الأحد، 16 أبريل 2023

مقالات في رمضان ــــــــ عبد الكريم احمد الزيدي


 مقالات في رمضان

اصحاب الرّس
......................
قبل ان نلج في مقالنا عن عنواننا ( اصحاب الرس ) وددت ان استوقف عند معاني (اصحاب ، وقوم ) والتي وردت في كتاب الله مرة بنفس التسمية ( قوم موسى ، اصحاب موسى ) ومرة باختلاف ( قوم عاد ، قوم نوح وكذلك اصحاب الكهف ، اصحاب النار ، اصحاب الجنة ) وفي هذا اختلف المفسرين في الغاية من ذكرها في القرآن ، ولكن الارجح ان يصف الله سبحانه وتعالى قوم بنبيهم او رسولهم او ينعتهم بارض او مدينة فهو ما يجمعهم من نسب او قرابة او سكن او شأن في العبادة والمعتقد والمصير وهم في الغالب مجموعة او قبيلة او شعب وبلد ، كأن يرد في الذكر قوم فرعون وقوم موسى وقوم نوح ، في حين اصحاب التي ترد مثلا في (اصحاب النار ، اصحاب الأيكة واصحاب الكهف ) فانها تعني الملازمة والمشاكلة في امور حياتية ومصيرية او فكرية مادية او معنوية يتصاحب ويتشارك فيها اثنين او اكثر ، قال تعالى " لا يستوي اصحاب النار واصحاب الجنة ، اصحاب الجنة هم الفائزون " .
وبهذا فأننا ممكن ان نفهم لماذا جاءت تسمية قوم تبع في مقالنا السابق واصحاب الرّس في مقالنا اليوم مع ان النهاية والمصير اشتركا فيه لتكذيبهم النبيين والرسل التي دعتهم الى التوحيد ونبذ الاوثان والاصنام ، ان اصحاب الرّس في قصتهم التي ورد في ذكرهم قول الله تعالى " وعاداً وثمود واصحاب الرَّس وقروناً بين ذلك كثيرا " وقوله تعالى " كذبت قبلهم قوم نوح واصحاب الرّس وثمود " اختلف فيهم المفسرون لان الله سبحانه وتعالى لم يأت بقصتهم بتفصيل وكذلك السنة النبوية الشريفة ولكني ساترك لكم الحكم في ايهّا اقرب قصدا ونفعا من هذه التفاسير .
وقد قال فيهم ابن عباس ( رضي الله عنهما ) هم اهل قرية من قرى ثمود وان الرَّس الذي نسبوا اليه هو بئر في اذربيجان ، وسمي هذا البئر بالرّس لانهم رَسّوا نبيهم فِيهِ ( اغرقوه فِيهِ ودفنوه ) وهم قوم نبي يقال له حنظلة بن صفوان فكذبوه وقتلوه فاهلكهم الله تعالى لتكذيبهم وقتلهم لنبيهم ، وكانوا يعبدون من دون الله شجرة صنوبر غرسها كما قيل يافث بن نوح تسمى ( شاهدرخت )، فيما قيل في سير الاولين انهم اصحاب يس الذي ورد ذكره في قول الله "وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى ، قال يا قوم اتبعوا المرسلين " قتله قومه ورسوه في بئر لهم يقال له الرّس طرحوه فيها ، فيما قيل فيهم انهم قوم كانوا يعبدون شجرة صنوبر فدعا عليهم نبيهم بعد ان كذبوه في دعوته لعبادة الله سبحانه وتعالى وهو من ولد يهوذا ، فيبست الشجرة وماتت فقتلوه ورسّوه في البئر فأظلتهم سحابة سوداء فاحرقتهم .
وقيل في اصحاب الرّس انهم كانوا قوما من عبدة الاصنام اصحاب زرع ومواشي فبعث الله فيهم نبيا يدعوهم الى الايمان بالاسلام ، فتمادوا في طغيانهم وعتوهم وايذائهم لنبيهم وبينما هم حول الرّس وهو البئر غير المطوية انهارت بهم فخسف بهم وبديارهم ، كما ذكر فيهم ان لهم نهرا غزيرا ، لا اعذب مِنهُ طعما ولا اطيب مِنهُ لونا ولهم مدينة اسمها (اسفندار ) وهي التي فيها العين التي تروى منها شجرة الصنوبر ، ويقال انهم قاموا بغرس حبات الصنوبر من هذه الشجرة في كل قرية منها واجروا نهرا ليسقي هذه الاشجار من العين المائية عند شجرة الصنوبر الام ، فقاموا بتحريم السقاية والشرب من هذه العين ومجرى مياهها على البشر والحيوان ووضعوا حدا بالقتل لكل من يتجاوز على هذه البركة الالهية التي اتخذوها لهم الهة للحياة يقدمون لها النذر والقرابين وبحتفلون باعياد لها يرقصون فيها ويهللون شاربين الخمور وضاربين بالمعازف ، فبعث فيهم الله سبحانه وتعالى نبيا من بني اسرائيل من ولد يهوذا بن يعقوب ، يدعوهم الى الايمان بالله وترك عبادتهم والكف عن ما كانوا يفعلون ، الا انهم كذبوه وسفَّهوا دعوته فدعا عليهم حتى يبست شجرتهم الصنوبر وجفت مياه عينها وماتت باقي الاشجار ، فما كان منهم الا ان اتفقوا على قتله والثأر لالهتهم وَما يعبدون ، فارسل الله عليهم ريحا عاصفا وهم مجتمعون في اعيادهم واظلتهم سحابة سوداء فيها العذاب فأمطرت عليهم لهبا من نار احرقتهم واذابت اجسادهم فاهلكوا جميعا حتى لم يبق منهم اثر .
الحمد لله الذي هدانا للاسلام وارتضاه لنا دينا وبعث فينا رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم رحمة للعالمين ، ولا حول ولا قوة الا بالله.
......................................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بَغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق