استسقاءٌ غيرُ مُجْدٍ
يكتحلُ اللّيلُ شعرًا
ينبثقُ النّورُ وهجًا
هو البدرُ قلبُ الشعرِ
ينسلُّ موجُ الخيالِ
من دجى الليلِ
طيفًا
عيناه نجمتانِ لامعتانِ
في ضيائِهما
ينسابُ الشعرُ
في أسمى المعاني
شعرٌ فيه اكتنازُ بئرٍ
تختزنُ في جوفِها
القبلاتِ
تحوَّلُها
إلى كلماتٍ من حريرٍ
شَعْرُهُ ذاك الخيالُ
يُحال إلى فرسٍ
والحبيبُ خيّالٌ
يسري
في غياهبِ اللّيلِ
يا ليلُ
في سكونِكَ تاجٌ مرصّعٌ
باللآلئِ
في صولجانِكَ
امتشاقٌ للون أسْوَدَ
يضاهي في حسنِه
لونَ الشَّمسِ
أنتَ الملكُ
أهمسُ في أذنِك
أن نَصّبني ملكةً
لأكونَ لكَ
لأصنعَ من نافذةِ الحلمِ
مكانا قصيًّا
فيه نلتقي
نزرعُ أرضَ السَّماءِ ضحكات
نسقيها من قطراتِ الدّمعِ
شهدًا
ندوس أحرفَ الهزيمة
المتجردةَ من الضوءِ
الفاقدةَ للنّغمِ
الباهت فيها لونُ الجمرِ
هناك القمرُ يستترُ
في استحياءٍ
يجري خلف غيمةٍ
يبكي إنِ انقشعتْ…
القمرُ يعشقُني
دموعُه
بلّلتْ أطرافَ السّكينة
الأنوارُ اختفتْ خلفَ الجبالِ
لم تسترقَّ السّمعَ
لأنينِ الرِّجالِ
لم تسترقَّ البصرَ
لارتحالاتِ القوافلِ
القوافلُ اكتستْ
هوادجُها السّوادَ
ملأتِ الدِّلاء بمياهِ التّوبةِ
نثرتْها فوقَ التّلالِ والسُّهوبِ
سقتِ الزّرعَ بالمحبةِ
بعدَ صلاةِ استسقاءٍ
وألفِ دعاءٍ
والسماءُ بعدُ
لم تمطرْ ...
ربما أنها تنتظر انقشاع الغيوم الداكنة
عن سماءِ وجودٍ
لا يستمع معتصمه لمنادة
القلوبِ اليائسةِ
ربما أنّ المزن لم يحنْ بعدُ أوانَه
مطر ...مطر ...مطر
أيها السيّاب ما زلنا نردد معك
أناشيد الأملِ
أيّها الرّائي أطلّ علينا بأنغامِ أمطارِكَ
كي تتمازجَ مع أساليبِ ندائِنا الجافّة
لعلّها
وتحتاجُ إلى ندى قصائدِك.
سامية خليفة/لبنان