الخميس، 25 نوفمبر 2021

أنا والصباح/حبيبة المحرزي. تونس/جريدة الوجدان الثقافية


 * أنا والصباح *

قصيدة نثر حداثية.
يتسلل الصباح من شقوق آثمة
يراودني
يستفزني
يسألني في غبش الركام:
ًألا تستيقظين؟
فاتك دهر
مر عمر يجر معه السنين.
ألملم أضغاثاً متهالكة في شبه ذاكرة منسية
يرطن لساني بكلمات ليست كالكلمات:
— هل استيقظتم من نفاق رجيم؟
— نعم ثبنا إلى الرشد وخطبنا الود من سبات.
— هل توحدت البلدان؟
هل عادت السودان إلى السودان؟
هل طهرت جارتنا كل أحزانها من الدماء.
ودعتنا إلى وليمة لعذب العناق
دون عويل وصراخ تحت الأكفان.
تضج قواربي تحت الوسادة
مرتجفة
تطقطق أوصالها
تهددها الأعماق
تحشرها حشراً مؤجلا
قرب التيتانيك خلف البرزخ المقدس
وفي غريق الغريق
ما عدت أهنأ
وشقوق النافذة تتسكع حولي
تستجدي ضياء
كي تقهر الظلمة
وتغازل ذاك الأسى
لكن العتمة تأبى وتصرخ أن لا
في كيان متهتك مرعوب
يريد أن يهرب
إن يعلق بغصن في أجمة متهالكة مرتعشة
ارتعاش ذكرى تأبى أن تتذكر
تأبى أن تزيح وشاحا مجروحا
مشروخا
باهتاً دون الوان
يغمغم الصبح
يدق القضبان ، يصرخ الغسق:
— هذا محال...
المهم أن نصحو قبل الأذان
ونصلي خلف الإمام
ونترك كل الآثام
هناك
قبل أن نتبين الأسود من الأبيض
قبل أن تتفتح زهرة الشمس البهية
كي ننهمك في تشتيت الشتات
بين هذا وذاك وتلك
بين إفك وقناع
مسود
مسعور
مخمور
سكران.
أسلمت الروح للظلمة من جديد
ظلمة كالحة حالكة موصدة من سنين
يجثم عليها نفاق الأفاكين المفسدين
تسألني صلحاً أبرمته مع الأيام
صلحاً أردته قدسيا
يكفي نفسي دمارا وظلمة مشتدة
تغلف عذابات السنين
بعيداً جدا
عمن ينتظرون الصباح
ليحيوا على الفلاح دون على الصلاح
ويعاقروا نوراً ينتشر جذلان في البطاح
وقد اغتصب السواد
وراوده عن الحياة
فاندفعت السجلات
والصباح
ماض في اغتصاب هيكل كالح
يجثو في مجرات السنين تحت
جلابيب المنافقين.
حبيبة المحرزي.
تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق