجريد تغري متلقيها بجسور التواصل معها،مما يشجع على المزيد من التفاعل،ومعاودة القراءة والقول..
وإذ أسجّل إعجابي الكبير-بالإبداعات الشعرية-للشاعرة التونسية الفذة (فايزة بنمسعود) التي تطمح دوما عبر كتاباتها الإبداعية إلى التطوّر والتجاوز،فإنّي أؤكّد على أنّ النص الإبداعي لن يخترق الحدود إلا بقوته الذاتية،كما أنّ حضور القارئ،بل حلوله،في الماهية الإبداعية الملغزة،هو وضع طبيعي يعكس انفتاح المبدع كإنسان على أخيه الإنسان،ويعكس انفتاح الكتابة الإبداعية الجديدة على العالم الحسي المشترك،والوقائع والعلاقات المتبادلة،وأيضًا على الأحلام والهواجس والافتراضات والفضاء التخيّلي غير المقتصر على فئة نخبوية من البشر دون سواها..
ولنا عودة إلى المشهد الشعري للشاعرة التونسية فايزة بنمسعود عبر مقاربات مستفيضة.

محمد المحسن

*اخترت بعض الأبيات فقط من القصيدة العذبة المشار إليها أعلاه.لأمر يقتضيه مسارالدراسة.



 

تعال حبيبي بقلم عفاف الفندري *

 **   تعال حبيبي **
تعال  حبيبي وابك  بين احضاني
دمع عيونك من الحنان سقاني
من اجل حزنك النعاس جفاني
وبت اخاف عليك من الاحزان
تعال الى حضني ساسقيك حناني
ترتوي منه وتحقق الاماني
ويكون الماضي في طي النسيان
ابك .. ابك .. حطم خوفي والامي
كسر قيود الهجر وحرماني
فصوت بكائك اعز الحاني
وشجنك ايها الرجل احلى الاغاني
آلامك ستبقى دفينة وسر كتماني
ولن تمس رجولتك لانك تحررت من حزن
وبكيت فوق صدري وبين احضاني
فأنا امرأة لا مثيل لها في هذا الزمان
وانت رجلا هززت  عرش فؤادي وكياني

      ***عفاف الفندري ***


 

فوز ثلاثة كتاب من الجزائر وتونس وعمان بجائزة كتارا للرواية العربية متابعة الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

فوز ثلاثة كتاب من الجزائر وتونس وعمان بجائزة كتارا للرواية العربية

            -هل تمكنت الرواية العربية من تخطي حاجزها الإقليمي..؟-

أعلنت جائزة كتارا للرواية العربية يوم أمس الجمعة أسماء الفائزين في دورتها الثامنة والتي تنافس على جوائزها 1483 عملا ضمن خمس فئات.
وذهبت الجائزة في فئة الرواية العربية المنشورة لكل من الجزائري عز الدين جلاوجي عن رواية (عناق الأفاعي) والتونسية نبيهة العيسي عن رواية (أحلام متقاطعة) والعمانية بشرى خلفان عن رواية (دلشاد.. سيرة الجوع والشبع).
وفي فئة الرواية القطرية فاز أحمد عبد الملك عن رواية (دخان.. مذكرات دبلوماسي سابق) الصادرة عن دار بلاتنيوم بوك للنشر والتوزيع.
وفي فئة روايات الفتيان ذهبت الجائزة إلى كل من عبد اللطيف النيلة من المغرب عن رواية (الرحلة العجيبة إلى الحمراء) وعماد دبوسي من تونس عن رواية (المدن المخفية) ومحمد عاشور هاشم من مصر عن رواية (حروب صغيرة).
وفي فئة الروايات العربية غير المنشورة فاز كل من عبد القادر مضوي من السودان عن (بحر وحنين) وملك اليمامة القاري من سوريا عن (أرامل السكر) والسوري نور الدين الهاشمي أيضا عن (البرج).
أما فئة البحث والدراسات النقدية ففاز فيها ثلاثة مغاربة هم سعيد يقطين عن دراسة (السرديات التطبيقية.. قراءات في سردية الرواية العربية) وسعيد الفلاق عن دراسة (السرديات من النظرية البنيوية إلى المقاربة الثقافية) وعبد المجيد نوسي عن دراسة (النص المركب: دراسة في أنساق النص الروائي العربي المعاصر).
ويصل إجمالي قيمة الجوائز المقدمة في الفئات الخمس إلى 345 ألف دولار إضافة إلى ترجمة الروايات الفائزة إلى الإنجليزية والفرنسية.
وقال المدير العام لمؤسسة الحي الثقافي (كتارا) خالد بن إبراهيم السليطي في حفل إعلان الفائزين بمقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في باريس “يمكننا القول بكل ثقة إن رؤيتنا وأهدافنا في إطلاق جائزة كتارا للرواية العربية قد آتت ثمارها في خلق حراك ثقافي في المنطقة العربية”.
وأضاف “أصبحت الجائزة حلم كل روائي يكتب باللغة العربية،هذا إلى جانب أن الرواية العربية تمكنت من تخطي حاجزها الإقليمي من خلال ترجمة الروايات العربية الفائزة إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية،وقريبا الصينية واللغة الهندية”.

متابعة محمد المحسن




طَيْف الْعُيُون بقلم الأدب عَبْدِ الْكَرِيمِ أَحْمَد الزَّيْدِيّ الْعِرَاق / بَغْدَاد

 طَيْف الْعُيُون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(بحر الكامل)

ظَلَّت بقُربِكَ لَن تَحولَ وتَبرَحا
حَيْرَى تَرَاهَا لَن تعِفَّ وتَسرَحا

داهِن رَجَاهَا زِدْتَ ذُلاً حَالهَا
أَحْسِن عَزَاهَا لَو تَرَاها تَقدَحا

تَرقىٰ إلَيْكَ مَا أَرَاحَ خَيالَها
طيفاً تَزَاوَر مِنْكَ مرَّ وأبرَحا

عافَت رُقَادَ النَّوْمِ طَار نُعاسُها
ظَلَّت تَتُوقُ إلَى هِباكَ لتَسبَحا

مَا لسهادِ اللَّيْلِ أَعْمَى غَفوَتي
أصحُو كفيفًا لَن أَرَاكَ وأفرَحا

أَو للجفونِ وَمَا أَصَابَ سَكينُها
أنّى بضربٍ كَي تُفِيقَ وتَسفَحا

دَانَت تَلُوح وَمَا عَرِفْتُ جِوَارَهَا
حُلمَ الْغَرِيقِ لَن يُطِيقَ ويَسبَحا

عَيْنَايَّ رِفقاً إن أَضَلَّت حُجَّتِي
مَاذَا عَسايّ وخافقي قَد جُرِّحا ؟

هَاتِ خَيَالاً إنْ أَرَدْتَ تَفَضُّلًا
أَوْ ظِلِ طَيْفٍ تَبْتَدِئهُ لتَصفَحا

أَوْ حُلمَ وصلٍ مَا أَرَاكَ مُجانِباً
مِثْلِي رمَاكَ بِمَا رَمانِ وأصدَحا

وَانْظُر بعينٍ مِنْ رِضَاكَ تلطُفًا
نَظرَ الْعَزِيز لِعَيْنِ عبدٍ أجنَحا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَبْدِ الْكَرِيمِ أَحْمَد الزَّيْدِيّ
الْعِرَاق / بَغْدَاد

 


الى قاطع  الرحم بقلم رفيقة بن زينب

 الى قاطع  الرحم

يا قاطعا  لحبال وصل
أمر به الله في الذكر
وحابسا لكلام ود
أوصى به نبينا عليه السلام
في السلم والحرب
كل الأقارب والصحب
وأوصانا به أيضا عن بعد

يا نافرا للأخ أو الأخت
لأتفه  الأعذار الأقبح من الذنب
و أحيانا دون سبب أو عذر
ومانعا للحق والعدل
 و لو بالحيلة والغصب
حبا في الظلم والغلب

يا ناسفا لراحة العيال
والأقرباء  في الأعياد والاحتفال
ومعطلا لاداب الحوار
الفاتح للقلوب بلا أقفال
ولا سيما قلوب الأطفال

أستحلفك بحق أصدق  ما قيل
في القرآن الكريم  من آيات بينات
بالاصلاح قبل فوات الأوان
لما صدر منك بالحكمة والاتزان
و مراجعة الأمور و تضميد الجروح
وعدم نفخ الرماد و لمس القروح
و السماح دوما بالصلح و البوح
للمخطئ المذنب أو المجروح
رغبة في صفاء وتصفية الروح

وأحذرك من اختلاق  الشتائم و السباب
لأفكار مسبقة وشك بلا إسناد
وان جرح يوما الفؤاد
بسهام  كلام أحد العباد
فان أرقى أنواع الوصل
ما كان لوجه الله من الخل
لا للمكافأة والفخر

لصلة الرحم مراتب وأعلى المرتبات
لها في الجنة أرقى  الدرجات
هي صلة الوالدين والوالدات
تليها صلة الاخوة والأخوات
والأقرب فالأقرب  من ذوي القرابات

صل أيها المسلم ما أمرت بوصله
تفز بالدارين وتضمن صلة الله
واذكر جزاء زكريا عليه السلام
بالولد الصالح والرزق وحسن الختام
لصلته لمريم العذراء  مدة أعوام
واذكر وصية نبينا عليه صلاتنا
بصلة أهل مصر قاطبة
  لأن لهم في ذمته  رحما
تتصل بأم المؤمنين ماريا القبطية
التي تسلمها  كهدية

وبصلتك لما أمرت بوصله
تستمتع بطول العمر
وازدياد البركة في الرزق
فلا تكن في وصلك منافقا أو مقنعا
للتظاهر والتطاول على الخلق
وان أوذيت فلا تعجل بقطع الحبل
واسأل نفسك قبل النوم
هل كان وصلك لله أو لمصلحة
في النفس الأمارة بالسوء
ولا ترحل أبدا بقطع حبال الوصل
وان تعذر التوصل إلى الحل

أيها المؤمن البار
لا تتأرجح مع الأيام
كالامعة  يميل حيث تميل النعماء
اذا أحسن  الناس أحسن
وان أساؤوا أساء
أو عامل بالخذلان الأرحام
وان كانوا أجلاء الجلال التام

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه على الدوام
والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه آمين يا علام

رفيقة بن زينب   ***   تونس الخضراء

 

عَيْنَاهُ بقلم الشاعرة نزهة المثلوثي

 عَيْنَاهُ

عَيْنَاهُ حُلْمٌ شَامِلٌ لاَيُقْسَمُ

عَسَلِيّةٌ أَمْوَاجُهُ تَتَرَنَّمُ
*
أَلْقَتْ عَلَيْه الشّمْسُ مَا صَاغَتْ مِنَ ال
ذَّهَبِ السَّنِيِّ  بِحُلَّةٍ فَتُوَسِّمُ
*
أَشْهَى مِنَ الْوَلَعِ الضَّرُوسِ إِذَا رَنَتْ

لِلّيْل أشْرَق بِالغَرَامِ يُصَمِّمُ
*  
قَدَحٌ مِنَ السِّحْرِ الزُّلَالِ وَعَيْنُهُ

قَطَعَتْ أَنَامِلَ مَنْ رَآهُ تُعَظِّمُ
*
أَحْلَى مِنَ الْوَرْدِ الصَّبُوحِ مَعَ النَّدَى

قَطْرٌ عَلَى أَطْرَافِهِ يَتَيَمَّمُ
*
ضَجِرٌ يَهِيجُ مَع الرِّيَاحِ يَرُومُهَا

وَيَعِيثُ في سَاحِ الوِصَالِ وَيَفْطِمُ
*
 شَرْقِيَّةٌ...غَرْبِيَّةٌ دَانَتْ لَهُ

مِنْ كُلِّ صَوْبٍ فِي حُضُورِهِ تَرْأَمُ
*  
أمَّا الرَّبِيعُ فَمَوْسِمٌ مِنْ هَدْأَةٍ

فِيهَا المَشَاعِلُ فِي الرُّبَى تَتَحَكَّمُ
*
نَصْرٌعَلَى نَصْرٍ وَجَرَّةُ غَانِمٍ

بِجَدَارَةٍ نَحْوَ الْعُلاَ يَتَقَدَّمُ

البحر الكامل
نزهة المثلوثي تونس14/ 10 /2022


 

تَمتماتُ الخُزامى بقلم الشاعرة جهاد المثناني

 تَمتماتُ الخُزامى
.......

الطِّينُ مِن وَهمِ البِدَايةِ يَـعـبُرُ
والمَاءُ فِي صَمْتٍ يُعَانِـدُ يَكـبُـرُ

شَوقًا يُرَبِّتُ فَوقَ حُزنِ قَصِيدَةٍ
والشَّوقُ فِي عُرفِ القَصَائدِ يُسكِرُ

لا ظِـلَّ لِلأحلَامِ عِـنْدَ رحِيلِـها
قَد تَسْـقط الأَحلامُ سَهْـوًا تُقبَرُ

اِسْأَل تَفَاصِيلَ الخُزَامَى قُلْ لَهَا
مَا بَـالُ عِطرك للأَحِـبَّـةِ يُـنكِـرُ

صَمتُ الخُزَامَى تَمْتَمَاتٌ تَحتَفِي
بِالمُفردَاتِ وَكَم لذَنبِكَ تَـغْـفِـرُ

إنِّي وإنْ كُنتُ البَيَاضَ وَلَـوْزَه
نَزْفٌ يُدَارُ وَبَعضُ غَيمٍ يُمطِرُ

هَـيَّـأتُ لِلبلّورِ جُرحَ قَـصِيدَةٍ
فَدَمُ القَصَائِدِ كَالهزائمِ يَـكْـسِرُ

اِحزِم حَـنِينَكَ فَالفُـؤادُ مُضَرّجٌ
حُـزْنِي قَدِيمٌ فِي تُرابِكَ يُزهِرُ

لِي أغـنِيَاتِي والمَجَازُ بحَوْزَتِي
عندَ اخضِرارِ اللَّيلِ لَيْلِيَ يَسْهَرُ

إنِّي الّتِي شَكّلتُ كُلَّ هَزَائِمِـي
بعضُ الهَزائِمِ فِي مَذَاقِها سُـكّـرُ

جهاد المثناني

 


 

على هامش الصراع بين الشرق والغرب بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش الصراع بين الشرق والغرب:

القوة بلا أخلاق عمياء،وإذا كانت قادرة على تدميرالآخربيد فهي ستبدأ بنفسها أولا

العلاقة بين الشرق والغرب قديمة، شائكة وتحكمها تراكمات التاريخ.. وهي تراكمات- في أغلبها- متخمة بالتوتر، والغضب، والسوداوية..الغرب كان يسعى طوال الوقت إلى بناء امبراطوريات تكفل لشعوبه حياة متميزة، وكان الشرق، أرضا مناسبة لهذه التوسعات.. الغرب أيضا ينظر إلى شعوب الشرق على أساس أنها شعوب همجية، تسعى لإزعاج وجوده على الأرض.. ولم تكن النظرة- بالتالي- من الشرق إلى الغرب إلا ردا على من وصفه بـ'المستعمر الغازي' و'الذي يسعى للهيمنة على مقدراتنا'.
وإذن؟ العلاقة، إذا كانت في أبسط أشكالها علاقة حذر، وتربص وإنتظار لما يمكن أن يحصل من الطرف الآخر. هذا الحذر كان ينقلب إلى ما يمكن وصفه بمواجهة بين الطرفين، وهو الأمر الذي يلخص ما يجري بعد أحداث مانهاتن.
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع: ترى ما الذي يمكن أن تسفر عنه المواجهة الدائرة الآن بين طرفين كل منهما يرى (حسب تعبير هيغل) أنه على حق ويدافع عن أفكاره؟ وما التأثيرات التي يمكن أن تخلفها هذه المواجهة على الساحة الثقافية العربية؟ وقبل ذلك: هل هناك- بعيدا عن الأفكار الفضفاضة - حلول لرأب الصدع- الذي ظهر بينهما؟
لقد غدت العلاقة بين الشرق والغرب علاقة إرهاب متبادلة، تختلف الوسائل، لكن المعنى الدامي والتدميري واحد، سواء كان بإجتياح من الطائرات الأمريكية لشعب أعزل يفترش التراب'أفغانستان'أو كان بالقصف المدمر للعاصمة العراقية- بغداد- أو كان بما حدث من تدمير مؤلم للذات والآخر بالإختراق المفاجئ لثلاثة من أجساد أمريكية: جسد المال ممثلا في مبنى التجارة العالمي، العقل العسكري المدبر 'البنتاغون' وتهديد الكيان السياسي ممثلا في'البيت الأبيض'.
في بداية القرن الجديد تحولت العلاقة بينهما إلى علاقات نهش وإبادة، وهي بإختصار- هستيريا- معاصرة، تقطر دما وخرابا، لم تكن العلاقة على هذا النحو في أي مراحل التاريخ، ربما كان الحوار بينهما داميا إلا أن ما يجري يمثل لحظة تاريخية أكثر تعقيدا وعنفا، فاللحظة الراهنة، إذن أقرب إلى لحظة عمياء.. وحين تكون هذه اللحظة مدججة بأحدث أنواع التقنيات وأسلحة الدمار المتنوعة، فإنه يمكن تأكيد نبؤات- نستر داموس- التي تؤكد أن القيامة قد تقوم الآن ويُدمر العالم ذاته بأحقاده المتبادلة. التوازن مفقود، والعولمة المتوحشة تحاول إبتلاع العالم وهذا الأمرأكّده- فوكوياما - حيث أشارإلى أنه لم تعد هناك أطراف متعددة لكي نتحدث عن حرب، بل ثمة- سوبرمان- واحد يرث تواريخ القوى، وإن كان.. هو بلا تاريخ..
ولكن.
من المفارقات المذهلة أن تعلن - اليونسكو- التابعة للأمم المتحدة في23 نوفمبر01 يوما عالميا لحافظ الشيرازي- شاعر العشق الذي لم يكتب سوى في الغزل ولم يتغنّ إلا بوحدة الوجود والإنسان مهما إختلفت الأديان والأعراق.. وفي سنة 1999، أيضا كان - لجلال الدين الرومي- صاحب مثنوي ظهور بالغ الأثرفي أمريكا، حيث تُرجمَت أشعاره في الحب الإلهي إلى الأنقليزية، وكانت الأكثر مبيعا في أمريكا بالذات وليس عجيبا ان يطبعوا بطاقات معايدة تحتوي على أشعاره.. ذلك ما يطرح علينا سؤالا حول إمكانية الخصومة في العالم أي إمكانية أن تتخذ من الولايات المتحدة خصما لنا، والعكس بالعكس.
ولكن أيضا.. ثقافة السلام، وفقا للخطاب الأمريكي، تستدعي حتما تحقيرأي فكرة أونزعة للمقاومة، ومن ثم ارتفعت معاول- كتاب الطابور الخامس- لتهيل التراب على كل صور المقاومة، خلال الحرب العراقية- الأمريكية.
أما سجل المقاومة العراقية اليومية للإحتلال فليس سوى 'حوادث متفرقة ' أو عمليات يقوم بها 'أنصار صدّام' وكأن دعاة الخطاب الأمريكي يستكثرون مقاومة الإحتلال على الشعب العراقي.. وأما عمليات المقاومة الفلسطينية فيتم وصفها بـ'الإرهاب' ويدور الحديث بعد ذلك عن خطاب 'ديني جديد' ينزع فتيل المقاومة من 'جوهر' الدين الإسلامي ويحرّم الد فاع عن الوطن.. وإذا تركنا المسرح السياسي الذي تنشط فوق منصته فرقة- كتاب الرد السريع- فسنجد أن الخطاب الثقافي الأمريكي لم يهمل المسرح الأدبي والفكري وأدار على خشبته التهاويل الفكرية المجسمة في أردية فاخرة.. فبدلا أن يقال ان الصراع الحقيقي يدور بين شعوب المنطقة والهيمنة الإستعمارية، يقال لنا بأصوات - الحكمة - أن القصة تكمن في 'صراع الحضارات' وأننا نعاني من إعتلال خلقي، يجعلنا لا نقبل ذلك 'الآخر' ويتجاهل الجميع أن تاريخ حضارتنا كله هو تاريخ تفاعل مع الحضارات الأخرى، كما لا يحدد لنا أحد بصراحة من هو 'ذلك الآخر' وما إذا كان الإسم الحركي لإسرائيل مثلا.. ما المطلوب؟
المطلوب أن تحدّق الحضارة الغربية 'المنتصرة- المنكسرة' في ذاتها وتطرح على نفسها- لا سؤال القوة- بل سؤال التوازن والجوهر، القوة بلا أخلاق عمياء، وإذا كانت قادرة على تدميرالآخربيد فهي ستبدأ بنفسها أولا.
والمطلوب أولا وأخيرا أن يتنفس العالم مزيدا من هواء التوازن.. هذا لب المسألة.

محمد المحسن

 


تركتني كائنا أسطوريا يسكن الرّيح،ويعوي مع ذئاب بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 تركتني كائنا أسطوريا يسكن الرّيح،ويعوي مع ذئاب الفيافي..قمر في بلاد ليس فيها ليال مقمرة ولا أصدقاء..!

مشتاق إلى ذوات كثيرة وأشياء شتى..بي حنين عاصف إلى أمّي،تلك الشجرة الباسقة التي انتهت قبرا واجما،زاده البياض حيادا..
 أين منّي وجه أمّي في مثل ليل كهذا..بسمتها العذبة..بسمتها الأصفى من الصفاء..عتابها لي آخر الليل حين أعود ثملا وقد لفضتني حانات المدينة..أين منّي حضنها الدافئ وهي تهدهدني وأنا الطفل والشاب والكهل..
لم أعرف اليتم يوم غاص أبي الرحيم إلى التراب..واليوم تشهد كائناتي وأشيائي أنّي اليتيم..
شيخ تجاوز الستين بثلاث عجاف..
ولكنّي أحتاج أمّي بكل ما في النّفس من شجن وحيرة وغضب عاصف..
أحتاج إبني أيضا لألعن في حضرة عينيه المفعمتين بالآسى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلّوا بظلّي عند لفح الهجير..
لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي..
واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي وحروف إسمي ..
آه إبني كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟
حنيني شائك ومتشعّب مثل حزني تماما،وكياني مكتظّ بالوجوه والذوات..
لكم أتوق إلى عناق -أميرة الجيران-تلك التي تركتني نورسا للعناق الوجيع..
مازلت أذكر هودجها وقد مرّ بحذوي..أذكرها وهي تتهودج في غنج أمامي وقد عجز الشارع الفسيح على إحتضانها،أما عطرها الباريسي فقد انتشر في خلايا جسدي وأنا الكهل الكئيب الجالس أمام عتبة بيت ضجّ بالصراخ في إستقبال الغروب العظيم..
أشتاق إليها الآن ..أشتاق إلى عينيها السوداوين المفعمتين بالجمال..لقد ترنّحنا معا في حرائق الشتاء والصيف..أين مني جسدان شرهان لشاب وفتاة..أين من رأسي المتصدّعة خلوّ الذهن من كل همّ و إزدحام القلب بوجه فاتنتي البريئة من كل دم..
أين منّي هودجها العظيم في شارع طارق بن زياد..
خساراتي فادحة أيّها الزمن اللعين..خساراتي مؤلمة أيتها الدنيا اللئيمة وأرباحي سقط متاع..فقدت أبي ذات مساء قاتم..وتوارت أمّي خلف الغيوم..واختطفت الأضواء الباريسية تلك التي ظلّت لسنوات طوال -رغم عنادي-هاجعة خلف الشغاف..
خساراتي فادحة أيتها المهزلة،أضعت في الطريق رفاقا كثرا عدا أولئك الذين أسقطتهم القافلة سهوا عنهم..ما أطول طابور خساراتي وما أحلك هذا الليل الذي صار جزءا منّي.هل أنا حي لأموت..؟وهل من فقدتهم -الأحياء والأموات-ليسوا جزءا منّي..؟! ألم يقتطع منّي الموت أشجارا شاهقة ونفوسا عظيمة؟..فكيف لم يزرني هذا المتسربل بالعدمية إلى حد الآن..بل إلى هذا الحزن والألم والجنون..؟
ألا بد من إنقطاعي عن توريد السجائر إلى رئتيّ المذهولتين ليتمّ إعلان موتي..؟
 ألا بد من تخريب جسدي عمدا بما أسكبه في جوفي من نبيذ..؟ وهل عليّ تغيير لحاف كوابيسي بكفن شديد البياض لكي يصعق الأصدقاء ويرقص الأعداء ويوقنوا أنني جثّة تتدحرج على هضاب الحياة وتصطدم بالحواجز والأضداد..
ميّت أنا..ومشتاق إلى الحياة..يا أيّها الموتى بلا موت.. تعبت من الحياة بلا حياة..
مشتاق إلى القصيدة..لم تزرني منذ ليال طويلة..هجرتني كما هجرتني صديقة العمر بعد أن أيقنت أنّي كتلة من عذاب..حاولتْ-بعذابها- رتق الفتق..فتغلّب الفتق على الرتق..عاودتْ الكرّة مرتين واقتطعت من عرق جبينها كرما إضافيا فذهب أدراج الرياح....
تركتني أخيرا كائنا أسطوريا يسكن الرّيح،ويعوي مع ذئاب الفيافي..قمر في بلاد ليس فيها ليال مقمرة ولا أصدقاء..
ومع ذلك مازلت أحبّها..مازلت أهذي من حنين وحمّى..
انتصف الليل ولم يأتني طيفها ولعلّ هذا نذير شؤم..أو مؤشّر للفراق العظيم..
لكني مازلت أقاوم بعنادي اللعين..

محمد المحسن


 

مجنُدون يُرَوِّجون لِقتلِ الحوامل بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 مجنُدون يُرَوِّجون لِقتلِ الحوامل
وجيشٌ يقفِل الحواجزمُحاصراً 130 ألفَ فلسطيني لحماية بِضعَةِ مستوطنين  في عيد العُرش!

أنظُرْ بِقلبِكَ قبلَ عيْنِكَ واذكُرَا
للعالمينَ وقُلْ لبايدنَ والورى:

صهيونُ غوّلَ فَانظُروا جنديّهُ
يختالُ في قتلِ الحواملِ، هلْ ترى؟

تصويبةٌ كلٌّ بحامِلِ وابنِها
إن كانَ توأمَ أو ثلاثَ، فمفخَرَهْ

هُمْ هكذا كَتبوا على قُمصانِهم
رسموا الحواملَ بالجَنينِ لِتُقبَرَ

بقروا بُطوناً للحواملِ ويْلَهُمْ
قتلوا الصّغارَ مع الكبارِ بِمجزرَهْ

هذي الوحوشُ بغابةٍ تصطادُنا
هذي الأوامرُ كيْ  يفوزُوا وَنُقهَرَ

ربَّ  العِبادِ  أعِزّنا  وأذلّهُم
واضرِبْ على أيدِي الطّغاةِ وَ فَجِّرَ

هم يُقفلون بلادَنا لِيُؤمِّنوا
 بِضعاً لهم مستوطنينَ فما جرى؟

في عيدِ عُرشٍ ؛ كيْ يُقيمُوا طُقوسَهُمْ
ومئاتُ آلافٍ لِشعبِي تُحاصَرا ؟!

في عيدِ عُرشٍ كي يُدَنِّسوا مسجِداً
مُستوطِنون بِساحِ أقصَى وأكثرَ

سندُكُّ فيهم  رأسَ كلِّ مُجَنّدٍ
مُستَوطِنٍ ،جيْشٍ  طغى وتجبّرَ

عصيانَ أعلنَ شعبُنا لعَدوِّهِم
واللهُ معهُم …وانتخابُ لِقهقرى!

 ظنّوا دِمانا فيهَا بُشرَى لِفَوْزِهم
فسَلوا جنينَ ومعهَانابلسَ والثّرى

شعفاطَ ،قدساً،بيتْ عناتَا وغزّةً
ورِجالَ عِلمٍجرْجَروهُ لِمقبرهْ

نحنُ الأُباةُ وفينَا كلُّ مُجاهِدٍ
أحرارُ إنّا،لا نُباعُ ونُشترَى!
 
عزيزة بشير