الاثنين، 2 يناير 2023

جمالية اللغة..جمالية الإبداع..لدى الشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي (قصيدتها " إدمان" نموذجا..) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 جمالية اللغة..جمالية الإبداع..لدى الشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي (قصيدتها " إدمان" نموذجا..)

عندما أقرأ "(إدمان) شعرا لشاعرة معاصرة -ترقص على إيقاعات الكلمات-،سرعان ما تقودني قراءتي للتعمق في ما هو كامن وراء أسلوب الشاعرة التونسية المتألقة (نعيمة مناعي ) من تقيمها الإنساني لمخلوق استوطن ملكوت الشعر منذ أن دنا إليه خيال الشعراء ( المرأة ).
فلا زلت أقرأ المرأة عيونا،ورموشا،وخدودا،وجيدا،وخصرا.
ولا زلت أقرأ العلاقة معها: شوقا وعشقا وسهدا وأسرا.
ولست أمانع إن فعل ذلك الشعراء وهو ديدنهم وجهدهم.
وإذن؟
لاشكَّ-إذا-في أنَّ الشعر فنّ مثير كباقي الفنون؛وفن الشعر لا يعتمد فقط إيقاع التشكيل الجمالي،وإنما إيقاع الشعور الحسي التأمليّ في صناعة ذلك الدفق الروحاني،أو الومضة الروحيّة التي تعتصر مكنون الذات،وتبث ألقها بشرارة الإبداع؛ والشاعر/الشاعرة المبدع(ة) ليس خلاّقاً للغة فقط،وإنما خلاّق لعالم آخر يسعى إلى الدخول في أتونه ألا وهو (عالم الرؤية) أو( عالم الحلم)؛والقصيدة اللوحة هي قصيدة الحلم أو قصيدة الولادة الجديدة؛بحس جديد،وشعور جديد،ومن لا يملك هذا الشعور المتجدّد لن يصل في شعره إلى مرتبة الفن
وإننا- في مطالعتنا لتجربة-الشاعرة التونسية المتميزة-نعيمة مناعي -(وهذه شهادة مني) وحيّ،وفنّانة في ترسيم شعورها بألق اللحظة العاطفية الصوفية المحمومة -
أجزم-نعيمة مناعي -المنبجسة من ضلوع -ولاية الكاف-ذات زمن موغل في الدياجير،وإنما هي تسعى إلى حيِّز المطلق والانفتاح التأملي،فحدود الرؤية-لديها-مطلقة مفتوحة،تجوب فضاء الآخر دون قيود اللحظة الزمنية أو الآنية الضيقة،إنَّ حدود قصائدها تجوب الحاضر،وتفتح آفاق المستقبل،تولد كل لحظة،لتبعث أملا جديدا،وحلما جديدا وعالما جديدا..
لذلك؛ فالفنّ -في شعرها-يكمن في طريقة تشعير الكلمة في فضاء السياق،فالكلمة تحسّ أنها تصنعك،والجملة تتدفق من ومض روحك،والقصيدة تترك بصمتها في قلبك وتجوب حلمك، لتتربع على عرش فؤادك،وتتلون ببريق عينيك..لترى ما لا تراه من سابق..وتحلم أحلاماً كانت في حلمك الأزلي..تفتقت أمامك من جديد...وعاودت إليك هدهدة الأحلام وضحكة الطفولة،التي أذبلتها جهامة الأيام؛وجففت ينابيعها جراح السنين.
ختاما أقول:
لا يستطيع قارئ قصيدتها الموسومة بـ [إدمان)] من الوقوف على شائبة تصويريَّة،أو عثرة تشكيليَّة،أو هجنة إيقاعيَّة..
لهذا تكتمل مثيرات قصائدها اللوحة كلها في تعزيز جمالها وتناسق إيقاعاتها،كما لو أنها مُهَنْدَسَة فنيَّة لتأتي غاية في التفاعل،والتضافر،والانسجام؛وهذا ما يُحْسَبُ لشعريّة الشاعرة التونسية المتألقة نعيمة مناعي -أنها ممتدة امتداد الأفق،تعايش عالم مفتوح غني بالمعارف، والمواقف،والإمكانات،والأيديولوجيات،والموروثات الأسطوريَّة المكتسبة..
تتفاعل - في القصيدة اللوحة عند -الشاعرة نعيمة مناعي - الإيقاعات البصريَّة،بالإيقاعات الصوتية بالأنساق اللغويّة التصويريَّة؛بإمكانات فريدة،تؤكد جدارة شعريتها وجسارتها،وعمقها في بث الرؤى،وتكثيف المواقف،والأشكال التي تفرزها حركة الألوان والإيحاءات في قصائدها التشكيليَّة ذات الترسيم اللوحاتي في حركتها وتماوج إيقاعاتها الداخلية.
ولنا عودة إلى -إنتاجها الإبداعي المتميز -عبر مقاربات مستفيضة..
لنستمتع قليلا بما جادت علينا قريحتها الشعرية العذبة:
إدمان
إمرأة الشمس...
لا تليق بها الهوامش
علمها كيف يسجد الزمن للصبر
فعلمته كيف ترتجل فيه قصيدة
علمها كيف يحملها في قلبه بذرة
فنبتت فيه لتعانق القمر
وعلمته كيف تغير عقارب الساعة
حين يهمس فيها
فعلمها الغياب الموشى بالحضور
وعلمته كيف تزرعه وردة
فتينع على ضفاف صباحه
فعلمها كيف يرتفع سقف الوعود
فعلمته كيف تجاري العهد
وكيف تشرق الشمس من ضيم الليل
وعلمها كيف تتهاوى العتمة حين تصرخ فيها
وتحاكي النجمة.
نعيمة مناعي
على سبيل الخاتمة :
اللغة هي الوسيلة الأولى لعملية التواصل مع الآخرين،غير أنها تتعدَّى وظيفتها الاجتماعية المحدودةَ هذه،فتشكِّل الأساس في عملية بناء القصيدة؛إذ تمثِّل الطريق الموصلة بين المبدع والمتلقِّي،فتؤدي بذلك وظيفةً أخرى،تتمثَّل في إيجاد روابطَ انفعالية بينهما،فتتَجاوز بذلك لغة التقرير إلى لغة التعبير،وتسعى للكشف عن العواطف والأحاسيس،والانفعالات الكامنة في قلب الشاعر(ة)،ومحاولة إيصالها في نفس المتلقي.
تختارالشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي من اللغة وإيحاءاتها،وتولِّد منها ما قدر على التوليد،لا لتأتي بمعانٍ يجهلها الناس تمامًا،ولكن لتصور صفوةَ معارفهم من زوايا متفردةٍ تدهشهم وتعيش إحساسات جماليةً لا تنتهي،وحجارة هذا البناء الموضوعيِّ الألفاظ،إلا أن الألفاظ في الشعر تومئ إلى ما وراء المعاني،فتُضيف إليها أبعادًا جديدة،وبذاك تتجدد وتحيا، وبغير ذلك تذبل وتموت؛إذ نجد ألفاظه تقدِّم صورة إنسانية وفنية بغرَض إماطة اللِّثام عن هذه الألفاظ.
وتسعى الشاعرة-نعيمة- في بعض قصائدها إلى لغةٍ شفافة تعتمد على الوضوح والواقعيَّة؛ فهي لغة تكاد تكون خاصة بالشاعرة،لغة تنطلق من الواقع ومن وعي الشاعرة بأدواتها الفنيَّة، فالنظر في التجربة الشعوريَّة وفَهم الحالة الذهنية لقصيدةٍ ما يتطلَّب القدرة على الانغماس في العالم النفسي لهذه الشاعرة( نعيمة)واستحضار حالتها النفسية من خلال كتابتها لهذه القصيدة،وفَهمُ الحالة الذهنية تَعني القدرة على استعادة الجوِّ الشعوري ومُعايَشتِه من جديد،ولا يتم ذلك إلا إذا استطاع الناقد أن يُمعِن النظر في الظروف والوقائع التي أدَّت إلى ولادة القصيدة،وبدون ذلك قد تُنزع القصيدة عن سياقها النفسيِّ وتَبقى تراكمًا لغويًّا وشكلاً دون معنى،وتفقد الحسَّ الشعري..
لك..مني..يا -نعيمة-سلة ورد..مفعَمة بعطر الإبداع..
محمد المحسن

أَصابَتْ قلبيَ سِهام/ اسيد حضير/مؤسسة الوجدان الثقافية


 أَصابَتْ قلبيَ سِهام

.
في هَجيع مِنْ الليل والآنام نِيَام
يَأتيني خَيالَها فَيَأبىٰ قلبيَ أَنْ يَنام
.
شُهورٌ مَضَتْ ولا زالَ التَّنائي يُنائينا
بَعدَما كُنّا أيّامَ التَّداني بِبَعضَيْنا هيام
.
للهِ دَرُّ رياح الإشتياق مافَعَلَتْ فينا
فَجَّرَتْ الدَّمعِ بالعيون ونَخَرَتْ العِظام
.
وعَصَفَتْ بقلوبِنا فَاقتَلَعَتْ أغلىٰ
أمانينا
آااهٍ ثُمَّ آااهٍ مِنْ غَدرِ الليالي والأيام
.
يا زنبقَةٌ بعُمري نَمَتْ فَفاحَتْ رياحينا
يا إمرَأَةٌ مِنْ سِهامِها أصابَة قلبيَ سِهام
.
يا سِحرُ النَّفاثاتِ بالعُقَدِ تَرَفَّقي فينا
سَحَرُ يا مَوجَةَ النِّيل وفِرعَونَة الإهرام
.
يا دَلَّةَ قَهوَتَنا بِبِيوتِ أشعارَنا وقَوافينا
يا مُهرَةَ القبيلة تَصَهلُ بدواوينِ الكِرام
.
يا شَغَفُ قلبي بينَ عيونكِ غَفَتْ أمانينا
يا رفيقة دَربي أينَما حَلَّ بِنا المُقام
.
إليكِ أَبعَثُ رسائِلَ حُبّي مع الهائِمينا
رقيمُها قلبي ودَمعَ عيوني مداد الأقلام
.
أدعو بها رَبّيَ أنْ يَجمَعَنا يَقينا
وإنْ لاتَذهَب أمانينا أَضغاث أحلام
........................................... بقلمي/ اسيد حضير..الإثنين 2 كانون الثاني 2023 الساعة 9:00 مساءا

أنا الشعر/ نبيل المصرى/مؤسسة الوجدان الثقافية


 أنا الشعر

كالبركان
فهل فجر الشعراء كلماتى
لتتناثر حروفى على السطور
ٱهات وحنين وإشتياق
لحبيب طال إنتظاره
لبعيد تتمنى لقاؤه
أنا الشعر
وكلمات. بلسم
تداوى الحبيب ويبتسم
أنا الشعر
وبى يشعر الملهوف ويشتاق
أنا الشعر
وبى بسهر الحبيب
يناجى حبيبه
أنا الشعر
وصاحبى القمر والسهر
أنا الشعر
وصاحبى البحر والقلم
وأحيانٱ...
الفراق والألم
نبيل المصرى

تشبه قلبي بحبها/د.جميل عبد القوي درهم/مؤسسة الوجدان الثقافية


 تشبه قلبي بحبها

تشبه أزهار النهار
أسألها عن النوى تجر تنهيده ..
حتى أعماق قلبها
كأن الأقمار التي كانت في السماء ..
وقعت في مدائنها
تفتحت براعم الأغصان وعادت ..
كما هي
كأن الطيور التي هاجرت لا تنوي ..
الأياب
قَسمت بيني وبينها النهار ..
والليل مناصفه وقناديل سماء ..
التي تضئ كالشمع ..
تحمل رسالات الغرام سرا ..
وتعود عند اطراف الغد بميعادها
وحين أفتقدها أجدها تتسكع ..
في الظلام..
كل سمائي أطياف تريني عنوانها
همساتها وميض كنبض الفؤاد
أتضن بأني هجرتها
وماتزال خلجات قلبي بين ..
أهدابها تترنم بإسمها
أرتمى قلبي في عينيها وضل ..
عالق يعانق الوفاء
بين ضلوعي فُقد كأن قلبي تائها
وعند سفوح الليل أجده ..
يحصي الضياع بدقات نبضها

د.جميل عبد القوي درهم

يعيش المرء / ابو الرند العربي/مؤسسة الوجدان الثقافية


يعيش المرء في دنياه عبــــــدا
لعبد المال او رب الغــــــــــــزالِ
و رب المال في عينه ربـــــــــــا
ويغري المال اشباه الرجــــــــال
فإن ضاقت عليك الارض طـــرا
وسار الرزق في شم الجبــــــال
فهاجر في بلاد الله سعيــــــــا
وكن كالطير خفاق النصــــــــال
وكن حرا ترى الارزاق تتـــــــرا
نصيب الاسد في خوض النزال
وان صادفت في الارزاق بخسا
فسالم ان روى او لا تبــــــــالي
تعيد الحرب ما افنيت عــــــزا
ويبقى العز مقياس الرجــــال
يقوت اللص من دنيــــــاه ذلا
و مـــــــاء الوجه اولى بنضــــــالِ
و مـــــــاء الوجــــــه اولى بنضــالِ
ابو الرند العربي

ليلة رأس السَّنَة/د.صلاح شوقى..مصر/مؤسسة الوجدان الثقافية


 ( ليلة رأس السَّنَة )

مَرَقَت مَآسٍ ، فانسَها وافتح
ذراعيكَ للأمل ، بِقَادمِ عامِ
أدنُو مِني حبيبي ، أهمسُ
في أذنيكَ ، بنَهمِي للغَرامِ
قلب يشتكيكَ ، كم مزَّقه
الأنين ، والأشواق سِهامِ
أمَا تراني أهِيمُ تائِهَةً ؟ بعدما
قوَّضَت ، معبدِى الأوهامِ
وأمسيتُ أُناجِي الآمال قُربًا
يالوعتي إن تلاشَت الأحلام
مُتيمة بهواكَ راهِبةٌ بمحرابِكَ
والنفس سقيمةٌ والجسد حُطام
أدنُو مني لأُرِيكَ شِفاهًا تشتكي
جفًَت وما جفافها إلَّا خِصَامِ
واذا الحبيب ألهَب جَمرَها
وزادكَ من النشوَةِ ، إكرامِ
يُرَاقص جِيدًا من البان حُسنه
ويطوف بِعُنقِ الزَّرافِ مُقامِ
تتباعَد وتُذكِّرُه بجَفاهُ بليلةٍ فيها
يُطفَىءُ الجَمر ، والعتابُ حَرام
أيا ليلة العيد متَى تعودي ؟ لئن
شِهدتكِ ، سأَزوركِ قِبلة الإلهام
لأعيش أُنسَ الغرام حقيقةً فلا
يكفيني منكِ ، مع الزَّاجِلِ سلام
الرِّضا والعِناقِ ، والتراقُص فَرضٌ
والعاشقاتِ ، على الصُّدُورِ نِيَام
...........كل عام وانتم بخير
د.صلاح شوقى................مصر

رهان خاسر/ماهر اللطيف/مؤسسة الوجدان الثقافية

 


رهان خاسر

بقلم : ماهر اللطيف
حدثني أقراني و أصدقائي كثيرا عن ظاهرة ركوب زوارق الموت و اجتياز الحدود بحرا خلسة في اتجاه الغرب بحثا عن حياة يطيب فيها الحلم و الأماني و العمل و الكد و الجد و اللهو و الهزل و المجون و كافة أشكال الحياة و تعريفاتها بعيدا عن هذا الواقع الذي نعيشه والدي يجعل منا بشرا أمواتا و نحن احياء، أجسادا بلا ارواح، مخلوقات أقل من بقية المخلوقات التي تقدر أن توفر الحد الأدنى و هو العيش و الغداء و قسطا من الأمن و الراحة على غرار بعض الحيوانات التي تعيش من أجل إشباع غرائزها فقط و تنجح في ذلك في معظم الأحيان رغم الصعوبات و العراقيل عكسنا نحن البشر فوق هذه الرقعة الأرضية و هذا الزمن حيث نفتقر إلى أبسط مقومات التواجد و الاستمرار لضيم و بطش قلة من الأحياء على أغلبية من "الاموات"...
و كنت اعترض على الفكرة لأنها كثيرة المخاطر و المآسي و الحوادث القاتلة، و اسمها بأبشع السمات و الأوصاف إلى درجة نعتها بالخيانة و الافتقار إلى الوطنية و التمرد على الوطن وغيرها من الشعارات التي اثبت إفلاسها و ابتعادها عن الواقع ابتعاد الأرض عن السماء، فقد انضممت إلى "جحافل الأموات الأحياء" و اسودت الدنيا في وجهي و حاصرتني الفاقة و الحاجة من كل جانب إلى أن بت لا أر مخرجا من حالتي غير حل من حلين: إما أن أسرق و أتحايل وافتك ممتلكات و أموال الناس فاطبق قانون الغاب دون رهبة أو خوف لاعيش، أو أن اركب "زورق الموت" و ابحث عن "مستقبل جديد" كما صوره لي البعض.
فقررت طبعا محو الحل الأول اتقاء عواقبه و ولوجي سجون بلادي و تعودي على هذا العمل و المآل فاخسر الدارين، و شرعت في البحث عن "خيط" أو "واسطة" يمكنها أن تسهل لي الطريق و تهديني "سفرة العمر".
ولم يكن ذلك عسيرا في هذا الوطن ، فقد تمكنت من حجز سفرة مع قوافل المسافرين إلى الضفة الأخرى بعد أيام قليلة بعد أن أمد ربان القارب بالمال المتفق عليه - و هو مبلغ ضخم وهام، لكنه يهون من أجل اقتناء الحياة و هجر الموت -...
و ها قد حل الموعد المرتقب، فحملت المال و اتجهت صوب مقهى المدينة المطل على البحر الأبيض المتوسط أين وجدت عشرات و مئات من الناس من كل الأعمار و الأجناس و الألوان هناك في انتظار الواسطة - و يبدو انه هناك أكثر من رحلة تستعد لعبور الحدود تزامنا مع رحلتي - وقد أسدل ستار النهار و أظلمت الدنيا فأضاءت النجوم سماء المكان و تلألأ نور القمر المكتمل من هناك.
و بعد أن حضر الشخص المنتظر و تسلم المال من "الركاب"، تولى توزيعهم إلى مجموعات تبعت كل واحدة "قائدا" يتولى اقتيادهم إلى مبنى مهجور قرب الميناء أين ينتظرون موعد ركوب البحر و الشروع في تحقيق "الحلم المنشود".
لكن "السفرة" تأخرت كثيرا بالنسبة لمجموعتي إذ بقينا قرابة الأسبوع "مسجونين" في تلك "الخراب" دون أكل أو شرب - وقد استهلكنا ما حملناه معنا من مؤونة - قبل أن يتم حملنا إلى قارب خشبي قديم متآكل الاطراف، باهت اللون، صغير الحجم، و تم تعبئته بعشرات الركاب إلى أن شارفنا على المائة تقريبا و صوت أذان العشاء يطرق أذاننا و كأنه يحذرنا التحذير الأخير للإقلاع عن هذا الصنيع، لكننا صممنا على الهجرة كلفنا ذلك ما كلف.
و انطلق القارب يشق البحر شقا، يصارع أمواج الشتاء القارس ويتحداها، يتجنب هيجانها أحيانا وقوتها، يهتز عاليا فيشارف على الطيران قبل الرجوع على المياه بقوة متى نشعر بالغثيان و الخوف والرهبة، يمتلئ بمياه البحر التي تخترق أخشابه من كل جانب فنجري إلى إفراغها و إرجاعها إلى البحر درءا للغرق والفناء، و بعضنا يتقيأ و يعطس ويرتجف....
و تقدم قاربنا آلاف الأميال إلى أن لم نعد نر شيئا غير الماء من كل جانب وقد شرع الفجر في الانبلاج و بدأنا نتعود على هذه الأجواء و ما يحيط بها و خاصة مشاهدتنا للجثث الآدمية هنا وهناك تطفو على سطح البحر في كل مكان و أشلاء بعضهم الآخر تتطاير و تسبح في الماء أيضا و بعضها الآخر يلتهمها كبير الأسماك، إلى أن اخترقت المياه المركب من جديد بكميات كبرى كادت تغرقه و تهلكنا جميعا، فصاح الربان عاليا فينا مزمجرا و هائجا:
- لقد جد الجد الآن و ها نحن نواجه الغرق (وبعضهم يكبر و البعض الآخر يتلو ما تيسر من القرآن بصوت عال) ولم يعد أمامنا من حل للحياة غير التضحية و الصبر والشجاعة.
- (أحدهم و هو شاب في مقتبل العمر باكيا) لا أريد أن أموت ارجوك، فقد هربنا من الموت على أرضنا للحياة على أرض الغير، فهل نموت بين الأرضين بحرا و غرقا و نكون أكلا للاسماك؟... (فيسكته الربان عنوة أمام الجميع قبل أن يدفعه بشدة و يرمي به في البحر و الشاب يصيح و يصرخ بأعلى صوته و هو يستنجد و يعترف انه لا يجيد السباحة)
- (شيخ و هو يضم عجوزه إلى صدره و يكبر تكبيرات مستمرة ومتتالية) لماذا قمت بذلك بني و أغرقت هذا المسكين الذي ضحى بالغالي و الثمين من أجل تحقيق حلمه؟ (ومازال يتكلم حتى وجد نفس مصير الشاب قبل أن يلحق الربان بهما زوجته وكل من عارض صنيعه دون رأفة أو رحمة)
- (الربان هائجا أكثر فأكثر) سنغرق، علينا بالتضحية بعدد من الركاب ليستطيع المركب تحمل وزن معقول يمكنه بالتالي إيصالنا بسلام إلى وجهتنا بعد ساعات قليلة بإذن الله
- (كهل مقاطعا) ألم تفكر في هذا قبل كنز الأموال و التلاعب بالأرواح البشرية؟ (فوجد نفسه طعما للأسماك في حينها)
- (الربان) على كبار السن القفز فورا في البحر و مواجهة مصيرهم (وقد كثر الصياح و الرفض والتعنت)، لا حل أمامنا غير هذا، يكفيكم ما عشتم، فكروا في هؤلاء الشباب و اتركوا لهم الفرصة للعيش مثلما عشتم من زمن
- (عجوز باكيا) اتق الله فينا بني و لا تقم بذلك
- (مقاطعا بشدة) لا حل أمامنا أبتاه للاسف، فإما أن يموت البعض و يعيش البقية و اما أن نموت جميعا (ويلقي به في البحر و ببعض العجائز و الماء يخترق أرضية المركب بقوة)
- (شابة في حالة خوف و هلع وهيجان) ليكن ذلك، موتوا من أجلنا أيها العجائز، هل تريدون احتكار أعمارنا أيضا من أجل أن تعيشوا؟ (وشرعت في دفع بعضهم و إرغامهم على القفز)
- (الربان مبتسما وقد دفع بعض الشباب الآخرين كبار السن أيضا و كذلك بعض النساء و المهاجرين و المقيمين ببلدنا بطرق غير شرعية) أحسنتم، واصلوا التخلص منهم، ها قد تجاوزنا النصف و علينا الوصول إلى ثلاثة أرباع العدد....
و استمرت عملية التصفية و القتل المتعمد للأبرياء هنا في البحر الأبيض المتوسط من طرف الربان وبعض مناصريه من الشباب الحالم ، و زهقت الأرواح قصرا دون رحمة، فيما استمر تدفق المياه بعد تعطب المحرك و امتناعه عن العمل رغم المحاولات و التدخلات المتكررة من طرف الربان و مساعده (وهو ميكانيكي مراكب و زوارق بحرية) و بدأ المركب في الغرق تحت وابل من الصياح و العويل و طلب النجدة دون الحصول على أي نجدة بما أننا الوحيدون المتواجدون حينها هناك....
و بقينا كذلك مدة من الزمن حتى ألقينا بأنفسنا جميعا في الماء و شرعنا في السباحة دون هوادة بحثا عن النجاة و السلامة التي باتت هدفنا و غايتنا الوحيدة في هذه الحالة...
و ماهي إلا دقائق حتى صار أغلبنا غرقى و موتي تلتهمهم الأسماك بشتى أنواعها و أحجامها واضحو موتى قولا و فعلا بعد أن كانوا موتى أحياء يتنفسون، يشعرون و يتمتعون بجميع حواسهم، يحللون ويقررون... ،فتحدوا القضاء و القدر و كانت نهايتهم حتمية ليخسروا الدارين وقد تمسكوا بهذا بعد إلحاحهم و إصرارهم عليه طمعا في تحقيق حلم مفقود وقد تمردوا على واقع موجود.
اما أنا و شيخ و امرأة في مقتبل العمر و شاب مراهق فقد كتبت لنا حياة جديدة و الحمد لله، فقد بقينا نسبح بكل ما أوتينا من جهد رغم الألم والتعب والخوف والريبة و نتحاشي الاصطدام بجثث رفقائنا أميالا و أميالا وكدنا نفقد كل أمل في النجاة إلى أن رأينا مركبا يتجه نحونا بسرعة، فانتشلنا و انقذنا بعناية شديدة ودقة متناهية قبل أن يأخذنا رواده إلى اليابسة بأرض الغرب حيث تم الاحتفاظ بنا في سجن هناك بعد أن استنطقتنا شرطة حدود البلد و قامت باستجوابنا استجوابا مريرا و قاسيا (فقد كان منقذونا ينتمون إلى حرس حدود ذلك البلد كانوا يقومون بدورية في مياههم الإقليمية فعثروا علينا).
و من ثم، وقع ترحيلنا مجددا بعد مدة وجيزة من الزمن إلى وطننا الذي هجرناه ورجعنا له كرها أين كان السجن في انتظارنا قبل أن نجدد العيش و نعود أمواتا و نحن احياء على أرض هذه اليابسة القاحلة على جميع الأصعدة والميادين ، وماتت بالتالي أحلامنا وأمانينا وما زالت في المهد.

من أناااا ؟ /فطومة الورغي حرم الجوادي/مؤسسة الوجدان الثقافية

 


من أناااا ؟

بلاعنوان ولا ألقاب ولا وعود
أنا وانت لاشيء إلا
خواء وفراغ،
روح وصمت
غياب ودمع
وتناهيد حارقة...
لا أعلم
أتعبر تلك الشجون
وتتلاشى وتخون،
ام ستظل قابعة بين الضلوع
كلما أطلقت سراحها
تقيدها آهات الصدور
وتهوي بي
من أمان سمائي
إلى خدعة ارضك...؟
فطومة الورغي حرم الجوادي

حرف بلا عنوان...! نعيمة مناعي/مؤسسة الوجدان الثقافية


 حرف بلا عنوان...!

يكفيني صباح وقهوة لأرتبك على مهل
وهدوء كامل
عشرون ألف إمرأة عشقت
ولازالت الجميلات على عتبة قلبك ،يتنازعن
فلن أقول فيك
أيها الوسيم النادر
ولا يا من تركب حصانا أسطوريا
وتشهر سيف خالد...!
لن أقول ذلك ...كي لا تقع في حبك
إمرأة أخرى تتسرب إلى قلبي خلسة
فتسرقك وأتورط في إثم حبها ...!
بقلم
نعيمة مناعي

احتضار وولادة..! سلوى بسيمة /مؤسسة الوجدان الثقافية


 احتضار وولادة..!

اليوم الأخير
في كل عام
أفيض سعادة
رغم خساراتي الفادحة
اليوم الأخير
في كل عام
أفيض مسامحة
على من فشل
برتق جناحي المكسور
وأبكى قلبي الندي
اليوم الأخير
في هذا العام
يختلف عن أقرانه
أفيض سعادة
حين رأيت الإبتسامة
تلوح بعينيه
بعد المخاض العسير
للبوح
عند الولادة
قاب سويعات ودقّة
يرحل العام
وعليه سيحتضر
مابقي من دموع
في العيون
قاب سويعات ودقّة
يولد عام
وعليه ستفيض العيون
بدموع الفرح
فقد أيقن أنّي
لعشق البحر
وما وراءه مُتقنة
سلوى بسيمة
( عشتار المثلثة)
2022/12/31

تعلم عدم منح الفرص/ناريمان معتوق/لبنان/مؤسسة الوجدان الثقافية


 تعلم عدم منح الفرص.....

فالفرصة تأتي مرة واحدة في العمر
إما أن تستغلها أو قطعاً تذهب هباءً
فإن استكثر عليك البقاء فشد أمتعة الرحيل
اجمع أشلاء ذاكرتك المتعبة وارحل
لملم بقايا كبريائك وارحل
اذهب حيث تنعم بالهدوء وراحة البال
حيث الطهر ونقاء القلب
فالحياة تعلمك الدروس تباعاً
تصقلك تقوي مناعتك كي لا تسقط دفعة واحدة
تقف بعدها شامخاً مع ضحكة متمردة عالقة على ثغرك
وما هذه الحياة سوى رحلة من وجع الروح
نأتي على غفلة إلى هذة الدنيا
ونرحل كما أتينا لا نأخذ معنا سوى أعمالنا
ناريمان معتوق/لبنان
24/12/2022
2:45ص

الأحد، 1 يناير 2023

لأجْـــلِ عَــيْــنَـــيْــكِ/ فيصل غانمي/مؤسسة الوجدان الثقافية


 ~~ لأجْـــلِ عَــيْــنَـــيْــكِ ~~

أَقْسَمْتُ أنّي ...... لِأَجلِ عَـــيْـــنَــيْـــــكِ ... كُلّ لَيْلَةٍ أَكْتُب
شِعْرًا......أَوْ نَثْرًا ....آلمُهمّ أَنْ ......... عَــــنْـــكِ لَا أَكْـــــذِب
أَقُولُ فِيكِ وَصْفًا أَوْغَزَلًا آلمُهِمّ ......كَـــلَامًـــا فِـــــي آلحُب
أَبْحَثُ فِيكِ عَنْ أَمَلِ حَيَاةٍ أَنْتَظِرُ رَدًّا, لَنْ أَيْأَس وَلَنْ أَتْعب
****
عَـــــــيْــنَــاكِ بَــحْــــرٌ وَلِـــقَـــدَاسَـةِ عَـيْـنَـيْــكِ أَرْكَع
فَــــمُحَالٌ أَنْ لِـجَـلَالَـةِ عَــيْــنَــيْـــكِ لَا أَخْــــضَــــــــع
لِلْحَجِّ لِأَجْـلِ عَــيْـنَـيْــكِ أَطُوفُ كُلَّ آلثَّنَايَا و أنا مُسْرِع
****
عَـيْـنَــاكِ بَـحْــــرٌ وَ أَنَا فِي بَحْرِ عَـيْـنَـيْـكِ غَرِيق
خدَّاكِ المُوَرَّدَانِ حُمْرَةً أَشْعَلَا فِي قَـلْـبِي حَــرِيــق
تُـهْــتُ الثّـنـايا ضَمـْآنًا حَتَّى وَجَــدْتُ لِفِيكِ الطَّرِيق
أَطْفَأْتُ ضَمَئِي مِنْ فِيكِ بِـألَــذَّ و أَعْــــذَبَ رَحِــيــق
مٍنْ شَفَتَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِـــنْ لِــسَــانٍ حُـلْــــوٌ رَقِيق
****
أَنَــــا ...آلــتَّـــائِه ولـــيْسَ لِـــي بــيْــتٌ يَـــــــــــأْوِيـــني
جَرِيـــــحٌ أَنَا ...... فَـــهَــــلَّا تَــــكَـــــرَّمْــتِ لِــتُدَاوِيــنِــي
ضَـمْـآنٌ أنَـــأ ,أَمِنْ رَحِـيـقِ شَــفَتَيْكِ...هَلَّا تَفَضَّلْتِ لِتَسْقِينِي
أَرْتَــجِفُ بـَرْدًا ......أَفـَتَــحْتِ لِـــي ذِرَاعَــيْــكِ لِـــتُــدَفِّــيـنِي
أَبْــحَــثُ عَــنْ حَنَــانٍ فَهَلَّا تَـــــوَاضَــعْـــــتِ لِــتُــحِـبّـِـِيـنِي
فيصل غانمي