الثلاثاء، 9 أبريل 2024

رمضانُ والعيدُ وغزّةُ بقلم الشاعر محمود بشير

 رمضانُ والعيدُ وغزّةُ


رمضانُ  أدبَرَ عيدُ الفِطْرِ يقتحِمُ

           و(غزَّةُ)الصَّبْرِ مازلَّتْ لها قدَمُ


تُضَمِّدَ الجُرْحَ لا تشْكُو مواجِعَهَا

     وتكْبِتُ اللّوْمَ فَ(الأعرابُ) تلْتَجِمْ


قد بدَّدَتْ جوعَها بالصَّوْمِ ما وهَنَتْ

       فجُوعُها إن غَشاهُ الصّوْمُ ينْكَتِمُ


مهما تُقاسِي فإنَّ النَّصْرَ هاجِسُهَا

      والنَّصْرُ بالصَّبْرِ كم فازَتْ بهِ أُمَمُ


يا(غزَّةَ)الصَّبْرِ نصرُ الله ِمُرْتَقَبٌ

         فعزِّزِي النَصْرَ بالأعيادِ ينْسَجِمُ


وكايِدِي(العُرْبَ)لا تَرْجِي مكارِمَهُمْ

    قدآثَرُوا الذُّلَّ قد نامَتْ بهم هِمَمُ


أنتِ المُرَجَّىٰ فعيْنُ الله ِساهِرَةٌ

     تَوَسَّلِي النَصْرَمهمااستَفْحَلَ الألمُ


محمود بشير

2024/4/9



الاثنين، 8 أبريل 2024

اللهم..ﻻ تحرم فقيرا او يتيما من فرحة عندما يأتي العيد..يبكي الفقير بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 اللهم..ﻻ تحرم فقيرا او يتيما من فرحة

عندما يأتي العيد..يبكي الفقير
نغفل فتغيب أفكارنا نحلم فنهيم في الخيال نسرح،ونمرح وننسى من حولنا..نبتسم حين تحيط بنا السعادة ننسى الألم..نسرح في عالم النسيان..
ننسى أن هناك ألم في قلب فقير وقد لا تكون ضمائرنا ميتة..ولكنها راقدة مع النسيان..!
تحتدم المواجع وتستيقظ جراحات المكسورين،فينز منها دم الحاجة وأمصال القهر والحرمان، إذ لا وجع يوازي عجز الأب أمام "أمعائي خاوية..يا أبتي" أو "أين كسوة العيد..يا أبتي" أو منذ عام لم آكل لحماً،ومنذ أشهر لم أتذوق الموز والحلوى.
عجز الآباء ينكأ الجراحات،بمعظم بلداننا العربية،أمام مصاريف كبيرة،ويزيد من نزيف جراحات الأهل وشعورهم بالعجز،ولا حول لهم سوى القهر وانتظار آمال تتبدد تباعاً،بعد غلبة "الثورة المضادة" على تطلعات ما يسمى تعسفا على الذكاء الإنساني ب"الربيع العربي" وتهدم أحلام شعوب المنطقة بعيش آدمي وعدالة بتوزيع الثروة.
في اليوم الذي يضحك فيه كل الناس،ويفرح ويمرح فيه الجميع،ويرتدي الكل صنوف الأردية والحلل،ويتبادل الأحباب والأصحاب فيه الهدايا والزيارات .
في هذا اليوم بالذات يبكي الفقير،تذرف عيناه بالدموع وتكون تلك الدموع حينها من دم.
تمر عليه لحظات العيد بطيئة رتيبة،لحظات انكسار وانهزام صعبة جدا..ما أثقلها على ذلك الفقير الشريف العفيف الذي يأنف أن يمد يده إلى الغير..
يشعر المسكين بالنقص والذل،وهو يلتفت يمنة ويسرة فلا يرى إلا الخيبة أمامه،فيمر العيد عنده كأي يوم عابر،لا نكهة له ولا طعم،ولا أي شيء يمكن الوقوف عليه؛سوى أن العيد مناسبة فقط لتعميق جراحه وفتح أبواب همومه وغمومه على مصراعيها..
ينظر إلى الأسواق مزدحمة،والمعارض ممتلئة،والطرقات مكتظة بالمارّين ومعهم فلذات أكبادهم،قد ارتسمت الفرحة على محيّاهم،فرحين مستبشرين بملابسهم الجديدة الذي جعلت لهم من العيد أعياد..
ينظر إليهم،وقلبه يحترق،وفؤاده يمتزق،ثم يسارق النظر إلى أكباده الحيّة،فتنهمر دموعه سحّاّء على خديه،فتكون غُنية عن الكلام واكتفاء..
ما أقساه من موقف وأنكاه..!! (رب اغنه).
ما أريد أن أقول ؟
ونحن على مشارف عيد الفطر السعيد الذي تتحد فيها المشاعر الإنسانية في كافة ارجاء المعمورة،وفيها تتحد الامنيات وتتشابه الكلمات والعادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية النابعة من الاديان السماوية التي جعلت للاغلبية من الفقراء والمستضعفين والمحتاجين الحق في الرعاية المتنوعة من الدولة ومن مختلف شرائح المجتمع وخاصة الغنية والثرية والمتخمة بالاموال المجمدة في البنوك،نؤكد بنفس الوقت ان الاديان السماوية وعدت الاغنياء برضاء الله وثواب الآخره إذا اتبعوا تعاليم الدين وساروا على مبادئه،فالدين الاسلامي على سبيل المثال فرض الاحسان كجزء من العبادة بل جعل الزكاة ركن من اركان الدين،وهذا يعد عاملاً من عوامل مساعدة الفقراء والمحتاجين يؤدي بدورة الى التعاطف والتساند والتكافل بانواعه بين الجميع حماية للفرد وحماية للمجتمع ودعم للاسر المحتجة ودمجها في الاعياد الدينية وخاصة أعياد الفطر السعيد والاضحى المبارك.
وهنا أسأل : هل هناك اجمل واروع من رؤية الاطفال الفقراء يشاركون اطفال المجتمع فرحتهم في العيد،ويندمجون معهم في المشاعر والمواقف السعيدة ونشركهم في فرحة العيد وفي متعته وحلاوته وسروره، حتى لا يطغى على الفقراء شعور بالكبت والحرمان والحزن ودرف الدموع وخاصة من قبل اهالي الاطفال الذين لا يستطيعون توفير الملابس لابنائهم فلذات اكبادهم، ويا له من موقف مؤلم وبائس ان يقف الاب والام عاجزين عن شراء ملابس جديدة لابنائهم لارتدائها في العيد. ولا ننسى وجود فقراء مرضى وذوي احتياجات خاصة ومتسولين ومساجين وعائلات مستوره عفيفه لا يعرف عن فقرها وحاجتها واحوالها إلا الله سبحانه وتعالى.
مسك الكلام: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاضدهم كمثل الجسد الواحد،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.يا ليتنا نحول هذا الحديث النبوي الشريف إلى سلوك عملي وليبدأ كل واحد باهله واقاربه وجيرانه ومعارفه،فما أسعدَ المجتمعَ إذْ يتراحمُ أهلُه في المجالات كافة.كل عام وانتم وفقراء الوطن بخير.
وهنا أختم :ربما كل عام وأنتم بخير لا تطاول جلّ شعوب المنطقة المقهورة،فلا خير سيطاولها ما دامت أسيرةَ مستبدين يرون أن الأوطان تبدأ من قائمة الكرسي وتنتهي عنده،وربما بمرور الأعياد،فرصة متجددة لتجرّع الآلام واستذكار أين كنا وما حلّ بنا..!
اللهم بحق هذه الايام الطاهرة المباركة نور قلوبنا بنورك الكريم وارزقنا العفو والعافية ومتعنا بنعمة الأمن والامان والاستقرار يا ارحم الراحمين.
محمد المحسن

• السّقف المحفوظ بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... تونس.

 • السّقف المحفوظ 

((وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) الأنبياء))

((معظم النّاس الذين يراقبون السّماء لا يفكّرون في الوظيفة الوقائيّة للغلاف الجوّيّ. ولا يرون ما يمكن أن يكون عليه العالم إذا لم يكن مثل هذا الهيكل موجودًا. وتظهر في الصورة فوهة عملاقة من أثار النيازك في أريزونا ، بالولايات المتحدة الأمريكية. وإذا كان الغلاف الجوّي لا وجود له ، فالملايين من النيازك ستسقط على الأرض التي سوف تصبح غير صالحة للسكن. وفي الواقع ، فإن حماية الغلاف الجوي للأرض تسمح للكائنات الحية بالبقاء بسلام. ومن المؤكد أن هذه  الحماية من الله ومعجزة معلنة في القرآن الكريم )).

 قد أثبتت البحوث العلمية التي أجريت في القرن الـ 20 صفة السّماء كسقف محفوظ  . فالغلاف الجوي المحيط بالأرض يشكل عنصرا أساسيا في الحفاظ على الحياة .وذلك بتدمير العديد من الشهب ، الكبيرة والصغيرة ، عندما تقترب من الأرض ، ليحول بينهم والسقوط وإلحاق الضرر بكثير من الكائنات الحية.

وبالإضافة إلى ذلك ، فالغلاف الجوي يرشّح الأشعة الضوئيّة التي تصل من الفضاء و التي  تضر الكائنات الحية. و من أبرز  سمات  هذا الغلاف الجوي ، هو أنه يسمح، فقط، بمرور الأشعة المفيدة و غير الضّارّة.و الضوء المرئي ، والأشعة فوق البنفسجية القريبة  و موجات الراديو. وفي حين أن هذا الإشعاع هو أساسي للحياة. إنّ الأشعة فوق البنفسجية التي  يسمح الغلاف الجوي بمرورها جزئيا فقط ، تعتبر هامة جدا بالنسبة لعملية التمثيل الضوئي للنباتات وبالنسبة لبقاء كل الكائنات الحية. أمّا الأشعة فوق البنفسجية  الواصلة من الشمس و الأكثر كثافة فهي مرشحة من قبل طبقة الأوزون للغلاف الجوي ، ولا يصل للأرض منها سوى جزء صغير  وأساسيّ لتكوين طيف الأشعة فوق البنفسجية.

وظيفة حماية الغلاف الجوي لا تتوقف هنا. لكنها زيادة على ذلك، تحمي الأرض من برد الفضاء القارس المجمِّد ، الذي تقارب حرارته 270  درجة  تحت الصّفر.

وبالإضافة إلى الغلاف الجوي ، فإنّ حزام "فان ألان" ، النّاتج عن طبقة من المجال المغنطيسي للأرض ، هو أيضا بمثابة درع ضد الإشعاعات الضارة التي تهدد كوكبنا. هذه الإشعاعات المنبعثة، باستمرار من الشمس والنجوم الأخرى ، قاتلة للكائنات الحية. ولو لا حزام" فان ألان" ، لدمرت الانفجارات الضخمة من الطاقة ، والتي تدعى" التوهجات الشمسية "،و التي تعرفها  الشمس ،  لدمّرت  كل حياة على الأرض.

يفسر الدكتور هيو روس أهمية  أحزمة "فان ألان" لبقائنا :

(("الأرض هي الكوكب الأكثر كثافة في المجموعة الشمسية. هذه الكتلة الكبيرة  من النيكل والحديد تحدث مجالا مغنطيسيا كبيرًا. هذا المجال المغنطيسي يكوّن الطبقة الحامية من أنواع  إشعاعات" فان الان". وهذا يحمي الأرض  من التفجير الإشعاعي. وبدون هذه الطبقة ، لن يكون هناك أي الحياة على الأرض.)) 

 ومن المقدر أن الطاقة المرسلة في انفجار واحدة من هذه الانفجارات تبلغ 100 مليار قنبلة ذرية ، مثل التي ألقيت على هيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية. 58ساعة  بعد الانفجار ، لوحظ أن الإبر المغناطيسية البوصلات تقوم بتحركات غير عادية و على ارتفاع250 كيلومترا فوق الغلاف الجوي للأرض ،ارتفعت  درجة الحرارة فجأة إلى،500 2درجة.

باختصار ، هذا هو النظام الأمثل الذي يعمل فوق الأرض. وهو يغلّف عالمنا ويحميه من التهديدات الخارجية. 

منذ عدة قرون ، أخبرنا القرآن بأن الغلاف الجوي يعمل كدرع واق للعالم.

حمدان حمّودة الوصيّف... تونس. 

من كتابي : القرآن والعلوم الحديثة



لُغْزُ قِطاعِ غزّةَ بقلم الشاعر محمود بشير

 لُغْزُ قِطاعِ غزّةَ


لُغْزٌ بِ(غزّةَ) حيَّرَ الأذهانَا

           طابَ المكانُ ولم يَعُدْ ما كانَا


كانَ المكانُ مَدائِناً  مُزْدانَةً

               صوتُ الأذانِ يُشَنِّفُ الآذانَا

           

جاءتْ شياطينٌ تعيثُ بساحِهِ

              قد سَلّطَتْ ما جاوزَ البُركانَا


حِمَماً تَصُبُّ فتكتَوِي جُنُباتُهُ

             ما إن تُصِبْهُ ستُهْلِكُ السُّكانَا      

        

هامَتْ جُموعُ النّاسِ يلحَقُهَاالرَّدَىٰ

                   زُمَراً تُبادُ ولمْ تَنَلْ أكفانَا


باغٍ بغَىٰ هَا قد أتاهَا غازِياً

            بلَبُوسِ شيطانٍ غوَىٰ شيطانَا


قد جاءَ مُنْتَقِماً ينُوءُ بحِقْدِهِ

                  (طوفانُ غزّةَ) جَرَّهُ عُرْيانَا


حَشَدَالحُشُودَوناشدَ(الغربَ)الذي 

                 أرساهُ قد أرسَىٰ لهُ الأركانَا


لكنَّ (غزَّةَ) حيَّرتْهُ بِسِرِّهَا

             من بحْرِها جلبَتْ لهُ طوفانَا


من نسْلِهَا شبَّ الرَّضيعُ مُعانِداً

           من صِيدِهَا قد أنْبَتَتْ فُرسانَا


(النَّتْنُ) صارَ إذِ اسْتَشَرَّ طريدَهَا

                إن طالَ عُمْراً يلزَمُ الأحزانَا


وتَتِيهُ (غزَّةُ) والفَخارُ يزِينُهَا

                وتعودُ تنهَضُ تَرفَعُ البُنْيانَا

محمود بشير

2024/4/8



الأحد، 7 أبريل 2024

المبدعة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود تتنفّس شعرا..وتؤسس-لنص إبداعي مختلف بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 المبدعة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود تتنفّس شعرا..وتؤسس-لنص إبداعي مختلف

*هذا المقال مهدَى حصريا لروح زوجها..في مرقده الأزلي
تصدير :أعتقد أن الكاتبة/الشاعرة-د-فائزة بنمسعود-منذ خطها لسطور نصوصها الأولى،وضعت رهانات جديدة للنص الإبداعي وهي حضور المتلقي بقوة رغم انفصاله-أحيانا-زمنيا عن سؤال الوجع،وأنين الألم.
قد لا يحيد القول عن جادة الصواب،إذا قلت أنّ الكاتبة/الشاعرة التونسية-د-فائزة بنمسعود- تمثّل على خريطة الإبداع التونسي أيقونة مهمة لها خصوصيتها،وحالة خاصة من حالات الشأن الإبداعي الذي يجمع داخله ما بين المتخيل والسيرة ووقائع اجترار تاريخ الذات الاجتماعي والأيديولوجي في تجربة إنسانية وإبداعية مستمدة من واقعها الخاص الذي عاشته فعلا ومازالت تعايش فيه مراحل تحولات حادة في الزمن العربي المعاكس..
وتمثّل مرآة الذات التي انعكست عليها مسيرة حياتها الحافلة والمفعمة بالإبداع في تجلياته الخلاقة بؤرة كبيرة انعكست بدورها على إبداعها السردي في المقام الأول وشكّلت عالمها الإبداعي الخاص ،كما تمثّل صورة الآخر في منجزها الإبداعي جانبا مهما استعادته-فائزة -في نسيج أعمالها النثرية والشعرية جميعها،وجسّدت من خلاله تجربة لها أبعاد متعددة كان لها تأثيرها الخاص على إبداعها الشعري على وجه التحديد،بل وعلى ملامح أخرى من منجز الإبداع العربي المعاصر.
انفتاح على الآخر..
وذات-د-فائزة بنمسعود-في حد ذاتها وهي الباحثة عن نفسها،والمتفتحة على الآخر وعلى العالم من حولها،تريد أن تدرك المعنى وتمتلكه.فكل علاقة للذات بذاتها هي علاقة بالعالم والآخر،كما أن كل علاقة بالآخر هي علاقة بالذات.
وهذا (الازدواج) تعبير عن وحدة صميمية مفقودة بين (الأنا) و(الآخر) في عالم تشترك فيه أكثر الدلالات النثرية لدى الكاتبة/الشاعرة التونسية-فائزة بنمسعود-برموز متماثلة،وهو شعور يتجاوزهذه الدلالات،والإيحاءات بإستمرار نحو تأكيد خصوصية الوضع البشرى،حيث يكون الإنسان غائبا عن ذاته.
تعيش الكاتبة/الشاعرة التونسية-فائزة بنمسعود-نصها الإبداعي كما يجب أن يعاش،و”تسرد” وّتروي”،وكانت ذاتها في خضم هذا-الطوفان الإبداعي-مرآة للواقع الذي اختارته هي والذي كانت سطوة الآخر بصورها المختلفة دائما ما تشكّل تجاهها عقبة كؤود لواقع ما كانت تنشده.فنراها تعيش شتات الذات وترتطم بالآخر في شتى صوره،ويحاول هذا الآخر في ذات الآن بشتى الطرق أن يسقطها ويكسّر حدة تمردها،ومن ثم تصادمت ذاتها مع سطوة القمع عند هذا الآخر المتمثل أولا في السلطة المناوئة لفكرها،كما تمثل أيضا في صورة المرأة كما جسدت خطوطها برؤيتها وفلسفتها الخاصة،وقد انعكس ذلك كله على منجزها -السردي-الذى أبدعته عبر مسيرة حياتية لا تزال مفعمة-كما أسلفت-بعطر الإبداع.
وإذن؟
عالم الكتابة عند "فائزة"إذا،هو عالم قائم بذاته،يكاد أن يكون معادلاً للمجتمع الخارجي ترتبط عناصره ارتباطاً سببياً ويستمد كل عنصر قيمته النسبية من علاقته بالأجزاء الأخرى،وتلتقي ممراته الجانبية وأزقته الخلفية بشارعه الرئيسي،فكل وقائعه منتظمة في إطار ثابت يحدد لكل واقعة وزنها الخاص،وقد تتساوى فيه إحدى النزوات الشخصية،فكل الأشياء المحيطة بنا قد اندمجت في شبكة من الدلالات الفكرية والإنفعالات الجاهزة؛ويتحدد شكل النص الإبداعي عند -فائزة-بالفعل المتبادل بين الشخصية ووضعها،فنصوصها تتميز من زاوية رئيسية بالطابع الانتقالي،بالصراع بين عدة متناقضات،بذلك التيار المتدفق المتغير دائماً في مواجهة التسلسل الطبقي المتحجر..
إن ملحمة الحياة الخاصة عند-د-فائزة بنمسعود-تتنفس بالدلالة العامة.
وليست -الحبكة النصية-عند -فائزة-إلا حركة المقدمات لتجنب نتائج وفقاً لمقاييس مضمرة، فإن ما يحدث في النهاية هو التعقيب الأخلاقي والفكري على سلوك الشخصيات،وهي لا تختلف في ذلك عن سائر كتاب الرواية البلزاكية،فالخاتمة يحددها السياق الموضوعي العام لكل لحظات الفعل المتعاقبة،تدفع أخلاقاً كريمة وتلتزم بقواعد اللعبة وتأخذ نجاحاً أو العكس..وهنا يتجانس الشعر بالرواية في علاقة حميمية من الصعب فصل عراها.
ومن هنا أيضا،فإن الحبكة النصية-كما أسلفت-لدى-فائزة بنمسعود-تنسج في صبر شبكة من “العلاقات”اللاواقعية خلف الإسهاب في سرد التفصيلات الواقعية،فالعلاقات السببية المحركة للواقع والمحددة للشخصيات تحتوي على تصورات مثالية عن الإنسان ومكانه في العالم،وهي تطبع بطابعها ما يسود تلك المرحلة من بحث عن قيم حقيقية في عالم يبدو زائفاً،بتحقيق الوفاق السعيد بين الإنسانية والأرض والسماء.
على سبيل الخاتمة :
ليس مشكلة في أن تستحيل-كاتبا مبدعا-،فالمفردات والألفاظ مطروحة على-رصيف-اللغة،لكن الأصعب أن تكون ذاك المبدع القارئ،وهذا الدور المزدوج يجعل -الكاتب-كرها ملتزما أمام قارئيه في أن يقدّم لهم قدرا معرفيا ومعلوماتيا مهما يشارف اكتمال ثقافة الآخر الذي يجد ملاذه المعرفي عند كاتبه..
هذا الدور قامت به ببراعة واقتدار-د-فائزة بنمسعود-عبر مشروعها الشعري وكذا النثري،ومن خلال-إبداعاتها-المدهشة (وهذا الرأي يخصني) وكبار الكتاب والشعراء من أمثال توفيق الحكيم ويوسف إدريس وأدونيس ويوسف الخال ومحمد الماغوط مرورا بالاستثنائي محمود درويش وجمال الغيطاني وواسيني الأعرج وأحلام مستغانمي وغيرهم..كانوا يمررون قدرا معرفيا مذهلا عبر سياقاتهم النصية الإبداعية أو السردية مستهدفين خلق حالة من الوعي المعلوماتي لدى القارئ الذي اختلف دوره عن السابق بعد أن استحال شريكا فاعلا في النص،غير هذه الشراكة الباهتة التي أشار إليها رولان بارت بإعلان موت المؤلف/الشاعر.
فالمؤلف أو الشاعر،لم يعد ميتا كما استحال في سبعينيات القرن الماضي،ولم يعد إلى أدراجه القديمة منعزلا عن نصه،بل هو الصوت الآخر الذي يدفع القارئ إلى البحث عن مزيد من التفاصيل واقتناص الإحداثيات السردية أو الشعرية بمعاونة الكاتب نفسه.
و-فائزة بنمسعود-الغارقة في تفاصيل الوطن وتراثه الأصيل والمنغمسة في ذات الآن في العشق في آبهى صوره،استطاعت أن توفّر هذا الوعي المعلوماتي لدى قارئها،الأمر الذي يدفعنا بأن نجعلها في زمرة الكاتبات/المبدعات الحجاجيات،أي اللاتي يمتزن بإقامة الحجة عن طريق تدعيم الطرح الفكري بطروحات فكرية وفلسفية ذات شراكة متماثلة بعض الشيء..
يبدو هذا الطرح المعلوماتي في تفاصيل المشهد الإبداعي للكاتبة/الشاعرة-فائزة بنمسعود-والذي نجح-السرد-بقوالبه أن يفرض سطوته وقوته القمعية في إحداث التأويل والإمتاع،ومن قبلهما الدهشة لدى القارئ من خلال الصورة والتصوير الفني لأحداث تبدو عاطفية محضة،وفيها تدعم-فائزة بنمسعود-طرحها الفكري بأفكار ومساجلات فكرية تؤدلج الدور الثقافي للمثقف،وأنها ليس بالقطعية تنظيريا أو مكتفية بالمتابعة بدون المشاركة في صنع العالم الإبداعي،وأنها بمثابة أيقونة شرعية للحراك المجتمعي الثقافي.
ختاما أقول أنّ الكاتبة/الشاعرة التونسية-د-فائزة بنمسعود-تؤسس-ببراعة واقتدار-لنص إبداعي مختلف،إذ تراها-أحيانا-أشبه بالمسرحيين وهم يدشنون أسسا لفنهم،فهي كذلك في معظم كتاباتها،تعتلي مسرحا يكاد يكون أحيانا شعريا يقص التاريخ بعدسات غير متمايزة رغم أنها لا تدخل في قالب المسرح وكنهه،فهي لم تتبع القوالب الفنية الجاهزة لكتابة النص الإبداعي في مختلف تجلياته،بل عمدت منذ البداية إلى تأريخ السرد والحكي عبر لغة “شعرية”عذبة تداعب الذائقة الفنية للمتلقي.
وأعتقد أن-د-فائزة بنمسعود-منذ خطها لسطور نصوصها الأولى،وضعت رهانات جديدة للنص الإبداعي وهي حضور المتلقي بقوة رغم انفصاله-أحيانا-زمنيا عن سؤال الوجع،وأنين الألم.
وأخيرا :
سُئل ذات مرة الشاعر محمود درويش عن تجليات الشعر في زمن ضللنا فيه الطريق إلى الحكمة،فأجاب بكل تلقائية، “نحن، حتى الآن،نحاول بكل الأشكال الشعرية الجديدة أن نقول سطراً واحداً للمتنبي. كيف؟ كل تجاربي الشعرية من أربع سنوات حتى اليوم (1982-1986)، كتبت حوالي المائة قصيدة،ثم انتبهت إلى أن المتنبي قال : (على قلق كأن الريح تحتي)”… !!؟
والشاعر،هو من يبني مجدا،ويترك خيرا،ويستظل تحت ظل كل الشعراء من جلجاميش حتى آخر يوم من سنوات عمره،فالموت حقيقة تُعلن نهاية سجال الحياة،والحب حُلم وغاية يلهث وراءه الإنسان،لأنّه بُرهان ودليل على البقاء والخلود، سواء علم بذالك أم لم يعلم،ومهما تطلب منه ذالك من تعب ومن صراع، يؤكد دوريش ذلك بقوله “سنكتب من أجل ألّا نموت،سنكتب من أجل أحلامنا” ..
والكاتبة التونسية-د-فائزة بنمسعود-تكتب لغد أفضل تشرق فيه شمس الحب والإنسانية على الجميع
ولنا عودة إلى المنجزات الإبداعية لهذه الكاتبة التونسية عبر مقاربات مستفيضة..
قبعتي..أيتها المبدعة التونسية الفذة د-فائزة بنمسعود..
محمد المحسن

اختتام مهرجان ليالي المدينة بالقصرين / تونس 5افريل 2024 بعرض فني بعنوان " ضحضاح" بقلم الناقدة : منوبية غضباني

 اختتام مهرجان ليالي المدينة بالقصرين / تونس 5افريل 2024 بعرض فني بعنوان " ضحضاح" كتبت الناقدة منوبية غضباني عن هذا العمل ما يلي :

الضّحضاح أيا ضحضاح .....فينو صوتها الصٓدٓاح
فينو كلبها النٓباح....فينو خيرها الرٓشاح....
ومن
أرض "ضحضاح "..من مسالكها الوعرة ...وصلابة أديمها ..وذاكرة أجيالها السّالفين يُسْتلهَمُ الإبداع
..زمان ومكان .بنية زمانية ومكانيّة تقصّت ما خطّته أجيال غابرة في أرض ضحضاح.خُوَاءُ الّا من حبّ ابنائها ...
ولأنّ المبدع هو من أبناء الأرض الصّلبة الصّامدون في الزّمن والمكان فقد تخيّر المبدعان عماد التونسي فكرة واخراجا و سامي التليلي نصّا وسيناريو عملهما.
عمل إبداعيّ ينهل من عمق أرضنا الصّلبة الوعرة ذات السّباسب والصّخور...سكب فيه سامي التليلي روحه وموهبته بمعيّة فريق من الفنانين والشعراء والمسرحيين ....
عمل فرجويّ ضخم فخم أخرج الضّحضاح من إطاره الجغرافي الجامد إلى رؤية وسيعة الآفاق مرتبط بالحسّ وبالمجتمع وبالتاّريخ. وبإرادة الإنسان في جعله متغيّرا متطوّرا عبر الأجيال
رسالة قويّة جدّا راقية جدّا يطرحها هذا العمل الفرحوي المتميّز الرّائع ..ترحال الأزمنة والأمكنة فينا أملا وتأمّلا في غد أفضل وبثّا لوعي جديد من أجل واقع أفضل على هذه الأرض......
طوينا الزّمان والمكان من الضّحضاح الى البراح ....من السّحيق الى اللّصيق من الماضي الى الحاضر
وكان العرض يؤرجحنا بين الحلم والصّحو
وقد جاءت تقنيات المونتاج والإخراج مُتقنَةُُ..متنوّعة....شاشة تروي زمنا ومكانا شققنا مع مشاهدها ما تردّد في ذاكرتنا الشعبية الجماعيّة ...عطرالسّهول وسحر الحكايا ..تصعد متوهّجة في جمهور غفير ...لينفتح التّاريخ على جغرافيّة المكان ..عناق ماض وحاضر والحقب سحيقة ....ركح متحرّك من ال"هناا" وال"هناك"..من الزّمن البعيد والقريب من الماضي والحاضر والمستقبل ...غناء بدويّ ..حكايا عشق من عمق موروثنا ...غرابيل الخير تديرها السواعد الخنج زمن البذر والحرث والزّرع ....المشهديّة ذات الحبك الجيّد...ممثلون...راقصون...راقصات ..وأداء جيّد للأدوار تحت ادارة مخرج ومصمّم للعمل ومذاقات لايتسنى بلوغها الّا بجودة واتقان الإبداع والتّمرّس فيه
....جمهور راق و مغداق في تصفيقه وتعبيره عن أستحسان العمل ..وخاصّة مجانيّة الفرجة.
عمل مُبهرُُ وفي فضاء أنيق عنوانه القرية الحرفيّة ذات الارتباط الحكم بهذا الموروث الزّاخر....
ويبقى أثر الإبداع المتميّز مدويّا عميقا فينا
هي القصرين مهما قست تضاريسها مهما استعصت عليها حياة يجمّلها الإبداع...مسرحا كان أو أدبا شعرا أ, نثرا....
وهذا سامي واحد من أبنائها .العاشقين المتيمين بأريج أرضها وجبالها الشامخة ...يتأمّل ...يسترجع ...يبني ...يوظّف التليد والجديد ليكمل حكايتنا مع هذه الأرص...مع هذا الوطن الذي نحبّ...
يطير به في كنف الغيوم الى عناقيد النّجوم المتلألئة .....فيصير بحجم الأكوان..
ونمشي على ضحضاحك ياقصرين كأنّنا سلاطين مادام الإبداع فيك يمنحنا الأمل والثقة بالآتي
فشكرالك سامي وكلّ فريق العمل
شكرا لكل مبدع يسكب أملا يكاد ينطفئ في صدورنا
شكرا لكلّ مبادرة ابداعيّة نظلّ نتلمّظ بعدمشاهدتها شرف الإنتماء الى هذا الوطن
الناقدة : منوبية غضباني
تونس

جَذوَة الشّوق : بقلم الأديب عَبْدِ الْكَرِيمِ أَحْمَد الزَّيْدِيّ

 جَذوَة الشّوق :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَبِرُوها عَن هَوَايَّ وَصَبوتي
وَاَلَّذِي أَشْقَى الْفُؤَادَ وَمٌهجَتي
وَاَلَّذِي تَاقَ لِطَيفٍ مَا خَبا
ظَلّ فِي عينيَّ يُذَكِّي حَيْرَتِي
وَعَن الْبَيِّن الَّذِي حَالَ بِنَا
وَرَبا الشَّوْقَ فَأَجْرَى دَمعَتي
واذكُروني عِنْدَهَا وَقْت الْمَسَا
كَي تَرَى نُورَ ضِيّاها عُتمَتي
لَيْتَ فِي ذِكرايّ مِنْهَا تَنطَفي
جَمْرَةُ النَّارِ وتَخبُو جَذوَتِي
واعذِرُوها أَنَّهَا لَمْ تَدْرِ مَا
طَافَ فِي بَالِي وَجَالَ بِغَفوَتي
واسمِعُوها مِن خَبَايَا لَهْفتِي
وَاَلَّذِي اسْكَتَ صبرًا شِدَّتي
وَهَوانِي مِنْ حِرَابٍ نَازَعَت
بَيْنَ جَنبَيَّ فَأورَت حِيلَتِي
ضَاقَ فِي صَدْرِي حَنَيْنًا لَيْتَه
أَطْبَقَ الْقَلْبَ وَأَنْهَى ثَورَتِي
وَزَفِيرًا نَازَعَ الْجَوْفَ حَريقاً
فَرَّ مِنْ لَهِجِ عَزَاهُ وَشَهقَتي
خَبِرُوها إنَّنِي فِيهَا دَنَت
نَزْعُ مَا أَبْقَت وأطفَت شَمعَتي
وَخَفَت مِنِّي ظِلالُ مَلامِحي
وَاسْتَوَى لَيْلِي وَرَسْمِي وَصُورَتي
وَطَوى بَينَ الضِّلوعِ وَجَنبِها
سِرَّ ما وارى ثَرايَّ وَتُربَتِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبْدِ الْكَرِيمِ أَحْمَد الزَّيْدِيّ
الْعِرَاق / بَغْدَاد
Peut être une image de 1 personne, sourire et lunettes