الثلاثاء، 23 فبراير 2021

لأنه شارع الضباب بقلم لطيف الخليفي/ تونس

 لأنه شارع الضباب

في شارع الضباب
تزهر تلك الخميلة
وتورق ضفاف احلامي
ويزدان الشارع....
فتلك البنايات الشاهقة
تضمه...وتضمنا...
تتعالى أغاني الغد
وتزهر كل البساتين...
في شارع الضباب
الشمس لا تغيب
فتعانق جماله الساحر
وترسو على مرافئ دفئه
فيحلو الصمت
وتعزو الروح الروح...
في شارع الضباب
تمر كل الأميرات
بتيجانهن المرصعة
بأعذب الابتسامات
وأطيب العطور
يرددن كل الأغنيات
ويداعبن يوما أخضر
.....كالسماء.....
في شارع الضباب
يحلو السهر
"بين مراجيح الأمس"
وحنو الحاضر
وجمال بساط الغد...
فكل الأنوار تدغدغ عينيك
وتلامس بقايا روحك
لترسم تلك اللوحة الحالمة
المزركشة بألوان التمني....
في شارع الضباب
تنبت تلك الزهرة
....وتينع
وها هي تلامس السماء
فيخضر زرعي
وتغرد طيور حياتي فرحا
ويعود لي صمتي صاخبا...
* لطيف الخليفي/ تونس

عيد الود بقلم لطيف الحليفي

 عيد الود

من أنت أيها الحبْ..؟؟
من أباح لك العيدا..؟
اركب زمنك وثَبْ
فالسّاقي سكِّير عربيدَا
إن سألتك فهل تُجِبْ
فخفّف الوطء والتّشديدا
فإنك لربِّك تَحتسبْ
فتمحو الدّمعَ والتّنهيدا
فاترك هواجسك وتُبْ
فالحُبّ وردٌ له التمجيدا
حمراء قانية فلا عَجَبْ
فاليومُ لا يطلبُ التمديدا
وقديمًا قيل ولا عَتَبْ
فالمُحب قد مات شهيدا
الهدايا تأتيك دون طَلَبْ
فاطرب لها وأكثر التّرديدا
هيّا اقترب...فأنت المُحِبْ
فالكل يريد ليومكَ تخليدا
ما عرفنا هذا سا بقا.. يا عَجَبْ
لا سِبَابَ ..ولا شجبْ.. ولا تنديدا
تجاويفُ الحياة كلّها حُبْ
فالحياة لولاك لامعنى ولا تخليدا
نصلي في محرابك كما تُحِبْ
ونلقى الحياة بالغنا والنّشيدا
فخُذ هديتك ولا تكتئبْ
فالهدايا في طبعها محمودا
كل الدُّنا إلى الفناء تَعُبْ
فلا أحد يروم البقاء والتخليدا
سبحان الله ما قد وَهَبْ
فالشُّكر له وحده والتوحيدا
فالحب مَذهبٌ قد وَجَبْ
والحُبُّ دوما أمره سديدا....
عبد الطيف الحليفي
Peut être une image de rose et texte

حوار الأستاذة سامية بن أحمد/الجزائر مع الشاعرة و الأديبة عائشة ابو العطا

 حوار مع الشاعرة و الأديبة عائشة ابو العطا

حاورتها: الأستاذة سامية بن أحمد/الجزائر
***
س1/ من هي الأديبة عائشة أبو العطا الإنسانة والأدبية ؟
ج/
عائشة محمد محمد أبوالعطا
قلب يمشى على الأرض وروح طيبة تنشد السلام والوئام لكل الأنام لا أحمل في نفسي كرها ولا ضغينة لأحد مهما فعل ولكني صاحبة قرار ...
أحببت كل الناس فأحبني الناس في الله فما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
_نشأت في أسرة محبة للعلم والرياضة _مثلت مصر دوليا وكذلك منتخب الجامعة
_عشقت الطبيعة والخيل والورد والبحر والشعر والرسم
_اكملت دراستى الجامعية في كلية التربية جامعةالإسكندرية
_قسم لغة عربية
_تزوجت وأنا طالبة في الصف الثالث. _حصلت على الليسانس
_واصلت الدراسة لكن دراستي التربوية لم ترضي طموحي فانتسبت لكلية الآداب وواصلت دراستي الأكاديمية في جامعة الإسكندرية ولم أحصل على الدكتوراه بسبب كثرة أسفاري.
_عملت معلمة لغةعربية من 1981حتى 2004
_ انتقلت للعمل الإداري وتدرجت بالمناصب حتى وصلت لكبير معلمين ومدير إدارة مدرسة ثانوية بدرجة وكيل وزارة ونجحت في حياتي العملية نجاح باهر لأني كنت على دراية عالية بقوانين العمل والعاملين وكذلك القرارات الوزارية التى تحكم العملية التعليمة فيمايخص شؤون الطلبة والامتحانات بحكم الخبرة وحب العمل لذاته وأعيرت للمملكة السعودية وسلطنة عمان حتى حصلت على معلم مثالي في مصر السعودية _ وعمان .
***كتبت الشعر في سن مبكرة لكن لم أواصل لأسباب عائلية حطمت طموحي الأدبي
_كتبت القصيدة العمودية قليلا
و الخاطرة والقصة القصيرة والومضة الشعرية والقصصية
**جمعتهم في مؤلفات كالتالي :
1-بعد المسافات
2-زمن القهر الصعب
3-ورد وأشواك
4_قلب لا يعرف الانكسار /قصة
**رواية تحت الطبع متوقفة على انتظار تصميمي للغلاف .
** تحصلت على شهادات تقدير محلية ودولية منها :
_سفيرة للسلام الدولى وامارس دوري على الأرض
رغم مرضي .
**تحصلت على شهادات دكتوراه فخرية من هاته الدول :
_مصر / في دعم الثقافة والمثقفين
_الأمم المتحدة/ في نشر السلام والمحبة
_ المغرب العربي/ في نبذ العنف ومقاومة شغب الملاعب
_ من المنظمة الدولية لأجنحة السلام / في نشر ثقافة المحبة والسلام .
وأخيرا من مصر من ولاية للثقافة/ في دعم المشهد الثقافي العربي والمثقفين.
س2/لمن تحب الأديبة عائشة ابو العطا القراءة قديما وحديثا ؟
ج/ أقرأ للعقاد وإحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم
وطه حسين ومتأثرة بالعقاد جدا
أعشق شعر المتنبي والبحتري ووامرىء القيس
ومن الحديث : أقرأ لأحمد بك شوقي
إبراهيم ناجي وخليل جبران وإيليا أبو ماضي
وخليل مطران ونزار قباني
فأنا رومانسية الطبع نزارية الهوى
يعجبني شعر أبي القاسم الشابي
وبدر شاكر السياب ومي زيادة...
وأقرأ من التواصل الإجتماعي لشعراء وأدباء عدة اذكر بعضهم //
**من مصر في المقدمة :
شاعر النيل وعميد القناديل /د.جمال مرسي
وللشاعر الكبير ثروت سليم
والشاعر د.بسيم عبد العظيم
الشاعرة الجميلة هبة الفقي
والشاعرة الكبيرة إبتسام عبد الصبور
الشاعر الكبير عز الدين خلاف
والشاعر أ.د.محمد عاصي
والشاعرالشاب أحمد مكاوي
**ومن المغرب للشاعر د.أحمد مفدي
وزرياب المغرب محمد شنوف
ولقبطان عملاقة السلم والسلام عبدالله دكدوك
وللشاعر أدريس لحمر
واقرأ لأميرة النثر الشاعرة نبيلة حماني من المغرب
**من الجزائر: سلطانة شعر النثر الشاعرة نادية نواصر
ولأميرة البحر الأديبة وحيدة ميرا رجيمي
والأدبية الكبيرة فوزية شنه
**من فلسطين // الكبيرة هيام قبلان/ الأديبة والروائية والشاعرة المجاهدة رحاب كنعان والشاعر الكبير حسين جبارة.
**من العراق/ الشاعر الكبير والأديب ضمد كاظم الوسمي. **من سوريا/ د.عمر هزاع ود.ريم الخش والشاعر المهندس فواز عابدون.
وقرأت في الأدب العالمي لشكسبير وفيكتور هوجو وتوماس وعديد آخرون بحكم رسالتي في الأدب المقارن والنقد.
س3/كيف جاءتك فكرة تأسيس بالتواصل الإجتماعي منتدى الأقلام الذهبية والمفكرين والمثقفين العرب؟
هل تعطينا لمحة عنه؟
ج/
الفكرة كانت دوما بدمي تسري مسرى الدم في العروق حلم أن نؤسس ملتقى او منتدى ثقافي يجمع شتات عروبتنا على قلب رجل واحد لاتفرقنا الحدود ونعبر به إلى القلوب ونحطم كل المسافات نحن أمة واحدة لابد أن تتجاوز لحظات الإنكسار والوهن شاركت في تأسيس عدة منتديات وبذلت جهدا كبيرا ومخلصا لكن لم تشأ الظروف أن أستمر فأدوارنا تنتهي عند نجاحاتهم وتغلب نرجسياتهم على الهدف والغاية ..ففكرت في تأسيس صرحا للمفكرين والمثقفين العرب وشجعني على ذلك قاماتمخلصة عديدة من مصر الوطن العربي فكان منتدى الأقلام الذهبية للمفكرين والمثقفين العرب.
س4/ ماهو شعورك وأنت تبدعي في تصميم التكريمات والأوسمة لشخصيات ثقافية متفاعلة بالمنتدى؟
ج/
المثقف العربي جدير بالتكريم وحين أصمم تكريما له تكون سعادتي لأني غالبا سأرسم بسمة على وجهه تغمر قلبي سعادة وهذا أقل ما يستحق أي مثقف أو مبدع أو مفكر أو عالم عربي بقدر ما نستطيع إسعاده وتقديم شكر واجب .
س5/ هل واجهتك مصاعب وعراقيل في مشوارك الأدبي والثقافي؟
ج/
واجهتنى جحود بعض القلوب التي أخلصت معها في العمل وكنت سببا من أسباب نجاحاتهم على الأرض لكن الدنيا لاتقف على أحد ولا عند أحد فأنا لا أعرف الفشل ولا أعرف الانكسار، لي إرادة من حديد وقلب شفيف وأتجاوز عن كل السخافات ولا أنظر للخلف أبدا.
س6/هل كوفيد 19في عام 2020 كان نعمة أو نقمة عليك خلال نشاطك الثقافي؟
ج/
كان عام 2020 عام إبتلاء ووباء خيمت رائحة الموت على كل شيء فيه بإنتشار كوفيد19.
شاخت القلوب وتالت أصوات النحيب وانقلب التواصل الإجتماعى لصفحة نعي للوفيات ملما تواصلنا أنت النفس وانهمرت الدموع وتنوع الفقد للبعيد والقريب والغالي واغلقت المساجد وعندما اسمع المؤذن يقول صلوا في رحالكم صلوا في بيوتكم انهمر في البكاء وأرفع أكفي للسماء اللهم ارفع الغمة عن الأمة اللهم أكفنا شر البلاء والغلاء والوباء .... 2020 كان عاما شحيحا بكل المقاييس .
س7/هل حققت الأديبة عائشة ابو العطا ماكانت تطمح إليه؟
ج/ كان طموحي أقل بكثيير مما حققت ... لسببين إثنين :
** الأول:
مرض أبي الطويل الذي كنت أعيش في كنفه سيدة القصر كما يقولون ووفاته رحمه الله وطيب ثراه عام 1977 وحزني الشديد عليه و مرضي .
** الثاني :
فكان زواجى المبكر وأنا في الجامعة في عمر 19سن وانجابي ابنتي الكبرى ريهام الشعراوي والثالث موت أمي رحمها الله والرابع هو فقد عيني اليمنى التى أصبحت بعدها لاترى النور
كثرة أسفاري مع زوجي
ورضيت بما قسم لي الله
ولكني لم أتوقف عن العمل الجاد والدؤوب وكل نجاحاتي العملية والإدارية التي حققتها كانت من 2005 حتى 2016 سن التقاعد .
وبعدها صممت أدعم الشعراء والأدباء والمثقفين وأعدت أحد البرامج في إحدى القنوات الفضائية للإعلامي خالد خميس ثم توجهت للنشاط على التواصل الاجتماعي وأسست منتدى الأقلام الذهبية والمفكرين والمثقفين العرب.
س8/ ماذا تختار لنا الأديبة عائشة ابو العطا من كتاباتها الأدبية هدية للقراء مع كلمة ختامية تودين قولها؟
ج/
هذه قصيدة ردا على إحدى الحاقدات والتى ظنت أنها شاعرة بعيدة عن كف القدر فعايرتني بالعمى ....
أقول فيها:
قصائد الشعر قد حجّت على فكري
بالورد والطهر لا بالشوك المكرِ
لا يسمع القلب صوت النابحين على
قوافل النور والأقمار والعطرِ
يحدّق الشوك في وردي ليجرحه
لكنَّني روضة الريحان والطهرِ
شُلّت يداك فما نفسي تلوك أذى
أنا الصباح أنا الآمال للفجرِ
تمنّت الحية الشمطاء منزلتي
فحاكت الشر في ثوب من الغدرِ
لكنَّ ريحانتي فواحة أبدًا
تقدّم المسك في ثوب من الخيرِ
****
وللقصيدة بقية ولكن اكتفيت بهذا القدر.
**بقلم الشاعرة عائشة ابو العطا /مصر
**
وهذا مقطع من قصيدة أخرى قلت فيها:
الحقد بديلا للحب
حقد موار في صدري
يمحو أثارك من دربي
نيران تأكل تمثالا للحب
تربع في قلبي
تجتث جذورا موغلة
وصخور تنبت في جنبي
والآن تتركني وحدي
فلترحل ياصانع حقدي
فلترحل يا صانع حقدي
سيضمك قلب شيطان
وستثوي في حضن الجمر
والطمى القاتم لن يبقى
مخمورا يضحك في نهري
وبرغم الجرح
فما زالت آمال تشرق في صدري
**
بقلم الأديبة عائشة ابو العطا/مصر
وختاما أتوجه بخالص الشكر للأستاذة سامية بن أحمد من الجزائر النشيطة والمثابرة لدعوتها لي لإختياري لهذا الحوار الذي آثرتني به داعية لها التوفيق في مسيرتها الإنسانية للإعتراف بالآخر.
***
الحوار تحت اشراف واعداد الشاعرة سامية بن أحمد
من الجزائر
بتاريخ//21فيفري 2021























دراسة نقدية لديوان "ظل الغزال " للشاعر الدكتور مراد بيال من الجزائر بقلم الدكتور الناقد شاهين دواجي

 جديد في عالم النقد الأدبي//

صدر للشاعر الدكتور مراد بيال من الجزائر مقيم بفرنسا ديوان شعري بعنوان "ظل الغزال " عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع بجمهورية مصر العربية . فارتأى الدكتور الناقد شاهين دواجي من الجزائر بعمل دراسة نقدية لهذا الديوان الشعري.
وللعلم أن هذا الديوان نفذت طبعته الأولى في زمن قياسي في انتظار طبع طبعة ثانية مستقبلا بحول الله.
***الدراسة النقدية//
ظلّ الغزال ، أو حنين بطعم الكرز:
من الصعوبة بمكان أن تكتب غربتك بحبر الفرح ، لأنّك – حينها - ستكون جامعًا للنّقيضين ، الماء والنار ، الأسى والأمل ، الفرحة والوجد ، وقد حدّثتنا كلاسيكيّات الشعر العربي من لدن المقدّمة الطّلليّة عن هذا الكثير :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم *** يقولون لا تهلك أسًى وتجمّل ولنا أن نتحسّس شدّة الفجيعة المنكتبة في بيت الملك الظّليل حين استوقف وبكى ، ولعلّه كان مؤسس هذا التّقليد ، وهكذا المرور على ديار خولة وأمّ أوفى وميّة ، كلّ هذا الوجد كان ينسج بين ثنائيّة الغربة والفقد ، وليس من المبالغة في شيء أنْ نقول حينئذٍ أنْ الصّعاليك – على جنونهم – كانوا الأشدّ وجدا على فراق الدّيار مع كون رحيلهم اختيارًا أملاه ماكان منهم مما يخالف أعراف الثقافة حينذاك .
هذا هو أولّ ما يتحسّسه القارئ حين يشرع في فكّ أولى شيفرات ديوان "ظلّ الغزال" للشاعر مراد بيال ، شاعر من أصول أوروبية قذف القدر بعائلته من غرب التنوير ، نحو جزائر المآسي ذات حزن ، لم يسعه أن يفطم عن جزائريّة وهو يتسامع بأخبار والده الذي اختار الوقوف مع الحقّ ، وبذل النّفيس من أجل بلد أرادها موطنه اختيارا بعد رحيل الرّصاص ، ولكنّ السّياقات تفرض على الشاعر أن يستعيد غربة أبيه لاعتبارات تتعلّق بالحقّ في العيش الكريم ، وكأنّ الحياة أرادته هناك ليحسّ الغربة بشكل ما ، شكل يختلف عما ألفناه من كلاسيكيات الشعر العربي .
في سياق كهذا كتب الشاعر باكورة أعماله ظلّ اي الغزال ، وإذا كان العنوان أهمّ عتبة مخوّلة بجمع الشّتات النّصي فسيجد القارئ نفسه معترفًا ضمنيّا بذكء العلامات المشكّلة له ، فلن يكون الظّلّ يومًا أصل الكائن إنّما هو تابع له في سياق ما يشكّله الضّياء ، ومن ثمّة فلا وجود لهذا الغزال إلّا في وجدان الشاعر ، ما يطرح سؤال التحفّظ وامكانيّة الوجود الحقيقي بعنف ، وفي النهاية سؤال أنطولوجية الذات الشّاعرة ، ليس هناك الكثير من الأمل في غربة مليئة بالوجد في أن يكون للغزال وجود حقيقي ، إنّما هو ظلّ تأمل الذات المبدعة في أنْ يرمّم اليباب الذي ترسّب داخلها عند حدود الفقد ، وهذا " اللّاوجود ( الظّلّ) سيكون كافيا لأنه كلّ ما تتيحه الغربة بترسّباتها وتراكماتها .
في مرحلة ثانية سيكون على الذات أن تصنع إلهها ، وتنحته من تحت أنقاض اليباب ، عمل شبيه بالحاجة إلى الربّ التي اجتاحت المتديّن القديم حين شعر بالخواء الرّوحيّ فانطلق ينحت آلهة بيده ، تارة يعبدها لاعتقاده أنّها محلّ الألوهيّة ، وتارة يغالط نفسه عمدا فيكرّس في ذاكرة الآخر – التابع خصوصا أنّها مسكونة بالخير – بالرغم أنّه في أثناء تعاظم محنه يرفع يديه إلى السماء مستجديا ومصدّقا فطرته القديمة ، ولكنّه من جهة أخرى يرودي الوجود الحسّي للربّ السّماوي ، إله على مقاسه ، يسمح باللّذة ، ويقدّم باقات السّعادة كلّ شروق ، ذلك هو ما يقدّمه مراد الغترب طيلة ديوانه ، حين كشف له الإغتراب خيبته الكبرى ، وانّه لن يتيح له أكثر من ظلّ لغزاله ، قام بنحت غزال يعبده ، لينهي بذلك نغمات الحزن وينطلف في عزف الفرح ، سيكون القارئ بعدها أمام غنائيّات كثيرة تبتعد كثيرا عن ساحل الإغتراب ، وتبلغ به إلى الخوض في غمار تجاذبات هي من مخلّفات النّسوية في شتّى مراحلها التاريخيّة . سنقرأ الكثير من الغزل والكثير من العتاب ، والكثير من التهتّك ، وسنستمع إلى الكثير من الأغاني ، ولكنّ كلّ هذا لن يصبّ إلى في منطقة مظلمة داخل الذات ، منطقة تؤثّثها الحاجة إلى إله ، أو لنقل هي الحاجة إلى الحبيب ، وتحت وطأة الإغتراب هي حاجة إلى وطن . و إذن فالأحكام التي تحاول القراءة الأولى تصديرها إلى الذات القارئة ليست إلّا وهما وظلّا كظل الغزال ، وتقويضها يستدعي إقامة انشباك بين الأنثى التي تسيطر على ثنايا النصوص ، والوطن الذي بقي عالقا داخل الذات الشاعرة ، هنالك نحن أمام جماليّة تقرأ بعدّة عيون ، وتقرأ عدّة نصوص من عيون الشّعر العربيّ ، لعلّ أهمّها في جانبها الانطولوجي قصيدة هذا أنا للرائع الجواهري : هذا أنا عظم الضحيّة ريشتي**** ولفح دمائها أضوائي فتحاول الذات أن تؤسس لفردانيّة شبيهة بفردانيّة المتنبي ، أو لفحولة شبيهة بتلك التي يعتزّ بها الرجل الشرقي : استمع إليه في قصيدة ( أعترف ) :
اعترف
دون نفاق او رياء
اني كنت زير النساء
ابحث عنك فيهم
في صدف البحر
في حجر الزمرد
في كثبان الرمل
في اعماق البحيرات
في الواحات
سافرت بين المجرات
دخلت دهاليز الأهرامات
فقيل لي ما تبحث عنه لم يكن
و ربما لا يكون
فعشقت لأجلك كل العيون
من كل طيف و لون
و مارست كل أنواع العربدة والمجون
و انا على حافة الجنون
فجأه وجدتك بين صاد و نون
سيكون علينا هنا ان نقرأ الزير في سياق الثّقافة الشرقية ، وإذن فعلامة الزير ليست إلّا حيلة من حيل بلاغة النّص جاءت لتؤثث لحنين إلى الدّيار ، وأخذها على ظاهرها أو على مستوى تأويليّ ساذج لن يكون سوى أحد الرّضوض في كيان المآل الدلالي الذي يحرص الشاعر على سلامته .
من زاوية أخرى سنجد تعالقا وثيقا بين شتاء ريتا الطويل لدرويش وبين ظل الغزال ، لأنّ كلّا من الشاعرين سيعمد إلى إخفاء الوطن خلف صورة المحبوبة ، بصرف النّظر عن علاقة الذات الشاعرة بالوطن ، فدرويش الذي أحبّ ريتا ( اسرائيل ) ورمت لآلئها عليه ، وجرت شهواته خلفها كالغدير ، وولدت – كما قالت لكي تحبّه ، سيكشف للقارئ أنّ ريتا ليست سوى خديعة ثمانية وأربعين التي التي أسّست لنكبة فلسطين ، ومراد سيخفي وطنه الجزائر خلف عشيقاته ليسلو بهنّ عنه ، نحن إذن أمام قلب جميل للمنظورات الشعرية ، ولقطات تناصّية نبيهة ، تقوم على تفريغ العلامات من مضمونها ، وشحنها بمضمون آخر ، بتعبير ديريدا ، تحطيم العلاقة بين الدال والمدلول تمهيد للتشظّي الأكبر .
*****