علي بن الحسين ع في ذكرى استشهاده ٢٥ محرم ٩٥هـ
(٢٥محرم ١٤٤٣ – الجمعة: ٣ / ٩ / ٢٠٢١)
بقلم سيدمحمدالياسري
جاء بالأثر إِنَّ علي السجاد ع بكّاءٌ ، وإنّه ما وضع له طعام الا وقد بكى ، وهذا معروف تاريخيا ومتناقلا ، مع انه (ع) علل لذلك ، وعلل من بعده الائمة ع ، إلا ان للبكاء غايات وعلل أخر ، في رواية ان احد مواليه ذكر له : (أما إن لحزنك أن ينقضي ولبكائك ان يقل .) وفي رواية أخرى فيها لفظة فيها نقاش بين الشك واليقين ، الا اذا صرفت باتجاه اخر وهي مفردة ( الهالكين ) ، التي جاءت : (إني أخاف ان تكون من الهالكين .) ومع جواب الامام المفصل الا انه تستوقفنا جملة فيه : ( وأعلم من الله ما لا تعلمون )
وفيها أوجه :
الوجه الأول : ان الخادم يقصد هلاك الجسد من التعب والحزن وهذا ماموجود كمفردة مازالت بالمواساة عندما نرى شخصا كثير الحزن على فقيده نقول له لاتهلك نفسك ، لذا قدم مفردة الخوف دليل على انه قلق على سيده ، اما جواب الامام عن علم الله هنا انه لايهلك اويمرض من الحزن بل بامر اخر كدس السم له في الطعام .
الوجه الثاني : ان الخادم علم ان البكاء يقلق بني امية ، واراد ان يقول انهم سوف يهلكونه بقتله ، او تعاد المعركة مرة أخرى وقد مر الامام بمضايقات وحصار في مثل هذا ومراقبة شديدة ، ولاسيما على البكاء ولعل فرض نقل السيدة زينب ع من المدينة كان سببه البكاء وبث الحزن والحديث عن عاشوراء وما كان فيها من مأساة ، لذا كان جوابه عن التفصيل لـ( الطف) وذكرها وهو يعلم من الله مدى الخطر ويعرف مداه.
الوجه الثالث : كلمة الهالكين تدل على هلاك الاخرة وهذه على :
الدالة الأولى : ترتبط بما يروجه بني امية لتضليل الناس حول قضية الحسين ع وما اجروا من إجراءات حول البكاء وحرمته حول الحسين ع ، لذا فصل الامام هذا وفتح المجال ولاسيما ( بث الحزن ) الى نهاية الحديث ، كم قرن له بدليل قرآني في قصة يوسف ع وهي حي مع علم الاثنين الاب والابن بالحياة ، الا ان البكاء استمر فكيف بزين العابدين ع وهو رأى مارأى من قتل وتمثيل وسب وسبي وتنكيل وتجريح ، وبهذا سد الخلاف وانهى الحجج .
الدالة الثانية : طرح قضية الحسين ع وسبي عائلته ونشر القصة بالدراية ، ومعاملة بني امية للنساء وحدها تثير البكاء ، والبكاء على الإسلام وضياعه من حيث تسبى عائلة الرسول ص ، وهي البداية النهاية لكشف فريقين ، المسلم وغير مسلم تلبس بالإسلام وحرفه ، وبهذا اقتران البكاء بالقصة من حيث الديمومة دالة على الفضاعة والفضاعة لم تتمثل بقتل ريحانة رسول الله ص وحسب بل خروج القتلة من ملة الإسلام ولاسيما ان الحسين ع خاطبهم وأشار الى خروجهم من الإسلام ودعوته اليهم ان يكونوا أحرارا بعد خروجهم ، بل دليل على الصور الفضيعة والمؤلمة والتي عبر عنها اهل البيت ع ان قصة الحسين ع المروية لو وصلت كما يشاهدها علي السجاد ع لما تحملها بشر!؟
الدالة الثالثة : ترسل هذه الكلمة خاصتها للمواليين في المستقبل ، كما يحدث الان من بعض الشيعة بالسؤال : ما داعي ان ابكي على ١٤٠٠ سنة ؟ اليس الحسين في الجنة فما داعي البكاء ؟ فهي ترسل إشارة الى استمرارية الحزن والبكاء الى الموالين وعدم انقطاعة ولهذا ورد عن اهل البيت ع مجالس البكاء وذكر الحسين ع، واستمرارية الحزن كأنه اقرب للوجوب فاذا كان امامك يعمل هكذا فلماذا لاتعمل ؟ وكأنه جواب عن تساؤلات البكاء فلو كان فيه هدأة وسكون لسكن علي ع ، كما وردت روايات عن اهل البيت ع في بكائه بل دموعه تبل طعامه وتختلط به منها عن الصادق ع : ( ان جدي زين العابدين بكى على ابيه اربعين سنة صائما نهاره وقائما ليله وكان يقول ع : قتل ابن رسول الله جائعا ، قتل ابن رسول الله عطشانا . فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه ، فلم يزل حتى لحق بالله تعالى ) ، يظهر ان الروايات بين ثلاثين وأربعين سنة ، لان استشهاد الامام الحسين ع ٦١ هـ واستشهاد السجاد ٩٥هـ أي انه عاش بعد واقعة الطف ٣٤ سنة وهناك روايات تقول بين ٩٢ هـ الى ٩٨هـ وفي كلمة أربعين اما تقربية أي من ٩٦ الى ٩٨ وبهذا يكون اعلى من ٣٥ وهي تقرب للاربعين او انه استشهد سنة ١٠١ هـ وهذا مالم تأت به رواية او دليل .
علي بن الحسين ع ، هل هو آخر البكائيين ام هناك من اكثر منه بكاءا ، كما جاء باثر (الناحية) انه آخرهم ومهديهم، يبكي دما ، وما أشار اليه بالمجلس بخطبته ان الخلافة بهم ولهم والنهاية تصاغ صياغة منهم ومن ذريتهم ، لخطبته وقفة طويلة لايمكن التكلم عنها هنا ، في النهاية أعظم الله لكم الاجر والثواب باستشهاد الامام زين العابدين السجاد الامام علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ع.