الثلاثاء، 13 فبراير 2024

حُزْن ٌمِنْ صُرَّة الهَابُوتَايْ ــــــ عبد اللطيف رعري


 حُزْن ٌمِنْ صُرَّة الهَابُوتَايْ ******************** شَكْلَةُ مفَاتِيحِي ليْسَتْ منْ نضارٍ

عِيَّارُهَا تَحْتَ الصِّفْرِ…
لكنْ في لمْلَمَتِها مِزْلاَجٌ منْ تِبْنٍ لمَدْخَلِ الَهاوِيَّةِ والتِّي قَدْ أدْخُلهَا لانِّي أحدَ أعْمِدةِ الضَيَّاعِ َ
وقدْ أتَجنّبُهَا لأنِّي لا أقْبَلُ دَوْرِي بَوَاباً لهَا..
ولا حتَّى بواباً لأحد..
فالأبوابُ حِينَ تُفتحُ لِغَيْرِنَا وَجَبَ عَلينا هَزْم رِتَاجِهَا….
طَمْس تَارِيخِها
وَلِمَا لاَ بثْرَ الأصَابِعَ التِّي صَنَعَتْهَا
حتَّى لا أجنّ وأقولُ :
إحْرَاق الغَابَة التِّي بِهَا نَشَأت…
شَكْلَةُ مَفَاتيحِي مِنْ فَخَارٍ
وعِيارُهَا فَوْقَ الصِّفْرِ ….
حِينَ تَتَعَطَّرُ بالتِّبْنِ كَذلكَ يَخْلُدُ الاوْلِيَاء لِنَوْمٍ عَمِيقٍ…
وتَتبَخْتَرُ بِالميَّالِ الفَرَاشَات المذْبُوحَة
عَلَى إيقَاعِ الطُّبُولِ
Bass drum
وغالباً ما أجْرُؤُ كَعَازِفِ أمَانْ علَى
عَقْدِ صُلْحٍ بَيْنَ الشَكْلَتينِ…
أحْياناً ولسوءِ تقْدِيرٍ مِنِّي
أجدُنِي مُضْطَرٌ لِمفْتَاحِ الرَّبطِ،
لأنَّ الأصْل
فِي جَيْبِ الشَّيْطَان
ويَدِي قَصيرةٌ جِداً…
بتُّ أَرْعَاهُ كَمَا أرْعَى دَمْعَةَ العَيْنِ
وهَالَتِي السَّوْدَاء …
مِنْ كَفْكَفَةِ الأيَادِي الجَامِدَةِ لِلْمَوتَى ..
منْ تُلْمَةٍ مُتْرَبَة فِي عُنُقِ الجَبَلِ…
مِنْ رَعْدَةِ رِيحٍ أزِيبِيَّة تَحْمِلُ سُحْقَ الحَجَرِ..
من غدْرَةِ عائنٍ لا يَرْحَمِ
لِتحُدَّ منْ تَدفُّقِ السَّرابِ أمامَ العُيُّونِ الزَّائِغَةِ فِي الوَرَائِيِّاتِ …
أتَجَرَّدُ حتَّى مِنْ عَرَائِي
أتَخَلَّى عَنْ بهائِي…
أهُدُّ الدِّنانَ الخشَبيَّة التِّي تَحْوِي عَرَقي …
أرَتِّقُ بعُرُوقِي ثَغْرَةَ الزَّمَنِ التَّليدِ …
أتَقَوَّلُ حَكْياً يَقُودُنِي لِمَخَافرِ
دَرَكِ القيَّامةِ..
وأرَقِّعُ فَرْطَقةَ الأفُقِ بِرُقْعَةِ الُّلوڤِيسْ
لِضَبْطِ حَرَارَةِ الوَقْتِ ..
أجْلَدُ حتَّى المِئة بِسَوطٍ الِمعْزَاءِ
ولا أبُوحُ باليدِ التِّي تَصْفعُنِي ..
أخْتَفِي عنْ حَاضِرِي في قَبْوِ الأزْمِنَةِ الغَابِرَةِ وأخرُجُ شَبَحاً ضاجّاً ..
كلُ هَذا سِيَّانٌ
مَادَامَ
بَابُ العَالَمِ السُفْلِي تَحْرُسُهُ كِلاَبٌ البُولْدوغْ …والجُثثُ مَجْرُورَة لِمجَازرِ الأيْتَامِ ..
آه ……
كمْ أنتَ عُدْوَانِيٌّ سَيِّدِي عَوْنَ النَّظَافَةِ
بِأزِقَّةِ المتَاهَةِ
ودُرُوبِ الحِرْمَانِ
والقَادِمِ مِنْ أرَقِ الشُعُوبِ
تَجُرُّ للْحَاوِيةِ الأسْوَدَ والأبْيَضَ
وَتَشْكُو وَسْخَةَ الأصَابِعِ وبُقَعِ الجَبِينِ
عُدْ لِلصَّوابِ
ثُبْ…ثُبْ…ثُبْ..
عُدْ للصَّوَابِ….
مَاخُورِ الأشْقِيَاءِ تَتَوسَّطُهُ حَدْبَةٌ خَشَبِيَّةٍ مِنْ نُتُوءِ البَوَارِ…
ولسْتُ منْ حَطَّ لهُ حَجَرَ الأسَاس….
ولاَ أنا المِقَصُّ الذِّي قَصَّ شَرِيطَ التَّدْشِينِ…
في الأَصْلِ
تُرْعَشُ الأبدانُ قَبْلَ خَوْضِ الظّلامِ
ترْثِيبِ مكْرِيَاتِ المُحِيطِ
لكنْ، شَطَّاحةُ المآسِي تَقُودُكَ بِعَيْنٍ بَلَاسْتيكِيَّة لِحجْمِ الخَسَارةِ…
قِنِينَةُ شَامبَانْيَا
وَمَزِيداً مِنَ المُسْتَهْلَكَاتِ….
إكْراميَّات بلاَ حِسَابٍ…
ولا تَسْأَلُونِي عَنْ صُبْحٍ قَادِمٍ…
الاحْتِمَالاتُ كلُّهَا وَارِدَة
منْ هَرْبَةِ العَاهِرَةِ بِالبِطَاقَةِ البنْكِيَّةِ
إلى آخِرِ سَطْرٍ فِي مَحْظَرِ الشُّرْطَةِ….
لَسْتُ مُجْبَراً علَى حَرْقِ مُسْوَدَّتِي باللَّفْعِ الأزْرَقِ لأَزُفَّ للْقَمَرِ شُيُوعَ الإغْتِصَابِ..
الوَجْهُ عُملةٌ صدَأتْ فَفرَّ مِنْها مَاءُ الحيَاءِ..
لا تُوقِفُنِي الحَسْرَةُ
بلْ تَتَقَاطَرُ مِنْ جُيُوبِي حُرُوف عَرَبِيَّة تَحْتَرِقُ ِبالأمْسِ تَهَلْهَلتْ أوْتَارُ قِيثَارتِي َ
تدَلَّتْ بُؤْبُؤَةُ عَيْنِي في الترَابِ
تَرَعَّدَتْ مُؤَخِرَتِي
ومِنْ تَحْتِي الارْضُ
رَاهَنَتْ علَيَّ الخَلِيلةُ بالمزْهُوِ المُعْتَادِ
وعَليَّ أمِّي بالمَصْعُوقِ بِلُهْبَةِ أهْلِ الحَالِ…!
وانا أراهِنُ علَىَ نَفْسْي
بصنِّيعِ التِّيهِ والضَّلاَلَةِ..
وياتُرَى الرَّبُ لَهُ مُجْمَلَ الرِوَايَة لِفَناءِ صَرْحِ الإخْتِلافِ َ
لسْتُ جُوكِيرَ المُفَاجَأةِ ولا لُغْزَ المُطَابَقَة
بَيْنَ إنْسَانيَّتي وإنْسَانيَّةِ الخَلْقِ..
ويَارِيتْ نُبُوءَة الأنبياءِ تَصْدُقُنِي لَهْفتِي
لِتَتْوِيجِي أكْبَرَ المَجَانِين
مَا كُنتُ مَشَّاءاً بيْنَ الضُحَى ودُجَى اللَّيْلِ،
أحْمِلُ دلْوَ ماءٍ ِللْجُدْعَانِ،
الهَاويَّةُ مِنِّي فِي البَدْءِ والخَتْمِ….
مهدَ التَّكْوِينِ ولَحْدَ التَّهوِينِ …
لهَا شِبْه نافِذَة مُطلَّة علَى المَوْتِ ..
لهَا وَادِي يَجْرِي بالدِمَاءِ..
لها أعْشَاشٌ تَنْمُو بِدَاخِلهَا الخُرافَة
لهَا قَبْرٌ جَمَاعِي ِللفَرَاشَاتِ البَلِيدِةِ..
لها صَخْرَة مَكْشُوفَة للرِّيحِ يحرُسُها سَادِنٌ مَجْنُون..
أنا أخْفَيتُ بِدَاخِلِهَا دِيوَانَ قَصَائِدِي…
بُندُقِيتِي…تَارِيخَ مِيلادِي…أسْمَالِي الحَرِيرِيَّةِ…. سَاعَاتِي روليكس.. فيستينا.. ….وكل أمتعتي… أمَامَ ممْشَى الجَبَّابرةِ للصَّلاَةِ…
تَكْثرُ قَوَافِلُ النَّملِ …
تَكْثُرُ الدَّعَوَات الوَاقِيَّة منْ سَقَمَاتِ الوجهِ.. وظُهرّانِ العَبِيدِ تَتمرَّسُ الإنْحِنَاء بِلاَ كَللٍ… كَسَنواتِ الهُزَالِ
الجُرْو يَنْبحُ خَارِجَ الدارِ
وصَاحِبهُ مِنْ وَراءِهِ بالعَصَا
خُرْدَة مِنَ الألْوَانِ
حَيَّاحَة فوقَ الرُؤوسِ..
الأبواقُ مهتَزَّة بالقَوْلِ الغَلُوطِ َ
طابُورُ اليَمِينِ عُمْيٌّ
وطابورُ اليسَارِ عَمْيَاءُ…
والأكُفُ للضَّرَاعةِ..
المُسَرْبَلُونَ بالجِلْدِ
والمُبَرْطَلُونَ بالذهَبِ والمُجَْوهَرَاتِ…. والمِظليُّونَ…
والخيَّالة وأصْحَابَ اليَمِينِ…
والمسنتَرُون أسْفَلَ الجبَلِ وأعْلَاه..
وأشْبَاهُ الرِّجالِ ..
وجَوَاسِيسُ العَهْدِ الجَدِيدِ…
زَغْرِدِي يَا أمَّ البَنَاتِ وَسَطَ الحَرِيمِ …
مِبْخََرَتُكِ بالعُودِ الشرِيفِ
في كوَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ
النَّوَاقِيسُ ألمعُ مِنْ عَيْنِ الشَّمْسِ
الحَظُّ يَقْتَرِبُ…
. كُلَّمَا دَنَوْتُ منْ هَاوِيتِي
أفْتَقِدُ عُلْيَائِي وتَمرُّدِي
تُشَاطِرُنِي أطْيَافِي لَحْنَ الهَجِيرِ …
المَسَافةُ ضَوْئيَّة تَطْوِي الذِّكْرَياتِ
تَذَّكَرِي جَيِّدًا سَيِّدَتِي امُّ البناتْ
منْ صُرَّة الهابُوتَاي (الحرير) َ
تسْقُطُ دَمْعَة
يَسْقُطُ حُزْنٌ……
عبد اللطيف رعري مونتبولي12/02/2024

رياح أواخر الخريف ــــــــــ سهام بن جويدة


 **رياح أواخر الخريف **

يا رياح أواخر الخريف
يا معزوفة الشًجن
إحملي اشواقي على اجنحتك
و إرحلي...
طوًحي بي في الآفاق
إصعدي...
فاحلامي كبيرة...
إلًأ انً مداها ضاق بي
و انا قد خاب ظنًي
فيمن ارهقوني بالتمنًي
خذيني...
يا رياح أواخر الخريف
اعتصري من ذاكرتي لحظة
تختزل وجع الوطن
انثريني بذرة
في خبايا الزًمن
اسكبيني قطرة
تروي التربة العطشى
فغدا تحبل الأرض
تنبت زهرا...
و إصدحي...
يا عصافير البساتين
إملئي الكون
موسيقى...
فمسامعي...تذوب شوقا للنًغم
اطربيني..
إخفقي
للحبً فوق أشجار الزياتين
و تعالي...
نخلق الفرحة من عدم.
سهام بن جويدة

في متاهات الروح شلل ــــــــــــ علي مباركي


 في متاهات الروح شلل*** بقلم علي مباركي

مطر على وجناتي اليابسة قد نزل
أتجرع ألما يغيض سلللات الجبل
ومداد حملي بائس وكفى الخجل
حتى صواريخي علت صنم الجمل
ما عاد لها إنفجار يختزل
قلبي به رعد خبا لم يشف علل
ودق أتى بصروف عاصفة خمل
ما من عطوف قد أتى ضيفا جلل
ما من شغوف قد بنى صرحا ظلل
وبنخوة كل يغازل سخو طل
ما في وجودي وقفة ولها بحل
ظلماء من غسق الليالي بالسبل
تحنو على شيخ سليل من أصل
يرنو لموت قد نما وغدى يفل
شوقا إليه تعوقه قطرات فل
ما بي عقوق ولكنني بشر أجل
صفو النفوس ولم أجد لي من سجل
أنأى به عن كل حادثة تذل
حارت ظنوني بالقذى ماجت تجل
حتى شماريخي هوت طمس المثل
علي مباركي
تونس في 13 فيفري 24

يلي عملتو للحب عيد ــــــــــ فاتن فوزي


 يلي عملتو للحب عيد

الحب داخل القلوب بيزيد
حب الله هو الحب الاكيد
وكمان حب سيد المرسلين
ويلية حب الوالدين
وبعديهم حب الابناء والأصدقاء
واخيرا حب الوطن
يا مبدعين الحب
الحب موجود وعمرة ما غاب
عن الروح والقلب
اما الحب الذي تدعونة
فهو حب الخداع والخيانة
فتقوا الله فينا ولا ترهقوانا
بقول عيد حب سيدخلنا جميعا
جهنم وباس المصير
بقلمي فاتن فوزي

رسائل الشوق نورا ـــــــــــ سحر سالم


 ....رسائل الشوق نورا ...

يا أملاً ... تجذَّر بأعماقِ القلب
برسائل الشوق
مكنون بأعماقي أنهل منك
احرفا شعَّت نورا
بحمم.الجنون والتجلي
كنت
كسيف استل من غمده
وهوى
على قلبٍ يلوذ بك اشتياقا
يسأل قلبك...أين إحساسك بي ..؟؟
رسائل الشوق ترسل
إحساس حين يولد ..
يتحول إلى وردة علي مبسمك...
أطل منها على ثغرك ..
اتقرب منها لحنان صدرك...
يشتد الوجد لوعة.. سائلا...
اين لمسة روحك لقلبي ..؟؟
هي
لمسة حب يزداد اشتعالا
بمشاعر متأججة تدمدم
بهمس تغتال ساحة..روحك
فكيف القلب بدوني. ...؟؟
لا ابغى الحياة دونك
فأنصف قلب أحبك
ازداد الشوق وما هدأ
وتمرد الشعر وجف القلم
فى كل آن إلا إليك ....
فأين شريان الشوق مني...؟؟؟
أراقب ذاك الحب بالنبض
نفترق ودار على بالى ذكراكم
نلتقي
لنقترف العناق على صهوة الحلم
ومازلت بعيدا
قريبا
ولكن دفء انفاسك معي
واين تجد الدفء مني...؟؟
هنا حيث نحن ..وصرت
بالقلب وطني
سحر سالم (شمس الامل)

الحب الأفلاطوني بقلم د. انعام احمد رشيد

 الحب الأفلاطوني

قالوا لمن هذا العزل
قولت للحبيب
لعينيه لكلامه
لقربه ولبعده الحراق
قال لمن هذا الانتظار
قولت لمن يستحق
من قلبي كل الاشتياق
العين تبكيه فتقرحت
والقلب ينزف في البعد
اصبحت كاني في
خريف عمري
صيف بلا شمس
شتاء بلا مطر
اشجار ربيع بلا اوراق
متى ياحبيبي
اللقاء
ناجيتك في يقظتي
فلم تسمع ندائي
رجوتك في حلمي
فلم تسمع رجائي
اقسمت عليك بحب بيننا
وعشق ماعاشه العشاق
ارفق اعطف ياحبيبي
فحبك تغلغل في الشرايين
والاعماق
د. انعام احمد رشيد
Peut être une image de texte

صعيب و متكبّر متجبّر بقلم الشاعر فؤاد الرميلي

 صعيب و متكبّر متجبّر

قلبو خالي مالإحساس
ما يسمعش كلام الغير
يذبّح و يقتّل في الناس
كرسي البَيْ
مجمَّل و مرصّع بالماس
فطور البَيْ
في صحافي فضّة و نحاس
كلام البَيْ
حُرْ ما عندو عسّاس
و أحنا النّاس
نموتو بالغصّة و القهرة
بلاش أحلام
بلاش كلام
نعيشو زبلة
تحت مداس
فؤاد الرميلي

أكتب يا قلم. بقلم يوسف بلعابي تونس

 أكتب يا قلم.

أكتب يا قلم
أكتب بحبر من دم
أكتب عن الأحزان والأسقام والألم
أكتب عن الجور واللؤم والظلم
أكتب عن ليالينا كم كساها السواد والظلال والعتم؟
أكتب عن صباحاتنا غابت عنها الشمس والمطر
لا طير يشدو ولا حمام يهدل
ولا عصفور زقزق ولا بلبل أطربنا بالنغم
أكتب يا قلم
بحبر من ماء
ليسقي أرض عطشى صارت بلا روح
لعل الأرض بعد موتها تحيا وتنعم ؟
بقلمي يوسف بلعابي تونس
Peut être une image de 1 personne et estrade

القنبلة .. رواية / رضا الحسيني ( 17 )

 ... .. القنبلة .. رواية / رضا الحسيني ( 17 )

كانت نظرات الضابط متعلقة بعيوني للحظات وهو لايعرف ماذا يقول لي ، لقد فعلي بي كل شيء خلال الوقت الماضي ، حتى من قبل صوت الانفجار ، لم يكن يصدق ما أقوله ، وحين تحركت عيونه باتجاه عساكره وجدتهم يتحركون على الفور نحوي يفكون لي قيدي الذي كان قد ترك معالمه في يدي وخرجت من عينيه نظرات اعتذار مع صمته المنكسر لسوء ظنه وتصرفه معي ، ووجدتهم يضعون تحتي مقعدا وكذلك مقعدا له ، وأسرع أحد المجندين باحضار الشاي لنا ، وعيناه ماتزالا تخشى مواجهة عيناي
..... ( مصاصة صاصا )
ولم يخرجنا من حالتنا الصامتة هذه غير طفلة تبكي بجوارنا ، فنهض الضابط مسرعا نحوها وهو يبتسم لها ، وربما ابتسامته هذه كانت جزءا من مسلسل أفعاله الاعتذارية لي ، حيث كنت ماأزال أتابعه
_ مالك حبيبتي ؟ ليه بتبكي ؟
_ ماما ، فين ماما ؟ عاوزة ماما
_ اسمك إيه حبيبتي ، أنا هجيبلك ماما ، قوليلي اسمك إيه
_ صاصا ، ماما بتناديني صاصا
_ تمام ياست صاصا ، بس اسمك إيه ؟
_ اسمي صوفيا
وهنا أمسك بجهازه على الفور وأخذ يردد
_ ألو عمليات ، هل تسمعني ، حوِّل
_ نعم أسمعك بوضوح ، حوِّل
_ توجد طفلة اسمها صوفيا تائهة من والدتها
_ ياعمو أنا صاصا ، ماما بتناديني صاصا
_ الطفلة اسمها صاصا أو صوفيا تبحث عن والدتها
_ ياعمو عاوزة ماما ، هاتلي ماما
_ اطمني حبيبتي ، دلوقتي ماما هتكون هنا ، بس ساعتها هتديني بوسة
_ هاتلي ماما بس ياعمو
_ ياعسكري ، بسرعة هات مصاصة أو عصير أو أي حاجة من هناك لصاصا
_ مش بحب العصير ياعمو
_ خلاص هات لها مصاصة
وانشغل الضابط بالطفلة صاصا وكأنه أراد أن يغير الحال المتوتر بيننا ، وظل معها يداعبها ويحاكيها لتهدأ حتى جاءت امرأة بمشاعر مختلطة بين الفرح والحزن ، كانت ربما من أجمل ما رأت عيني من النساء ، بشعرها الحريري الأصفر الممتد كحقل قمح ممزوج بأشعة الشمس الشتوية وعيون بنية توحي بأنها تعشق القهوة بجنون ومبسم يكاد يكون حبة كريز نادرة وجسم ممشوق ليس فيه شيء مما تتصف بها الكثير من النساء التي تهمل نفسها وهي مرتدية ثياب توحي بالثراء والرقي والأناقة والرقة بقليل من الاكسسوارات الذهبية ، وكأنها جاءت من عالم آخر وجاء خلفها رجل بمقام الأب المكلوم في حفيدة غالية ويكاد يخطو بصعوبة وابتسامته تغالب دموعه
كان اللقاء بين صاصا والأم الجميلة والجد المرهق يشبه لقاء السحاب الذي جمع بين أم كلثوم وعبد الوهاب مع كلمات أحمد شفيق كامل حين ولدت الرائعة ( انت عمري )
هكذا مرت علينا هذه الدقائق التي استطاعت بتفوق نقلنا من التوتر والعنف للحظات من الحميمية والمحبة والاهتمام ، ورأيت خلالها في هذا الضابط وجها آخر لم أكن أتوقع وجوده بداخله أبدا ، وهنا فهمت أن المسؤلية والتفاني في أداء الواجب والخوف على حياة الناس قد تهزم لبعض الوقت أي نواحي آخرى بداخلنا ، ولكن لا تقضي عليها ولا تلغيها تماما ، وأن لكل شيء بداخلنا وقت يكون فيه في بؤرة الشعور، ووقت آخر في هامش الشعور
... وغدا مع 18
Peut être une image de ‎1 personne et ‎texte qui dit ’‎(17) رواية القنبلة رضا الحسيني‎’‎‎