أسْألُ عَنْ أُمَّةٍ قِيلَ إنَّها عَريقَة
في المَجْد و السُّؤْدَدِ و العَظَمَة
أشارَ إلَيْها التّاريخُ بالأمَّةِ العَرَبِيَة
ذُكورٌ لَمْ تَنْبُتْ في وجْهِهِم اللِّحْيَة
بَيْنَهُم ضاعَ صَوْتُ الأقْلامُ الحائرَة
تَكَلَّمَتْ فَهِمَتْها الأحْجارُ الصّامِتَة
تَعِبَتْ و لَمْ تُدْرِكْ قَوْلَها العَشيرَة
أُمَّةٌ تَسْتَهْلِكُ و لا تُنْتِجُ الحَضارَة
تَتَقَدَّم الأمَمُ و هي تَحْتَلُّ المُؤخِّرَة
دُوَلٌ تَبْني دِيارَ العِلْمِ الدِّيمُقْراطِية
دُوَلُ الظُّلْمِ أسَّسَتْ لِدُوَلها الجامِعَة
أمِينُها شاهِدُ زورٍ عَلَيْنا قِراءَةُ الفاتِحَة
ماذا أقولُ و القَوْلُ وَراء القُضْبان
عِنْدَهُم التَّفْكيرُ مَمْنوعٌ على الإنْسان
الأقْلامُ الحُرَّةُ تَخْشى عَبَثَ الصِّبْيان
شَيَّدوا عَلَّوْا رَفَعُوا زادُوا في البُنْيان
لا أحَدٌ يَرى ما يَجْري وَراءَ الجُدْران
خَلَّفوا تَرَكوا لَنا ما يُؤْذي الوُجْدان
الاسْتِبْدادَ و أشَرَّ ما يُؤْلِمُ الأجْنان
رَهَنَ بِه الذي يَحْكُمُ ذاك المَكان
الطَّاغِيَةُ يَتَفَنَّنُ في صِناعَة الأحْزان
خُذْ ما تُريد الثَّرْوَةَ اِتْرُكْ لَنا الأوْطان
أما يَكْفيكَ أنَّكَ بِعْتَ كَرامَةَ البُلْدان
حَذارِ مِن عَواصِفِ اِنْقلابِ الأزْمان
أعْذَرَ مَنْ أنْذَرَ و الشّاهِدُ الرَّحمان
لا أحَدٌ مُخَلَّدٌ أَوْ خُلِقَ لِلْبَقاء
مالٌ مَوْفورٌ اِسْتَعْمَلوه لِلْبَلاء
بَدَلَ إغاثَةَ و إطْعامَ الفُقَراء
كَثيرُ الوَهْمِ مُجْلِبٌ لِلدّاء
الاطْمِئْنانُ مُجْلِبٌ لِلدَّواء
الصَّبْرُ مُجْلِبٌ لِلشِّفاء
الاخْتِلافات كالأوْباء
الاسْتِمْرارُ في الأخْطاء
أعْلى دَرَجَات الغَباء
مَهْما لَبِسَ الأغْنِياء
أغْلى ما في الأشْياء
مِنْهُم أتْفَهُ البُلَداء
لا أوَدُّ الانْتِقام و الانْتِقاء
المَعْرِفَةُ بُستانُ السُّعداء
أيْنَما يَحْكُمُ الجُهَلاء
فَرَّخَ الظُّلمُ التُّعَساء
كَيْفَ نُواسي الضُّعَفاء؟
الغَريبَ مِنْهُم و الأشِقّاء
الأطْفالَ الشُّيوخَ النِّساء
تَحْتَ رَحْمَةِ بَرْدِ الشِّتاء
يَحْتاجونَ الأَكْلَ الغَطاء
المَرْضى الجَرْحى الدَّواء
تُسْمَعُ الصَّرْخَةُ و النِّداء
لِحَناجِرٍ يَنْتَظِرُها الفَناء
يَنْتَظِرُها مَجْرى الدِّماء
و غُرورُ الطُّغاةِ وَجْهٌ لِلْجَهْل
فَلا تُطْلَبُ المَحَبَّةُ مِنَ الجاهِل
صَرَفوا العُمْرَ في أذى الرِّجال
شَرُّ عُقُودٍ أصابَ حَتَّى الأهْل
لَكِنْ مَهْما طالَتْ ظُلْمَةُ اللَّيل
الشّمْسُ طالِعَةٌ لِتُذيبَ الذُّلّ
لِتَحْرِقَ المِزْمارَ و الطَّبْل
فَيُصابُ المُنافِقونَ بالشَّلَل
و لَنْ يَنْفَعَ الطَّاغِيَةَ المال
المَسْروقُ من قُوت العِيال
و لا قِبْلَةُ الصَّهْيونِيِّ المُحْتَل
هَلْ مِنْ مُهتَدٍ يَعودُ إلى الفَضْل
طنجة 09/02/2021
د. محمد الإدريسي