الأحد، 9 أبريل 2023

العاشق السكير ـــــــ عماد.علي.ج


 العاشق السكير

دخلت حانة العشاق
وأنا الأجدب
ناديت ذاك الساقي
أنّا اسقني قدح أحدب
علّ عروق العشق
في تروى و ترطب
عقرت القدح تلو القدح
حتى تنفس الفؤاد المعطّب
ارتطمت أفكاري بالقدح
واسطفّت كصف الجنود المرتب
تذكرت تلك الحبيبة العشيقة
عشقها في أحشائي مقلّب
أخذت ذاك القلم الجاف الحاف
أحاول كتابة نص لعاشق معذب
يعشق دون حب دون عشق
فكره مشوش متذبذب
يعشق كل شيء ولا يعشق شيء
يدون كل شيء ولا شيء يكتب
ضاعت كل أفكاري
في ذاك العاشق المركب
والضوضاء وذاك النادل
الذي يجيء ويذهب
اختلت موازين تفكيري
في ظل خيال أرحب
كتبت على لوح الطاولة
أعشقكي أنت حبي المغيّب
سماح مني و منكي لغياب
لا أدري أأنت أم أنا فيه السبب
ربما الأقدار البائسة التافهة
هي التي لنا المسار ترتب
فتبا لتلك الاقدار التي
تبعد من تحب
ومن تحب تقرّب
يا ليت الأقدار ترحمنا
فروحي للقاها ترغب
"عماد.علي.ج"🇹🇳🇹🇳

يقول أحبّك ـــــــــ نهلة دحمان الرقيق


 يقول أحبّك

يقول أحبّك
فتمطر من حولي القصيدة
حروفا تنير سراديب الغسق
و نورا يزين جيد الأفق
يقول أحبّك
و أعلم أنّي ببحر عينيك أجازف
فتنتشي الكائنات حولي
طيورا ،زهورا و حتّى المقابر
يقول أحبّك
فتحتفي الكائنات حولي وحتّى المدامع
شبابا و شيبا
صغارا ،كبارا
و حتّى الثكالى و كلّ الأرامل
يقول أحبّك فتختفي بعينيّ كلّ المواجع ،كلّ المخاوف
يقول أحبّك
فتزدحم من حولي الحروف
باء تسابق حاء و همزة
و كافا تلاحق باقي الحروف
و همزة تستوطن بؤبؤ عيني
و حاء تحلّ بوجداني
و تسري بأوردتي،بشرياني
يقول أحبّك
فيسقط كلّ قناع
وتستيقظ كلّ الحواسّ
وتحيا و أحيا
و أستيقظ من غفوتي الأبديّة
فأتلمّس شذى عطره
و يجتاحني دفء أنفاسه
فأصغي إلى خفقان قلبه
و أشتمّ عبير أشواقه
و أتنفّس هواء عشقه الأزليّ
يقول أحبّك
حبيبتي الغالية أحتاجك
فتجتاحني سهام حبّه الأبديّة
وتمطر من حولي القصيدة
حروفا تحلّ بسائر جسدي
فتتأهّب كلّ الحواسّ
تموت وتفنى
تعيش و تحيا
تطير و تقبع
تثور و تقنع
وتعلن فتوحاتها الجديدة
فتنتشر الفوضى حولي و حوله
على معصميّ و جيدي
وزندي و ضلعي و ضلعه
على وجنتيّ ونهدي
و شٍعري و شَعري و شَعره
على جسد القصيدة
و سائر الجسد
نهلة دحمان الرقيق

وحدة الساحات ــــــ شحدة خليل العالول


 وحدة الساحات

حقلُ الرِّمايةِ يكتمِلْ ..... حولَ الكيانِ المُنتحلْ
من كل صوبٍ ينطلقْ .. إعصارُنا كي يندَمِلْ
هذا الصنيعُ المُغتصِبْ . للأرضِ والمجدِ الأجلْ
مِنْ نارِنا هذا الوَجعْ ........... طوفانُنا فليشتعلْ
كي يعلموا أنَّ الردى . قد حاطَ بالوهمِ الثَّمِلْ
ولْتنتهي أحلامُهمْ ......... قطعانُهمْ هذا الدَّجلْ
كي ينتهي منْ جسمنا .. داءُ السوادِ المُتَّصِلْ
منْ مائنا من طُهرنا ... من قدسنا مِنْ كلِّ تَلْ
من مسجدي الغالي الذي .. يبكي الليالي والعِلَلْ
في وحدتي تعلو المنى .. في قبلتي يربو الأملْ
والشعبُ يرنو واثقاً ....... أنَّ النهارَ سيكتمِلْ
والشمسُ تسْطعُ والرؤى . يذوي جدارُ المُعتَقَلْ
شحدة خليل العالول

الرّبيع ـــــ الأديب/ يوسف صافي الجيل


 الرّبيع

يُـنْـبِـيـكَ عَـنْ حُـسْـنِ القَـصِـيـدَةِ مَـطْـلَعُ
وَتَـلَـذُّ فِـي الأَسْـمَـاعِ حِـيْـنَ تُـصَــرَّعُ
وَلَـقَــدْ ذَهَـبْـتُ إِلَـى الـمَـعَـالِـمِ زَائِـراً
أَرْضٌ تَـحُــطُّ بِـنَـا وَأَرْضٌ تَـرْفَعُ
تَـسْـتُـورُ فَـالـبَـطْـحَـاءُ ثُـمَّ تَـبَـرْسَــقٌ
وَالـرَّبْـعُ خِـصْــبٌ فَـوْقَ مَــا تَـتَـوَقَّعُ
طَـلَـلٌ بِـدُقَّـةَ شَـاقَـنِـي فَـوَقَـفْـتُ فِـي
لَـهَـفٍ أُسَـلِّـمُ وَالـمَــدَامِـعُ تَـدْمَــعُ
وَرَفَـعْـتُ بِالـمَـغْـنَى الجَـمِـيـلِ عَقِـيرَتِي
صَـوْتـاً عَـلَـى طُـولِ المَـدَى يَتَرَجَّعُ
يَـا حَـبَّــذَا فَـصْــلُ الـرَّبِـيـعِ بِـنَـوْرِهِ
وَشَــذَا العَـبِـيـرِ بِـبَـهْـجَــةٍ يَتَـضَـوَّعُ
لَـبِـسَ الـرَّبِـيـعُ عَـلَـيْـهِ أَبْـهَـجَ حُـلَّـةٍ
وَالـوَرْدُ يَـرْقُـصُ وَالـحَـمَـائِمُ تَسْجَعُ
وَالـنَّـرْجِـسُ الـنَّـمَّـامُ مِـنْ حَـوْلِـي يَشِي
بِـشَــقَــائِـقٍ مِـنْ حَـوْلِــهِ تَـتَـوَزَّعُ
رَفَّ الـفَـرَاشُ إِلَـى الـزُّهُـورِ تَهَافُـتـاً
سُـبْـحَــانَ مَـنْ خَـلَـقَ الجَـمَالَ فَيُبْدِعُ
وَالأَرْضُ تَـبْـلَـعُ مَــاءَهَا فِـي جَـوْفِـهَـا
مَـا عَــادَ فِـي أَرْجَــائِـهَـا مُـسْـتَـنْـقَعُ
أَحْــيَـا الـرَّبِـيـعُ مَـوَاتَـهَــا فَـتَـبَـسَّـمَـتْ
مِـنْ كُــلِّ ثَـغْــرٍ وَالـشِّـتَـاءُ يُـوَدِّعُ
فَــاضَ الـوُجُــودُ بِـسِـحْــرِهِ وَجَـمَـالِـهِ
وَالـنَّـفْـسُ تَـنْـعَـمُ فِي الجَمَالِ وَتَرْتَعُ
مَــلَأَ الـعُـيُـونَ نَـضَــارَةً وَلَـطَـافَــةً
وَمِـيَـاهُــــهُ رَقْـرَاقَــةٌ تَـتَـشَـعْـشَعُ
جَـــاءَ الـرَّبِـيـعُ مُـحَـمَّــلاً بِـثِـمَــارِهِ
مِـنْ كُــلِّ لَــوْنٍ رَائِـقٍ يَـتَـنَـوَّعُ
بَـعْــدَ الـشِّــتَـاءِ وَبَــرْدِهِ مِـنْ خَيْرِهِ
سَـالَـتْ عُـيُـونُ الـخَـيْـرِ مَــاءً يَنْبُعُ
أَوَمَــا تَـرَى أَنَّ الـوُجُــودَ بِـأَسْــرِهِ
لَـبِـسَ الخَـضَــارَ كَـأَنَّـهُ يَتَشَـيَّعُ ؟
فَـصْـلُ الـرَّبِـيـعِ عَنِ الفُصُولِ جَمِيعِهَا
مُـتَـمَـيِّـزٌ وَلَــهُ خِــصَــالٌ أَرْبَــعُ
هُــوَ أَوَّلٌ قَـبْـلَ الـفُـصُـولِ مَجِـيؤُهُ
وَالــدُّونُ لِـلـسَّــبَّـاقِ دَوْماً يَـتْـبَـعُ
وَالـطَّـقْـسُ فِـيْـهِ يَـكُــونُ مُـعْـتَدِلاً كَمَا
أَنَّ الـفَـضَـائِـلَ لِلتَّـوَسُّـطِ تَـرْجِـعُ
وَالجِـسْـمُ يَـصْـلُـحُ فِي الرَّبِيعِ مِزَاجُـهُ
وَالأَرْضُ تُخْصِبُ وَالفَوَاكِهُ تُزْرَعُ
هَــبَّ النَّـسِـيـمُ مُـذَكِّـــراً بِـقُـدُومِــهِ
وَالشَّمْسُ فِي سَعْـدِ السُّعُودِ سَتَطْلُعُ
خَـلَـعَ الجَـمِـيـعُ دِثَـارَهُمْ وَتَـخَـفَّـفُوا
كُـــلٌّ عَـلَـى نَـيْـرُوزِهِ يَـتَـخَـلَّـعُ
فَـوَصَـفْـتُ مِـنْ فَصْـلِ الرَّبِيعِ مَحَاسِناً
إِنِّـي بِـوَصْـفِ الحُسْنِ جِــدّاً مُولَعُ
شعر الطبيب الأديب/ يوسف صافي الجيل

أهلا رمضان عدد 18 ــــ رفيقة بن زينب /// تونس الخضراء


 أهلا رمضان عدد 18

الجزء 1 من صرخة إبليس
إبليس في كرب من الإيمان
في قمة الغضب لشدة الأحزان
يشكو عبادا من الأعوان
و خيانة الجميع لفقدان
العز و المجد و السلطان
في شهر يكرهه من كل عام
هو شهر التوبة في حساب الديان
على المذنب مهما بلغت ذنوب الإنسان
شهر غفران و عتق من النيران
سماه الله الحنان المنان
و ألبسه تاج الزمان رمضان
انصحوني يا أحبة زماني
ضاع عنفوان مجدي المتنامي
و كل أثر لغلبة سلطاني
على أهل الإنس والجان
رمضان شهر شقائي
ومذلتي و هواني وخذلاني
يا أيها السامعون ندائي
المدربون على احترام ولائي
أخشى أن يطوق جيدي
بعد تقييد أطرافي كالعبيد
كل عشرية من شهر الله المجيد
الى يوم العيد المعيد
إلي حريتي فيعلو نشيدي
هذا هو حالي يا غوالي
إلى يوم حسابي وزوالي
منذ نزول آدم عدوي المثالي
الذي حسدته على حسن المآل
ورفضت لله امتثالي
بالسجود له ولم أبال
بتهديد الله لحالي
رغم سجود كل ملائكة المتعال
خشية من الله لحسن الإقبال
على الطاعة في كل الأحوال
رفيقة بن زينب /// تونس الخضراء

مَاذَا عليكَ ــــ الصّحبي سالمي


 مَاذَا عليكَ إذاْ أدنيْتَنِي وجــــــــــعًا *** مِنْ نار طَقْسِكَ اسْتَبْــــــكي وأنتحبُ

مضت غيومُك مُذْ وافيْتُها جَزِعًــا*** وخلّفتني بِنَذْر البــــــرْقِ أختضــب
لَا نجمة في سهوبِ الكفّ مُوضَأَة ***ولَا شراع بِبَاب الحَـــــــــانِ يجتذب
كلّ النّجوم غَدَتْ في الغَيِّ سَــادِرَة *** وخلّفتني بشُعْبِ الوَجْـــــــدِ أحتطب
هَبْ لِي عَصَاكَ عَساني استدلّ بها *** إن ضلّلتني دروب الغيّ، أنســحب
التِّيهُ يا أبَتِي غـرًّا تلبّســـــــــــــني *** فآنست وحشتي ما لسْتُ أحــتسب
مَوْلايَ ذرْنِي بِبَاب العشق منطرحا *** أهشّ عن ملكوت الوجد من كذبوا
هذا غريبٌ على باب الهــوى ورِع *** يلتفّ جذلانَ مثل الهــــــاءِ ينشعب
قد كان في ألفة الأسماء مغتــربًا *** والحرفُ دونه إمّـا همَّ يحتجـــــــب
مولاي لا بَيْت لي في العشق أسْكُنُهُ *** إنْ ناقلتْنِي دُرُوبُ الوجْد اضــطرب
وتظمَأُ الكأسُ في كفّي فأفرغــــها *** والنّفس عطشى، فإن بُلّتْ ستلتهب
جذلانَ أمشُقُ وَخْزَ السِّرِّ محتفــــيًا *** وأبسط الرّوح إن أَوْنَى بِيَ التّعــــب
خُذْنِي إلى حفْلكَ القُدسيّ في عـَـجَل*** واحضُنْ هوايَ لذاك الطَّقس أنتسب
إنْ بَاركَتْ مدن العشّاق ذاكــــــرتي *** عمّدْت دربَ الهوى ما عاد يصطخب
الصّحبي سالمي ــ بوحجلة/ القيروان /تونس

ارتضيت بك جار ـــــــــــ أسامه جديانه


 (((((( ارتضيت بك جار )))))

ارتضيت بك جار
وسعدت بجوارك
رويت الود بالطيب
اكتويت بنارك
تبدلت الاساليب
بعد ان انتهيت من بناءك
لم تراعي حرمة جار
و تغولت على جارك
سقف الجوار انهار
بسوء افكارك
انتهى بيننا الحوار
وكان القرار قرارك
اصبح للجيرة آثار
من ظلمك وتجبرك
شيدت بيننا الاسوار
سعدت عيوني بألا انظرك
وتألم قلبي بسوء الإختيار
عزف اللسان ان يلومك
مما شعر به من مرار
على سوء تعاملك
ليس لي في ذلك قرار
إلا ان أتجنبك
(((أسامه جديانه)))

القناع ـــــــ الشاعر سمير الزيات


 القناع

ـــــــ
1ــ مقدمة
رأيتُ الناسَ في كـلِّ البـقاعِ
فحار العقـلُ في شتى الطـباعِ
رأيتُ الناسَ كالأمـواجِ تجـري
تُلاطِمُ بعضها صـاعًا بصـاعِ
فذا وجـهٌ بريءٌ لا يُبـالي
وذا وجـهٌ تقنَّـعَ بالقنـاعِ
وذا مَرءٌ رقيـقٌ كالأمـاني
وذا مرءٌ فَـدُومٌ لا يُراعي
وذا خـلٌّ أتاني في سـروري
وفي حُزني مضى قبل استماعي
***
2ــ أنا وقومي
عجِبتُ لما أرى من أمـرِ قـومٍ
أضاعوني ، وهمُّــوا بالضَّياعِ
إذا أقبلتُ بالأمـرِ المُـرجَّى
تنكَّـرَ بعضُهم جَهدَ اصطناعي
تخطَّفَ سمعَهم مُحتالُ أمـرٍ
أتى بالأمـرِ غيرِ المُستطـاعِ
توشَّحَ من خداعِهِ بين قومي
فجاءَ النَّاسَ مرفوعَ الذِّراعِ
ليَخطُبَ في جُموعِ النَّـاسِ أمري
يسُبُّ مقولَتِي ، ويفُـلُّ باعي
إذا بالنَّـاسِ ينصرِفونَ عنِّي
وغُلَّ الصِّدقُ أغلالَ الخداعِ
فإن نطقَ اللسانُ هنا بحرفٍ
تنقَّـلَ غيرُهُ في كـلِّ باعِ
وتلدغُني الشفاهُ بقولِ زورٍ
وتنهشُني كأنيـابِ الأفاعي
وأصبحَ جمعُهم يحتالُ غيِّي
فما وجدوا بديلاً لامتناعي
***
3ــ السلطان
ويُحكى أنَّ في الأمثالِ فدمًا
ضعيفَ العقل ، مُختلَّ السَّماعِ
عقيمَ الفكـرِ ، مهووسًا ، يعاني
بداءِ المُلكِ ، منكوصَ المساعي
تغلغلَ في قلوبِ النَّاسِ حتى
تملَّكَ أمـرَهم دون اقتراعِ
فآنس في خضوعِ النَّاسِ مُلكًا
وأصبحَ أمرُهُ في النَّاسِ راعِ
توقَّفَ بعضُهم يدعونَ بعضًا
وكلُّ النَّـاسِ مدْعُوٌّ وداعِ
تأمَّرهم فيأمُـرُ ثمَّ ينهي
ويحكمُ حُكمَ سلطانٍ مُطاعِ
وفي يومِ المُنى والناسُ نشوى
بحبِّ عزيزِهم طولَ البقاعِ
أتى والشَّرُّ في عينيهِ يبـدو
أتى والوجهُ من غيرِ القناعِ
فيمسكُ في اليمينِ بزيف وجهٍ
ويُمسِكُ في شمالِهِ بالسباعِ
فباغتهم بجهـلٍ يعتريهِ
وطارد مُكرميهم كالرِّعاعِ
فأذعنَ بعضُهم والبعضُ فـرُّوا
فما عُرِفَ الجبانُ مِنَ الشُّجاعِ
فكبلهم قيودَ الذُّلِّ قهرًا
ويقتلُ من مشى في النَّاسِ داعِ
ويأخذُ مالهم ، ويطيحُ فيهم
ويضرِبُ بالسُّيوفِ ولا يُراعي
وصار العـزُّ في بلـدٍ كريمٍ
أسيرَ الذُّلِّ مكسورَ الذِّراعِ
وسَار بجندهِ في النَّاسِ يزهـو
يُباهي في سمُـوٍ وارتفـاعِ
يُبَـدِّدُ حُلمَهم ، ويعيثُ ظُلمًا
يُثيرُ الذُّعرَ في كلِّ اجتمـاعِ
فلـم يرعَ حقوقَ اللهِ فيهم
ولـم يسلِمِْ رعيِّتَهُ الدواعي
وأمسى فاغرًا شِدْقَيْهِ فخْـرًا
تعالى واعتلى من غيرِ داعِ
فلو وجدَ المُمَانِعَ ما تعـالى
وأخفى ضعفهُ تحتَ القناعِ
***
4ــ الوداع
وهذا من أُحِبُّ وقد أتاني
يُهدِّئُ ثورتي قبلَ الوداعِ
ويُقسمُ أنهُ يوماً سيأتي
يُروِّي لوعتي وجوى التياعي
وأَقسمَ أنني كلُّ الأماني
فإن طالَ الحنينُ فلا أُراعي
فجرَّبتُ المذلَّةَ علَّ يبقى
فولَّى مُسرِعًا دون استماعي
ولم يأْبَهْ ، ولم يسمَعْ رجائي
وأزمعَ هارِبًـا كلَّ الزِّمَـاعِ
وكنتُ أُجاهدُ الأشواقَ حينًا
وأبكي حبَّهُ دون انتفَـاعِ
فأنَّى سِرتُ تتبعُني شُجوني
وأنَّـاتي تُصرُّ على اتِّبَـاعي
وأفواه الجوى فُتِحت أمامي
تُريدُ النَّيْلَ مِنِّي وابتلاعي
فأحسستُ الحياةَ تضيعُ منِّي
وأنِّي ضائعٌ كلَّ الضيـاعِ
لقد مرَّت سنونٌ ذُقتُ فيها
كؤوسَ الشَّوقِ من غيرِ ابتداعِ
فما عَـرَف الفؤادُ لهُ بديلا
ولا عَـرَف المَلالُ سوى امتناعي
إلى أن جاء في يده بديلي
وحاورني بخُبثٍ وامتقاعِ
وأخبرني بأنَّ لهُ حبيبًـا
عظيم الشأنِ موفورَ المساعي
تمكن من هَـوَاهُ وما توانى
لأن الحظَّ يُؤْخذُ بالصِّراعِ
نظرتُ إليهِ أشكو نَـار قلبي
وأنَّـاتي ودمعي والتياعي
نظرتُ لكفِّهِ فوجدتُ فيها
قناعًا جلدهُ جلدَ الأفاعي
نظرتُ لوجههِ فعرفتُ أنِّي
خُدِعتُ مِنَ الهوى ومِنَ القناعِ
عرفتُ بأنَّني أَشْقيتُ نفسي
وأنَّهُ قد تمكن مِنْ خداعي
فما أخزاه شوقي وانتظاري
ولا أبكاهُ وجدي أو ضياعي
***
5ــ العالِم
وحادثتِ الشِّفاهُ حكيمَ قـومٍ
أتى بالعلمِ من كلِّ البقاعِ
فزادَ العقلُ إيمانًا بعلـمٍ
يُنيرُ الكونَ يبرقُ كالشعاعِ
تدارسَ علمهُ عقلاءُ ملُّوا
عقيمَ الفكرِ مِنْ جهلٍ مُباعِ
وأنكرَ جاحدٌ للعلمِ قدرًا
وأزمع جاهلٌ خلفَ الرِّباعِ
***
فهذا عالِمٌ بالخيرِ يدعـو
جموعَ النَّاسِ في خيرِ اجتماعِ
يُبشِّرُ مَنْ خطا للخيرِ باعًا
ويلعنُ من خطا خطو اللكاعِ
فأقبل مُذعِنٌ للأمرِ طوعًا
وأعرضَ مُعرِضٌ دونَ استماعِ
***
وهذا مُغرمٌ بالشَّرِّ يبغي
ضلالَ الناسِ في سُبُلِ الصِّراعِ
فيهمسُ بالوداعةِ همسَ سحرٍ
يُضلِّلُ باقتدارٍ وابتداعِ
يُزيِّنُ شَرَّهُ ، ويبيعُ وهمًا
ويُتقِنُ كلَّ أصنافِ الخداعِ
تجمَّلَ للورى في خيرِ وجهٍ
ويُخفي قُبحَهُ خلفَ القناعِ
فأَذعَنَ لاستماعِهِ كلُّ خَتْلِ
ومانعَـهُ بوعيٍ كـلُّ واعِ
تجمَّع حولَهُ الجُهَلاءُ حتى
تفشِّى أمرُهم في كلِّ باعِ
فسار بجمعِهم يحتالُ غـيًّا
يدوسُ بشرِّهِ كلَّ البقاعِ
ليقتلَ عالماً للعلمِ يدعـو
بقلبٍ جاحدٍ دونَ ارتياعِ
فلا مات الحكيم ، ولا تهاوى
مَعَ الأيام علمٌ بارتداعِ
فقوله في القلوبِ له رنينٌ
وحكمتهُ أنارتْ كالشعاعِ
ومازالت رياحُ الشَّرِّ تدوي
ونورُ الحقِّ من دونِ انقطاعِ
***
6ــ خاتمة
غريبٌ أمـرُ دنيانا غريبٌ
وجودُ الصِّدقِ في كهف الخداعِ
عجيبٌ أمر دنيانا عجيبٌ
وجود الحبِّ في سُبُلِ الصراع
فكلُّ الناس في خيرٍ وشرٍّ
وكلـهم ضَعيفٌ للدواعي
فهل للموتِ غيرُ اللهِ قاضٍ ؟
وهل للناسِ غيرُ اللهِ راعِ ؟
فما بالُ الخليقةُ لا تُبالي
بمن خلقَ الحياةَ ولا تُراعي
فبعضُهمُ تمادى في هواهُ
وبعضُهمُ تقنَّعَ بالقنـاعِ
يُبدِّلُ خِلقَةَ الرحمنِ حينًا
وحينًا وجهَهُ دون ارتياعِ
أيحسبُ أنهُ يحيا طويلًا
وأنَّ الموتَ يغفلُ أو يُراعي
فمن يأمل بأن الموتَ ينسى
لِيَفعَلْ ما يرى دون ارتداعِ
***
الشاعر سمير الزيات