الخميس، 25 أغسطس 2022

قراءة في قصيدة قالت أحبك للشاعرة د زهيرة بن عيشاوية بقلم الأديبة حبيبة محرزي

 Zouhaira Ben Aichaouia 


  قصيدة وجدانية للشاعرة د زهيرة بن عيشاوية على بحر الكامل بحر يتسع لكل آهات العشاق وصهيل الحكايا عند الشعراء منذ الجاهلية إلى اليوم .

قصيدة بإمضاء عاشقة من طرف واحد ام حبيبة تطلب تجديد وصل ؟

القصيدة دون عنوان .وهي لم تخرج عن نسق القصيدة التقليدية من حيث التصريع في البيت الاول والروي الذي وان لم تلتزم به الشاعرة وهو من علامات التجديد فان القافية التي تنتهي بحرفين رخوين عليلين .والدلالة هذا التاوه والوجع والضعف 

الاستهلال قصصي حكائي قد يكون في تناصّ مع قصة عمر ابن أبي ربيعة "قالت الكبرى ...قالت الوسطى ..قالت الصغرى... وكأننا أمام نص قصصي قائم على الحوار "لكن وان عدد عمر القائلات فإن الشاعرة أبقت على القائلة المفردة ليصبح الفعل"قالت"المنقضي في الزمان الماضي خبرا بينا ثابتا تتوالى مقولات القول وهو تكرار ترأس جل أبيات القصيدة فأحدث ايقاعا موسيقيا وجدانيا يحيل على نقص ما تكابده القائلة ليجعل من النص وحدة متكاملة تتماثل فصولها في الحاح وتأكيد وتذكير بالاعتراف صراحة والتكرار والتأكيد"احبك" وهذا الاعتراف فيه خروج عن المعروف والمألوف خاصة في المخيال العربي والذي لا يثمن اعتراف المرأة بالحب للرجل والذي بدأ في هذه القصيدة المتمنع الهاجر. فتنعكس الصورة ويصبح الرجل معشوقا في اتصال مباشر مرتبط بنفسية الشاعرة ساعة مقول القول .هذا التكرار بأبعاده الفنية الدلالية يقتضي متلقّيا غائبا لكنه مفترضا في ذهن الشاعرة والقارئ أيضا ولو اعتمادا على الافتراض أو التخيل "قالت" فعل به تدرج الخطاب الاحاديّ من مجرد البوح "أحبّك"والاعتراف بالحب ونفي الاكتفاء والناسخ "مازال قلبي.." الدال على الاستمرار و"العطش "العاطفي للحب .إثبات حالة ليتكرر القول والبوح مع تدرج في وصف الحالة المتغيرة تصعيدا وتازما لا تراجعا وانفراجا ليكون النفي المطلق في الماضي "لست.." لإبراز اللهفة والغرام ليتغير النسق إلى الاخبار واثبات حالة المحبة "اشتدّ...مال..."تأثير الحب والوجد والبعد لتتخلص الشاعرة من الاخبار إثباتا ونفسيا إلى الانشاء الطلبي .وهي المرحلة الثانية أو الدرجة التي بنت أسسها بالاعتراف ووصف مظاهر الوله والحب . 

هل سمعت تنهدي؟

وصهيل قلبي المتعب المتهجد؟استفهام عن مضمون الجملة جوابه بنعم او لا .وحسب ما سبق فالتنهد واصل مسموع بقافية ممتدة وصهيل قلبي ...انزياح لتحرير الوجدان ورمزية القلب المتعب ليكون الصوت لما لا صوت له بل إن التناص واضح بين "قلب ...متهجد" وصلوات في هيكل الحب" لشاعر الخضراء الشابي ليخرج الاستفهام من معناه الظاهر إلى الإنكار واللوم .خاصة بالطلب "الأمر"انظر " بعد حاسة السمع الحاضرة كوسيلة إبلاغ وتنبيه يكون البصر فيها اقدر على فهم حقيقة المحب مع افتراض الممكن "أن مر طيفك..." ليصبح حقيقة ممكنة وفي ذلك حث على القرب والوصل .

لتضفي على هذه العلاقة العشقية صفة القداسة في انزياح روحي ديني يسمو بهذه الصلة إلى مصاف الرفعة والعلو والقيادة "محراب" مع التأكيد على الالتزام مع التشبيه التمثيلي الصريح بأوجه شبه متعددة حاصلة باتة 'خشعت....مثل المؤمن ..المتعبد...ليكون الناسخ الحرفي"كانّ" التشبيه والتناص البين مع النبي المجتبى."وكان حبك معيدي أو مسجدي" والتشبيه متعمد لتقريب الصورة واعطائها بعدا أسمى من المألوف المعروف الذي جرت به العادة 

دلالات القصيدة .لأن بدأت القصيدة ببوح وغرام وهيام مستقى من مقول قول لشاعرة ثابتة معلومة فإن المخاطب او المحبوب يبدو في وضعية الغائب بل الحاضر في الذاكرة وما تؤثثه من مواقف وحالات نفسية وجدانية بلغت حد الشكوى والتنهد بمعجم بعضه غزلي عشقي "الحب..الشوق..القلب.. الفؤاد..." وبعضه من سجل ديني فداسي عقائدي" المتهجد...محراب ..خشعت...المؤمن . المتعبد...النبي ...معيدي...مسجدي"

قصيدة وجدانية بكم من الأسى والوجع بمعجم يرقى بالعلاقة بين المحبة والمحبوب إلى القداسة والسمو والعلو بعيدا عن الأمور الدنيوية العادية المألوفة .

قصيدة وجدانية بمعجم يجنح فالمتلقي في عالم الحب والعشق والغرام والهيام بمقول قول شاعرة خرجت عن صف المألوف لتسمو إلى عالم القداسة والصفاء في الحب اجمل ما يتحمل به الإنسان في علاقته مع الآخر . .

حبيبة محرزي 

تونس


     القصيدة

قالت أحبك ما اكتفيت من الهوى 

مازال قلبي من غرامك ما ارتوى


قالت أحبك والفؤاد متيّم 

قد ذاب مابين الصبابة والجوى


قالت أحبك لست أخفي لهفتي 

والقلب من فرط الغرام قد اكتوى


اشتد حبل الشوق فتّت أضلعي 

مال الفؤاد إلى الوصال وما استوى


قالت أحبك هل سمعت تنهدي ؟

و صهيل قلبي المتعب المتهجدِ ؟


أنظر لعيني كم يزيد بريقها

إن مر طيفك قرب قلبي المجهدِ 


محراب عشقك قد لزمتُ جداره

وخشعت مثل المؤمن المتعبدِ 


فكأنني صرت النبي المجتبى 

وكأن حبك معبدي أو مسجدي


د. زهيرة بن عيشاوية 🇹🇳

                             

           Zouhaira Ben Aichaouia




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق