الأحد، 19 سبتمبر 2021

شذرات لغوية ٠٠ !!٠ بقلم الأستاذ السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر

 شذرات لغوية ٠٠ !!٠

السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
*************
((( إعراب ومعنى آية )))
قال تعالى :
" من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون "
( سورة الروم : الآية ٣٢ ) ٠
عندما نتأمل في آي الذكر الحكيم من خلال الإعراب و المعنى الإجمالي يسهل علينا فهم وإدراك مقاصد الآية و الأحكام وما ترشد إليه بجانب التلاوة الصحيحة ، من أجل تصحيح اللحن وسلامة النطق والكتاب هكذا ٠٠
وهذه الآية تدعونا إلى الحق والاتحاد بعيدا عن الفرقة و التحزب وعدم إتباع طريق المشركين و من على شاكلتهم من الأمة في تفتيت وحدتها وقوتها و كل جماعة تزعم أنها الفرقة الناجية كما سيتبين لنا بعد قليل في المعنى الإجمالي لهذه الآية الكريمة ٠
و يؤيد الحديث الشريف مفهوم الآية:
قال صلى الله عليه وسلم:
" افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
حديث صحيح - رواه أبو داود والترمذي و ابن ماجة والحاكم ٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* أولا- الإعراب:
------------
ولاتكونوا :
فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة الجزم حذف النون وواو الجماعة اسم يكون فى محل رفع ٠
من المشركين :
شبة جملة فى محل نصب خبر يكون ٠
من الذين :
من حرف جر الذين اسم موصول مبنى فى محل جر ٠
فرقوا دينهم :
الفعل ماضى مبنى على الضم لاتصاله بواو الجماعة وواو الجماعة فاعل .
دين مفعول به وهم مضاف إليه
والجملة صلة الموصول لامحل لهل من الاعراب ٠
وكانوا شيعا:
كان واسمها ، واو الجماعة ، وشيعا خبرها ٠
كل :
مبتدأ ٠
حزب :
مضاف إليه ٠
بما :
الباء حرف جر ما اسم موصول بمعنى الذى فى محل جر ٠
لديهم :
لدى ظرف وهم مضاف إليه " شبه جملة لامحل له من الاعراب صلة الموصول " ٠
فرحون :
خبر المبتدأ مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم ٠
وقرأ حمزة والكسائي :
" فارقوا دينهم " ٠
وقد قرأ ذلك علي بن أبي طالب :
أي فارقوا دينهم الذي يجب اتباعه ، وهو التوحيد .
وكانوا شيعا أي فرقا ٠ قاله الكلبي .
وقيل أديانا : قاله مقاتل .
كل حزب بما لديهم فرحون أي مسرورون معجبون ، لأنهم لم يتبينوا الحق ، وعليهم أن يتبينوه .
وقيل : كان هذا قبل أن تنزل الفرائض .
وقول ثالث :
أن العاصي لله عز وجل قد يكون فرحا بمعصيته ، فكذلك الشيطان وقطاع الطريق وغيرهم .
* ثانيا - المعنى العام :
-----------
وجميع المعاني تتلاقى في كتب التفسير :
كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم الحقّ، فأحدثوا البدع التي أحدثوا " بِمَا لَديْهم فَرِحُونَ " ٠
بما هم به متمسكون من المذهب، فرحون مسرورون، يحسبون أن الصواب معهم دون غيرهم.
فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء وملل باطلة ، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء ، وهذه الأمة أيضا اختلفوا فيما بينهم على نحل كلها ضلالة إلا واحدة ، وهم أهل السنة والجماعة ، المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين ، وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه ، كما رواه الحاكم في مستدركه أنه سئل ، عليه السلام عن الفرقة الناجية منهم ، فقال :
" ما أنا عليه - اليوم - وأصحابي " .
و جاء في التفسير الميسر :
ولا تكونوا من المشركين وأهل الأهواء والبدع الذين بدَّلوا دينهم، وغيَّروه، فأخذوا بعضه، وتركوا بعضه؛ تبعًا لأهوائهم، فصاروا فرقًا وأحزابًا، يتشيعون لرؤسائهم وأحزابهم وآرائهم، يعين بعضهم بعضًا على الباطل، كل حزب بما لديهم فرحون مسرورون، يحكمون لأنفسهم بأنهم على الحق وغيرهم على الباطل.
يحكمون لأنفسهم بأنه الحق وأن غيرهم على باطل، وفي هذا تحذير للمسلمين من تشتتهم وتفرقهم فرقا كل فريق يتعصب لما معه من حق وباطل، فيكونون مشابهين بذلك للمشركين في التفرق بل الدين واحد والرسول واحد والإله واحد.
وأكثر الأمور الدينية وقع فيها الإجماع بين العلماء والأئمة، والأخوة الإيمانية قد عقدها اللّه وربطها أتم ربط، فما بال ذلك كله يُلْغَى ويُبْنَى التفرق والشقاق بين المسلمين على مسائل خفية أو فروع خلافية يضلل بها بعضهم بعضا، ويتميز بها بعضهم عن بعض؟
فهل هذا إلا من أكبر نزغات الشيطان وأعظم مقاصده التي كاد بها للمسلمين؟!٠
وهل السعي في جمع كلمتهم وإزالة ما بينهم من الشقاق المبني على ذلك الأصل الباطل، إلا من أفضل الجهاد في سبيل اللّه وأفضل الأعمال المقربة إلى اللّه؟
ولما أمر تعالى بالإنابة إليه -وكان المأمور بها هي الإنابة الاختيارية، التي تكون في حَالَي العسر واليسر والسعة والضيق ٠
والخلاصة يوضحها لنا الحديث النبوي الصحيح في معناه على النحو التالي :
وهذا الحديث المشهور بين الناس والذي يدور حول انقسام الأمة الإسلامية إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، إلى جانب حالة التحزب والتشرذم الذي أدى إلى التفتت في جسد الأمة بادعاء كل فرقة أنها هي التي تمتلك الحق، وهي الأقرب لاتباع سنة النبى ، وذلك محاولة لها للنجاة من النار والفوز بالجنة باعتبارها هي الفرقة الناجية.
وأخيرا نتمنى أن نكون قد قدمنا فائدة تنفع قولا وعملا في منهج حياة الدنيا والآخرة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد أن شاء الله ٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق