الأربعاء، 13 أكتوبر 2021

قراءةٌ في الفصلِ الأوّلِ للدجّالِ، للروائي التونسي شوقي الصليعي . بقلم الناقدة سهيلة بن حسين حرم حماد

 قراءةٌ في الفصلِ الأوّلِ للدجّالِ، للروائي التونسي شوقي الصليعي .

======
=========
فصل الشّاعرة :
فصلُ الشّاعرةِ، شاعريٌّ عذبٌ مكتظٌّ برؤًى وأحلامٍ و بجميعِ أنواعِ الفنونِ من الشّعرِ إلى عِلمِ الخرافةِ والأساطيرِ ومَنشئِها اليونانِي، إلى المسرحِ الدرامِي والرّسمِ والنّحتِ- في "فارعةٍ كالتّمثالِ "- والأغنيةِ و الصُّحُفِ والمقالةِ، مع الإشارةِ إلى تفاعلِ الجمهورِ العريضِ، إلى جانبِ أسماءِ الأعلامِ رغمَ كثرتِهَا إلّا أنّ الرّوائِي، أحسنَ توظيفَها بشكلٍ لافتٍ... وسط أفعالِ الحركةِ وسحرِ البيانِ والتّبيانِ، وفصاحةٍ وبلاغةٍ فيّاضةٍ للمعنَى، متعدّدةِ الصّورةِ، من شدّةِ الإيقاعِ والصّخبِ، تخالُها ملحمةً، تكادُ تستَمعُ فيهَا لقرقعةِ حوافرِ الخيلِ، ترقصُ على قعقعةِ السّيوفِ وعلى تلاطُمِ أسماءِ الأفعالِ والمصادِرِ،" بين مادحٍ وقادحٍ " و"متحاملٍ نَزقٍ" و"ناقدٍ" و"ناقدةّ" و"شاعرٍ" و"شاعرةٍ ورسّامةٍ تلك التي ذكرها معرَّفةً"والرسّامةُ الشّابةُ " وغيرِها ... بين ميوعةٍ، ومكرِ تلاعبٍ بالكلماتِ، تتضارَبُ في الذّهنِ صورُ المعاني، فيختلطُ المعنَى لدى المتلقِّي، فيحتارُ في تفسيرِ اللّفظِ الواحدِ أيأخذُ المعنَى الأوّلُ أمِ الثّانِي للكلمةِ؟ وهلْ يعتبرُ مثلا لفظَ (نرجسيّةً) مدحًا ماكرًا، أو هجاءً، وسبًّا مباشرًا؟. فبينَ مديحِ مادحٍ وغزلِ متغزِّلٍ بغزالٍ، يهيمُ المتلقِّي بين الأمسِ واليومِ والغدِ ...
في زمنٍ سابقٍ استرجاعٌ حيثُ كان الخِطابُ دائريًّا، نواتُهُ سيادةُ الرئيسِ، والجمهوريةُ جمهوريةُ البيادقِ، تتأرجحُ فيها الرؤوسُ كما الكؤوسُ... كما تتأرجحُ المقالاتُ بين مديحٍ مبالغٍ فيهِ مقزّزٍ، سرعانَ ما تنقلبُ نقديّةً لاذعةً جارحةً... بمجرّدِ أن أبدتِ المتغزَّلةُ بها امتِعاضًا.. يتوقّف الزّمن فاسحا المجالَ للوصفِ... فيستحيل العمقُ مسمارا بعد أن يُفرَغ من معناهُ المتعارَفِ عليه ليستعيرَه المجازُ ليُدَقَّ في خشبِ النّعشِ حاضرا مضارِعا "تُدقُّ"... كما تُجسَّدُ الطّموحاتُ لتُؤنسَنَ جثّةً هامدَةً مكفّنَةً، احتواهَا نعشٌ مساميرُه تُدَقُّ " عُمقٌ، عُمقٌ، عُمقٌ"، في نعشٍ لتَدفِنَ أحلاماً ...
وتَشنُقَ صاحبتُها نفسَها... لتلتحقَ بالموؤودةِ بإرادتِهَا كأنّها بذلك تُحقّق حرّيتَها ثأرا لكرامتِها بحثًا عن العُمقِ الذي ظلّتْ طريقَهُ في الهنا... فلحقتْ به إلى (الهناكَ) علّها تشربُ من كأسهِ، فتروِي عطشَها من مفهومٍ غابَ عنها في الهنَا... ليُجسِّدَ ثقافةَ الحرقِ والانتحارِ، التي استفحلتْ وانتشرتْ بعد الثّوراتِ العربيّةِ، مضيفًا إليهَا فعلَ الشّنقِ... كآخرِ حلقةٍ تربطُها بالزّمنِ الدّائرِي... وآخرِ عِقْدٍ وعُقدةٍ تذكّرُها بالنّظامِ ...
جَماليّةُ النّصِّ ولذّةُ شاعريّتِه أسكرتْنا أنستنَا أنفسنَا ..
حَدَثٌ وموقِفٌ، قد يبدُو للكثيرينَ بسيطاً.. لو انتزعناهُ من ضجيجِ زَخْرَفةِ الأديبِ ومِخيالِهِ، إلّا أنّه صاغهُ بطريقةٍ ماتعة، كما صدّرهُ بمقولةِ أُوكتافيُو باثْ "بينَ ما أرَى وما أقولُ وما أبقيهِ صامتًا، بينَ ما أبقيهِ وما أحلمُ به، ما أحلمُ به وما أنساهُ ، ثمّتَ الشِّعرُ " وأزيدُ ثمَّتَ أيضًا رؤيةَ الأديبِ، رؤيتُهُ للأشياءِ في لحظةٍ زمانيّةٍ معينةٍ، نتيجةَ ثقافةٍ ومخزونٍ فكريٍ، وشعوريٍّ ذاكَ الذي يُترجمُه الشِّعرُ ليَتشكّلَ نصًّا أدبيًّا..
كهذا الذي صُبغتْ مشهديّتُهُ بتكنيكِ رسمِ الحروفِ، بريشةِ رسّامٍ قديرٍ بارعٍ، أبدعَ في اختيارِ الألوانِ، وفي بثِّ الحياةِ في متنهِ هذا، بنفثِه منْ روحِ الشّعرِ وسحرِ بيانهِ وتبيانِه، فزادهُ حُسنُ انتقاءِ اللّفظِ وتزويجهِ لِسِتِّ الحُسنِ، التي تليقُ به، رونقا وحسّا عاليَ الجودةِ، فأنجبَا فصلا مفصّلا تفصيلا دقيقا، موزونا بميزانِ فنّانٍ ضابطِ إيقاعٍ، عازفٍ، عارفٍ بخاصيّةِ كلّ النّغماتِ، و الألوانِ في تناسقِهَا، وتناغُمِها الدّاخلي والخارجِي وتمازُجِها في مكرِها ودَلالِها ومخاتلتِها، مع الحفاظِ على لذّةِ النصِّ وشاعريّةِ المعنَى، وخاصّيةِ المبنَى، في جماليّةِ روعةِ إتقانِ فنّ استعمالِ الاستعارةِ المكنيّةِ المجازيةِ، ووقع المحسّناتِ البديعيّةِ المُزخرفةِ كالجناسِ والطّباقِ والمرادفاتِ والأضدادِ مع التّرصيع ببيتٍ من الشّعرِ تارةً أو بعنوانِ أغنيةٍ تارةً أخرى، ثمّ تضمينِ مثلٍ فرنسيٍّ معروفٍ، أو بإدراجِ مقولةٍ للفيلسوفِ شوبنهاور ..". خيالي هو أنا " لشدِّ أزرِ التّصديرِ لمزيدِ التّنبيهِ، كإشارةٍ ضوئيةٍ، وأيقونةٍ دلاليّةٍ، بأنّهُ هُوَ (الهُوَ).... أيْ أنّ شاعريّةَ النصِّ وخيالَهُ ماهي إلَّا صورةُ الرِّوائِي ... ليصبحَ الفصلُ فصلا موقّعا بإيقاعٍ كونيٍّ...جماليّتُه نابعة من روحِ كاتبِها.
ليؤثّثَ لنَا فصلًا متكاملَ البناءِ والأبعادِ، متماسكًا يشدّكَ من البدايةِ إلى النّهايةِ، بوصفٍ البيئةِ، وصفٍ دقيقٍ، شاعريٍّ، وِفْقَ ما يتطلّبُهُ تنامِي الحكائيّةِ، في حبكةٍ و غزلٍ وتكثيفٍ، يأخذُ بعينِ الاعتبارِ ربطَ الشّواهِدِ بمنطقِهَا، مع إحكامِ تأثيثِ التّفضيةِ في أبعادهَا الرّباعيّةِ برمّتِها، حافلةً بالرّوائحِ، والأصواتِ المختلفةِ، كالصّوتِ الذي يحدثُه الاستنشاقُ، والمضمضةُ، وقهقهاتِ المتنزّهينَ، وتقلقلُ المراكبِ الرّاسيةِ بالميناء، وزمجرةِ أمواجِ البحرِ ومكرهِ وإطاحتهِ بالجميلةِ الحسناءِ، وبرائحتهِ التي تفوحُ من الأجسادِ العاريةِ، التي أحسنَ تصويرهَا بعدسةِ كاميراتِهِ، تلكَ العدسةِ المتحرّكةِ على حسبِ نسقِ السّردِ، فتُضخِّمُ المشهدَ أو تُقلّصُهُ، تماشيًا مع أبعادِ الحكائيّةِ الدّاعمةِ لموقفٍ أو بقصدِ السّخريةِ، بغرضِ شدِّ وتحفيزِ المتلقِّي، لجذبِه بغايةِ التّأمُّلِ ورجِّهِ للتّفاعلِ معهُ، لنسجِ نصٍّ يتعالقُ معهُ... لتلاقُحِ الرّؤَى والتّفاعُلِ من أجلِ التّغييرِ وإيجادِ واقعٍ آخرَ ..
اتحدَ الزّمكانُ فتقاربَا وتلاحمَا، وتلاصقَا،وتفاعلَا، فتولّدت عنهمَا أزمنةٌ آسرة أخّاذةٌ، بين الماضِي والحاضرِ و المستقبلِ جيئةً وذهابًا استِرجاعًا لتَذكُّرِ حادثةٍ أو مواقفَ أو وقفًا، بغرضِ وصفِ ذواتٍ مكلومةٍ، في (الهنا والهناكَ)، متشابهةٍ شخوصُها في القلقِ والضجرِ والمللِ .
راسِمًا المكانَ في شكلِ لوحةٍ فاتنةٍ غرائبيّةٍ، سِرياليّةٍ، موغلةٍ في التَّهويمِ، محتشَدَةٍ بجنونِ عبقريَّةِ الرّوائِي الذِي أخذنَا إلى عوالمِه السّحريةِ، حيث اجتمعتِ الحياةُ.. والموتُ... كذلك العبثُ.. مُشكِّلَةً عبثَ الضجيجِ.. والوجودِ.. والوجوديّةِ.. فكان الفصلُ انعكاسًا لجنونِ أديبٍ لهُ، من الخيالِ ما يحتّمُ على القارئِ إجباريةَ وضعِ حزامِ الأمانِ، تحسّبًا للمطباّتِ، لضمانِ سلامةِ الرّاكبِ طيلةَ الرّحلةِ الخارقةِ لحدودِ المكانِ والزّمانِ، التي يُتوقّعُ منها السّحرُ مخافةَ السُّكرِ من لذّةِ فِخاخِ القصِّ ومكرِ السّردِ، بين مدٍّ وزجرٍ، وسرعةِ جريٍ، وكبحٍ فجائيٍّ خِشيةَ الارتطامِ بمقودِ السيّارةِ ساعةَ الولوجِ إلى عوالمهِ المختلفةِ في جغرافيّةِ شخوصهِ وطُقوسهم...
لتكتمِل لنا الصّورَةُ التي ابتدأها بالفصلِ الأوّلِ للرّوايِة بعنوان الشّاعرةِ ...
لم أستطع بعد قراءةِ الفصلِ الأوّلِ ألا أتفاعلَ مع النصِّ، فالنصُّ كان على غايةٍ من الإتقانِ والبهاءِ ذكّرني بتلك الرّواياتِ العالميّةِ من حيثُ الاعتناءِ بالبيئةِ وبتقديمِ الشخصيّةِ أو الشخصيّاتِ لوضعِ القارئِ في الإطارِ العامِّ لنقلهِ عبرَ التّخييلِ إلى مسرحِ الأحداثِ حيثُ تُدارُ الحكائيّةُ والرّوايةَُ.
لتكتمِل لنا الصّورةُ التي ابتدأهَا بالفصلِ الأوّلِ للرّوايةِ
سهيلة بن حسين حرم حماد
تونس8/10/2020
Peut être une image de Souheyla Hammed

الاثنين، 11 أكتوبر 2021

( في رثاء مطرب المطربين العملاق وديع الصافي - في الذكرى السنويَّة على وفاته ) ( شعر : الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين )

 - عملاقُ الفنِّ والطرب -

( في رثاء مطرب المطربين العملاق وديع الصافي - في الذكرى السنويَّة على وفاته )
( شعر : الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين )
( وديع الصافي ) ( حاتم جوعيه )
أنتَ الوَديعُ سَحَرتَ الشَّرقَ والعَرَبَا في كلِّ أرضٍ نشرتَ الفنَّ والطرَبَا
الأرزُ يبكي ، سمَا لبنان ملتهبٌ لبنانُ أضحَى بثوبِ الحزنِ مُنتحِبَا
الحُزنُ خيَّمَ والأجواءُ ناحِبة ٌ من بعدِ فقدِكَ أضحَى الكلُّ مُكتئِبَا
لبنانُ هُزَّ وقد قامَت قيامتهُ كأنَّ يومَ التنادي هولهُ اقترَبا
يومُ الرَّحيلِ كيومِ النّشر ِ موقعهُ كأنَّ جُرمًا هوَى للأرض ِ مُلتهبَا
الكلُّ يبكي أبا فادَي ويندبُهُ القلبُ ينزفُ، دمعُ العين كم سُكِبَا
الكلُّ يبكي أبا فادي ويندبُهُ فدولة ُ الفنِّ دالتْ فيضُها نضبَا
الكلُّ يبكي نجيعًا فاضَ مُنسَجمًا فدولة ُ الفنِّ زالتْ مَجدُها ذهَبَا
يا أيُّهَا الطَّودُ يا حَمَّالَ ألويةٍ للفنِّ، قد كنتَ صرحًا عانقَ السُّحُبَا
قد بُحَّ بعدَكَ صوتُ العوُدِ وانتكسَتْ أوتارُهُ ، صارَ مَغمُومًا وَمُضطربَا
أنتَ الكنارُ وكم قد كنتَ تطربُنا وفي الدُّجَى تنثرُ الأقمارَ والشُّهُبا
أنتَ الذي فوقَ جفنِ الشّمسِ منزلهُ فوقَ المَجَرَّةِ تبقى الدّهرَ مُنتصِبَا
مدارسُ الفنِّ والإبداع ِكم سَجَدتْ الكلُّ يشهَدُ وفيكَ الكلُّ قد خُلِبَا
أنتَ الوديعُ منارُ الفنِّ في وطنٍ غنيتَ للحبِّ والسِّلم الذي سُلِبَا
ملاعبُ الحُبِّ والآمالِ شاحبةٌ فيها الشَّقاءُ غرابُ البينِ قد نعبَا
غنيتَ لبنانَ جُرحًا كانَ مُلتهبًا أشجانهُ هَزَّتِ البلدانَ والعَرَبَا
غنيتهُ ودموعُ العين ِ نازفة ٌ غنيتَ وحدتهُ .. والخصبَ ما نُهِبَا
لبنانُ قد كانَ شمسًا ، أبْجَدِيَّتهُ قبلَ الحضاراتِ والعِلمِ الذي كُتِبَا
" قدموسُ " يروي سطورًا من روائِعِهِ المَجدُ دومًا للبنان العُلا انتسَبا
فيهِ العمالقةُ الأفذاذ ُ قد وُلدوا لبنانُ .. لبنانُ ضمَّ الفنَّ والأدَبا
وبعلبكُّ المُنى آثارُها شهِدَتْ لِرَوعةِ الفنِّ .. فيها الشِّعرُ كم ندَبَا
معابدُ الشَّمسِ والأقمار ِ شاهدَة ٌ لها القرابينُ كانت تملأ النّصبَا
"عشتارُ " للحُبِّ.. للإبداع ِ مُلهمَة ٌ نبعُ الشَّفاعةِ كانت تطرُدُ العَطبَا
" جبرانُ " نبعُ السَّنا فكرًا وفلسفة ً شُعاعُهُ في ديارِ الغرب ما غَرُبَا
في الشِّعرِ والرَّسمِ والآدابِ مُؤتلِقٌ مِلءَ الزَّمَانِ ، رجال الفكرِ قد غلبَا
" فيروزُ" صوتٌ مِنَ الفردَوس يُطربُنا وَنجمة ُ الشَّرقِ والسِّحرُ الذي جَذبَا
" صباحُ " شُحرورة ُ الوديان ِ رائِدَة ٌ في الأوفِ ثمَّ العَتابَا تصنعُ العَجَبَا
يا أيُّهَا القمرُ المَيْمُونُ طلعتهُ وفي سمَا الشُّوفِ في لبنان ما وَقبَا
صنعتَ مجدَكَ بالإبداع ِ تترعُهُ ينسابُ صوتك نخبًا.. ليسَ مُصطخبَا
رسالةُ الحُبِّ للأكوانِ تعلنهَا وكُنتَ في سَعيِكِ المَنشُودِ مُقتضِبَا
حَقَّقتَ آمالكَ الجَذلى على مَهَلٍ وأخفقَ الغيرُ سَعْيًا سارَهُ خَبَبَا
وَمُطربُ المطربينَ .. الكونُ رَدَّدَهَا ..عبدُ الوهابِ لقد أعطى لكَ اللّقبَا
في الفنِّ أنتَ أبو الكُلثوم ِ.. قد نعَتتْ كَ كوكبُ الشَّرق ِ..لا زلفى ولا كذبَا
وأنتَ أسطورة ُ الأجيال ِ ، رائِدُنا طريقكَ الوردُ ، صَرح الفنِّ مَن نصَبَا
صُنتَ التراثَ ومَا أبقى أوائلِنا بينَ الرُّكام ِ وبينَ الرَّدم ِ مَنْ نقبَا
الكلُّ ينهجُ فنًّا ليِّنا ً سهلا ً وأنتَ تنهجُ فنًّا شائِكا ً صَعِبَا
بالفنِّ نرقى إلى الأفلاكِ نسكُنُهَا نسدُّ كلَّ جدار ِ كانَ قد ثقِبَا
يا روضة ً بشذا الإبداع ِ مُترَعَة ً تجلو الأُوامَ عنِ الحوباءِ والسَّغَبَا
السِّحرُ ضَمَّخَها والحُبُّ واكبَهَا يصبُو لها الصَّبُّ ، يلقى كلَّ ما طلبَا
الماءُ فيها نميرٌ طابَ مَشربُهُ سَلسَالُهَا الشَّهدُ والترياقُ.. ما نضَبَا
يا صافيَ الصوتِ مَزهُوًّا بروعتِهِ كالكهرباءِ سَرَى ..مع نبضنا حُسِبَا
هذا الزَّمانُ الذي قد كنتَ رائِدَهُ يبكي لفقدِكَ مَذهُولا ً وَمُنتكبَا
رثاكَ بعضٌ بقولٍ جاءَ مُصطنعًا أمَّا أنا فنثرتُ الدُّرَّ مُنتخَبَا
شعري هُوَ الدُّرُّ والياقوتُ مُؤتلِقٌ يبقى المنارَ، قلوبَ الغيدِ كم جَلبَا
وإنَّني شاعرُ الأجيال ِ قاطبة ً بهرتُ في شعريَ الأفذاذ َ والخُطبَا
شعري لنصرةِ شعبي دائِمًا أبدًا يُذكي الإباءَ يُزيلُ اليأسَ والكرَبَا
الحُبُّ عَمَّدَني والنورُ واكبني والموتُ قد فرَّ مَهزُومًا وَمُرتعِبَا
يا نسمة ً من رُبَى لبنان دافئة ً أذكيتِ فيَّ الرُّؤَى والشَّوقَ والعَتبَا
قلبي هناكَ وَروحي .. كلُّ أوردتي أهلي هُناكَ هُمُ التاريخُ .. قد وثبَا
لُبنانُ وَحيي وإلهامي وأغنيتي لهُ الترانيمُ .. نزفُ القلبِ .. ما وَجَبَا
لبنانُ ... لبنانُ يا خمري وقافيتي ومَنبعُ السِّحرِ مِنهُ الفنُّ قد شربَا
يا قطعة ً من سَنا الفردوس فاتنة ً شابَ الزَّمانُ ويبقى غصنهُ رطبَا
فيكَ الوَديعُ منارُ الفنِّ سُؤدُدُهُ وَمطربُ الشِّرق للتقليدِ قد شَجَبَا
في القلبِ تحيا أبا فادي ، فأنتَ لنا ال مُعَلِّمَ الفذ َّ... تبقى للجميع أبَا
أنتَ العزاءُ لِمَحزون ٍ وَمُغتربٍ أنتَ الشِّفاءُ لقلبٍ كانَ مُضطربَا
رمزُ الوداعةِ والطُّهر ِالذي شهدُوا وتنشدُ الحُبَّ ..لا الأسيافَ والقضبَا
أنتَ المُعلِّمُ والإنسانُ في زمن ٍ الفنُّ صارَ رخيصًا ، عندنا لعبَا
قيثارَة ُ الخُلدِ ، من أنغامِهِ سكرتْ كلُّ الدُّنى .. وانتشَى عُشَّاقهُ طرَبَا
ويُسكرُ النفسَ صوتٌ رائعٌ عذبٌ فاقَ الخمورَ التي تستنزفُ الحببَا
خمائلُ الروح ِ من إبداعِكَ ابتهَجَتْ مِنَّا أسَرتَ النّهَى والقلبَ والعَصَبَا
ووصوتكَ العذبُ سلوانٌ لِمَن نكبُوا فيهِ العزاءُ يُزيلُ الهمَّ والوصَبَا
أنتَ المَحَبَّة ُ دومًا رمزُ تضحيةٍ وتفرشُ القلبَ والوجدانَ والهُدُبَا
سفيرُ شعبكَ للأكوانِ قاطبة ً وَتنشُرُ الفنَّ والحُبَّ الذي احتجَبَا
وَمِهرَجاناتُ أهلِ الفنِّ في بعلبكّ كنتَ رائِدَهَا ... واكبتهَا حقبَا
تاريخُكَ الفنُّ والإبدَاعُ .. مُأتلِقٌ بأحرفِ النور ِ.. لا بالتّبرِ قد كُتِبَا
منارة ُ الفنِّ للأجيالِ مدرسَةٌ الكلُّ يرشُفُ منها الشَّهدَ والرُّطبَا
البعضُ يسكبُ نزرًا.. ما بجُعبتِهِ وأنتَ ... أنتَ سكبتَ التبرَ والذهبَا
يا أرزة ً في ثرَى لبنان صامِدة ً لم تحفلِ الرِّيحَ والأهوالَ والنُّدبَا
بعضُ الأساطين عن لبنانَ قد رحلوا لبنانُ في القلبِ لم نشهَدكَ مُغتربَا
لم تحفل الموت والأهوالَ في وطن ٍ أنتَ الذي من سهام ِ الموتِ ما رَهبَا
وأنتَ صوتٌ سماويٌّ فيُترعُنا بنفحةِ الخُلدِ ... مَنْ أنوارُهُ وَهَبَا
وتنشرُ الحُبَّ والآمالَ ساحرةً فيكَ البراءَةُ والحِسُّ الذي التهَبَا
محبَّة ُ الرَّبِّ فيكَ الكلُّ يشهدُها أبصرتُ فيكَ يسوعَ الحقِّ مَنْ صُلِبَا
علمتنا أنتَ أنَّ الحُبَّ مُنتصِرٌ ويهزمُ الشَّرَّ والأهوالَ والرُّعُبَا
كلُّ الكنائس تبكي ليسَ يُوقفها شهدُ العزاء وَدُرُّ القولِ ما كذبَا
لجنَّةِ الخُلد ِ تمضي إنَّها وطنٌ رضوانُ هَيَّأهَا دارًا .. لكَ انتدَبَا
فيها الملائكة ُ الأطهارُ تطربُهُمْ بصوتِكَ العذبِ ..بالتسبيح ِ ما طُلِبا
وَمن مزاميرِ داودِ النبيِّ ترا نيمٌ لربّ العُلا.. تشدُو الذي رُغِبَا
يا أيُّها الفذ ُّ والعُملاقُ في زمن قد شَوَّهُوا الفجرَ، وجهُ الفنِّ قد شَحبَا
بقيتَ في قممِ الإبداعِ مُبتهِجًا صُنتَ القديمَ ... وللتجديدِ ما عذبَا
طوبَى لأرض ٍ عليها كنتَ مُؤتلِقا تغدُو وترجعُ مَزهُوًّا وَمُنتصِبَا
طوبَى لأرض ٍعليهَا سرتَ مُنتشيًا تختالُ فوقَ رُباها باسمًا طربَا
طوبَى لأرضٍ عليها كلُّ مُؤتمَلٍ ضَمَّت ضريحَكَ والأنوارَ والشُّهُبا
طوبى لِروحِكَ أنوارٌ مُشَعشَعة ٌ في جنَّةِ الخُلدِ تلقى الصَّحبَ والنُّجُبَا
( شعر : الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل )

السبت، 9 أكتوبر 2021

في العشق كلام بقلم محمد لمراحلي

 خواطر بوهالي

في العشق كلام
انظري إلي بعين الرضى
فما المحيط الا ضجر وفوضى
أيتها الزاهدة
تعبدي ولا تنقصي فرضا
كبري واسجدي ارضا
ها قد جعلت لك فؤادي حوضا
فاسبحي فيه طولا وعرضا
أنا المتيم في عشق اللضى
شارع في الحب
بالناموس احضى
تغنيت باسمك شدى
ووتري دندنه
نبضا نبضا
معك لم اعرف الا ودا
فكوني كما رأيتك بالامس
اراك غدا
وما الكرب الا مرحلة
في صفحات الذكرى قد مضى
بقلم
محمد لمراحلي

على صوت الناي بقلم الشاعرة فوزية عبد الفتاح السباعي

 على صوت الناي

تدندن الذكرى
عزف يليق
بأحلام حنطية
مر عليها الفصول
الأربعة
و لم تسقط أوراقها
غصون الألم صامدة
متأقلمة
بـ عهود ما اثمرت
ولا أنجبت
حقيقة واحده
أسير على قضبان
الماضي
ارصفة الصمت
على جانبي
تأبى أن تميل
الى الحديث
عنك
فـ العتاب ينبت
ضعف
يقتات بنات قلبي
عمد
حملت بنات العبر
انتبذت مكانا
قصيا
وانا على قارعة
اليقظة
التكيف صار
عاديا
لا مكان للتخيل
فـ اليقين جواد
الدرب
والصبر مطيبة
السنين
اليوم انزع
مشاعري
المكبلة من بين
صدري
وأواري داخل
محراب الصمت
جثمان الحنين
وقلبي
بقلمي فوزية عبد الفتاح السباعي

قصيدة بعنوان أخي بقلم الشاعرة مريم كباش ريحانة الشام

 قصيدة بعنوان أخي :

__________________
سقامك ياأخي سلب الرّشادا
وصار الكون في عيني سوادا
تعاني اليوم من مرضٍ غريبٍ
وفي عينيك قد زرع السّهادا
وقلبك قد سرى الإعياء فيه
وجسمك طالما هجر الوسادا
عليك الدّاء صبّ البؤس صبّاً
غزا للوجه ، للأعصاب صادا
وآلامٌ كأسياف المنايا
وفي خديك قد عاثت فسادا
لقد حار الطبيب بما تعاني
وكلٌّ راح يجتهد اجتهادا
وليس بنافعٍ طبٌّ وراقٍ
بكل تميمةٍ لا مااستفادا
وقد عجز الدّواء فليس يشفي
بل الوجع الفظيع عليك زادا
تلوك المُرَّ في ليلٍ وصبحٍ
تقاسي من مواجعك الشّدادا
وتدعو الله في دمعٍ غزيرٍ
وبالأذكار أحييت الفؤادا
وترجو الله في سرٍّ وجهرٍ
لكشف الضّرّ تدعوه اعتقادا
وتوقن أنّ بعد العسر يسرٌ
فتسلم للمقادير القيادا
إلهي قد لجأت إليك كُلّي
وناديت أيا خير المُنادى
أجزنا نظرةً بالعطف لطفاً
وكن لعمادَ ياربّي عمادا
أُملَّي النّفس ياربّاهُ خيراً
فإنّ الهمّ في قلبي تمادى
أخي ! ياربّ ألبسه التّشافي
بفضلٍ منك وامنحه المرادا
_______
ريحانة الشام مريم كباش

الناقد الأردني الألمعي يوسف عليمات..في ذمة الله بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الناقد الأردني الألمعي يوسف عليمات..في ذمة الله

فوجئِنا بخبرِ الوفاة الفاجعِ للناقد الأردني الألمعي “يوسف عليمات” ولم يتجاوزِ الخمسينَ من العمرِ، مما تركَ أثرًا قويًا في النّفسِ، ولا أظنُّ النّاقدَ الحصيفَ يموتُ طَالما كانتْ نقودُهُ الأدبيّةُ تمتازُ بالجِدّةِ،والحيويةِ،والحياةِ.
هذا الناقد الفذ،تفتّحَ عطاؤهُ الفكري مبكرًا،وظهرتْ ميولهُ النّقديةُ مستهلاً مسارهُ العلميّ بدراسةِ الشّعرِ الجاهليِّ، منطلقًا من رؤيةٍ ثقافيةٍ معاصرةٍ في علاقةِ الشّعرِ بالثقافةِ، مفسرًا ظواهرَ الشّعرِ العربيِّ تفسيرًا ثقافيًّا، محطمًا القوالبَ التّقليديةَ الجاهزةَ في الكشفِ عن الملابساتِ الثقافيّةِ والتّاريخيةِ، مؤمنًا بأنَّ دورَ النّاقدِ يتمثّلُ في تجاوزِ التّنظيرِ إلى آفاق التطبيقِ، وتكمنُ مهمّته أيضًا في تفكيكِ شيفرةِ النصِّ الشّعريِّ ورموزهُ.
يُعدُّ عليمات من جيلِ نقادِ الشّبابِ في الأردنِ، وواحدًا من أعلامِ النّقدِ الثقافيِّ في الوطنِ العربي، ويُذكرُ أنّ ليوسفَ عليمات عددًا منْ الكتبِ المؤلَّفةِ في النّقدِ، أوّلها بعنوان النّسقِ الثقافيّ في أنساقِ الشّعرِ العربيِّ القديم، والثّاني :
جماليّات التّحليل الثقافي في الشّعرِ الجاهلي، والثّالث بعنوان النّقد النّسقي في الشّعرِ الجاهليِّ.
رحلَ يوسفُ عليمات بجسدِهِ تَاركًا أفكارًا ورؤىً ثقافيّةً وإنسانيّةً،طامحًا إلى واقعٍ ثقافي غيرَ محدودِ الأفقِ، قادرًا على اختراقِ السّائدِ والمألوفِ، ومتحررًا من القواعدِ الثّابتةِ في تحطيمِ المقاييسِ المفروضةِ على الأدبِ،معطيًا النّصَّ الشّعريَّ الجاهليَّ روحهُ،وحياتهُ،ووجدانهُ.
،وبرحيله تفقد الساحة النقدية واحد من أهنم النقاد العرب.وأكثرهم اشعاعا ولمعانا..
هذا،ويعد الفقيد من بين المتخصصين القلائل في نشاط النقد الثقافي،وهو الذي اشتغل فيه أكثر من عقدين من الزمن بحثا وكتابة وتدريسا، ولم يتجاوزِ الخمسينَ من العمرِ.
وقد استهل تجربته في هذا النشاط بكتابه المهم “جماليات التحليل الثقافي الشعر الجاهلي نموذجا، الصادر عام 2004، وفيه سعى جاهدا من أجل الكشف عن الوجه المشرق للقراءة الثقافية، وذلك بسبر مخبوءات النصوص الشعرية القديمة والبحث عن الجماليات الثقافية المختزنة. ليأتي كتابه “النسق الثقافي” قراءة في أنساق الشعر العربي القديم والصادر عام 2009، والذي واصل فيه ما بدأه في الكتاب الأول، بتقديم قراءات نقدية تتوسل بمقولات النقد الثقافي كاشفا عن المضمرات النسقية المختزنة خلف البناء اللغوي والجمالي للقصيدة العربية القديمة.
وللتذكير فقد فاز هذا الكتاب بجائزة عبد العزيز البابطين في فئة نقد الشعر عام 2013.
رحم الله الباحث الفذ والناقد الألمعي يوسف عليمات.
وإنا لله وإنا إليه راجعمون.
محمد المحسن

الجمعة، 8 أكتوبر 2021

حرفي أنا إن لم يكن حرّا بقلم الكاتب نصر العماري

 حرفي أنا إن لم يكن حرّا

كما أريدْ
يحطّم أوعية الصديدْ
يُعيدُ أنفاس الشّهيدْ
يُضرم النّار
في رؤوس الجليد
أخنقه ُ،أقتلهُ
من غير حديدْ
حرفي علّمته الجسارة
قدّحتهُ ، درّبتهُ أن يكون شرارة
أن يحلّق بجدارة
علتمتهُ أن لا يساوم
أن يْقاوم
أن يُداوم
أن يكون كبسمة الوليدْ
لا يخشى الوعيد
أن يحلمَ كيف يكون نبض
المقهورين الضّعافْ
من أرواحهم كفافْ
أن يكون لهم وسادة
أن يكون بسملة في دور العبادة.
وأشنقهُ إن تطاولَ
أو ظن نفسهُ كاهنا، أو حاولَ
حرفي يا سادة، أحبّه
تقيّا، نقيّا ،عفيّا
ليس بالقصير وليس بالطويل
جارفا كغضب النّيل
ترياقا للعليل
حُرقة في عين العميل
أحبّه
أن لا يكون أعرجا كالسلام
فضفافا كالكلام
ان يدخل النّار دون أن يحترق
أن لا يكون كأحلام المقهورين
حبرا على ورق
حرفي أحبّه صادقا ، يانعا
لا "خَرِبْ"
ليس كمرشح الأحزاب
في بلادي
ليس كأشباه المثقفين
نفاق ممزوج بالكذب
يسبح لله فجرا
ويقامر بعد العشاء مع أبي لهبْ
***
نصر العماري
Peut être une image de 1 personne