سلام الله على القرّاء الكرام صُنّاعُ الثّورة الثّقافية في كلّ الأحْقابِ والعصور
حينما تُسْتَعْبَدُ الأنْفُسُ والرّقابُ وينْتشرُ في المُجتمعات الخرابُ تَطْغى شريعةُ الغاب وتوصَدُ في وجه الكلّ جميعُ الأبواب إلاّ نوافذُ الشّعراء والأُدباء والكتّاب.يصارعون الطّاغوت بأحرفهم وأقلامهم ويقاومون بخواطرهم وأفئدتهم وأشعارهم .فهم دعاةُ التّحرير والإنعتاق وحماةُ العقيدةِ بالتّنوير والبعث والإشراق.يصنعون من الحروف ذخيرة ومن الأقلام سهاماً.وما رَمَيتَ إذْ رَميتَ ولكنّ الله رمى.
وفي هذا السّياق يأتي دور القرّاء صُنّاع الثّورة الثّقافية بتوجيه من الكتّاب والشّعراء والأدباء.فهم أرواح الكتابة وجُيوشُها.بهم ترقى وبها يرتقون وبالمطالعة والمواظبة يستمرّون.حتّى إذا أزهَرتْ قرائحهم وأثمرت عزائمهم نهضوا نهضة رجلٍ واحدٍ فطلبوا التّغيير بالأسْبابِ وفتحوا المُغْلَقَ من الأبواب وطالبوا بالمُحاسبةِ وعدمِ الإفْلاتِ من العِقاب.وهذه القصيدة تتناول ما أسْلفتُ الخَوْضَ فيه.
شعوبُ البطنِ
أراد الحاكمونَ لنا انحلالا***لنبقى في الفـــــــساد لهم مجالا
فصاغوا مهرجاناً للأغاني***كأنّ الفــــــسقَ قد أمْسى حلالا
ونادوا في المنابر بانْفتاحٍ***به الإعـــــــلامُ ضــــلّلنا احْتيالا
وفي وسط الرّباط أُقيمَ عرسٌ***به الشّبّانُ قد عشقوا الضّلالا
فهل حكّام أمّتنا استُبيحوا؟***أم الأوهامُ أفْــــسدتِ الخصالا؟
////
أنا ما قلتُ قولاً مُسترابا***ولا خُنْـــــــتُ اليراعَ ولا الكتابا
أقاوم ما استطعتُ الحَــــيْفَ نظما***وبالألفاظ أنتزعُ النّقابا
ولي في أحْرُفي أملٌ كبيرٌ***لأنّ سطورها تحْــوي الجوابا
تلاوتُها بها التّرتيلُ يرقى***فيُنْــــــجِبُ في تفكّرنا الصّوابا
وإن يك غالها نهجٌ عـــقيمٌ***فإنّ بيانها اختــــرقَ السّـحابا
////
أحقٌّ أنّ نكستنا تزيدُ؟***فبيّنْ أيّها النّاعي المُـــــــــــــشيد
ومن يحمي حمى التّعليم أم منْ***يجـدّد بالثّــقافة ما نُريد؟
أُصيب الفقـــه بالأَعْطابِ لمّا***تغلغلَ في تفــكُّرنا الوعيدُ
يُقالُ لنا غداً سنرى جديداً***فتأتي نحــــــو قريــتنا الوفودُ
وبعد غدٍ يُفاجئنا انحرافٌ***بمال الشّـــعب تنْهــــبُهُ القرودُ
////
غرستُكِ في فؤادي يا بلادي***وحُبُّكِ قد تجسّد في انتقادي
أردتك أن تكوني مثل أمّي***أبادلك المـــــــــحبّة بالوداد
وأكره أن أراك بلا مصير***ولا أمل يقــــود إلى الرّشاد
ولو طلبوا الفداء أتيت طوعا***وقلت لك افتديتك يا بلادي
فأنت حبيبتي ومنى حــياتي***وأنت الأمّ في عقد ازديادي
////
شعوب البطن يحكمها الطّعام***بشرعنة يقنّـــــنها النّظام
وما الحكّام إلاّ صنع شعب**ولولا الجوع ما انبطح الأنام
ولست بتارك قلمي وحبري***إلى أن يستجيب لنا السّلام
خذوا العهد الأكيد طوال عمري***بأنّي لن يخوّفني اللّئام
سأبقى رافعا علم التّحدّي***وصـــــحوة من تعـهّد لا تنام
////
بَكت ليلى وحقّ لها البكاء**وفي فصل الرّبيع أتّى الشّـتاء
أتصحو يا أخيّ معي إذا ما***نفوس النّاس جمّدها الغباء؟
فما نخشاه هاجمنا بعنف***وليس لدمع ذي حـــــسب شفاء
تصدّعت القرابة في بلادي***وهبّ البغــض فانتشر الوباء
وزغردت الرّذيلة ثمّ صاحت***ألا نامــوا فصــحوتكم هراء
////
نُروّض بالهراوة كالبغال***سواء في الجــنوب أو الشّــــمال
كأنّ القمع للجوعى دواء***يعالج من تمــــــــــــرّد بالنّـــكال
وقد وصفوا لمغربنا دواء***سيصــــلح للنــــسّاء وللرّجـــــال
لِنصبح في مواطننا رقيقا***نطيع الأمر في لحـــس النّــــعال
ومن طلب التّحرّر ذاق بطشا***وعلّق في المخافر بالحـــبال
////
تَجمّع حول عورتنا الذّبابُ***وفي أوساطنا كـــثُــــر الكلابُ
نُعلّم نسلنا شططاً وزوراً***وذلك في الحـــــيــاة هو الخرابُ
ونزعمُ أنّنا للخيرِ نسْعى***كأنّ النّاسَ للــعـــــدْوى استجابوا
وما التّحريرُ للإنسان سهلٌ***ولا الأوهامُ يقبــــلـها الصّوابُ
ومن شاءت إرادته التّحدّي***ستحنو عبر قدرته الصّـــعاب
////
ُشعوب البطن توصف بالحثاله***وترمى مثلما ترمى الزّباله
شعوب البطن ليس لها انتظار***وتلك طباع من فقدوا العداله
قطيعا من بني الغوغاء تاهوا***فضلّت في مواطننا الأصاله
وعربدت المساوئ في نفوس***وساوســها تجاوزت الضّلاله
فيا رحمان بالتّغيـــــير فرّج***فإنّ الشّعب أصــــبح كالحثاله
محمد الدبلي الفاطمي