الاثنين، 16 يناير 2023

يحدث أن... بقلم الكاتبة زينب لحمر

 يحدث أن...

يحدث أن أحبس دموعي مضطرة في الوقت الذي وجب أن أبكي بحرقة شديدة حد الصراخ ، يحدث أن أفضل الصمت في أكثر الأوقات التي وجب أن أتكلم بلا توقف خلالها ، يحدث أن أسحب يدي و أدير ظهري في أكثر المواقف التى وجب أن أتمسك بقناعاتي و إختياراتي حينها كما يحدث أن أترك النار تلتهب بشراييني في الوقت الذي أمتلك فيه ما يكفي الدموع لإخماد البركان الذي بداخلي ، لكن هذه أنا فولاذية حد الذوبان ضعيفة حد القوة ، شفافة حد الغموض و متناقضة حد التطابق .أدرك جيدا أن الفيضان قادر على إخماد النار و أن الجبل يهتز بفعل الزلزال و أن البركان يحرق كل من حوله حتى و لو كان خارج فوهته و مع ذلك أصر على تنزيل بياناتي حسب المواقف و تخزينها داخل أرشيف ذاكرتي رغم الخراب الذي يسكننيو أسكنه في آن واحد و كأن قدري أن أبقى أترأجح على حبال الحياة معلقة بين الشيء و اللاشيء ، بين الإحساس و العدم ، بين الفلسفة و الخيال و بين الألم و الفرح لا أستطيع عبور جسر الأمان و لا حتى ركوب قطار الراحة و الإستمرار فقط أشيائي القديمة تذكرني بأنني على قيد الحياة .
ذاكرتي شوهتها الخدوش و أصبحت غير قادرة على العمل بشكل سليم حتى باتت أغلب قراراتي الصائبة في نظري هي ضرب من الجنون بالنسبة لمن حولي، صرت أواجه قدري و كأنني في معركة حياة أو موت مع نفسي و نسيت أن القدر مخطوط نكتشف سطوره مع الأيام.
هاهي طرقاتي تتشابك و كلما أقترب من بقعة الضوء أكتشف أنها مجرد نجم هوى خلسة في غفلة من الزمن و أجد نفسي من جديد داخل دهاليز المتاهة التي وطأتها قدماي تحت ضغوطات القدر و ما العمل ؟ لا شيء اكيد سوى التحلي بالصبر و إنتظار الفجر لعل الفرج قادم و لعل المنشود يرتقي ليصبح موجودا و واقعا نعيشه بكل أريحية دون خوف أو قلق .
يحدث أن أسرق بعض اللحظات الجميلة من رحم ذاكرتي التعيسة لأرى العالم بألوان أكثر نصاعة و أكثر جمال و يحدث أن يطغى اللون الأسود على كل المناظر و مع ذلك أغمض عينايا لأشاهد حياة غير حياتي لعلها تكون لي الشفاء .
زينب لحمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق