الاثنين، 1 نوفمبر 2021

خوف /راضية قعلول/جريدة الوجدان الثقافية


 خوف:

اندسّ أيمن في فراشه، وهو يشكّ في أنّه سيستطيع النّوم في هاته اللّيلة الشّتويّة الباردة، تمدّد تحت الغطاء الصّوفيّ، وشعور غريب ينتابه، يخيّل أنّه ليس وحيدا؛ بل هناك ظلال لغرباء يتجوّلون في فناء البيت، وصوت خطواتهم يختلط بصوت جريد النّخلة التي تحتكّ بنافذة الغرفة.
الرّيح تعربد، تعوي كالذّئاب الجائعة، وترجّ النّوافذ فتصدر صوتا أجابه قلب الصّبيّ اليافع بدقّات متتاليّة، لكن رغم هذا أغفى وهو يلوم نفسه لأنّه شاهد فيلم رعب تسبّب في توتّره.
ضوء أرجوانيّ يحرق عينيه فجأة، وصوت مرعب يأمره:
ـــ الزم الصّمت أيّها الآدميّ.
الرّعد يقصف... البرق يمزّق السّحب الدّهماء فيمكّنه من رؤية شبح له جسم إنسان لكنّ رأسه رأس تمساح يزيّنها تاج ترسل الأحجار الكريمة التي ترصّعه بريقا يخطف الأبصار.
أراد أيمن أن يصرخ لكنّه شعر بالاختناق...أحسّ بيد غليظة تشدّ على رقبته بقوّة؛ فكّر في أنّ هذا ليس إلّا حلما مريعا.
الخوف يعضّ بطنه، فيرفع يديه في الهواء كالرّوبوط. قطّ ضخم يفتح فمه فتظهر أنيابه كالمناجل، ويتطاير الشّرر من عينيه.
يوجّه الشّبح نحوه سلاحا يشبه مسدّسا عملاقا... يطلق عليه زخّات من الأضواء الملوّنة فينقلب خلقه ويتحوّل إلى خفّاش قبيح بجناحين كبيرين، فيتقزّز من منظره المريع.
أحدهم يمدّ إليه بندقيّة آلية فيمسك بها، يضغط على الزّناد فيمطر التّمساح بوابل من الرّصاص، يشتدّ وطيس المعركة... التّمساح يقترب منه، القطّ العملاق يمدّ أظافره القبيحة نحوه، يشعر أيمن بقوّة خارقة تدفعه إلى الفضاء حتى يتجاوز مدار الكرة الأرضيّة، تشتدّ قتامة السّواد، يتابع مقاتلة خصومه، كائن فضائيّ متوحّش يحمي ظهره ويساعده، يشتدّ أزيز الرّصاص... يصرخ هو بأعلى صوته سأهزمك... سأهزمك... سأهزمك أيّها اللّعييييييييين... إحساس فظيع بالعطش ينتابه، قطرات من الماء تبلّل وجهه، يد باردة كالثّلج تمسك به فيرتعش، صوت خافت يأتيه من واد سحيق:
ـــ أيمن ... أيمن... ألم أقل لك لا تشاهد أفلام الرّعب؟؟
ـــ أريد شربة ماء ياااا.
{ راضية قعلول، نصّ من مجموعة النّصوص المعدّة لليافعين أسميتها لمجة}

مداد وبشارة/بسام سعيد عرار/جريدة الوجدان الثقافية


 مداد وبشارة

...............
مداد فتيل وشرارة
بلون الدم القاني والنور
جماليات
لا تغيب مع قسوة الأيام
جذوة حق وعزة وكرامة
أيها القادم
أملا ووعدا وبشارة
من هنا وهنالك
تنبؤات
ضاربة الجذور والاستشراف
تنهل من الخير الأبقى
استحقاقات وعد ماثلة
همم تحمل شعلة التغيير
فنارات ضياء
أمام جحور الظلام
تأخذ بالأسباب
لا تنسى رب الأسباب
المنال ليس ببعيد
يا صاحب السبق والريادة
تتسارع الخطا والأحداث
وأنت الحاضر جوهرا
في الباطن والظاهر
قولا وعملا
في معالي النصوص والروح
قلب يزرع البهاء
ينثال وسع الكون
عيون مائزة تعبر الأمداء
وقع تفكر على مسامع البصيرة
نقش سرمدي بحجم السماء
نفع النفس الزكية العميم
ما عادت تفي الرؤى القاصرة
على امتداد الزمان والمكان
بصمة تتأتى تبهر الناظرين
بقلمي
بسام سعيد عرار

قراءة في قصيدة / في بلادي :للأديب والشاعر السوري : مصطفى الحاج حسين . بقلم : الشاعر والناقد العراقي : علي سلمان الموسوي /جريدة الوجدان الثقافية


 /// قراءة في قصيدة ..

(( في بلادي )) ..
للأديب والشاعر السوري : مصطفى الحاج حسين .
بقلم : الشاعر والناقد العراقي : علي سلمان الموسوي .
---------------------------------------------------------------------
هكذا هي القامات الأدبية تبدو أن تكون يقظةً في ثيمات الوجود المعرفي العميق
هم التأملات و الأشكال المرسومة في مخيلة الأقلام بين النور والنور ساهمت في خلق عالمنا الأدبي المميز
وها نحن نكرّم هذا الفضاء الدرامي المثير...للشاعر
مصطفى الحاج حسين
عندما نتذوق نكهة الشعر ونحن نتسلق سلالم الكلمات في وحي مدهش يركض إلى حافات حلم معاق ..تتخذ من الأماكن والأزمنة
إطلالة خدرٍ على زقاق من أنين
حيث تتراقص مواهب التخيّل وكأنّها مهارة الحائك البارع الصبور الذي لا يعرف الملل ...يأتي بعناق الغبش الناعم على سكون الفطرة المتوجرة..
هنا نتلمس رأس اللحظة التي تبحث عن رحلةٍ فذةٍ في الهيبة الخلابة
بل كأنهّا الهمس المتماوج عبر خصوصيات ما وراء الأشياء التي تمر بثقة الماهر المتقن وسط حشدٍ من تحوطات الأنامل النازفة
اغماضة تحلق بأجواء مرصعة بعوالم النوادر الفارهة لوطنٍ مازال بلا رأس
/في بلادي
يحصدُ الفقراءُ
غلالَ الدّمِ/
/وتقطفُ النّساءُ
سِلالَ الدّمعِ/
/ويرضعُ الأطفالُ
ُحليبَ الانفجاراتِ /
/وتتزيّنُ الفتياتُ
بالشّحوبِ والارتجافِ/
/ويحملُ الرّجالُ على أكتافِهِمْ
جثَّةَ الخرابِ/
في لعبة النثر يبقى للصقور فضاءٌ غير الذي نراه وهو مجال الغرابة في عالم الدهشة والإثارة حين يبدو لنا الحديث خارج مضامير المواجهة الفعلية في حقائق الانفعالات وفي محطةٍ جديدة من خرير نبع ماءٍ ودماء
يعجُ به العطش المكلوم بالوجع ،
نفحةٌ بلاغية صامته هذه المرة
ضمن بوابات الرغبة والقسوة والانتشاء..
/في بلادي
ترسلُ الشَّمسُ أشعَةَ الهلاكِ/
/وتتمترسُ الجبالُ
خلفَ المدافعِ/
/وتأوي العصافيرُ
إلى حجرِ النّارِ/.
هنا حروفٌ غامرات بالندى عبارة عن مسحاتٍ خفيفةٍ تزيّنُ روحَ تربةٍ تمسكتْ بشفاهِ الأقلامِ والآلام حين وضعتْ في جوفِ بركانها أزمنةً مشاكسةً ،
التفتُ بين طياتِ السطورِ تارةً يميناً وأخرى شمالاً كي أرى الصمت الذي بات يكسّرُ روابي التجوالِ المتعثرِ بين نواصي الكلمات ،
حريقُ النبراتِ تداركَ ميادينَ الرمادِ المنفّعلِ الذي أسبل مناغماً كفوفَ المنتفضينَ التي تسربلت أفكارهم في شظايا العتمة صوبَ نوافذٍ اللاخلاص من أفواهِ العصاة..
ترقنُ قيدَ المتمردين الذين يخلقون من ضريبة الحياة أزماتٍ بلا جدوى ..
/في بلادي
ننصبُ فخاً للقمرِ/
/نعلّقُهُ على عَمودِ الحقدِ/
/ونسلخُ عنهُ الضّوءَ/
/في بلادي
يذبحُ الأخُ أخاهُ
بتهمةِ الخيانةِ/
/وتكونُ سكّينُهُ
يدَ الغريبِ/.
شواهدُ الزمنِ في برج الذكريات المشحون بعبقٍ قديم ، تشظى مازحاً على طهر الأماكن المعّدة سابقاً لحفلات الذكرى وعقيق تُحفِ نادرةِ من الصراع
في باحةِ تفقدية خلفَ ستائرِ البوح
مساماتٌ متشققةٌ في أغوارٍ بعيدةٍ
حافةٌ صلدةٌ تخلو من أحلامِ الغد ، لن تنتظر بزوغ سمشٍ لصبحٍ قريب،
كتلةٌ من رمزياتٍ مشتابكةٍ الجذور ومتصارعةِ الشعور احتضنت جمالاً نقياً غابت في كل مفاتنه
وملامحه المُثلى،
مسك حبلَ الريح من طرفٍ واحدٍ
وتركُ للسماء
نوايا مؤجلة،
تعود..
الى شدو النسيان
ربما...هو الحميم المشفر
الذي اعلن عصيانه مؤخرا.
/في بلادي
صارَتِ الأشجارُ تورِقُ جثثاً/
/وصارَ النّهارُ يُطِلُّ
على الفاجعةِ /
/وغدا النّدى
قطرانَ السّرابِ/
/في بلادي
تفحَّمَ الهواءُ/
/وصارَ السّلامُ
رماداً/
/وعمَّ الانهيارُ
وتراكمَ السّخطُ/
/في صدرِ الغمامِ/
كأنّها قصيدة عشق تتبارى على حرفة سيل من هيئات متنازعة على ملكية مجهولة
نرى الرجال والنساء يتسابقون على حلة من ضياع .
/في بلادي /
/جفَّتْ خطواتُنا
وتحوَّلَ نبضُنا يباساً ./
تجسيد الآلام المهولة التي تحل وكأنّها علامات إخبارية مقيدة بأسلوب نافذ الشعورية والفكرية ..لا قيود على سلطان الحروف حين تكون على ناصية التمرد.
ما وراء طبيعات العيوب والخطوب والأفراح المؤجلة وزوابع الأمنيات الجائعة الى نوافذ الضوء في تخمة الحياة المتصحرة عرفا...
تقديري للحرف الثمين
شكرا والف عطر مميز
مداد حرف ودعاء..
علي سلمان الموسوي
العراق .
==================================
القصيدة :
* في بلادي ...*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
في بلادي
يحصدُ الفقراءُ
غلالَ الدّمِ
وتقطفُ النّساءُ
سِلالَ الدّمعِ
ويرضعُ الأطفالُ
ُحليبَ الانفجاراتِ
وتتزيّنُ الفتياتُ
بالشّحوبِ والارتجافِ
ويحملُ الرّجالُ على أكتافِهِمْ
جثَّةَ الخرابِ
في بلادي
ترسلُ الشَّمسُ أشعَةَ الهلاكِ
وتتمترسُ الجبالُ
خلفَ المدافعِ
وتأوي العصافيرُ
إلى حجرِ النّارِ
في بلادي
ننصبُ فخاً للقمرِ
نعلّقُهُ على عَمودِ الحقدِ
ونسلخُ عنهُ الضّوءَ
في بلادي
يذبحُ الأخُ أخاهُ
بتهمةِ الخيانةِ
وتكونُ سكّينُهُ
يدَ الغريبِ
في بلادي
صارَتِ الأشجارُ تورِقُ جثثاً
وصارَ النّهارُ يُطِلُّ
على الفاجعةِ
وغدا النّدى
قطرانَ السّرابِ
في بلادي
تفحَّمَ الهواءُ
وصارَ السّلامُ
رماداً
وعمَّ الانهيارُ
وتراكمَ السّخطُ
في صدرِ الغمامِ
في بلادي
جفَّتْ خطواتُنا
وتحوَّلَ نبضُنا يباساً *.
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

نحر/ابتسام المياحي العراق/جريدة الوجدان الثقافية


 نحر

تتلاعب بي الافكار
لتقرر انكساري
والروح بقفر صرعى
انحر من منهما
اانحر الروح بفكري
ام انحر الفكر بالهذيان
حبلى بغرامك بل اكثر
ولا اجيد لغة الرسائل للغرام
فلا تتأمل
ابتسام المياحي
العراق

المبدعة بقلم الكاتبة سهام الشبعان

 المبدعة

اختنقت مريم بما تقوم به من أعمال بيتية.....عليها ان تطبخ الطعام و ترتّب البيت،فقد ربّيت على ان تلبّي طلبات زوجها، و أبنائها،ترتيب بيتها، إنّها الأصول التي لقّنتها كلّ أنثى... لكن اليوم نهضت مريم على وقع صوت يدعوها أن تكتب عن تضاريسها عن الحياة و الحبّ، عن الطّير إذا غادرت أوكارها.و العواصف اذا هبّت،فتطلق الكلمات من عقالها.إنّها في شوق عارم إلى عالم الفنّ و الأدب، عالم لا يمكن ان يلجه إلاّ مرهف حسّ لفظته سكينة الوجود و تشبّع من رضاب شفتيه الألم......نهضت مريم و في جوفها رياح أخر غير تلك التي ربّيت عليها. و أحسّت بالفوضى في كلّ تراتيب حياتها."لا بدّ ان أعدّل تنظيم ما بداخلي،،،و ان اقطع مع فوضى المحتوم ،،لا بدّ من مقاومة هذا الروتين الجاثم على صدري،،على نفسها المهوسة بعشق الحرف،،،انها تكره ذلك العقد الاجتماعي الذي يطوق حلمها و يذكّرها دائما انّها أنثى عليها ان تتقن فن الطبخ ،،و الكنس،،و أن تنجح في لمّ شتات الاسرة....وان تكون للآخرين عونا و قدوة.حينها فقط سيفتل الزوج شواربه و يشكر على حسن اختياره لعروسه" هكذا كانت مريم تحدّث نفسها. ثم عصفت بداخلها أسئلة:"ترى واين انا في هذا الخضمّ السعيد الراكد؟؟؟؟،" إنّها تريد ان تتلمّس موقعها كذات مبدعة....أنّ كلّ أواني المطبخ صور تتراقص في ذهنها.....الزوج ينادي أحضري الشاي يا مريم ...و تعالي ....البنت الضغرى امي .تعالي لمساعدتي فتمرين اللغة صعب و لم أستطع فكّ طلاسمه....
لم تتحمل مريم و بدا لصوتهم ولولة ترفضها...هرعت بسرعة إلى غرفتها ، تحتضن قلمها الذى تجاهلته منذ مدة .و اشتدّ بينهما العناق. عناق ابديّ يعزف أجمل سنفونية حبّ ..فاسرعت تدعو زوجها ليشاركها رغبتها و يبارك طموحها..فاذا به يزمجر حانقا: "ماهذا الهراء يا مريم.....أنت أنثى. امراة متزوجة، و الابداع من حصّة الرجال أ نت موعودة بالجنة متى أخلصت في تربية أبنائك و توعدوك بالنار اذا لم تطيعي زوجك و لم توفري له أسباب الراحة والهناء....."أحست مريم بالقهر و الغبن،،فالكتابة نار تتأجج بأعماقها تجاهلت ما سمعته. و ضجّت بأعماقها رياح أخر..رياح الرّفض و التّحدي ممتطيةحروفهاجوادا سيوصلها إلى برّ الامان......خرجت مريم من البيت غير مبالية بالبرد و الصقيع ففي اعماقها نار تتاجج للكتابة.، تدفأت مريم بحلمها، خرجت بملابس نومها الشفافة .منشدة الخروج من التحرير إلى التّحرر..الكل يناديها لم تلتف إلى الخلف لكن رقّ قلبها لصوت ابنتها الضغرى تناشدها الا تخرج،،،التفتت مريم و هزت راسها الى الأعلى لتطمئن ابنتها:"انني ذاهبة إلى حيث اراكم بعدسة مختلفة ،ستكونون اجمل بنيتي ، وسأحضن أحلامك من موقع آخر فهلاّ باركتم ولادتي ،،،فالمخاض لم يكن سهلا".خرجت مريم و زخات المطر قد بللت كامل جسدها و افتضّت صمتها ، مبشرة بعالم جديد عالم انثى انثى ابت إلا ان تكون مبدعة......
بقلم سهام الشبعان



على هامش تجليات الثورة التونسية المجيدة في أفق الحرية : بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش تجليات الثورة التونسية المجيدة في أفق الحرية :

هي ذي تونس ..زمان تكثّف حتى غدا مكانا وحكايات..أقاصيص وملاحم
"ليس بين الدم والدمع مسافة..هذه تونس التي تتحدى..وهذا الوعي نقيض الخرافة” (مظفر النواب بتصرف طفيف)
*الحياة أقدس من النص،والفعل المقاوم أعظم من أن تحيط به الكلمات،لا سيّما إذا كان الفعل أسطوريا رسوليا على النحو الذي رأيت..(الكاتب)
تقتادك الثورة التونسية من يد روحك،وتمضي بك إلى فردوس الطمأنينة،بل ربما إلى النقيض.فأنت إزاء هذا الفعل الإنساني الجبّار،حائر على غير مستوى،ثمة دم أريق ولم تكن تملك سوى الحبر،وما من حبر يرقى إلى منصة الدّم.وحتى حين يمور الدّم في جسدك باحثا عن مخرج،فإنّك حينئذ ثائر لا شاعر.وليس معنى هذا أنّ الثورية تنافي الثقافة،أو أنّ الثقافة متعالية على الميدان،ولكن لابد من تفادي خلط الأوراق،فلا يمكن للمارسة أن تتحوّل إلى حكم قيمة أدبي،مع أنّ الحبرَ عرضة لإختبار دائم-لقد خلصنا من ترف الكتابة للكتابة وهي ذي الثورة،بوهجها وضرائبها البشرية،تعيد إنتاج السؤال التقليدي عن جدوى الكتابة،وإذا كان السؤال قاسيا أو عصيا على الجواب،فلنبحث عن صيغة ثانية:” هل من عزاء في الكتابة؟”
ويرسلك هذا السؤال إلى مستوى آخر من المشكلة،يتصل هذه المرّة بكينونة المثقف المتورّط بوجوده في زمن ملتهب:” هل قدرك أن تلبس هذا اللبوس الماسوشي،مقرّعا حيّزك الفيزيائي المحدود،بدعوى عدم صعوده إلى لحظة الإشتباك؟..
وحين يدخل المثقف العضوي-مع الإعتذار من غرامسي-على الخط،فإنّك في مستوى ثالث من الحيرة: كيف أمارس كمثقف وكيف أكتب كثائر؟
وفي كلتا الحالتين:ألست (بضم التاء) مثقلا بأسئلتي الوجودية،أنا المفرد في فضاء محذوف؟ فكيف أتحوّل إلى خليط فعّال في نسيج الجماعة؟
ولك أن تعتبر،في طفرة يأس أو ضجر،أنّ ماسبق ليس إلا دلعا لغويّا،وأنّ عليك أن تعود إلى سؤال الأسئلة عن دورك،مثقفا في هذه الملحمة.وساعتها لا مناص من مستوى جديد يدعم حيرتك الأولى،هو أنّ الثورة هي نشيد الجماعة ومرآتها،وليس الفرد إلا نبرة في إيقاعها الجمعي المتكاثر.
بهذا لن تكون ذاتك إلا بالحد الذي تسمح به الثورة،فهي تهدّد الثقافة بالتنميط.
وحين تنأى عن الإمتثال للثقافة السائدة،فمعنى ذلك أنّك اخترت الغربة-أمغترب ومثقف ثوري في آن؟..كيف تلتئم المعادلة؟!
حين هبّت عاصفة السابع عشر من شهر ديسمبر 2010 لتخترق سجوف الصمت،وتنير درب الحرية أمام شعب ظل يرسف في الأغلال عبر عقدين ونيف من الظلم والظلام،في تلك اللحظات الخالدة تملّكني إحساس باللاجدوى.ماذا يمكن للمرء أن يفعل..؟
كيف يمكن أن يكون عمليا وهو لا يتقن غير الكلمات؟ !.حتى الكتابة عن حدث جلل بحجم الثورة التونسية لا ترقى إلى منصة النضال.
كنت أدوّن جميع ما أرى،-مكتفيا- بالتفرّج على الدّم التونسي مراقا،وعلى الجنائز تسير خببا في اتجاه المدافن..
هو ذا الموت فرجويا متوحّشا قاسيا فظّا بدائيا ساديّا همجيّا عاتيا ضاريا فاجعا.
هو ذا القتل على مرأى من الدنيا وحفاة الضمير.
الأرض التونسية لم تصَب بقشعريرة ولا بإندهاش.إنّها تأكل بنيها.جميع التفاصيل التي اجتذبتني إليها دوّنتها.معي الآن من التفاصيل ما يكفي لتأليف كتاب.كيف يرتقي المرء إلى مستوى ما رأى،كيف يكتبه محاطا بهالته الأسطورية دون أن يقع في نقل الوقائع أو وصفه وصفا إخباريا مسطّحا يفقره ويلغي كثافته؟
كيف يكتب جانبه السحري الأسطوريّ المروّع..؟
الحياة أقدس من النص،والفعل المقاوم أعظم من أن تحيط به الكلمات،لا سيّما إذا كان الفعل أسطوريا رسوليا على النحو الذي رأيت..
ولكن..
لا يجب أن تنتهي الحياة إكراما لشبابنا الذين تسابقوا إلى الموت إعلاء للحياة وتمجيدا للحياة.
أنا على يقين من أنّ الإستبداد سيظلّ يدحرج -غلاته وصانعيه-بإتجاه الهاوية حيث لا شيء غير الندم وصرير الأسنان.
يا تونس الصابرة نحتاج قليلا من صبرك الرباني فالرّوح محض عذاب.قصر قرطاج ينوح في السرّ على “أمجاد”من سكنوه ذات زمن موغل في الدياجير.وطائرة المخلوع تحلّق في الأقاصي في اتجاه المنفى البعيد.والحرية تتمطى في اتجاهنا عبر الدموع.
ولنا أن نفرح.لنا أن نهلّل.وطوبى لأمهات الشهداء لأنهن عند الله يتعزين.
غريب أمر هذا الشعب التونسي لا يكتفي بالخبز بديلا عن الحياة والكرامة.
مدهش أمر هذا الشعب التونسي الذي ارتقى بقراره إلى منصة الإستشهاد.
ومدهش أيضا أمر هذا الشعب الذي اتخذ قرارات مصيرية يهون دونها الموت.
ومدهش كذلك أمر هذا الشعب الذي جسّد الديمقراطية في أبهى تجلياتها وغدا نموذجا تحتذى به الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج..
ومبدع أنت -يا رئيسنا الفذ-في عربيتك العذبة..ونرجو أن تكون سياستك أكثر عذوبة..تأكّد فقط أنّ حالة تونس تبقى متطورة وناضجة.. إنها جسد مدني سياسي تمايزت فيه الأعضاء،ويكاد يكون مكتمل النمو..
وكن أيضا على يقين أنّ الثورة التونسية المجيدة مبثوثة في الأنساغ كلّها،وعلى من يبحث عن موقع بجوارها،أو في مدى توهّجها أن يعثر على ثورته،لغة ورؤى،وأن يستغيث بها للتحرّر من المديح الذي تورّطت به الثورات العربية كلّها خلال نصف قرن..
وإذن؟
هي ذي تونس إذن.زمان تكثّف حتى غدا مكانا وحكايات،أقاصيص وملاحم،سماء تنفتح في وجه الأرض،أرض تتسامى وتتخفّف من ماديتها حتى تصبح كالأثير.ثم يلتقيان.الأرض والسماء يغدوان واحدا..وقد أبدع الشاعر الراحل نزار قباني حين قال عنها (تونس):
"ياتونس الخضراء
جئتك عاشقا *** وعلى جبيني وردة وكتاب
إني الدمشقي الذي احترف الهوى*** فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي*** إن الهوى ألا يكون إياب
أنا فوق أجفان النساء مكسر*** قطع فعمري الموج والأخشاب
لم أنس اسماء النساء ..وإنما*** للحسن أسباب ولي أسباب
ياساكنات البحر في قرطاجة*** جف الشذى وتفرق الأصحاب
محمد المحسن
Peut être une image de Med Elmohsen

قراءة تحليلية انطباعية ل قصيدة ساليس ساليس مايا بقلم الكاتب محمود البقلوطي

 محمود البقلوطي

قراءة تحليلية انطباعية ل قصيدة ساليس ساليس مايا
بين الجزء الأول والجزء الثاني فرق شاسع ممكن ان نقول طريقان مختلفان من حيث المعنى والدلالة
_1الجزء الأول..بين الاضلع تيه
شحوب وذبول.. احساس بالضياع
وان حياتها تحولت إلى وهم لكنها تتلمس بعض الحنين في كلماتها وهذا ما جعلها تعيش الانتظار ممزوجا بلحظات صمت ورغم ذلك سافرت في الفراغات متسائلة عن معاني الحقيقة...وهذا في حد ذاته فتح لابواب ممكن تمكنها من الخروج من هذا التيه الساكن في الذات والوجدان وهذا نتلمسه في التقابل والتضاد الذي نجده في الجزء الثاني..
_2الجزء الثاني.. البحث عن معنى الحقيقة ومحاولة الخروج من أضلاع التيه..
"اتوسل المعاني بأن تحرر الحقيقة"
تلك الحقيقة:
الساطعة/الغامضة
الممكنة/ الاممكنة
الحرة/السجينة
المنثورة/ المبتورة
المنقذة/ المتورطة
كلمات متضادة ،متقابلة وتحمل في طياتها معان متعددة للحقيقة استعملتها الشاعرة في عملية البحث عنها لعلها تبعث في نفسها بعض امل.. وهذا ما احسسنا به في كلمات القصيدة التي تبعث الأمل لتخرجها من اضلع التيه
حقيقة رأيتها مستديرة
وحين تلمحني تلمس يدي
تقول لي انهضي ساليس
تعالي نتحرر من أضلاع التيه
فأنت مسلكي وكل عبوري
انهضي ساليس.. فأنت التراب والحجارة.. عماد واسس البناء
قصيدة عميقة وقفتها كانت حاسمة في المعنى والدلالات من حيث النتيجة التي انتهت بها القصيدة.. هو الخروج من أضلاع التيه وفتح افاقا رحبة للاني والمستقبل.. دام روع حرفك وبحر مدادك والق ابداعك تحياتي والورد.. كل الريحان
القصيدة للشاعرة. ساليس ساليس مايا
بين أضلاع التّيه
شحوب و ذبول
و عند سفح الحياة
تنّفس الوهم
و في طلقات الحروف ملمس الحنين
و أنا هنا في عيون القصيد المتعجّل
وصيّة على الصمت و الانتظار
و أنا
في كلّ المسافات الفارغة
أتوّسل المعاني بأن تحرّر الحقيقة
تلك الحقيقة..الساطعة ..الغامضة
الممكنة...اللاّممكنة
الحرّة ...السجينة
المنثورة...المبتورة
المنقذة...المُوَّرِطة
حقيقة رأيتها مستديرة
تمشي دون أن تلامس الأرض
و حين تلمحني تمسك يدي
تقول لي ...انهضي ساليس
تعالي نتحرّر من أضلاع التّيه
فأنت مسلكي و كلّ عبوري
و أنت التراب و الحجارة
انهضي ساليس
هذه أضلاع التّيه أفّكها من أجلك و من أجلي
Peut être une image de 1 personne


ظلال قدماي تدكٌ ماء الطريق بقلم الكاتب جلال باباي

 ظلال قدماي تدكٌ ماء الطريق

🖊تصدير:
" أملك الظل،
الذي وُهِـبَ لي بالولادة،
ظلي
الذي لا أفقده أبدا."
◾أدلبيرت فون شاميسو(*)
أَسْدلَ القمر ُستاره
حتى لا يتسرب
هذا المطر الخفيف
إلى هشاشة صدري
أقيس وقع الصدى
لأشياء نادرة
تفيض بها ذاكرتي
أختلف مع الخريف
لأنٌ رماده يخفي شمس خطاي
و يطبق على أغصان السماء
الرابضة فوق مرايا الماء
مثل الذين غزاهم الهذيان
يعود هذا القلق
الغارق في الإحمرار
مثل نبيذ الغروب
يراود أسفل الجانب المنسيٌ
ذا جسدي البلوري
ينتبذ عشب الثنايا
يترصٌد بغضبه
فكرة "نيتشة "الأبدية
ربٌما تملك الشجرة الشجاعة الكافية
حتى تفتح نافذة على العالم
أحتاج إلى شرفة خاصة
لألامس وجهي البارد
لم يكن الموت حارا
حتى تراني مستلقيا على السرير،
وحدها من تملك الدفء
سحابة تقطن قبالة الروح
تعيد لشرايين القلب
أغاني العصافير
سشرق يوما ما
تلك الشمس في موعدها،
برغم غياب النهار .◾
---------------------------
(*) : شاعر ألماني.
Peut être une image de 1 personne et position debout