السبت، 6 يوليو 2024

صاحبة ديوان " عزف لإمرأة غاوية" د-فائزة بنمسعود..شاعرة تونسية تشبه شعاع الشمس الذي يخترق الزجاج دون أن يلطخه أو يخدشه..وموجة عابرة على سطح المحيط الإبداعي التونسي.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 صاحبة ديوان " عزف لإمرأة غاوية" د-فائزة بنمسعود..شاعرة تونسية تشبه شعاع الشمس الذي يخترق الزجاج دون أن يلطخه أو يخدشه..وموجة عابرة على سطح المحيط الإبداعي التونسي..


طلبت مني الشاعرة التونسية القديرة د-فائزة بنمسعود  أن اكتب لها تقديما لديوانها الشعري الجديد ( عزف لإمرأة غاوية ) وهي تعرف جيدا أن وقتي مزدحم،كما أن صحتي متدهورة أصلا،فقلت لها سأكتب مقاربة نقدية لمولودك الإبداعي الجديد،حالما تتأثث بحضوره الفاخر الساحة الإبداعية التونسية في المقام الأول،والمكتبة العربية لاحقا..

المهم بعد قراءتي للديوان كونت فكرة عن مضمونه واتجاهاته وأغراضه فكتبت المقاربة الاتية على قدر ما سمح لي الوقت والاجتهاد الفكري والتحليلي لهذا النوع من الدواوين الذي تتسم قصائده بالرومانسية والعاطفية،وأيضا بالرفض والتمرد على السائد..

عندما نقرا ديوان (عزف لإمرأة غاوية ) للشاعرة التونسية المبدعة د-فائزة بنمسعود تطالعنا باقات نرجسية جميلة وفواحة من خلجات النفس والروح والذاكرة،ونبض الوجدان تنثرها الشاعرة في قلوب قرائها بكل ما تحمله تجربتها الإبداعية من عفوية وانطلاق نحو آفاق أرحب،فهذه النقوش هى ثورة النفس التواقة للحب والتطلع والبسمة والحنين لكل جماليات الأشياء،وهي انتفاضة أيضا تتطلع إلى روح تشرق عليها شمس الحب والسلام والتفاؤل والتوثب كي لا تبقى أسيرة الأوهام والحزن،فاصطنعت لذاتها منهجا تسعى من خلاله إلى تحقيق همساتها وعبراتها ونظرتها للكون والحياة..

والشاعرة الفذة د-فائزة بنمسعود بهذه المنهجية تتجه بكل مشاعرها وأحلامها وتطلعاتها إلى معبد الحب،يحدوها صدق المشاعر وعذوبتها وحرارة الوجدان غير مركزة أحيانا على ما يفرضه فن الشعر من التزام بالوزن والقافية مما تقترب في بعض قصائدها من قصيدة النثر ..

هو ذا ديوان الشاعرة المتألقة د-فائزة بنمسعود  كوكب مضيء يغطيه السحاب أحيانا لكن شاعرتنا سرعان ما تسارع لإخراجه من هذا المدار بقدرتها على التحكم في عناصر الشكل والمضمون والقدرات الأدبية الفنية لتعيد التوازن إلى مساره الصحيح كي يعود قطاة تخفق بأجنحة الشعر الذهبية،طفلة غير أنها ترتدي ثوب زفاف مرصع بالزمرد والمرجان والنرجس المفعم الأريج،تضحك بصوت عال لأسراب حمامات بيض ترسل هديلها من أعالي الشجر لا تستعير ابتسامة من احد،ولا تشبه عيونها غير عيون غزال نافر يقفز فوق روابي المحبة برشاقة وان تعثر أحيانا،لكنه يواصل قفزاته برشاقة تشبه انسياب الأغاني الشفافة..

لهذا قررت شاعرتنا المبدعة أن لا يرى ديوانها نفسه من خلال المرايا بل أن يقف أمام محبيه وعشاقه كما هو بجلبابٍ،نسجته أناملها الرقيقة،كي تعزف جيدا أغنية الحب والشوق والحنين والولاء للروح والنبع الصافي..

بهذا يكون ديوان الشاعرة السامقة د-فائزة بنمسعود قد قدم نفسه محبا وصديقا رسم أحاسيسه ومشاعره على جدران قلوبنا-بريشة فنانة اجتهدت بكل حواسها وقدراتها-أن يحل في الزمان والمكان وجدانا يتفاعل مع الروح على قدر ما يسكن القلب من مشاعر وأحاسيس قرائها،رغم توقفات بسيطة في التقنيات الأدبية الفنية مما يمكن تجاوزها في الديوان القادم بإذن الله..

وأختم بقصيدة بوسع الخريف أن يكون أنتَ

بوسع الخريف أن يكون زيتونة

دائمة الاخضرار

لاتكشف عورة الفنن

جذورها وشم على زند عاشقة

رماها الهوى من اعالي جبال الشوق

بوسع الخريف

ان يكون سرب حمام

مسافرا لأقاصي الخلود

بوسع الخريف ان يكون

ربيعا يغازل النجوم

ويراقص القمر سرا

ويغتاب ليل الشتاء الطويل

بوسع الخريف أن يكون

نهرا متجمدا يغضّ الطرف

عن العابرين لعدوة الفصول الخمسه

بوسع الخريف

أن يكون خطّاء توّابا

يذرف الدمع على كتف الرعد فينهزم

بوسع الخريف

ان يكون سيل حب جارف

او حتى غانية لعوبا

تغري وتدفع في بحر الغواية بمن تريد

بوسع الخريف

ان يكون صيادا يستدرج بالمديح طريدته

لمقصلة الفناء

بوسع الخريف

ان يكون باقة جلنار على ضريح

او فوق مائدةعشاء فاخر

بوسع الخريف ان يكون أنت يا حبيبي

حتى وان جئتني على هيئة عواصف

وارياه وارد

احتضن الماء والريح وهيا

بوسع الخريف

ان يلدنا أنا وأنت قصيدة وزخات مطر…

(د- فائزة بنمسعود)


نتمنى في الختام،أن يذيب هذا الديوان الفاخر حرقة الاسئلة ويقدم المتعة والفائدة المرجوة للقارئ وكلمة جديدة جادة في ديوان الشعر التونسي.


محمد المحسن




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق