الخميس، 11 فبراير 2021

مدينة القهوة بقلم منى الماجري

 مدينة القهوة

أتعقب تلك العجيبة القهوة ..
أتعقب القهوة الشادلية وكل مشتقاتها كلما غادرت البيت..
أذهب إلى العطار ،أقبض عليها في كيس وأعود بها ،أدخل البيت بفخر العاثر على كنز ..
عندما أذهب الى المول ،أجوبه على غير هدى ،لاشيء فيه يستوقفني فعلا..
قد يكون مليئا بالمغريات التي لم تعد تغريني ..
أجوبه لأصل فيه إلى آخر نقطة في وهي نقطة القهوة ،في هذا المكان أكون أشد فخرا لأنني أعثر على أجود أنواع القهوة الإفريقية ..
سمراء حبيبتي القهوة وأنا في آخر نقطة من شمال افريقيا ،لا يعز البرد عندنا أبدا ،نحتاج دوما إلى التدثر بدفء القهوة وجلدها الأسمر..
هل أكون مللت انفراج لون الشمال الافريقي؟
أوأنا لا أدري أصاب بلعنة صديقات مصطفى سعيد حين يصبحن شمالا يحن إلى جنوب ؟
لا أدري! ،كل ما أدريه أنني أوصي المقيمين في بلاد الكفرة والأنبياء أن يتحفوني بأنواع نزقة من القهوة ،مثل أهلها ،يطحنونها وهم يركبون النزق ،هكذا يبدو لي ،فتأتي قهوة عارية الرائحة فاضحة الشهوة إلى الأقداح الحيرى ..
يسألون ،هل توصين بثوب ؟ فأقول أوصي بالقهوة ..
ويرددون هل توصين بعطر فأقول أحب عطر نساء أثيوبيا ونساء كينيا ذلك العطر الذي يدثر المرأة هناك ،إنه أشبه بالشمس التي لم أعد أحفل كثيرا بها هنا ،تعلمون ،كل ذلك أشمه في رائحة قهوة تلك البلاد ..
أنا لا أغادر البلاد كثيرا ،ولكنني أجوب البلاد عبر روائح القهوة ..
أتخيل جلسة غناء على الرصيف العتيق
جلسة سكرى بروائح القهوة ،أرقص فيها دون عناء التفكير في عيون الموت المحدقة من كل اتجاه ..
أتخيل قهوة في المقهى الجامعي على أنغام ضحكات الشباب الحالمة،
في ذلك العام كنت أطلب قهوة بالحليب
وكان زميلي يطلب قهوة مضغوطة
كان عندما يسخر قائلا هذه وجبة أطفال وكنا نضحك جدا وكان لا يعلم أنني سأبقى خيمة لمدينة الأطفال ..
أتخيل ثوبي النزق ،وكان قليل النزق ، ذاك الذي لبسته ذات عام، فأبهر من حولي وقالوا لي لماذا كنت تخفين كل هذا الجمال ؟
أتخيل تنور أمي الأحمر والقهوة تشرق فوقه
بالألفة والحب وأسراب الوئام..
أطارد القهوة في أنحاء الدنيا وأفتقر الى طعمها عاما بعد عام،
تقول الأيام هل أنت واثقة أنك تطاردين القهوة ؟
وأجيبها ،بل أنا أطارد الشغف بالوقت ،أطارد
الضيق بزمان لا يشبه الأزمان ،أطارد امرأة تسربت بين أصابع العمر ولم تترك بعدها خريطة
أقفلت الباب وراءها ولم ترسل إلى اليوم مرسولا ولا جواب
منى الماجري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق