الأربعاء، 26 يناير 2022

القَصيدةُ البتْراءُ /سعيدة باش طبجي☆تونس /جريدة الوجدان الثقافية


 ☆《القَصيدةُ البتْراءُ 》☆

يا لَعُقْمٍ في يَراعِي
لمْ يعُدْ يَقْدرُ أنْ يُنْجِبَ نَصَّهْ ☆
يَحمِلُ الإلْهامَ أيّامًا و أعوامًا
يُغذّيهِ وُلُوعًا و دُمُوعًا
يُوقِدُ النّبْض شُمُوعًا
كَيْ يَصُوغَ الكَوْنَ بالأشْعارِ قِصّةْ ☆
ثُمّ لا يلْقَى إذَا رامَ القوافي
غيْرَ أوْهامٍ و غُصَّةْ ☆
يالَثُقْبٍ في سَفيني و شِراعِي
يا لَوهْنٍ و خَواءٍ في ذِراعي
كانَ يوْما
يَمْخُرُ البحرَ عُبَابا
يَتَحدّاهُ ضَبابًا و سَرابَا
ثم يُرمَى فوْقَ شطِّ العجْزِ
صيّادًا أضاعَ البحرُ شِصَّهْ ☆
أو كبحّارٍ يَسِفُّ الرّمْلَ أعوامًا
لِيَلْقَى خاتَمًا قدْ فَصَدَ القُرصَانُ فَصَّهْ ☆
يا لَذُلٍّ و امْتهانٍ
حينَما يَعشقُ مَنْ قدْ سَلبُوهُ الكِلْمةَ الغرّاءَ
لِصَّهْ ☆
يا لَجمْرٍ و احتقانٍ
حينما الخيَّاطُ في لحظةِ عُقْمٍ
باعَ في سُوق كَسادٍ
بكْرةَ الخيْطِ و ألْقَى
في يَدِ الغُولِ مِقَصَّهْ ☆
حينما البنّاءُ في لحظةِ يأْسٍ
هدَم البيتَ بفأس القهْرِ قسْرًا..
و إذا مارامَ ان یبْنِي بِشَطِّ الأمْنِ خُصَّهْ ☆
جَرفَ المَوْجُ أمانِیهِ
وَ جِصَّهْ ☆
یالَضَیْمٍ في بلادِي۔۔
یالَغَیْظ في فُٶادِي
و خَفافیشُ المجَاري
تَعتلِي النُّورَ مِنَصَّةْ ☆
جَفّتْ الرِّیشةُ في دَنِّ مِدادِي
مُقْفِرٍ..خَاوٍ..كَأحلامِ سُهادِي
أیْن دمْعي و دَمِي
حتَّی یَخُطَّ الحُزْنُ نَصَّهْ ؟☆
هلْ تُرَی قدْ جَفَّ أیْضا
فوْق أسْمالِ وِسَادي
أمْ تُرَی الخُفَّاشُ مَصَّهْ؟ ☆
لم یَعُدْ في الأفْقِ یَهْفُو
غیْرُ قُرصانٍ و خُفّاشٍ و أوْهامٍ
و أشْلاءُ شٍراعٍ
و شَظایا منْ قوافٍ بائساتٍ
و یَراعٌ غاطسٌ في دمْعِ حِبْرٍ
و قراطِيسٌ كأوراقِ خَريفٍ
و انکسَاراتٌ و قصةْ
شِلْوُ قِصَّةْ ☆
أنْجَبتْها رغْمَ عُقْمِ النّبْضِ أوْجَاعٌ
و غُصَّةْ ☆
ذاکَ نَصّي
أبْتَرُ اللُّبِّ و مثْلُومُ الحَواشِي
صُورةٌ من ثَلْج نبْضِي و ارتعَاشِي
منْ شَظایا صَبْوتي ..مِن لهْبِ شوقِي و شُواظِي
وذُبُولِ الحُلْمِ في وَردِ حِیاضِي
یَا لَطلْقي یا لَأوْجاعِ مَخَاضِي؟
هَلْ هُوَ السُّقْمُ الّذي يُنْجِبُ نَصّهْ؟☆
أو هُو العُقْمُ الّذي حَانَ لهُ
أنْ تُنْجِبَ الأشْواقُ نَصَّهْ؟ ☆
《سعيدة باش طبجي☆تونس》

هي من أخبرتني /مهند الشاوي /جريدة الوجدان الثقافية


 هي من أخبرتني...

أنها للصحراء أحبت
وإنها من عصر بلقيس
كانت لها حكاية
دمعها والأيام تشهد
وأقوام وأقوام
هي من أخبرتني...
إنها قد أحبته وقالت
إنما الإفصاح عيب في عشيرتنا
والحب ممنوع علينا في قصائدنا
والحب ... لا لا تقل إنه عيب علينا
هي من اختارت من الصحراء إسما
ومن الأشجار مبسم
ومن الأوراد عطرا
هي من أخبرتني
أنها في القوم كانت... كالأسيرة
ممنوع عليها الكلام
ممنوع عليها السلام
وممنوع عليها كل ما كانت تحب
لا تفعل...
لا تسأل...
لا تقول...
كل شيء... ممنوع عليها
فالعادات ما عادت تسمح
والنغمات ما عادت لها تفرح
هي من أخبرتني
أنها في الصحراء
صخرا ........ قد أحبت
____________ مهند الشاوي

نداء الارواح/ابتسام المياحي /جريدة الوجدان الثقافية


 نداء الارواح

شح البدن لعسل الصفا
وهزل القلب لبلوغ الجفا
ماعدت ابحث ذاك المنى
فأنت المنى وغيرك كفى
وان بلغ اللقا دون توددٍ
فصار الحاجز بيننا قفا
وتلك المنايا بنا تزاحم
لعروة بالغت في العفا
فما بالي والقلب ناعرا
متصفحا عن ذاك الوفا
دونكم لاصحبة لا جار
بل دونكم افتقد الدفا
واقول للمنايا اسرعِ واترعِ
ببحر بلوجك فالحزن طفا
ابتسام المياحي
العراق

هل الفيسبوكُ نورٌ أم ظلام؟ محمد الدبلي الفاطمي /جريدة الوجدان الثقافية


 هل الفيسبوكُ نورٌ أم ظلام؟

لماذا العلمُ نورٌ والجهلُ عار؟***هل الظّلماءُ يشبهُها النّـــهارُ؟
أجيبوا عنْ سؤال صار حتماً***فـــــجبنٌ أن يُغادرنا القــطارُ؟
هل الفيسبوك نور أم ظلام؟***أم التّفكيرُ جمّـــــدهُ الحصــارُ؟
أريد جوابَ مَنْ خبروا المزايا***ومن علموا مصائِرهم فثاروا
وأرفضُ من أجاب بغير عقلٍ***وظنّ بأنّه الرّجـــــــلُ الإطارُ
////
لم الفيسبوك يعتبر انحلالا؟***أليس العلم قد فتح المــــــجالا؟
لماذا نـــــــــقتل الإبداع فينا***ونتّخذ الحــــــضيض لنا مآلا؟
ألسنا قادرين على التّصدّي؟***أم التّغيـــــير قد خسر النّزالا؟
وما الفيسبوك إلاّ نسل عصر***به التّفكير علّمنا المـــــــحالا
وإن نحن استفدنا منه فعلا***سننجب من تواصـــــــلنا الرّجالا
////
تلاقحنا بفـــــقه العلم نور***ترحّب باستفادته الصّــــــــــدور
يربّي بالتّواصل فهم عصر***به الأنوار تعكسها السّــــــطور
ونحن نراه منفعة ســـــتحيا***بمكسبها الضــــــمائر والقـبور
فنصبح بالتّواصل قادرين***ويصـــــــــحو عند أمّتنا الشّعور
وما خلع الغباوة بالتّمنّي***ولكنّ الفلاح هو العــــــــــــــبور
////
سننشر ديننا في الملحدينا***بعون الله ربّ العــــــــــــــالمينا
وننشر أحرف الفرقان نورا***فنــــبهر بالهدى البشر المشينا
وإن نحن اعتبرنا الجهل نورا***سنجهل فوق جــهل الجاهلينا
فما الفيسبوك إلاّ حبل وصل***به الإنسان أصبح مستـــــعينا
ونافذة بها التّفـــــكير رقّى***عقول الملهــــــمين الطّامـحينا
////
أتانا العلم فانهــــزم اللّئام***وشعّ النّور فانســــــحب الظّلام
وقد سقط القناع عن انحلال***تجسّد في مقاصـــــده الحرام
نفتّش في الحياة عن الملاهي***ونترك ما يجــــود به الكرام
كأنّ عقولنا هرمت فشاخت***وضعضعها التّفـــسّخ والمدام
وهذا حالنا منذ انحــــططنا***بشرع الغاب يحـــــكمنا النّظام
////
أرى الفيسبوك قد خلع القناعا***وحـــرّر من أنا ملنا اليراعا
تصدّى للفــــــساد بكلّ حزم***وعلّمنا بحنــــــــــكته الدّفاعا
وسهّل بالتّواصل كلّ صعب***فهاجمــــنا المفاسد والرّعاعا
وإن نحن استفدنا ما استطعنا***سننشئ من طفـــولتنا السّباعا
وعكس الأمر إن نحن انبطحنا***لنصبح في مواطننا ضباعا
////
تذكّر أنّنا بالعــــــــــــلم نحيا***فندرك دورنا فهما ووعـــيا
ولولا العلم ما كــــــنّا أناسا***وشرّ النّاس من يزداد نســـيا
سقانا العــــلم بالأنوار حتّى***رأينا سعـــــينا قد صــار غيّا
نغذّي نسلنا بقـــــشور فقه***ونخضع للعدى نهـــــجا ورأيا
فيا أهل المعارف والتّحدّي***تعالوا نجعل التّغـــــيير سعيا
محمد الدبلي الفاطمي

بعيد عني/ أسماء عبدالرحمن الشيباني /جريدة الوجدان الثقافية


 تانكا (بعيد عني)

______________
شكوك المتكررة
تبعدك عني
بعد السماء الشاهقة-
أشتهي منك حياة
ملؤها الثقة!!
============
روافد حنين
تنهمر صبابة
للقاء الحبيب-
ارتضيتَ الرحيل عن حياتي
فكن بعيد عني!!
==========
رعشة الوجد
و صقيع الشوق
تزلزل كياني-
لمن أبوح بمكنوناتي
و أنت بعيد عني!!
============
بقلم. أسماء عبدالرحمن الشيباني
اليمن

الثلاثاء، 25 يناير 2022

إكسر حصار الاشتياق.... بقلم الشاعرة حسناء حفظوني

 إكسر حصار الاشتياق....

أيها الغريب المطارد
من كل اتجاه
إكسر حصار الاشتياق
وتعال كقمر هارب هارب
من سطوة الليل الحزين
صادف بمفترق الضياء
نجمة...
أيها الغريب المطارد
من كل اتجاه
إكسر حصار الاشتياق
دثرني بدفء عينيك
وعلمني بين يديك
كيف تصاغ ملاحم العشاق
من نظرة...
أيها الغريب المطارد
من كل اتجاه
إكسر حصار الاشتياق
تعال كغيث نافع
فاجأ أرضا ظمأى
ولا تذكرني بما مضى
ولا بما سيكون...
إختصر زماني وزمانك
بتوقيت غمرة...
أيها الغريب المطارد
من كل اتجاه
إكسر حصار الاشتياق
تعال كبحر صاخب هادر
أردته قتيلا على شاطئ الحب
موجة...
ومرّ بنا عنوة الى دروب العناق
كفاني وكفاك الموت المشتهى
بين خطوط الاحتراق
بجنون لحظة...
بقلمي الشاعرة حسناء قرطاج ///

الاثنين، 24 يناير 2022

كرة القدم والخط المستقيم بقلم: الشاعر دخان لحسن - الجزائر

  كرة القدم والخط المستقيم

سَارت بنا الايام الى دَوحة العربِ
جادَت أجنحة الطيرِ بنعومةِ الاهل
اختزلنا المَسيرة والقصدُ رياضة
تتلاعبُ الاقدام وللاهدافِ تسجل
التاريخُ هنا بَصَم والحلمُ تحققَ
كأسُ العربِ كان الهدفُ والعالمُ آمالَا
أتطلّعُ لكلّ مَن يُخبرني عَن
فيفا العَرب تجَمعوا كمَن لَمَّ الشَملَا
ساسَه حكامٌ بأيديهم إنصافٌ
وزيّنه عمرانٌ وتنظيمٌ ووَصفٌ جميلَا
تتبارى الفرق الرياضية في الميادين
تشجعهم الجماهير تصفيقا وتهليلا
تسيّدناهُم كرَوِيا بَعد افريقيا
وجَمعنا الكأسَين وكنّا عَلى عَجَل تصببَ اللاعبون في الشتاء عَرقا
حُرِمُوا سَمرَ الليالي وَسَهَّروا المُقلا
الشعبُ سَكن سُويداءَ قلوبهم
والوطنُ حَجز لهم قلوبا تَضُخ المَصلَا
في الثامن عشر ديسمبر
وقّعوا بملعبِ البيتِ النصرَ الوَجلا
العيدُ ثلاثي: قطر باستقلالها
ولغة عالمية توّجَ عربُها ذاك التشكيلا
سِحرٌ فريدٌ في لمسِ الحَسناءِ
وَلّدَ مَشاعرَ رديفة لها، بلا توكيلا
وَطنٌ أعطانا ابطالا وَقد
أهدَيناهُ بالأمسِ الشهداءَ أبطالا
ألَا لَيتَ عقولَنا تسيرُ على دروبِهم
فتُنبُتُ لِسَيئِ حالِنا حسناً بَديلَا
هم نجومُ السماء وَطِئوا الملاعبَ
رَوَّضوا الكرة في حَضرة التدويلَا
سَما نجمهم بينَ الأمم وتباهَى
مَعهم نجمُ الضادِ دون أفولَا
لغةُ القرآن سَمت بين اللغات
أنشدَت بها الألسنُ سَلام الدولَا
استعملوا الاقدامَ أقلاما رسَموا
فنّهم، مراوغة وتمريرٌ وقذفٌ طويلَا
مُؤيَدين بالعزيمةِ وحبّ الوطنِ
وقودٌ يضيئ ليلهُم قِنديلَا
تتباهَى الاكوانُ بنجومِها
ونعِدّ مِن النجومِ لِلاعِبينَا الإكليلَا
الهدّافونَ كُثرٌ وأهدافهم أكثَرُ
دِرعهم الحارسُ صاحبُ التبجيلَا
يداعبون الكرةكأنهم بيادق شَطرنج
يَقتلونَ الغازي وللمآسِي تأجيلَا
تجَمّعٌ أحيَا فِي العربِ اخوَتهم
قضيَتهم فلسطينُ الجرحُ المُسيلَا
أظهَروا في اللغة العربية هَويةً
إعترفَ بها الاتحادُ مشاكسُ التفعيلا
اعطاهَا بينَ لغاته مَكانا ناطِقا
أنارَ بها قلبَ العالمِ قمّةَ التمثيلا
افرَحِي يا جَزائر وابشِري
ومُدّي ذراعَيك لابناءِك البواسيلَا
لكِ في كلّ سَهل مَلحمةٌ
رُوادُها أبناؤك صناديدٌ وفطاحيلَا
وافرحوا أيها العرب، كل ارضكم
وطني ولكل اهلكم الحضن والتقبيلا وهللوا ففوزنا فوزكم، مرحى
بكأس عبّدت لعلانا سبيلا
طوروا الرياضة وانشروها
هي تسامح واخوة ليس لها مثيلا اذكروا مناقبها تكسبون الشباب
علما وسلما وصحة وتنافسا نبيلا
فمن يعيب الارادة يتعلم الركض
من الغزال ومن الابل الصبر الجميلا
. بقلم دخان لحسن - الجزائر


سميرة بنصر: -كائن أبيض جميل بقلم الناقد محمد المحسن

 الشاعرة التونسية سميرة بنصر:

-كائن أبيض جميل،لا يليق السواد إلا بفساتينها.-
"أشتغل في كوني الشَّفيف،ولا أسرارَ مهنية لي..كلَّ يوم، أتعلّم وأعلّم. يُقال لي وأقول،أتبادل المعطيات والخبرات والمعارف،لي فضيلة التبادل وسخاء الشراكة وحسُّ الإنصات.."
سميرة بنصر.هذا الكائن الأبيض الجميل،لا يليق السواد إلا بفساتينها..تنتظر الآن،كما لم تنتظر بحياتها وطنا عربيا حرا لتدعو الجميع لوليمة السلام والحرية..
سميرة بنصرالشاعرة التونسية المتميزة..من مواليد ولاية بنزرت المطلة على بحر متماوج يروي أقاصيص وأمجاد من عبروه في رحلات عبر الأقاصي يحدوهم أمل في غد مشرق تصان فيه كرامة الإنسان..،نشأت وعاشت صباها هناك،في بيت نهلت منه الأدب والجمال والشعر..
بدأت في عمر المراهقة فخطت أحاسيسها على الورق وكبرت قصائدها شيئا فشيئا وباتت اليوم أكثر ابداعا وجمالا..
وإذن؟
الذهاب إلى الشعر إذا عن طريق النثر،يشبه تمام الإبحار غربا إلى الهند،ففي كلتا الرحلتين ستصل إلى أرض لم تتوقعها،لست بحاجة لأورد هذا التعريف،حتى أتكلم عن الطريقة المبتكرة التي تسوغ فيها الشاعرة التونسية سميرة بنصر قصيدتها،في مضمار هو بمطلقه نثر..أتذكر سعد سرحان،هذا الشاعر المغربي هو أيضا من هواة هذه المغامرة،إلا أن الفاعلية التي تحصن بها سميرة قصيدتها،التي تبدو هي من ينتصر في النهاية على ثوبها،ما يجعلها تنبع من عملية إطلاق معنى ذاتية، يتشكل من خلالها،فلا يخضع لعمليات خارجية أو أي اعتبارات أخرى، نتكلم عن معنى يورده على هيأة شطح، نعلم أن الأول (المعنى) منوط بالقارئ الذي يضطلع بإنتاجه،حتى أنه لا يتأتى له ذلك من منطلق تأويلي صرف وإنما بالتفاعل الذي يحدث بين طرفي العملية الإبداعية القصيدة / القراءة
ما الشطح ..فقد لا نسلم أنه عملية بناء وإنتاج،داخل مفهوم أفق الانتظار،حيت يتفاعل تاريخ الأدب،والتصوف،والخبرة الجمالية،والرؤية الفلسفية، بفعل آلية الفهم لدى المتلقي،فالشطح عند -سمية بنصر- الذي يتبدى أكثر في قصيدتها (همس النسيم) ليس مراكمة نتف بعض التعاليم السريالية البيضاء،بقدر ما هو فعل حر لعلاقة حب واضحة،مثل فضيحة، تخلعها القصيدة وتبغي بها نفسها لقارئها.
فهذه الشاعرة التونسية سخية،على مستوى كتابتها الشعرية ومنجزاتها الإبداعية كثيرة الظهور في الملتقيات و الموائد الثقافية،لكنها تنأى بنفسها عن الزعيق العام،للاشتغال الهادئ والمتواصل داخل مرسمها،بعيدا عن الأضواء ومتحالفة بقوة مع متنها وفنها،الذي خطته لنفسها انتباها كاملا داخل الساحة الثقافية التونسية،قصيدتها بقدر ما فجرت فيها طموحها الشخصي،على مستوى تطويع اللغة،وكسر بنيتها،بقدر ما حققت مكاسب أكثر لقصيدة النثر،إنها إلى حد بعيد أشبه بذلك الطفل الذي ينخرط بشغف في حفر الأرض؟،أكثر من شغفه بما سيفضي إليه هذا الحفر،فهذه الشاعرة التي جاءت لتؤسس لا لتقتفي أثر غيرها،برهنت للعقلية النقدية المستشرية،أن المفاهيم المدرسية كما القراءة الانطباعية على السواء،لا يمكن أن تخفي مهما استرعت من معاول،ذلك الضوء الهارب من القصيدة،ذلك الذي تخبئه عميقا في ثوبها حتى تشعر هي نفسها بالدفء،وتعرف أنها مازالت على قيد الشعر.
قصيدة غاصة بالموجات التعبيرية للمجاز الجمالي،هكذا أسميها،فالشعر الذي تستخدمه كضوء، تشعله حتى نراها،لا يمكن أن يصبح مرئيا إلا في علاقة بالبناء المولد له..والبناء في هذه القصيدة هو سلسلة من الإرغامات التي توجهنا إليها الشاعرة، حتى نقوم من خلالها بإنتاج وتداول واستهلاك المعنى التعبيري،عبر لغة جديدة عمدها كامل أجزاء المتن السطري خاصته،وهي لغة مشرعة مثل نوافذ، يتسلل من خلالها القارئ إلى عوالم الدهشة في هذا المتن،على اختلاف أشكالها ومكوناتها وكيميائها،وهي كفضاء تشكل في الوقت نفسه لحظة الفعل الخصوصي العميق للشعرية،
فهي بهيئتها المتفردة،بزيها الجديد المبتكر،تجعل فعلا أولئك الذين يدركون دور الشعر في إضفاء المعنى وإعطاء حياة موازية،وجعل العالم أكثر إنسانية،يعرفون بالتأكيد أن هذه القصيدة بالذات قصيدة فادحة،فهي تبغي الالتفات إلى بنيتها الدلالية الظاهرة والعميقة،ضمن أبعاد ومداخل وأنماط نقدية جديدة،ترخي ضوءها أيضا على الطرح البصري،الذي تشيده،لا الإرتكاز على المعجم اللغوي ومشاغله التبئيرية فقط.
لا يفوتنا أن الشاعرة التونسية سميرة بنصر شاعرة وكاتبة دون مفاضلة، تقول بهذا الخصوص في حوار كنت أجريته معها (أصور نفسي مثل شخص ينام فوق سرير يتسع لوسادتين، بحيث يتيح لي هذا الوضع المريح التمدد فوق هذا السرير،بوسادتيه الوتيرتين الناعمتين،بما لا يسبب لي تشنجا في الرقبة أو المكوث على نفس الوضعية المحكومة بالضيق، أثناء النوم وفي الأحلام أيضا.بحيث أستطيع أن أنتقل من وسادة الشعر إلى وسادة التشكيل،وأنا فوق نفس سرير الإبداع بمعناه الواسع.هذا على سبيل المجاز..)
فهذه الشاعرة القادمة-كما أسلفت-ولاية بنزرت الحالمة مهد الحب والجمال والكرم الفيّاض عودتنا على اللعب الحر والطليق فوق المنعرجات الحارقة للحافة في المضمون،كما في التقنية الموظفة،ترغب بشدة في هزم جسور التواصل مع القارئ،بل تقترح عليه أن يندمج معها في أجواء المكابدة الشعرية،قلت عنها ذات يوم في إحدى مقارباتي (تتأمل-سميرة بنصر-مسارها الشخصي فيما هو يتمثَّل مسار الحركة التشكيلية في بلدهِا،وفي العالم.هكذا ينبغي أن يتصرَّف كل فنّان يريد أن يتطوَّر.ولذا نراها تختزل الهِبات كلَّها في هِبَتها.وهي تشتغل في كونها الشَّفيف،ولا أسرارَ مهنية لها.كلَّ يوم، تتعلّم وتعلّم. يُقال لها وتقول، تتبادل المعطيات والخبرات والمعارف، لها فضيلة التبادل وسخاء الشراكة وحسُّ الإنصات،لا تضجر ولا تقلق ولا تتهيّب من روح التَّتلمُذ.ومن ثم،نراها تتطوّر باستمرار،وتتحوّل دونما توقف في عملها الفني،وفي رؤيتها التِّقنية والجمالية.. )
على سبيل الخاتمة:
تتميز الشاعرة العربية التونسية سميرة بنصر بوضوح نصوصها والتكنيك اللغوي باستخدامها المفردة المفرطة بالجمال البعيدة عن الترهل القريبة من الابتكار،فهي لها موهبتها المتفردة في تأثيث بيتها الشعري وتزيينه بالفكرة والصورة والتكثيف والانزياح ،لكن برأيي أهم ما يميزها في اشتغالاتها الشعرية هو "الاستنباط " الذي تعتمده كدائرة مركزية في توزيع أدوارها المستمدة من الحياة المعاشة،وهي بذلك توفر ذخيرة كبيرة من الأدوات لاستخدامها ضمن المنظومة العامة للقصيدة..
نقرأ واحدة من قصائدها الجديدة المفعمة بالتكثيف والترميز :
كان هنا... حدّثت عنه أثار قدميْه
كان هنا... أجابت الشّجرة التي غرسها من ألف عام
كان هنا...قالت الريح التي شربت بقايا كأسه ، فـترنحت
كان هنا.... قالت الصخرة
قالت حبّة الرّمل : لا تستهن بي فإني الصّخرة الكبرى قبل حقبة
رأيته... كان يمرُّ من هنا....
أخيرا..أكتفي بالقول:قبعتي..يا سميرة بنصر..يا من تكتبين بحبر الروح..ودم القصيدة..
محمد المحسن




مغترب بقلم الشاعرة هيفاء نصري \سورية

مغترب
يا من تركتَ عيونَك و الهوى
سهماً أليماً يصيبُ ذا القلبَ
و دعتني طائعاً والحزنُ في عيني
وتركتَ أحضاني و رحلتَ مغترِبا
حسبتُ النوى سهلاً ولكنَّ النوى
هو الصعبُ يخشاهُ فتىً جربَ الصعبَ
أحنُّ إلى دنيا رؤاكَ وأشتهي
وصالَكَ ما لاحَ النسيمُ وما هبّا
تمرُّ بيَ الأيامُ مسرعةَ الخطى
لعلي بها أنسى المودةَ و الحبّا
وأرنو إليك بذكرياتي علَّك
إن عدتَ لي يا حبيبي تُذهِبُ العتَبا
تعالَ لقربي نجني من ثمرِ المنى
تعال نقضي العمرَ بعدَ النوى قربا
هيفاء نصري \سورية