أيقونة قلبي
الأحد، 16 يونيو 2024
أيقونة قلبي ــــــــ الشاعر منير صخيري
أيقونة قلبي
أبي ـــــــــ د . صالح وهبة
أبي
عبـــــرات ــــــــــ د محمد ايوب
عبــــــــــــــرات
ياقبله الهادي ــــــــــ عبد المنعم مرعي
ياقبله الهادي
أنا عارفك ـــــــــــ الشاعر محمد عبد العزيز رمضان
أنا عارفك
عيدٌ يهِلُّ بقلم الشاعر محمود بشير
قضت زوجتي "نجية إسماعيل درويش"بين عيدين(الفطر والأضحى) في 2024/4/27. ولها في هذا المقام ذكرٌ يذكِّرُ بفضائلها.
عيدٌ يهِلُّ
عيدٌ يهِلُّ فتُنكَأُ الأحزانُ
عيدٌ يغيبُ فيغْفِرُ الرَّحمٰنُ
يا لَلفَجيعَةُ فالحبيبةُ غادَرَتْ
لم يبقَ للعيدِ البَهِيِّ مكانُ
رحلَتْ "نجيَّةُ" أذعَنَتْ لِمَلاكِهَا
ما كانَ يُعْرَف للرَّحيلِ أوَانُ
وقْعُ الفِراقِ بِلا وَداعٍ قاتِلٌ
وطْءُ الرَّحيلِ كأنَّهُ الصُّوَّانُ
عِشْنَا وما كانَ الخًُواءُ يَروقُهَا
في العيدِ يملَأُ بيْتَنَا الخِلّانُ
دَوْماً تُرَحِّبُ تنْبَرِي لِلِقائِهِمْ
تُقِرِي الأحِبَّةَ والقِرىٰ ألوانُ
تُبْدِي لكُلِّ الزّائِرِينَ حُبُورَهَا
فيَبِينُ مِنْهُمْ لِلْقِرَىٰ عِرْفانُ
غابَتْ وجاءَ العيدُ يكْشِفُ علّتِي
أمضي تَهُبُّ بِعٍلَّتِي النيرانُ
ربَّاهُ أوهِبْهَا الثَّوابَ مُضاعَفاً
ربّاهُ أنتَ الواهِبُ المَنَّانُ
إنْ شِئْتَ ربِّي فاصطَفِيهَا مِنَّةً
أن تصْطَفيهَا راحَةٌ وأمانُ
محمود بشير
2024/6/15
الخميس، 13 يونيو 2024
من الـخَضْـرَاءِ إلى"الطَّبَاقَـهْ والخَـضْـرَاءِ" بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف ... (تونس)
من الـخَضْـرَاءِ إلى"الطَّبَاقَـهْ والخَـضْـرَاءِ"
(من ذكرياتي أثناء إعارة في بَلد عربي)
حَلَلْتُ مِن "قـرطاج" بالـخَضْـرَاءِ
بِمَعْـهَـدِ "الطَّـبَاقَـهْ و الخَـضْــرَاءِ"
فاسْتَقْبَلـتْنِي ، فَـرَحًـا بِمَـقْدَمِي،
جَحَـافِـلُ البَـعُــوضِ بالـغِـنَــــاءِ
بَاتَـتْ لِـلَيْلٍ كَامِلٍ تُـسْمِعُـــنِـي
مَـزَامِـرًا في قِـمَّـةِ "الـبَـهَــاءِ"
و وَقَـفَتْ، لَعَلَّهَـا، لِـمَقْدَمِي
جِبَـالُهَا السَّـوْدَاءُ في الخَـلَاءِ
تُـحِيـطُ بِي، حَافِظَةً لِضَيْفِـهَا
مِنْ عَـارِضِ الهُمُـومِ والـبَـلَاءِ
وزَادَتِ الـطَّبِـيـعَـةُ خَـنَـادِقًا
مُعْـظَـمُهـَا مَـغْـمُـورَةٌ بِـمَــــاءِ
وهَـبَّت العَـقَارِبُ سَـرِيعَـةً
مِن أبْـعَـدِ الأَنْحَاءِ والأرْجَاءِ
تُـشِـعُّ مِن زُبَـانِــهَـا لَافِـتَـةٌ:
يَا مَـرْحَبًـا بِقَـادِمِ "الخَضْـرَاءِ"
و"الغُولُ" (*) هَبَّ في الدُّجَى مُسْتَنْكِرًا
إزْعَـاجَ صَوْتِ ضِـفْـدَعٍ في المَـاءِ
مَا أكْـرَمَ "الغِيلَانَ" فِي "طَبَاقَةٍ"
تَـزُورُنِـي في الصُّبْــحِ و المَـسَاءِ
حَتّى المِيَـاهُ ، في "العُيُونِ" لُوِّنَتْ
بِأحْـمَرٍ و أَخْـضَـرِ الــرِّدَاءِ
والسَّمَكُ ،فِيـهِ ،بَدَتْ أفْوَاجُهُ
تَزُورُنِي، في مَسْكِني، في الـمَاءِ
إنِّـي نَسِيـتُ بَسْمَةَ"الـخَضْـرَاءِ"
في غَـمْـرَةِ التَّرْحِيـبِ في "الخَضْرَاء"ِ.
(*): الغـول: هو الثّعبان عند العُمانيّين.
حمدان حمّودة الوصيّف ... (تونس)
خواطر : ديوان الجدّ والهزل
((أريد شبرا لا أكثر)) بقلم الاستاذ داود بوحوش
((أريد شبرا لا أكثر))
أريد شبرا لا أكثر
على هذه الأرض
عساني به أفخر
بحثت في كل الإتجاهات
و لازلت بعدُ لم أعثر
كلما قلت ها خلُصت
تتعاظم القذارة إلى الأقذر
أريد بُرقة ضوء
و حفنةَ طُهرٍ
تدعوني إلى أن أشكر الله
حتّى لا أكفر
ذا العيد
على الأبواب قد أقبل
و الوضع في غ.ز.ة
آيل إلى الأعسر
و بنو الحفاة يسّابقون
من يشتري كبشا
ذا إلية أفخم
به يتباهى
لعله من جيرانه يسخر
فأنّى لنا اللّحم نأكل
و العدوّ رقابنا ينحَر ؟
أنا لا أريدُني رئيسا لا
و لا ملكا بالكِبْرِ أشعر
أريدني جنديّا
أريدني أشلاء شهيد
بها تربتي تُزهر
أريدني إكسير نخوة
تكسر الصّمت
تشحذ الهامات فتستنفر
أريد بناء
كفانا رُكاما، كفانا ما دُمِّر
نريد قدسا حيّة تُرزق
نريدها درّة حرّة
كفانا ما تجرّعنا حنظلا مُرّا
ابن الخضراء
الاستاذ داود بوحوش
الجمهورية التونسية
يا حب بقلم الأديبة آمنه المحب.
يا حب
بحبّك بحبّك بحبّك
بس الحب ما عرفتو،
وبرميل العسل فضي
والعسل ما دقتو.
مرّ الربيع بجنينتي
بس الورد ما شفتو،
وإجا الصيف بنارو
وقلبي كأني بالتلج تركتو ،
ولمّا الشتا بِبَردو وصل
فَتّشت عن نار وحطب
تإدفا ودفيت لكن قلبي
بالبرد والصقيع بعدو.
كل الفصول مرّت
بس أنا وين كنت
حتى ولا فصل عِشْتو؟
آمنه المحب.
في هذه الأيّام الجليلة المقدّسة بقلم الشاعر رشيد بن حميدة-تونس
في هذه الأيّام الجليلة المقدّسة
**********************
أكاد
لولا احترازي من إثم أرتكبه
أكاد أكتبني جرحا غائرا
لا يندمل..
أكاد
لولا إيماني بأنّ بعد كلّ عسر
يسرا
أكاد أسحبني إلى أخاديد
بها الأحزان
تعتمل..
لكنّني
في هذه الأيّام الجليلة المقدّسة
أسحبني نحو الضّياء
وفي حضن الإله أرتمي
يحدوني الأمل..
أنزّه الإله
أن يخيّب رجائي و للشّجن يهملني
فأكبّره..أكبّره
وأحمده
وأهلّل...
***********************
رشيد بن حميدة-تونس
في13-6-2024
يا ويلها الأم..في ليل الدجى..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
يا ويلها الأم..في ليل الدجى..!
إلى " نورس" حلق فوق صفحات البحار..ثم توارى خلف الغيوم..
يقولون أنك متّ يا غسان.. مُتّ..!!
متى وُلدت..!
متى عشت..!
متى رويتنا من غدير عينيك..!
متى رحلت..!
يا قرة عين محمد..
يا فاجعة سعاد..
يا زهرةً ما استدلّت النحلات لرحيقك..
متى حبَوت..!
متى مشيت..!
متى كبرت..!
متى..!
لا أذكر تاريخ مولدك..يا مهجة الروح..
بالأمس كان..؟
أم قبل ميلاد تاريخ وفاتك..
ذاك الذي دوّنته قبل ساعات..
حين أبلغوني أنك قد رحلت
أبكيت أمك..
أبكيت والدك..
تدري من هو والدك..
رجلٌ تمرّس على المآسي..
تهزّه الأرض هزًا..
أبكيت محمدًا يا ابن محمد..
أبكيت سيّدة النساء..
أبكيت أنجال الرجال..
أبكيت من أبكاهُم الفراق..
يا ويلها الأم في ليل الدجى..
يا ويلها صاحبة العزاء..
بالأمس وضعتك وليدها..
واليوم تُلبسها ثوب الحداد..
يا فاجعة بلدي..
يا زمنا كان بالأمس سعيدا ..
يا صبرًا سندعوه لقلبها..
يا قوةً سندعوها له..
يا غافرًا..
رُحماك له..
يا رحيمًا..
رفقًا بهم.
رفقا بي
رفقا بأمك التي أرضعتك لبنا طازجا
وعدت إلى الأرض طينا..
كما أنجبتك السماء
محمد المحسن
الكنعانيون باقون..وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد من جديد.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
الكنعانيون باقون..وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد من جديد..
"الخير أيضا مثل الشر – نزعة متأصلة في الإنسان»
– كل طفل فلسطيني يموت،تطلع من قبره ألف شمس جديدة تنشر نور الفكرة، فكرة الصمود المفتوح. فالحرية فكرة قد تمرض، ولكنها لن تموت..
أن تتداعى الصور الشعرية في ذهن الشاعر، وتخترق سجوف خياله مفصحة عن الوجدان وما يمور داخله من أحاسيس ومشاعر، فهذا يعني أن ما ستفرزه شاعريته، سيؤسس لوعي جديد تتأثث به عوالم النص وترتقي فيه اللغة إلى مرتبة الجمال والإبداع..
لكن..
الكتابة الشعرية في وجه من الوجوه هي ضرب من الشقاء والمعاناة تتراوح فيها الذات بين حالتين متنافرتين: قتامة وانكسار/قوة وانتصار..
ولو حاولنا استقراء الحالتين لتبين لنا أن للأولى دلالات تحيل على الذات المشروخة والمشظاة، حيث تبدو الصور الشعرية متسربلة بالألم، راشحة بالمرارة، جانحة في أبعادها إلى الاغتراب، وموغلة في سوداوية ورثناها عن ذاكرة مدانة تحطّ بنا كرها في مواقع مترهلة، تكشف عن تشاؤم دفين..
أما الحالة الثانية، فهي تلك التي تتجاوز فيها اللغة تحقيق المصالحة بين الإنسان والفرح ليكونَ التألق في رحاب شعرية مشرقة ومضيئة تنحى صوبَ الجمال وتعانق الأفاق المستقبلية بكل أمل وثبات..
إننا إزاء حالتين متناظرتين تتنافر فيهما الصور وتتعارض.. أفلا يمكن إيجاد مصالحة بينهما تقوم على التناغم بين: ثنائية التوتر بين الذات والموضوع، والكائن والممكن، على نحو يقترب فيه النص الإبداعي من الشمولية، دون أن يشذّ عن الحدود التي رسمناها، أو تلك التي أملاها الواقع؟ وبسؤال مغاير أقول:
ألا يمكن أن تكون الكتابة الشعرية جامعة توحّد بين قطبين نائيين: تداعيات الراهن.. وتجليات المدى المنظور.. فنكون بذلك قد أسسنا لوعي جديد يبدأ من الذات ويؤسس للكون في تواصل جمالي خلاّق؟ ألسنا إزاء تغييرات في البنى الاجتماعية والثقافية بالنظر إلى ما تطرحه العولمة من تحديات في ظل احتدام الثقافات وتنافسها، إلى حد يحيلنا على وضع تبدو فيه البكائيات والمراثي المألوفة واستهجان الواقع المترهل، من ضروب التقوقع والانغلاق على الذات؟ ألا تفرض علينا الثقافة الكونية نصوصا شعرية ذات شمولية فنية مفعَمة بدفء الكلمة ونبل السؤال وجمال الحيرة، تؤسس الذات وتساعد على استجلاء المضمون الأدبي والفني بتفاؤل خلاّق، لنواجهَ عبرها عالما ما فتئ يخيّب الآمال ويثير الفوضى في وجه الوجود؟ ألم تكن أشعارنا المحدثة في معظمها تنحو للغرابة والغموض، وما الغرابة إلا دلالة على الغربة عن العالم وانعطاف، يستحيل نوستالجيا -لا يخطو على درب الآتي الجليل، بل يترجرج إلى الماضي في حنين سئمناه؟
إن هذه الأسئلة التي طرحناها لا نروم من خلالها التأسيس لواقع مغاير لمنطق الأشياء والكون، بقدر ما نهدف إلى صياغة هذا الواقع في نصوص إبداعية ترنو إلى أفق مغاير يتفتّح باستمرار ويؤسّس دفقا موصولا ضمن تواصل موضوعي، يحقّق عبره المبدع شرط وجوده..
على سبيل الخاتمة:
يرى البعض أن الطبيعة البشرية من أقوى أسباب الصراعات الإقليمية والعالمية، وأن تاريخ الأمم هو تاريخ حروبها، وأن من طبيعة الأمور- من ناحية – أن يهيمن الأقوى على الأضعف ويستغله لصالحه، ومن ناحية أخرى فإن الصراع حتى بين الإخوة مغروس في الجينات البشرية، فقصة مثل قصة الأخوين قابيل وهابيل Cain And Abel – حين لم يكن على الأرض غير أسرتهما – إنما ترمز لوجود جين العنف في الإنسان. ويرون أن الصراع سيبقى ما بقيت البشرية، فلا أمل في التخلص من الاستعلاء العنصري أو التعصب العقائدي، وهما دافعان يبرزان في مقدمة دوافع الصراعات الطائفية والإقليمية، وربما دول الشمال مع دول الجنوب، بل دول قارة مثل أوروبا كما حدث في الحربين العالميتين في القرن الماضي، لكن من المعروف أيضا أنه كما يمكن إيقاظ الأحقاد إلى حد سفك الدماء بين الإخوة، حيث تكون هناك تفرقة في المعاملة بينهم، على نحو ما حدث في القصة الدينية: قصة يعقوب ويوسف وإخوته، وفي قصة قابيل وهابيل من قبل، فإنه يمكن وأد هذه الأحقاد حين تكون المساواة أساس المعاملة. كذلك الأمر بين الشعوب، يمكن بآليات محددة إثارة الفتن بين مختلف طوائفها أو مع جيرانها (وهو ما حدث في التاريخ نتيجة مؤامرات داخلية أو خارجية) ويمكن تغليب ثقافة احترام الاختلاف، وتغليب العوامل التي تجمع على تلك التي تفرّق بدءا من التعليم والمنابر العقائدية حتى وسائل الإعلام والقنوات الفضائية. فالخير أيضا – مثل الشر- نزعة متأصلة في الإنسان.
أخيرا:
الشعر في الأصل بوح ذاتاني يعبّر عن علاقة وجدان الشاعر بوجوده، من خلال أحلام اليقظة واقتراح عوالم خاصة يصنعها الخيال الشجاع واللغة الجسورة الماكرة. فالشاعر يمثّل هويته الخاصة أولا، حتى لو عاش في جزيرة معزولة فهو خارج عبودية الزمكان والإرادة الخارجية. فرسالته جمالية فنية في جوهرها. وبما أنه مرتبط بنسيج أمته وهموم مرحلته بالضرورة فمن الطبيعي أن يشارك شعره في الدفاع عن مأساة الجرح القومي فيرقى بشعريته إلى فضاء إنساني يسهم في وقف محاولات الاستبداد. كل المحاولات العولمية الساعية إلى تفكيك الروح الجمعية وتذويب خصوصية الشاعر في ماء عكر هجين ستبوء بالفشل، لأن كينونة الشاعر تأبى الاتباع والامتصاص. أما موقف الشاعر من محاولات طمس الهوية الفلسطينية فهو واحد في العالم كله. إنه الرفض الكلي. فالشعر دفاع فطري عن هوية الإنسان وخصوصيته، وهو ضد اقتلاع الجذور. وعليه فإن كل طفل فلسطيني يموت تطلع من قبره ألف شمس جديدة تنشر نور الفكرة، فكرة الصمود المفتوح. فالحرية فكرة قد تمرض ولكنها لن تموت. فالكنعانيون باقون وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد، إلى أن تموت البشرية. لفلسطين حضورها التاريخي الحضاري قبل من يحاولون سرقتها.
الحياة نفسها تستغيث بأطفال فلسطين ليعلموها فن الأمل. ألم نلاحظ أن مئة سنة من التشتيت والتهجير والإبادة قد فشلت في ساعة واحدة فصحا العالم من غيبوبته الطويلة ووقف على الحقيقة؟
وبسؤال مغاير أقول :
أليست فلسطين قصيدة أزلية،ينحني لها التاريخ احتراما..؟
ويظل السؤال محلقا في تعاريج المدى..يعانق أرواح الشهداء..
محمد المحسن
الثقافة هي مؤسسة انتاج المعنى..وانتاج القوة بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
الثقافة هي مؤسسة انتاج المعنى..وانتاج القوة
-إنّ الثقافة العربيّة تراثٌ وليست إرثًا، فالموروث معرض للضمور والتلاشي والزوال، أمّا التراث العربيّ فهو نبض الأصالة الماضية في حاضر يعد بالخروج على الانبطاح والتبعيّة..( الكاتب)
العولمة هي نظام انتاج المعرفة والتبادل والمواصلات، او انها شكل الانتاج والتداول والاتصال والتواصل والانتقال عن طريق الحاسوب والذي يعمل بسرعة الضوء. فالثورة العلمية والتكنولوجيةهي ثورةعلميةلانها تحيل اي معطى الى معلومة رقمية، وكونها ثورة تقنية لانه يتم نقل المعلومة بسرعة الضوء.
العولمة تقوم على الانتاج الالكتروني والاقتصاد الناعم والعمالة المعرفية، او عمال الاعلام حيث يردمون الهوة بين العمل الفكري والعمل اليدوي. في ظل العولمة تحولت العلاقات بين البشر الى علاقات افقية بعد ان كانت قائمة على التراتبية الهرمية العامودية. وهكذا انهارت بفضل العولمةالمؤسسات الايديولوجية الشمولية القائمة على التراتبية الهرمية والانضباط الحزبي الصارم لصالح فردانية الانسان من خلال العلاقات الافقية المباشرة.
فالعولمة قضت على فكرة المثقف النخبوي والطليعي والرسولي، وفي ظل العولمة اصبحت المعرفةهي مصدر للثروة وللسلطة. ان سقوط تجربةالاتحادالسوفييتي والدول الاشتراكية ادى الى ظهور ازمة هوية. الهوية هي الذاكرة حيث تشظت الهوية في زمن العولمة، حيث تحولت الهوية الى هوية مركبة ومعقدة ومتغيرة. وادت الى موت الجغرافيا، فاصبح نشاط الانسان عابرا للقارات وللحدود السياسية والسيادية للدول ولنقاط الكمارك. بضغطة زر الحاسوب تنتقل الاموال من مصرف الى اخر عبر المحيطات. واصبحت بورصات السندات والاوراق المالية والعقارات وبورصات البترول والغاز تدار عن طريق الحاسوب.
الهوية في زمن العولمة لم تعد تقوم على رابطة الدم او القرابة او القبيلة، او القومية والعرق، او الارض. انها نوع من الهويات القائمة عن بعد حيث تجاوز نظام المعلومة والبريد الالكتروني والاقتصاد الناعم حدود الدول القومية. ان فتح الحدود بين الدول بفضل العولمة انتج هويات هجينة او مولدة.
فهنالك الملايين من الناس الذين يملكون اكثر من جنسية واحدة ويتكلمون باكثر من لغة واحدة ويسكنون في اكثر من بلد واحد ويديرون اعمالهم من اكثر من بلد واحد. وبذلك اصبح الاقتصاد اقوى من السياسة واصبحت الشركات الاقتصادية العملاقة تفرض توجيهاتها على السياسيين. واصبحت الشركة اقوى من الدولة.
في عصر العولمة تغلبت الصورة على الفكرة والرسالة وتغيرت العقائد والايديولوجيات القديمة.
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:
كيف يمكن مواجهة الإختراق الثقافي الكوني في ظل راهن يتعولم إقتصاديا وسياسيا..؟
هل ندير ظهرنا لهذا الغزو العولمي في حركة إستعراضية مشفوعة - بإنتحار حضاري- أم نواجه ما بات يهددنا بإعتماد ثنائية المحافظة على الذات والتفتّح على الآخر؟
كيف يمكن خلق توازنات تحمي أجيال المستقبل من مداهمات الثقافة المعولمة واختراقاتها في ظل هذه الثورة الإتصالية الوافدة من الغرب وما يتخللها من تنميط سياسي متعدّد الوسائل والأشكال..؟
ألسنا مدعويين هنا.. والآن إلى لحظة مكاشفة صادقة مع النفس لتجاوز مطباتنا وتفعيل واقعنا وعقلنة ملامح المستقبل..؟
إنّ الخوف من غزو ثقافي كوني لم يعد له مبرّر وهو ليس من قبيل الأوهام التي تعودنا عليها، بقدر ما هو حقيقة ثابتة ومؤكّدة أملتها ظروف وملابسات تاريخية لها عميق الأثر في واقعنا العربي خاصة والدولي عامة نورد منها ما يلي:
- انهيار القطب الإشتراكي وتفكّكه وما تلاه من انهيارات متلاحقة أصابت دول المنظومة الإشتراكية مما أفضى إلى تحكّم الرأسمالية المعولمة في إقتصاد الدول النامية واخضاع هذه الأخيرة لتبعية إقتصادية موغلة في التسلط والإستغلال..
- في عالم الثقافة الكونية هذا، برزت شركات متعددة الجنسيات تستغل في صالح المصالح الإقتصادية الكونية، وهذه الشركات أقوى من الدولة حيث تفوق ميزانياتها الدخل القومي لكثير من الدول النامية، وقد ملأت الحيز الثقافي في إعلامنا واستطاعت تلوين العالم بأفكارها وثقافتها..
- اتفاقية- الجات- التي تحوّلت إلى منظمة عام 1995 وأصبحت تبعا لذلك ضلعا أساسيا في مثلث الهيمنة الغربية (صندوق النقد- البنك الدولي- الجات) وهذه الإتفاقية تفسح المجال للغزو الثقافي الأمريكي والغربي عامة الذي أساسه إنكار وإقصاء الثقافات القومية للشعوب الأخرى، وبالتالي أمست تشكّل تهديدا خطيرا لثقافة وتطوّر العالم النامي في كافة المجالات الأخرى.
- في ظل العولمة ومع توقيع إتفاقية- الجات- أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات ومنها- والت ديزني- أقوى من الدول بعد حدوث إنفصال بين المصالح الإقتصادية العملاقة والأنظمة السياسية المحلية، وأصبحت تبعا لذلك تمارس ضغوطا من أجل التأثير على القرارات السياسية الداخلية في الدول التي تمارس فيها أنشطتها..
- نجاح العولمة في خلق أجيال كونية منبهرة بالسلعة الثقافية الأمريكية الأكثر إبهارا، الشيء الذي يهدّد بتخلّف صناعة السينما لدينا وغيرها من الصناعات الثقافية..
إنّ لهذه المعطيات التي ذكرناها عميق الصلة بخلخلة الواقع العربي وجعله ينوس بين طرفي الإنغلاق والإنفتاح دون الإلتفاف حول هذا الواقع وعقلنته بما يؤسّس لإستحضار الذاكرة لدى الإنسان العربي، ولعل في قولة فلاديمير لينين خير دلالة لما نحن بصدد الإشارة إليه:”شعب بلا ذاكرة، هو شعب لا مناعة له”..
فكيف يمكن في ظل الراهن الثقافي الكوني تأكيد الذات وإثبات الهوية والمحافظة على الأصالة بما من شأنه أن يبلور الصورة الحقيقية لحضارتنا..؟
هل نحن مطالبون وأمام المد الكاسح للتكنولوجيا من جهة، والعولمة من جهة أخرى، بإعادة البناء الفكري للمجتمع عبر استحياء الماضي ومصالحة الراهن واستشراف المستقبل؟..
ألم نفرّط في مكاسب حضارية كانت ستضعنا في مرتبة الدول المتقدمة استهدفتها بواكير النهضة في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر:محمد عبده- جمال الدين الأفغاني والكواكبي.. فكيف نسينا التاريخ وقد ولجنا قرنا جديدا وصافنا ألفية ثالثة!؟..
إنّ إقصاء الأنا.. للآخر وانغلاقه على ذاته طمس للهوية الفاعلة والمؤسسة، كما أنّ الإنفتاح المحافظ على الأصالة والحضارة العربية تأسيس للذات، ولذا بات لزاما على المثقفين العرب خاصة وعلى الشعوب العربية عامة إعادة النبض إلى التاريخ والعكس صحيح، وذلك من خلال فعل المواطنة وتجذير قيم الهوية بإعتماد التنمية الثقافية للمجتمع كشرط أساسي لنجاح التنمية في كافة مجالات الحياة، ثم المساهمة بشكل فعّال في بناء بعد الذاكرة العربية والسعي لصياغة الواقع العربي الراهن وفقا لمقاييس التقدّم قصد الإنتقال من الوضع المتخلّف حضاريا، إلى الوضع المحقّق لإنسانية الإنسان..
على سبيل الخاتمة:
تحاول العولمة محاصرة الثقافة وقنص تراث الأمم،وإلغاء الفعل الثقافيّ والفكريّ، واغتيال العقل الحداثيّ الإبداعّيّ،ومن ثمّ فرض أحادية ثقافيّة تلغي الخصوصيّات الثقافيّة القوميّة. والظاهرة الأكثر خطورة هي السيطرة الثقافية، وفرض الهيمنة غير المرئية على العقل الإنساني. والمجتمعات لاتموت، و لا تتلاشى إلا بخسارة قدرات أبنائها الفكرية؛ لأن تفريغ الأمة من مقوّمات وجودها الثقافي، يفقدها مبرر وجودها و يؤدي إلى خسارة هويتها الذاتية؛ لتتحوّل إلى مجهول تابع في المعادلة الجديدة.
ضمن هذه المعادلة الصعبة تبقى الثقافة، وحدها، قادرة على الوقوف في وجه مخططات العولمة السلبية، فالتحصين الثقافي الذاتي لكلّ أمة ضرورة حتمية يضمن بقاءها بفضل قدراتها الإبداعية. و التحصين الثقافي مرتبط بقوة الفاعلية اللغوية للأمة، والفاعلية لا تنفصل عن الأصالة و القدرة على التطور والارتقاء، والأصالة تتجدّد بحداثة يدعو بعضهم إلى نفيها وهم يجهلون تاريخ ميلادها الفعليّ.
إنّ الثقافة العربيّة تراثٌ وليست إرثًا، فالموروث معرض للضمور والتلاشي والزوال، أمّا التراث العربيّ فهو نبض الأصالة الماضية في حاضر يعد بالخروج على الانبطاح والتبعيّة، والخروج مشروط بنشاط مثقفين عرب يسعون إلى تجديد الفكر العربيّ من داخل التراث وإحياء عناصره الحيّة وتلقيحها بفكر وافد فيكون تفاعل ينتج تراثًا جديدًا بلغة عربيّة قادرة على تدوين العلوم والمعارف والتصوّرات والرؤى والتطلعات..
محمد المحسن
حين تجترح الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود..أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه..( قصيدة-هنا..كنا-نموذجا) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
حين تجترح الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود..أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه..( قصيدة-هنا..كنا-نموذجا)
-ان المتلقي الابداعي لا يقبل من الشاعر بأي شيء على أنه شعر وجمال وابداع ما لم يحرّك فيه الذكريات البعيدة،وتستفزّ حاضره، مما يجعل المتلقي يقوم بتحليل وتقييم ما يقرأه بروية وقياس كمية الابداع فيه،وهذا ما لمسناه في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة- فائزة بنمسعود.." هنا..كنا " ( الكاتب)
-إن القصيدة هي عبارة عن حلم عميق لا شعوري،يجب قراءة هذا الحلم بما يتناسب مع كمية الجمال المنبعث من داخله،وتقديمه بصورة تكشف للمتلقي جميع مغاليقه،وتشير الى مواطن الجمال فيه،والإمساك بيد المتلقي وأخذه الى ضفاف هذا الحلم..( الكاتب)
الشعر هو فن التعبير الذاتي ،وكلما أتقن الشاعر التعبير عن ذاته ،تأثر الآخر به وتماس معه ،فتتسع الحالة الذاتية لتصبح توجه تعبيري عام.
فالشعر خاص لكنه يعبر عن التشكيل الوجداني العام،عن ديناميكية الذات وتمردها والرغبة و المكاشفة والتحرر..
ويعدُّ العنوان عتبة مهمَّة من عتبات النص،سواء كان هذا النص نصًّا شعريًّا أم نصًّا نثريًّا، ولقد اختارت الشاعرة التونسية د-فائزة بنمسعود عنوان قصيدتها "هنا..كنا"، وهذا يؤكد على اختيار هذا المكان وأهميته لتجاوره للقلب في المكانة والأهمية، ولدمج المكان مع القلب؛للتدليل على حبِّ العشق في أبهى تجلياته،سيما إذا كانت "الحبيبة"ترقد في الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..
كما سرَدت لنا الشاعرة بكل حِرفية،وترَكَتنا نقرأ وكأنها تتحدث عن معشوقة أبدية..تركت عطرها وتوارت خلف الغيوم:"ضمها القبر/ وترفق اللحد وطواه/ وما رف جفن الموت خجلا/ من لوعة العاشقين/ ما قاسمني لوعتي ومصابي/ سرق مني حبيبتي/ ورماني على رفوف الفاقدين.."
إنّ القصيدة هي عبارة عن حلم عميق لا شعوري، يجب قراءة هذا الحلم بما يتناسب مع كمية الجمال المنبعث من داخله، وتقديمه بصورة تكشف للمتلقي جميع مغاليقه،وتشير الى مواطن الجمال فيه، والإمساك بيد المتلقي وأخذه الى ضفاف هذا الحلم .
لذا على الناقد ان يقوم بتفكيك وإعادة تركيب وقراءة الأفكار فيه حتى يصل الى معرفة الغايات التي جعلت من الشاعر يصرّح بمكنونات ذاته، والغوص في اعماق هذه الذات .
ومتى ما تعاونت فيما بينها مكونات الذات (الهو / الأنا / الأنا الأعلى)، تمكّن الفرد من أن يمارسَ نشاطاته الفعّالة والحيوية بطرقة مجدية في البيئة التي هو فيها..
إنّ الغاية من هذه النشاطات هي من أجل ارضاء الحاجات واشباع الرغبات الاساسية، أما اذا اضطربت حينا ستضطرب هذه الاجهزة الثلاثة للشخصية، وأصبحت متذمرة وغير راضية عن نفسها وعن العالم الذي تعيش فيه .
ان المتلقي الابداعي لا يقبل من الشاعر بأي شيء على أنه شعر وجمال وابداع ما لم يحرّك فيه الذكريات البعيدة، وتستفزّ حاضره، مما يجعل المتلقي يقوم بتحليل وتقييم ما يقرأه بروية وقياس كمية الابداع فيه، وهذا ما لمسناه في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة- د-فائزة بنمسعود .
وبالعودة الى قصيدة الشاعرة: د-فائزة بنمسعود / هنا..كنا/ ،من ارتباك الصوت نستشعر بوجود الذات الشاعرة، مما يجعله صوتا متميّزا بالعذاب والخيبة والخسران والتشظّي،وحينها سنتيقن بحضورها القوي والمميّز، فربما هناك مفردة او عدة مفردات سقطت في بئر المتلقي العميقة تمكّنه من لملمة ما يستطيع لملمته وحسب ذائقته، فتثير فيه الكثير من الصور والمشاعر والاحاسيس،ودون ان تستنفذ طاقاتها او تخبو اشعاعاتها .
انّ جوّ النسيج الشعري عند الشاعرة نجده مشحونا بزخم شعوري عنيف وذات قلقة تبحث عن الخلاص، فمثلا نجد بأن الشاعرة قامت بتكرار المفردات التالية لأكثر من مرّة / القلب:ثلاث مرات/ حبيبتي: سبع مرات/ العشق..والعاشقين: أربع مرات/ الشوق: مرتان..
ليس اعتباطا الشاعرة هنا استخدمت وكرّرت هذه المفردات، فربما لا شعوريا سقطت وتكررت داخل نسيجها الشعري لا شعوريا أو عن قصد، لشحن هذا النسيج بزخم شعوري عنيف،فلو دققنا النظر في هذه المفردات واستمعنا بهدوء الى ما ينبعث منها ويشعّ في نسيجها الشعري وخصوصا من ايحاءات العنوان: هنا..كنا.. لكشفت لنا القصيدة عن مكنوناتها الملغزّة وباحت لنا بكلّ بوحها دفعة واحدة .
من خلال العنوان نجد هذا الزخم الشعوري متمثلا بلغة تجريدية مدهشة، فالعنوان هنا لا ينقل لنا معنى صريح وواضح، ولكنه ينقل لنا كمية هائلة من المشاعر والاحاسيس، كما يعبّر عن الحالة النفسية والمزاج،نتيجة ما تعانيه في واقعها الأليم، فربما هو يعبّر عن حالات من التذمر والحزن، ومن خلال نبرات ونغمات نستشعرها بين ثنايا القصيد هذا-الحزن الهاجع خلف الشغاف- نستطيع ان نعرف ماذا يعني وماذا وراءه من مغزى ومن دلالات، هل هو دليل عن الحزن او الفقد او الغربة والضياع، هل هو الشكوى مما تعاني من آلام أو هو البحث عن العزلة والانطواء على الذات في ظل غياب"حبيبة"خطفها-قسر الإرادة-موت عديم الرحمة ..؟؟ .
وتبدأ الذات الشاعرة بعزف أشجى موسيقى تعبيرية تحاول من خلالها بثّ مواجعها وأحزانها-بضمير الآخر (هو)،من خلالها تحاول ان تعبّر عن الجانب الشعوري العميق المتغلغل في روحها المنكسرة، فمن خلال مفرداتها تتهادى إلينا نغمات موسيقاها شجية، هذه المفردات استطاعت ان تنقل لنا هذا الشعوري الداخلي لديها، نقلت لنا هذا الزخم الشعوري العنيف بصدق ووعي، مما جعلها تغزو اعماق المتلقي وتستفزّه..
لقد جاءت هذه المشاعر تحت تأثير حالة نفسية ونتيجة ظروف قاهرة خارجة-حتما- عن إرادتها: "وكنت/ أناديها حبيبتي/ والى هناك رحلت/ وما زلت أناديها حبيبتي لا شيء تغيّر/ عدا قلبي المفجوع تجمّد نبضه/ واختلت دقاته/ قلب فرّ من سجن الضلوع/ وتاه في الدروب والميادين/ يتصفح وجوه العابرين/ ويتهجأ العناوين/ وببراءة الحيارى وعفوية المعتوهين/ يسأل:هل رأيتم حبيبتي/ حبيبتي شامة وخال/ على الكتف اليمين/ كنا هنا بين الخمائل/ والبساتين/ كنا نؤوب مع النوارس/ ونشدو مع الحسَاسين كنا نوضب الشعر باقات/ بعطر الياسمين/ ونهديها لليائسين كنت أناجيها/ و حبيبتي أناديها/ وتجيب بين قبلة وامنيه/ زدني عشقا/ يا سلطان العاشقين/ هنا كنا/ هنا شربنا دموع الشوق/ والقدر راضٍ عنا/ وكنا له من الشاكرين/ كنا هنا/ واختارها الموت حبيبة/ من بين الآلاف والملايين/ وقلبي يحدثني انها أشعلت الجنه حبا/ واخمدت نار الجحيم/ ضمها القبر/ وترفق اللحد وطواها/ وما رف جفن الموت خجلا/ من لوعة العاشقين/ ما قاسمني لوعتي ومصابي/ سرق مني حبيبتي/ ورماني على رفوف الفاقدين/ دثّرني بالأحزان/ وعمّدني بالشوق والحنين/ خدعتني ساعات الصفاء/ وما كنت الا من زمرة الغافلين/ الذين أمِنـوا شر الزمان/ وما كانوا من المحترسين/ ولغدر الزمان أنياب/ إذا كشّر عنها/ أصابت من الروح مقتلا/ فاحذروا أيها العاشقين…"
لقد جاءت قصيدة الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود بأنظمة نصّية متعددة ومتناسقة ومتناغمة فيما بينها، وكذلك بزخم شعوري عنيف وبعمق تجريدي وتعبيري وحّد مكونات القصيدة .
تناوبت في هذه القصيدة السردية التعبيرية لغة التجريد واللغة التعبيرية والسرد المشحون بالزخم الشعوري،وبلغة قاموسية بألفاظ تعكس ما في روح الشاعرة وما في روح القصيدة، فخلقت لنا بذلك صوراً حيّة برّاقة وببوح عميق .
اللغة هي الوسيلة الأولى لعملية التواصل مع الآخرين،غير أنها تتعدَّى وظيفتها الاجتماعية المحدودةَ هذه، فتشكِّل الأساس في عملية بناء القصيدة؛إذ تمثِّل الطريق الموصلة بين المبدع والمتلقِّي، فتؤدي بذلك وظيفةً أخرى، تتمثَّل في إيجاد روابطَ انفعالية بينهما، فتتَجاوز بذلك لغة التقرير إلى لغة التعبير، وتسعى للكشف عن العواطف والأحاسيس،والانفعالات الكامنة في قلب الشاعر، ومحاولة إيصالها في نفس المتلقي.تختار-د-فائزة بنمسعود-من اللغة وإيحاءاتها، وتولّد منها ما قدرت على التوليد، لا لتأتي بمعانٍ يجهلها الناس تمامًا،ولكن لتصور الواقع كما تراه من زوايا متفردةٍ تدهش المتلقي وتجعله يعيش إحساسات جماليةً لا تنتهي، وحجارة هذا البناء الموضوعيِّ الألفاظ،إلا أن الألفاظ في الشعر تومئ إلى ما وراء المعاني، فتُضيف إليها أبعادًا جديدة، وبذاك تتجدد وتحيا، وبغير ذلك تذبل وتموت؛إذ نجد ألفاظها تقدِّم صورة إنسانية وفنية بغرَض إماطة اللِّثام عن هذه الألفاظ.
تعد العملية الإبداعية في حقيقتها نفاذا إلى واقع متخيل، أين يستطيع الشاعر تحويل أخيلته إلى نوع جديد من الحقائق التي تكون انعكاسات قيِّمة لواقعه الذي يمثل مسرحا لتجربته الفنية، فتكون رؤية الشاعر لهذا الواقع مختلفة تماما عما يراه الناس، فهو لا يكتفي بحدود واقعه، بل ينفذ إلى عمقه متخطيا النظرة السطحية إلى نظرة مرتبطة بالكشف والتجاوز، و"هنا..كنا" هي صورة أليمة تترجم بعمق أحاسيس من فقدوا أحبتهم في زمن مفروش بالرحيل..
ختاما أقول :
إن الإبداع هو أن يأتي المبدع بما لايستطيعه الآخرون ،أن يأتي بالجديد المدهش وألا يهتم بالشكل دون المضمون.وكلما امتلك المبدع آليات الشعر استطاع أن يخرج بنصه في إطار جمالي يتسم بالإيحاء والتلميح لا التصريح.
وهذا ما تميزت به الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود فقد استطاعت أن تعبر عن القضايا في إطار جمالي وبتكثيف وتلميح،مستخدمة الصور الفنية الخلاقة..
وفي هذه القصيدة تظهر لنا،كما لم تظهر لنا من قبل،ولأن الأحداث المفجعة تجبرنا على الابداع،فإن قريحة -د-فائزة-قد اجترحت أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه، فكتبت بحبر الروح..ودم القصيدة
وأترك للقارئ الكريم أحقية التفاعل والتعليق..
محمد المحسن
في إطار الإحتفال بشهر التراث ينظم أحباء نادي الشباب الريفي بالمش هذا الصباح 13 جوان 2024 تظاهرة تنشيطية بعنوان:" نفحات تراثية...من المش البربرية " في دورته الثانية.
في إطار الإحتفال بشهر التراث ينظم أحباء نادي الشباب الريفي بالمش هذا الصباح 13 جوان 2024 تظاهرة تنشيطية بعنوان:" نفحات تراثية...من المش البربرية " في دورته الثانية. و هذا جانب من نشاط المعارض و الورشات الحية لفقرات التظاهرة التنشيطية.
مرفوقة بزيارة السيد معتمد المكناسي و سادة من المجتمع المدني و بعض المسؤولين.
من صفحة قرية المش
أمر جلل*** بقلم الشاعر عمار العوني
***أمر جلل***
جاءت بكل تلك الأبّهة..
وخطّت على الروح قلبا..على عجل..
ثم رفّت حول هامته
فأحيت شعورا كان أفل..
يا رب عشق كان مواتا..
أحيته رفّة فعاد يطلّ..
ويا أيها المحبون هل رأيتم في مواجعكم
نحلة تحنو على رجل؟
-عمار العوني-
...عجائب... بقلم الأديبة... جميلة بلطي عطوي
.....عجائب.......
كلما هزّني العجب أحفر عمق الزّمن ، أبحث عن رصانة الأيام في ذاكرة الوقت ..ذاك الوقت المتلوّن بحكايا الطّفولة .زمن يهوى طريق المروج ، يروم قطف النّرجس لينسج طوقا تعلّقه الشّمس على مدار السّاعة .شمس لا يرهبها الغروب .إنّها القادرة على ترويض المسافات وكبح الظّلال كي يظلّ طريقها مشكاة نور لا يدركها الأفول . كم أهواك أيّها الزّمن الهارب .اعلم جيدا أنّك تستقي البقاء من شريان ذاكرتي وانّك تهوي شغبي الطفوليّ فتعلّق أشواقك على أرجوحتي الحالمة .
أناوانت صنوان تاكلنا عجائب واقع مهين ، عجائب مما لا عين رأت ولا أذن سمعت لكنّنا في كلّ مرة ندحرج الصّخرة ونتجاوز العقبة فتشرق شمسنا من جديد ..أتعلم أنني كلّما حفرت فيك اعتلت بي الكثبان نحو المطلق فأراني على صفحتك رسما بفرشاة لا يحسن مسكها سواك وسواي . معا نرسمها اللّوحة . في مباهج قزح نسقط العجب ونعود بصفاء اللّحظة كما تشتهيها النفس وينتشي بها الكيان .
تونس....12/ 6/ 2024.
بقلمي ... جميلة بلطي عطوي
"فَقْدٌ أفْقَدَنِي الرَّشَدَ" بقلم الشاعر محمود بشير
فَقْدُ رفيقَةِ دربِي المرحومةِ
"نجِيَّة إسماعيل درويش"يوم 2024/4/27 أفْقَدَنِي الرَّشَدَ.
"فَقْدٌ أفْقَدَنِي الرَّشَدَ"
ربِّي بُلِيتُ بِفَقْدٍ أفْقَدَ الرَّشَدَا
في العَيْنِ حَلَّ سُهاداً يزْرَعُ الرَّمَدَا
خَرَجَ الحبيبُ وما نادَىٰ يُوَدِّعُنِي
قدغَضَّ طَرْفاًفأبقَىٰ الشَّوْقَ مُتَّقِدَا
ما خِلْتُ يوماً بأنّ الخِلَّ يسْبِقُنِي
خِلْتُ الخليلَ يُجارِي خِلَّهُ الصُّعُدَا
لو بانَ مِنِّي خِصالٌ كانَ يأنَفُهَا
لَاجْتاحَ نفسِي عذابٌ زادَ ما خمَدَا
ربِّي أجِرْنِي فحُزْنِي اليومَ يُعْجِزُنِي
والدّارُ ثَكْلَىٰ فمَنْ يحْنُو يمُدُّ يدَا ؟
شُلَّ اصطِبارِي فكيفَ الخِلُّ أُدرِكُهُ
اَلخِلُّ غابَ ويُفْتَىٰ أنَّهُ فُقِدَا
قلبِي دخَلْتُ ولم أعْثُرْ علىٰ أحَدٍ
إلاَّ "نجِيَّةَ"آواهَا وقدْ سَعِدَا
كانتْ عَطاءً من المَنَّانِ تَمْنَحُنِي
عَيْشاً هنيئاً مَريئاً سائِغاً رَغِدَا
واليْوْمَ أمْضِي ولا خِلٌّ يُؤَانِسُنِي
أينَ المآلُ ومن رافَقْتُ قد بَعُدَا ؟
ربِّي أعِنِّي فإنِّي هدَّنِي كَلَلٌ
مالِي سِوَاكَ فَكُنْ يا رَبِّ لِي سَنَدَا
محمود بشير
2023/6/10