الأحد، 7 أبريل 2024

مدرسة الحياة بقلم الأستاذ : شكري بن محمد السلطاني

 مدرسة الحياة

إنّ الحياة مدرسة مجانيّة مفتوحة لعموم البشر للتعلّم وإكتساب معارف ومهارات وخبرات ودربة في الحياة والزّمن كفيل بإفهام من لا يفهم وتغيير عقليّة ونفسيّة من توقظه وتنبهّه الأحداث والمصائب والمحن وشتّى الإبتلاءات التّي لا تنفكّ عن البشر ولا عزاء لأعمى البصيرة الأصمّ الذي يتمسّك برأيه ولا يّغيّر قناعاته وتصرفاته.
إنّ أهمّ ما يُحصّله البشر في رحلتهم الحياتيّة المحدودة في الزّمن علمهم ووعيهم وإدراكهم للوجود والذّات البشريّة وخالق الوجود وما يستوجب فعله في ما تبقّى من مسيرة حياتهم.
لم تتناول فلسفة بشريّة بمقاربة شاملة وجود الإنسان كينونة وصيرورة وما يرتبط بحياته من فهم لحقيقة ذاته والتعرّف على هويّته الإنسانيّة والإستبصار بخالق الوجود وكذلك رؤية الوجود كتجليّات لحكمة وعلم وقدرة اللّه سبحانه وتعالى وكشف لنوايا وإختيارات وأفعال البشر في حياتهم وتدابيرهم .
فما من رؤية وفلسفة بشريّة إلاّ ويعتورها النقص والسهو والغفلة والنسيان فتصيب وتخطأ وتبقى عديد المفاهيم في عداد الفرضيات لا تطاول حقيقة الوجود إذ لم تأتي ببراهين وأدلّة يقينيّة ولكن ضنيّات ومقاربات للفهم وتقريب للأذهان والأفهام.
إستفاد أكياس البشر وعقلائها والأذكياء منهم بالوحي الإلهي حيث المقاربة الشاملة والعلم الظاهر والباطن وتناول لعالم الشهادة وعالم الغيب ،وعالم الأحياء وعالم الأموات
رؤية ومفاهيم وآيات تميّزت بالوضوح وبالدليل والبراهين التي لا ينكرها عاقل يفكّر ويتأمل بكل تجرّد فترسّخ اليقين باللّه عزّ وجلّ وفُهمت مسيرة الإنسان من وجوده العدمي في بطون علم اللّه إلى وجوده العيني الحسّي المعنوي الدنيوي إلى وجوده السرمدي البعدي عند البعث ويوم القيامة.
إنّ الحياة مدرسة والبشر تلاميذ يتعلّمون فيها يفهمون ويدركون ويعلمون ويتحقّقون ينجحون ويفشلون ويعيدون الكرّة ويواصلون سيرهم كما يُذنبون ويستغفرون وبتوبون وكلّ وحظّه وعلمه وفنّه وذوقه وأخلاقه وقيّمه وحكمة أقداره وكلّها تصوغ مصير الإنسان فيتحدّد بذلك وعيه وعلمه وإختياراته وإنصرافه وتوجهّه وسلوكه وشقيّ أو سعيد.
إنّ المقاربة الشاملة والرؤية الشموليّة لوجود البشر بكل تجرّد تُحيلهم في لحظة صدق وصراحة إلى التعقّل والنباهة واليقظة والصحو .
إذّا لا بدّ من فلسفة ورؤية بشرية من صميم مدرسة الحياة تتناول كل أبعاد الوجود البشري تُيسّر الفهم وتُسهّل على الإنسان سلوكه وإنصرافه إلى أبواب الخير دون غشاوة الأبصار ومتاهات دنيا ظاهرها غرّة وباطنها عبرة .
رؤية وفلسفة تتناول وتعالج محاور أساسيّة ترتبط بحياة البشر وهي :
1_ الذّات البشريّة :
هي نافذة البشر على الحياة وهي كينونة الإنسان وصيرورته في الوجود ،بها يعقل ويختار ويتّجه ولكن المفارقة أنّ ليس للذات حقيقة وهويّة بذاتها لذاتها وهي من أسرار وعلم خالقها ولقد إستودع فيها ربّها سرّ الحياة وكفايات وإستعدادات.
وإنّها لا تشاء إلاّ أن يشاء اللّه ، وكذلك الروح فيها وديعة وسوف تُسلب ،فلا حول ولا قوة للإنسان حقيقة إلاّ بربه فكيف ينكره ويستقل بذاته عنه ؟
ولكن من عرف نفسه فقد عرف ربّه ،ومن غفل عنها ولم يُحسن قيادتها وترويضها وتزكيتها فقد خاب مسعاه وتاه عن مقصده وغاية وجوده.
2_ واجب الوجود :
رب العالمين خالق الوجود سرّ ونور الوجود ولولاه لكان العدم والظلام والعتمة .
باعث الحياة وخالق كل موجود بعلمه وحكمته وقدرته .
ليس لعلمه وقدرته حدود فهو اللامتناهي المُحيط الذي لا يّحاط يتّصف بالكمال والجمال ولا يمكن للعقل البشري أن يستوعب وجوده ،ولكن يكفيه الآيات في الآفاق وفي أنفس البشر دلالة وبراهين لفهم حكمة وعلم وقدرة الخالق اللامتناهية .
لا يكتمل فهم الوجود بدون العلم بواجب الوجود وتحديد صفاته المتعالية على صفات البشر ،فهو المُيسّر سبحانه لكل ما نراه من فعل وسير وكدح للبشر فبمشيئته عزّ وجلّ تتيسّر أفعال البشر .
ولكن كيف يُنسى ولا يكون للّه سبحانه إعتبار وحضور في فكر وفؤاد غالبية البشر ؟!
" فشُمُ شذاه فهو في الخلق ضائع ".
مدرسة الحياة فرصة سانحة وأكيدة لفهم أسرار ربّ الوجود والتعلّق به وشُكره وعبادته .
ولا خير في من لا خير فيه.
3_ الوجود :
يعيش الإنسان ويحيا في وجود ماديّ حسيّ ومعنوي يحتويه ويحيط به ويحتضنه .
يُبعث الإنسان من عدم في زمن مقضيّ في الأرحام مضغة مخلّقة تنمو في ظلمات ثلاثة ثمّ يولد ليبعث في الحياة يتطوّر ويحتكّ ويُمارس وجوده في وجود أرحب ميسّر له فهو مطيّته ،منه يستقي أفكاره ويُحقق آماله وتطفح أوهامه وتعلو بالظروف والشواغل والشواغب والإهتمامات فيتعلّق بأحلامه واوهامه لينصرف متّجها صوب ما يحتاجه او ما يفتقده ولا يهنأ له بال ويهدأ طالما بقي متحفّزا ناشطا لنيل مصلحته وتحقيق غايته وتلك هي طبيعته البشريّة التي يتمسّك ويتقيّد بها.
إن في فهم المحاور الثلاثة وتناولها بالدراسة تيسير وتسهيل لإدارك وممارسة البشر في حياتهم ومن سعى لخير البشر عمّق الفهم ورفع الغشاوة عن الأذهان والأفهام .
الأستاذ : شكري بن محمد السلطاني
Peut être une image de 1 personne

هنا غزة..بأيّ حال عُُدتَ يا عيدُ..؟! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 هنا غزة..بأيّ حال عُُدتَ يا عيدُ..؟!



على وقع العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة المُحاصَر،سيأتي عيد الفطر المبارك "ثقيلًا" على "الغزاويين".
وبين الركام الذي خلّفه القصف الإسرائيلي،والألم على فقدان الأحبّة من الشهداء،قد تغيب البهجة عن وجوه -أبناء القطاع المقَطّع-
وسينعكس الواقع القاسي على الأطفال،الذين لم توفّرهم الغارات الإسرائيلية،وسقط الشهداء في صفوفهم،حيث ستبدو وجوهم شاحبة.
"عيد سعيد على كل البلدان العربية والإسلامية ولكن ليس سعيدا على أهالى غزة"*،قطاع يتعرض لحرب إبادة جماعية منذ أكثر من 6 أشهر،لا استعداد للعيد مثل ما يحدث في كل البلدان العربية والإسلامية،فعيد الفطر عند المسلمين شيء ولدى قطاع غزة شيئا أخر،فالأول يسوده الفرحة والسعادة وإجازات والتخطيط للزيارات والفسح،بينما الثاني هو كيف نبقى أحياء بعيدا عن قصف الاحتلال،لا استعدادات لصلاة العيد أو تزاور الأهل والأصدقاء،أو الفسح، حيث لم يعد هناك مساجد يصلى فيها صلاة العيد أو مواقع آثرية يزورنها فقد دمر الاحتلال ما يزيد عن 200 موقع آثرى بالقطاع أو حدائق ومنتزهات التي قصفها الاحتلال، أو منازل يزورون فيها عائلاتهم.
آلة حرب مجرمة حصدت الأخضر واليابس ودمرت كل شئ أتت عليه في غزة صاحبة المساحة الجغرافية الصغيرة والكثافة السكانية الكبيرة.
غزة تقطر دماً وهي تذرف الدموع على شهداءها الأبرار وتودع الأطفال بدلاً من أن ترتسم على وجوههم الابتسامات.
في غزة بات ثوب العيد كفناً وحلوي العيد قنابل ولسان حال أهلها المكلومين على فراق فلذات أكبادهم حزنهم على دمار بيوتهم “بأي حال قد جئت يا عيد”.
جرح مفتوح،وعدالة شائخة،وضمير إنسانيّ كسول وضرير..لا يفعل غير أن يعدّ حصيلة الخراب ويتأفّف من وفرة دماء الموتى!..وأيضا : ينتظر.
ضجرت ذاكرة التاريخ.ضجر الشهود.ضجرت الأسلحة والقوانين والمذاهب والسماوات،وضجرت أرواح الموتى..لكن-وحدها-شهوة القاتل إلى مزيد من الدم..لم تضجر!
الدّم يشحذ شهية الدّم..
وعلى شاشة الملأ الكوني،تترقرق الدّمعة الأكثر إيلاما وسطوعا في تاريخ صناعة العذاب،وتعلو صيحة الضمير الأعزل المعطوب،دون أن تُسمَع..!
ودائما : ثمة شهداء يسقطون..ودائما خلف القاتل،ثمة حلفاء وقضاة وجيوش..وخلف الضحية..العماء والصّمت..وخلف العماء والصّمت..شعب يقيم أعراسه على حواف المقابر: أعراس مجلّلة بالسواد ومبلّلة بالنحيب..أعراس دم.
لكن..ثمة أمل…
ثمة أمل ينبثق من دفقات الدّم ووضوح الموت..أمل يتمطى عبر نباح الرشاشات وعويل المدافع..
وحده " الغزاوي" اليوم..بإمكانه أن يحمل بين ضلوعه أملا وضّاء ينير عتمات الدروب أمامه..
ووحده بإمكانه أن يقايض سخط الجلاّد الحاقد بكلمة الأمل الغاضب..فقد علّمنا التاريخ أنّه في أحيان كثيرة يمكن للأمل الأعزل أن ينتصر على جنون القوّة المدرّعة..
كما علّمنا كذلك،أنّ السفّاح-بما يريقه من دم-يحدّد الثمن النهائي لدمه.
لم يأت عيد على المسلمين في العقود الأخيرة أصعب من عيد الفطر المنتظر يوم الأربعاء القادم،حيث ستكون صورة ما حدث في غزة خلال الأشهر الستة الماضية ماثلة أمام الجميع بكل ما بها من وحشية وجرم عظيم، وهذا من شأنه أن يستحضر كل التحديات والنكبات التي عاشتها وتعيشها الأمة العربية خلال القرون الأخيرة وما بها من ضعف وهوان.
ورغم كل الألم المتوقع تداعيه صبيحة يوم العيد فإن فلسفة العيد كما يقرها الإسلام تكمن في فكرة الفرح، في أن يفرح الإنسان مهما كانت ظروف الحياة صعبة وقاسية، ومهما كان واقع الأمة العربية والإسلامية مريرا؛ فدور العيد في فلسفة الإسلام أن يحيي في الإنسان رغبة الحياة ويجددها، أن تحضر أمامه صورة الحياة لا صورة الموت؛ لذلك فإن الإسلام يفضل في يوم العيد زيارة الأحياء فهي أولى من زيارة الأموات في المقابر كما تجري العادة في الكثير من البلاد العربية.
وإذا كان المسلم قد اجتاز مشقة الصيام وممنوعاته وحصل على جائزته الدنيوية والمتمثلة بيوم العيد،فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن ينزل على هذه الأمة من الأعياد حتى ترضى حينما تستطيع أن تجتاز محنها وتحدياتها بالعمل الحقيقي المرتبط بالعلم وتجاوز الوهم والجهل إلى مساحة النور والضياء.
وإذن؟
إن فلسفة العيد إذا،كما هي في الفكر الاجتماعي للمجتمعات الإسلامية يتمثل في معان عميقة أكبر بكثير من المعاني السطحية التي قد يعتقدها البعض،فإضافة إلى أنه لحظة مهمة بالشعور بالتكافل وزرع البسمة رغم التحديات والمآسي فإنه يوجه حركة الزمن نحو المستقبل للتأكيد على أن الحياة مستمرة ولا يمكن أن تقف بسبب أي خطب مهما كان عظيما ومهما كان تأثيره كبيرا على أمة بأكملها،كما أنه يؤكد أن الفرج آت لا محالة ليكون يوم عيد ويوم نصر عزيز مؤزر.والعيد كما قال ذات يوم مصطفى صادق الرافعي : هو المعنى الذي يكون في اليوم لا اليوم نفسه.
ختاما : يستقبل عالمنا العربى اليوم عيد الفطرالمبارك وسط حالة من الحزن والاسى،ملأت بها القلوب واشعلت بها الصدور آلة الحرب الاسرائيلية المجنونة،التى مازالت توغل فى ارتكاب المجازر بحق الاشقاء الفلسطينيين فى غزة..صحيح ان المقاومة الفلسطينية فى حالة صمود اسطورى أمام ذلك العدوان الاسرائيلى الغاشم،ولكن المتابع والمدقق فى حجم المجازر وحالة الدماراللذين تخلفهما آلة الحرب الاسرائيلية،يجدهما يفوقان كل تصور،وهو ما اثارالغضب الشعبى وجعله يتخطى منطقتنا ويمتد الى العديد من العواصم الاجنبية، فالقادم من غزة-عبر شاشات الفضائيات-وما تضخه وكالات الانباء "يصدم" الى ابعد الحدود كل دعاة الديمقراطية والمنتصرين لحقوق الانسان، و"يصفع" بكل قسوة وجوه كل الطغاة واعداء الانسانية،من المتعاطفين مع العدوان الاسرائيلى،فيما لا تلوح بالآفاق اية آمال لوقف تلك الحرب المجنونة، بعد ان فشلت كل المبادرات والاجتماعات الاقليمية والدولية فى لجم آلة الموت الاسرائيلية، واعادة الهدوء الى غزة الذبيحة الصامدة،التى قدمت حتى الان آلاف الشهداء وأعداد لا تحصَى من الجرحى..
وتبقى غزة..عاصية على الغزاة..وحفاة الضمير..
هنا غزة..ستستقبل العيد وهي تنزف دماً وتودع الأطفال إلى مثواهم الأخير في يوم فرحتهم التي انتظروها أياماً وشهور..كل عام والنصر حليفهم فعيدهم عيد الشهداء والتضحية والصمود والانتصار.
وحتى لا يمضي يوم العيد ونحن نردد قول المتنبي:
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
فلا بد أن نستلهم فلسفة العيد حتى نعيشه وحتى نشعر بقدرته على تجديد حياتنا وتذكيرنا بقوتنا وقدرتنا على تجاوز كل المحن والتحديات وتمسكنا بالأمل دائما.


محمد المحسن

الديار بقلم / حجاج الليثي

 الديار

،،،،،،،،،،
إني رحلت عن الديار عسافا
لما رأيت من الهوى إجحافا
عبثا نزعت من القيود معاصمي
فلقد أردت من الورى إنصافا
يا صبر إني قد أضعت معالمي
وسط الزحام فقد وجدت سدافا
وتنام في كنف الشرود هويتي
تبغي الفرار من الأسى إلحافا
والليل تصرخ في السرى أحزانه
هذي نجومي قد غدت أطيافا
والحزن يفتل في الدجى أشطانه
كالرعد يغرس في الفضا اسيافا
والنفس ترزح في نحيب شجونها
والعين تغرق بالدموع ضفافا
هذي دياري بالجواء حزينة
تبكي قلوبا أنهكت و عجافا
رقص السهاد على بساط مدامعي
رحل الكرى ومن السهاد تجافا
عجز القصيد عن الشفاء للوعتي
صار الوصال من البعاد كفافا
الخوف أضرم في الديار لهيبه
فغزا القلوب و في دروبي طافا
وظللت يا عمري أدندن غنوتي
فملأت من قرب الخليل شغافا
إني عشقتك يا ربوع أحبتي
فجعلت من دار الحبيب عفافا
بقلم / حجاج الليثي

في ذكرى رحيله: حتى لا ننسى شاعر تونس الفذ..محمد الصغير أولاد أحمد بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 في ذكرى رحيله: حتى لا ننسى شاعر تونس الفذ..محمد الصغير أولاد أحمد

الإهداء: إلى محمد الصغير أولاد أحمد..في رحيله الشامخ.
"العبرات كبيرة وحارة تنحدر على خدودنا النحاسية..العبرات كبيرة وحارة تنحدر إلى قلوبنا"(ناظم حكمت)
"أبدا لن يموت شيء مني..وسأبقى ممجدا على الأرض ما ظلّ يتنفّس فيها شاعر واحد"( الكسندر بوشكين)
أودّعُ السابقَ و اللاحق
أودّع السافل و الشاهق
أودّع الأسباب و النتائج
أودّع الطرق و المناهج
أودّع الأيائل و اليرقات
أودّع الأجنّة و الأفراد والجماعات
أودّع البلدان و الأوطان
أودّع الأديان .
.....
أودّع أقلامي و ساعاتي
أودّع كتبي و كراساتي
أودّع الصغائر و الكبائر
أودّع السجائر
أودّع الأغلال و القيود
أودّع الجنود و الحدود
....
أودّع المنديل الذي يودّع..
المناديل التي تودّع ..
الدموع التي تودّعني
أودّع.. الوداع.
في آخر قصيد له ‏من داخل المستشفى العسكري (الشاعر التونسي الراحل ‏الصغير اولاد احمد )
اقتادتك تونس من يد روحك إلى فردوس الطمأنينة،بل ربما إلى النقيض.
ولكن..الشعراء العظام يولدون مصادفة في الزّمن الخطإ،ويرحلون كومضة في الفجر،كنقطة دم،ثم يومضون في الليل كشهاب على عتبات البحر..
محمد الصغير أولاد أحمد:أوقعتك القافلة سهوا عنك،سهوا عنّا ومضيت قُبيل انتهاء القصيد دون وداع،فحين إكتفى معظم الشعراء ممن لامست قصائدك المتوهجة شغاف قلوبهم برثائك،والترحّم على رحيلك بدموع حارقة..
شاعرنا الفذ:منذ رحيلك وأنا أحاول مجاهدا تطويع اللغة،ووضعها في سياقها الموازي للصدمة..للحدث الجلل..إننّي مواجه بهذا الإستعصاء،بهذا الشلل الداخلي لقول الكلمات الموازية،أو المقاربة لرحيل القمر والدخول في المحاق..
ولكن الدّمع ينهمر نزيفا كلّما انبجس بيت من شقوق القصيد..
ماذا تعني كلمات أو مفردات:منكوب أو مفجوع أو مدمّى أو منكسر؟
لا شيء..سوى الفراغ الذي كنت تملأه فيما مضى.يتسع بك ويضاء بالبهاء الإنساني والغنى الروحي الحزين جراء فساد العالم وخرابه..
القصائد الفذة والصرخة الإحتجاجية التي تخترق في عنفوانها سجوف الصّمت،وتواجه بشموخ الإنحدار الرعوي وصلف حفاة الضمير..
الآن بعد رحيلك-القَدَري-أعيد النظر في مفاهيم كثيرة،ربما كانت بالأمس قناعات راسخة،الآن يبدو المشهد الشعري كأنّه مهزلة وجودية مفرغة من أي معنى سوى الألم والدموع..
أيّها الشاعر المسافر عبر الغيوم الماطرة:لقد احتمى إسمك بالوجدان التونسي حزنا صامتا عميقا سنظلّ نتوارثه جيلا بعد جيل..ونحلم بولادة شعراء أفذاذ في حجم شموخك..
هذا الحلم ما يفتأ يعاود الظهور في كلّ مرّة تصبح فيه الكرامة العربية مجرّد ذكرى،وتصبح الشعوب العربية مثل الهوام لا أمل ولا فرح ولا نسمة تهبّ من جداول الإبداع..وطوبى للحزانى لأنّهم عند الله يتعزّون.
محمد:الزّمان الغض،المضاء بشموس النصر والتحدي.الزمان المفعم بإشراقات القصيد،ما قبل إدراك الخديعة،بغتة الصدمة وضربة الأقدار..
الكون الحزين يرثيك.فرحة هي النوارس بمغادرتك عالم البشر إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..
أنت الآن في رحاب الله بمنأى عن عالم الغبار والقتلة وشذّاذ الآفاق،والتردّي إلى مسوخية ما قبل الحيوان.
والسؤال:
هل كان الحمام التونسي يعبّر بهديله عن رغبته في اختطافك إلى الفضاءات النقية لتكون واحدا من-قبيلته-بعيدا عن الأرض الموبوءة بالإنسان الذي تحوّل إلى وحش ينتشي بنهش الجثث،قاتل للحمام والبشر،معيدا سيرة أجداده القدامى منذ قابيل وهابيل حتى الآن..؟ !
نائم هناك على التخوم الأبدية،وروحك تعلو في الضياء الأثيري،طائرا أو سمكة أو سحابة أو لحنا في موسيقى.لقد غادرت المهزلة الكونية للعبور البشري فوق سطح الأرض.
في الزمان الحُلمي،كما في رؤيا سريالية،سأحملك على محفة من الريحان،بعد تطهيرك بمياه الوديان،من مصبات الأنهار والمنحدرات الصخرية بإتجاه البحر..سيسألني العابرون :إلى أين؟
في السماء نجمة أهتدي بها.أعرفها.تشير دوما إلى القدس.أنت أشرت إليها ذات غسق وهي الآن فوق-مقبرة الجلاز-تضيئ القبور بلمعانها المميز عن بقية الكواكب.وهي تشير كذلك إلى المرقد والمغيب فوق أفق البحر في أواخر المساءات.أحملك نحوها لتغطيك وتحميك بنورها الأسطوري لتدخل في ذرّاتها وخلودها الضوئي..
قبل هذا الإحتفال الأخير سأطوف بك حول-أحياء الفقراء-التي أحببتها،معقل الصابرين،حيث يرثيك أهلك و-مريدوك-بدمع حارق يحزّ شغاف القلب..
يسألني العابرون أو أسأل نفسي:هل محاولة إستعادة نبض الحياة الماضية يخفّف من وطأة صدمة الموت؟..لا أعرف شيئا..
حين يأتي المساء الرّباني سنلتئم تحت خيمة عربية مفعمة بعطر الشعر.نشعل النيران في فجوات الصخور اتقاء للرّيح،ونبدأ الإحتفال في لحظة بزوغ القمر فوق تونس التحرير..
أما أنتم-يا أيها الشعراء والمبدعون-:إذا رأيتم-الشاعر الفذ-مسجى فوق سرير الغمام فلا توقظوه،إسألوا الصاعقة التي شقّت الصخرة إلى نصفين لا يلتحمان.
إذا رأيتم-نجما-ساطعا في الصمت الأبدي فلا تعكرّوا لمعانه بالكلمات.
اسكبوا دمعة سخيّة على جبينه الوضّاء ،دمعة في لون اللؤلؤ،واكتموا الصرخة المدوية كالرعد في كهوف الرّوح..
وأخيرا إذا رأيتم المغنّي الجوّال حاملا قيثارته،افسحوا له مجالا في الدروب لينشد أغنية الوداع للنجم الآفل..
تقول الأغنية:
هناك كثيرون أمثالك..أعلّوا وشادوا..
وفي كل حال أجادوا..
وأنت أنجزت كل الذي في يديك..
وما عرف المستحيل الطريق إليك..
لأنّك تؤمن أنّ الخطى إن تلاقت قليلا..
ستصبح جيشا وصبحا نبيلا..
وأنت ككل الذين أرادوا لوجه الحياة رداء جميلا..
تمنيت أن ينبلجَ الصبح من مقلتيك..
فعلت الذي كان حتما عليك..
ومن كان حتما على الشعراء..جيلا فجيلا..
محمد المحسن
هوامش
*محمد الصغير أولاد أحمد هو شاعر تونسي ولد يوم 4 أفريل 1955 في سيدي بوزيد وتوفي في يوم 5 أفريل 2016 بالمستشفى العسكري بتونس بعد معاناة مع المرض. عاش في بيئة فقيرة وقاسية في فترة خروج الاستعمار الفرنسي وبداية بناء الدولة التونسية.

غربة مشاعر---كلمات من الواقع بقلم الشاعر--رمضان الدمرداش

 غربة مشاعر---كلمات من الواقع

فيها الفراق فيها الحنان
فيها الشوق فيها الحنين
في بحر الاحلام مسافر
بس شايف عيونك الطيبين
شايف قلب أبيض ساحر
كل الامل والدفا والامان
بكتب كلامي من قلب شاعر
في غربة مشاعر متشوقين
مشتاق لي حنينك من زمان
ضميني بقلبك خبيني جوا العين
غربة مشاعر فيها الشوق فيها الحنين
قلب شاعر--رمضان الدمرداش
Peut être une image de 2 personnes et texte

نظّمت السّبت 06 أفريل 2024 جمعتية قليبية للثقافة والفنون والتراث برواق الفنون بدار الثّقافة بقليبية حفلا لتدشين االمعرض الجماعي للفنون التشكيليّة

 نظّمت أمس السّبت 06 أفريل 2024 جمعتية قليبية للثقافة والفنون والتراث Cap Kélibia برواق الفنون بدار الثّقافة بقليبية حفلا لتدشين االمعرض الجماعي للفنون التشكيليّة: Plastikós S'inspire "بلاستيكوس يستلهم" لمجموعة من الفنانين التشكيليين: * شيماء بن سعيد. * مايث غايسينز. * أمين البوبكري. * زبير المنذري. * نبيل بن رجب. * شكري بن عمر. تصوير وتوثيق مراسل مؤسّسة الوجدان الثّقافيّة ومجلّة حوريّة الأدب الأستاذ فاروق بن حوريّة.





قصيدة : ليالي الشوق بقلم الشاعر منير صخيري تونس

 .............. ليالي الشوق

هلت ليالي الشوق والسمر
بعزف الوتر وسحر جمال القمر
أناقة سر جمال بهائك كالبدر
بليل الغزل ينشر عبق السرور
فاتنة بسر جمال صدف القدر
خيال وهيام تلاطف موج البحر
تعانق بقايا القصائد عند السحر
ذرفت الدمع بغزارة كرذاذ المطر
كل القصائد حكاية من نسج النثر
أضناها الهجر والبعاد والشجن انتصر
كتبت ترثي ماضي واندثر من الأثر
ليالي الشوق والحنين للسمر
أعادت شجن سهد السهر
بكت من صمتها وما قدر
خانتها الأيام بان عليها ملامح القدر
بين خطاها تزرع الأمل المستمر
ثقلت موازينها ملت مرارة الصبر
لكن حنين ليالي الشوق مقدر
فارسة الهوى كندى قطر المطر
ما ارتوت من جحيم شوق مقبر
عانت ويل الإهمال وصفع القدر
شحبت واضمحلت كصبح بعد فجر
كدجاجة تعاند قوة مجد طير صقر
تصارع تكوين هلال كي يصبح قمر
بين عنادها وتكوينها لا شيء منتظر
غير آهات جراح الهوى مع السمر
قصيدة : ليالي الشوق
الشاعر منير صخيري تونس
السبت 06 أفريل 2024
Peut être une image de ‎texte qui dit ’‎3 ليالي الشوق الشاعر منير صخبري‎’‎

- تحرير الإبداع - بقلم - رشيد الصنهاجي -

 - تحرير الإبداع -

من هذه لحظة
أكسر كل الحواجز
أحرك تمرد بالألوان
بالحروف القصيدة
تخبرنا بمعاناة والإقصاء
المبدعين والمبدعات
لم أعد سجين أفكاري
اتمرد و أوقاوم
أتمرد على سجاني
ضد الظلم والاستبداد
ضد الإبادة الثقافية
من شارع الفن
من خيمة الكتب
أروي صرخات الإبداعات
لإنهاء إنقسام الأفكار
وتكثلات المقاهي
لكي يعود المثقف لأوكاره
يعلن نهضة الفكر سليم
سألون الجبال و المحيط
أكتب على الحجر الوديان
لترسيخ ثقافتنا وهويتنا
التي انزلاقت وانسلخت
في الزمن الإقصاء والتهميش
لي تصل صرخة المبدعين
لمن يهمه تهميش الإبداع
- رشيد الصنهاجي -
Peut être de l’art