الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {4} مُعَلَّقَةُ كِتَابِ الْحُبْ ل أ د الشاعر والناقد والروائي المصريمحسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {4} مُعَلَّقَةُ كِتَابِ الْحُبْ لمحسن عبد المعطي محمد عبد ربه و مُعَلَّقَةُ زهير بن أبي سلمى {أمِنْ أُمّ أوْفَى دِمْنَة ٌ لمْ تَكَلّمِ } على أنغام بحر الطويل المقبوض العروض والضرب

بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
{1} مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {4} مُعَلَّقَةُ كِتَابِ الْحُبْ
بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
مُهْدَاةٌ إِلَى صَدِيقَتِي الراقية اَلشَّاعِرَةُ العراقية القديرة/ هدى عبد الرحمن الجاسم والشَّاعِرَةُ السورية الْمُبْدِعَةْ / سوسن خضر‏ تَقْدِيراً وَاعْتِزَازاً وَحُبًّا وَعِرْفَاناً مَعَ أَطْيَبِ التَّمَنِيَاتِ بِدَوَامِ التَّقَدُّمِ وَالتَّوْفِيقِ وَإِلَى الْأَمَامِ دَائِماً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالـَى .
1- أَيَا غَادَتِي فِي الْحُبِّ لَمْ أَتَكَلَّمِ=وَلَكِنْ بِقَلْبِي وَالشَّرَايِينِ وَالدَّمِ
2- سَأَخْطَفُ عِطْرَ الْوَرْدِ مِنْ حَقْلِ حُبِّنَا=وَأَرْعَاهُ مِنْ قَلْبِي وَرُوحِي وَأَنْظُمِي
3- سَأَقْبَلُ دَعْوَى بَوْحِهِ وَعَبِيرِهِ=وَتَسْتَلْهِمُ الْإِيحَاءَ فِي الْحُبِّ أَعْظُمِي
4- وَأَلْبَسُ أَزْيَاءَ الْمَفَاخِرِ شَامِخاً=أُقَبِّلُ مِنْكِ الْخَدَّ فِي تَرْنِيمَةِ الْفَمِ
5- فَسَاتِينُكِ الْحَمْرَاءُ تَجْتَاحُ أَضْلُعِي=فَأَشْتَاقُ أَنْ أَحْظَى بِأَجْمَلِ مَبْسَمِ
6- وَسِحْرُكِ يَا لَيْلَايَ عِنْدَ لِقَائِنَا=يُؤَجِجُنِي بِالشَّوْقِ عِنْدَ التَّبَسُّمِ
7- لِقَاؤُكِ عِيدِي يَا حَبِيبَةَ أَشْهُرِي=وَأَيَّامُ عُمْرِي مِنْ ثَنَايَاكِ فَانْعَمِي
8- وَتَبْقَيْنَ يَا رُوحِي بِقَلْبِي حَبِيبَةً=أَبِيتُ بِهَا الْمَحْظُوظَ فِي دَارِ نُوَّمِ
9- دِمَشْقُ كِتَابُ الْحُبِّ فِي سَاحِ عَالَمٍ=يَئِنُّ بِنَارِ الْكُرْهِ عِنْدَ جَهَنَّمِ
10- سَأَبْقَى وَفِيًّا أَلْثُمُ الثَّغْرَ يَانِعاً=وَأَكْتُبُ إِيحَائِي عَلَى حِقْدِ هُجَّمِ
11- أُفَتِّحُ لِلتَّارِيخِ سِفْراً مُسَطَّراً=بِفَخْرٍ عَظِيمِ الْحُبِّ مِنْ قَلْبِ مُقْسِمِ
12- تَفِيضِينَ لِلْأَكْوَانِ مَجْداً يَشُوقُنِي=أَنَامُ وَلَا أَنْسَاكِ يَا أَنْتِ بَلْسَمِي
13- أُشَارِكُ أَرْبَابَ الْحَضَارَةِ عِيدَهُمْ=بِسِحْرِ لُمَيَّاكِ الْجَمِيلِ الْمُقَسَّمِ
14- عَلَى سَطْحِ رِيحٍ ظَلْتِ يَا حُبُّ غَيْمَةً=تُدَاوِينَ جُرْحِي فِي تَرَانِيمِ مُلْهَمِ
15- وَ َمَزَّقْتُ أَوْرَاقِي وَ أَحْرَقْتُ مَتْنَهَا=وَنَادَيْتُ أَسْفَارَ الزَّمَانِ الْمُعَلِّمِ
16- وَ أَحْرَقْتُ آمَالِي وَذِكْرَايَ أَدْبَرَتْ=وَمَرَّتْ كَأَحْلَامِ الْأَمَانِ الْمُصَمَّمِ
17- جُرُوحِي بِعِصْيَانٍ وَلَمْ تَلْتَئِمْ بِهَا=شُرُوخٌ بِأَكْتَافِ اللَّبِيبِ الْمُدَمَّمِ
18- صِرَاعٌ بِمِشْوَارِ الْحَيَاةِ يَعُقُّنِي=يُعَرْقِلُ خَطْوِي بِالْبِيَانِ الْمُكَمَّمِ
19- فَأَحْرَقْتُ مِشْوَارَ الْحَيَاةِ مُشَوِّهاً=عُلُومِي وَأَيَّامَ الْعَذَابِ الْمُتَمَّمِ
20- فَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْعُمْرِ قَهْراً وَخَيْبَةً=تُدَاوَى بِحَمْدِ اللَّهِ فِي كُلِّ دِرْهَمِ
21- سُطُورِي بُكَاءٌ مَا أُدَاوِي أَنِينَهُ=وَجُرْحٌ وَآلَامٌ بِقَلْبِ الْمُتَيَّمِ
22- قَمِيصُ غُيُومٍ قَدْ دَهَانِي بِحُلَّةٍ=مِنَ الْحُبِّ وَالشِّيحِ الْجَمِيلِ الْمُعَقَّمِ
23- وَدِيوَانُ حُبٍّ فِي رَجَاءٍ وَحَسْرَةٍ=وَتَكْشِيرُ قَلْبٍ لِلْعَمَارِ الْمُرَقَّمِ
24- يُزِيلُونَهُ بِالْحُبِّ وَالْكُرْهُ شَاهِدٌ=عَلَى فِعْلِهِمْ بَيْنَ الْخَصِيبِ الْمُقَرْطَمِ
25- فَلِلْمَرَّةِ السَّبْعِينَ قَلْبِي بِطَوْعِهِ=يَحِنُّ إِلَى ذَاتِ الْجَمَالِ الْمُحَمَّمِ
26- فَكُونِي مَعِي يَا حُبَّ قَلْبِي بِنَشْوَةٍ=تَعُودِي بِأَفْرَاحِ الْجَمَالِ الْمُنَعَّمِ
27- وَكُونِي مَعِي قَبْلَ احْتِضَارٍ مُنَكِّسٍ=لِأَعْلَامِكِ الْخَضْرَاءِ سُوقِ التَّقَدُّمِ
28- وَشُدِّي رِحَالَ الْحُبِّ فِي قَلْبِيَ الَّذِي=هَوَاكِ بِأَفْرَاحِ الشَّبَابِ الْمُهَشَّمِ
29- سَأَمْضِي عَلَى الْأَنْقَاضِ نُضْجاً وَخِبْرَةً=وَلَا أَنْتَهِي بَيْنَ الرُّكَامِ الْمُحَطَّمِ
30- وَ لَا تَنْتَهِي الْآمَالُ بِالْبُؤْسِ وَالضَّنَا=وَإِنْ شَابَ شَعْرِي بَيْنَ شَبٍّ وَبُرْعُمِ
31- أَيَا نَشْوَةَ الْمَاضِي أَعِيدِي مَنِ انْتَهَى=إِلَى صَحْوَةِ الْأَيَّامِ مِثْلَ الْمُخَضْرَمِ
32- وَبُثِّي إِلَيْهِ الْحُبَّ فِي عِيدِ نَحْرِهِ=وَثُوبِي إِلَى الرَّحْمَنِ عُودِي بِأَنْجُمِي
33- وَهِلِّي مَعَ الْأَفْرَاحِ بِالْحُبِّ وَالشَّذَي=وَفِيضِي بِأَسْرَارِ الْخَضَارِ الْمُنَغَّمِ
34- تَوَالَيْتَ يَا عُمْرِي وَمَا شَابَ فِكْرُنَا=وَأَصْبَحْتَ بِالْفِكْرِ الْجَدِيدِ الْمُدَعَّمِ
35- وَأَمْسَيْتَ فِي حُبٍّ وَلُطْفٍ مِنَ الْهُدَى=وَتُوِّجْتَ بِالسُّلْطَانِ فِي قَلْبِ مَأْتَمِ
36- فَلَا تَبْكِي إِنَّ الدَّمْعَ يَحْرِقُ مُقْلَتِي=وَيُشْعِلُ فِيَّ النَّارَ مِنْ كُلِّ جُرْثُمِ
37- بُكَاؤُكِ جَلَّابُ الْمَوَاجِعِ شَفَّنِي=وَأَنْهَى سِنِي عُمْرِي عَلَى الصَّخْرِ أَرْتَمِي
38- بِأَيِّ رِثَاءٍ أَسْتَهِلُّ مَقَالَتِي=وَنَحْنُ لِدُنْيَا الْغَابِ بِالطَّبْعِ نَنْتَمِي؟!!!
39- نَسِيرُ بِدُسْتُورٍ عَلَى الْغَرْبِ مُوجِعٍ=يُؤَجِّجُ نَارَ الْقَلْبِ بِالرَّبِّ يَحْتَمِي
40- دَلِيلِي بِدُنْيَا النَّاسِ كَلْبٌ وَقِطَّةٌ=وَطُرْطَةُ أَوْجَاعٍ بِهَوْجَةِ مُفْحَمِ
41- تَعَدَّدَتِ الْأَوْجَاعُ وَالنَّاسُ هَرْوَلَتْ=لِدُنْيَا مَتَاعٍ مِنْ ثَنَايَا مُحَرَّمِ
42- فَمَا عَادَهُمْ قِيرَاطُ حَظٍّ يَزُفُّهُمْ=إِلَى دَارِ رِضْوَانِ الْكَرِيمِ الْمُعَظَّمِ
43- أَنِينِي بِبُعْدِي قَدْ أَقَضَّ مَضَاجِعِي=وَبَاتَتْ هُمُومِي فِي الرِّدَاءِ الْمُخَمَّمِ
44- فَلَا أَنَا مُرْتَاحٌ وَلَا أَنَا مُتْعَبٌ=وَلَا أَنَا بَيْنَ الْبَيْنِ فِي كُلِّ مَعْلَمِ
45- وَلَا أَنَا فِي أَحْضَانِ حُبِّكِ نَائِمٌ= وَلَا أَنَا فِي دَارِ الْبَقَاءِ الْمُعَمَّمِ
46- أَرِينِي جَمَالَ الْقَدِّ أَنْعَمْ بِرُؤْيَتِي=وَأَسْتَلْهِمُ الْأَشْعَارَ فِي صَكِّ مَغْنَمِ
47- أَبِيتُ بِأَوْهَامِي وَأَصْحُو مُشَرَّداً=وَأَسْتَجْمِعُ الْآهَاتِ لَمَّا تُحَتَّمِ
48- أَرَى شِلَّةَ الْإِجْرَامِ لَمَّتْ جُمُوعَهَا=لِشَكِّكِ فِي الْأَعْمَاقِ لَمَّا تُحَجَّمِ
49- وَأَسْتَوْدِعُ الْإِلْهَامَ فَاضَتْ قَرِيحَتِي=بِدُرٍّ وَيَاقُوتٍ وَمَاسٍ مُضَخَّمِ
50- وَمَا زَالَ جِسْرُ الشَّوْقِ يَفْصِلُ بَيْنَنَا=وَقَطْرَةُ أَنْدَاءٍ وَلَمَّا تُجَسَّمِ
51- وَلَكِنَّ فَجْرَ الْحُبِّ يَجْمَعُ بِيْنَنَا=بِبَسْمَتِهِ الْغَرَّاءِ مِنْ نُورِ مُغْرَمِ
52- قِطَارُ الْأَمَانِي سَارَ فِي حَفْلِ حُبِّنَا=فَإِنْ يَمْرَحِ الْعُذَّالُ فِي الْحَفْلِ يُصْدَمِ
53- وَلَكِنَّنِي بِالْحُبِّ أَجْلَيْتُ جَمْعَهُمْ=وَسِرْتُ بِنَارِ الشَّوْقِ فِي جَمْعِ رُحَّمِ
54- أَتِيهُ بِحُبٍّ أَنْتِ أَكْرَمْتِ رُوحَهُ=وَعُدْتِ غَزِيرَ الدَّمْعِ فِي حِقْدِ لُوَّمِ
55- وَزِنْزَانَةُ الْمَاضِي تُمَارِسُ هَذْوَهَا=وَتَكْتَسِحُ الْأَشْوَاقَ فِي شَكْلِ عُوَّمِ
56- وَيَحْتَشِدُ الْبَاكُونَ فِي قَلْبِ شَمْسِنَا=تُمَارِسُ أَلْوَانَ الشَّقَاء الْمُرَطَّمِ
57- أَرِيحِي فُؤَادَ الصَّبِّ أَثْنَاءَ شَدْوِهِ=وَصُبِّي عَلَى الْبَاغِينَ وَيْلَ الْمُعَزِّمِ
58- تَدَاعَتْ عَلَيْنَا مِنْ أَلَاعِيبِ مَكْرِنَا=هُمُومُ وَوَيْلَاتُ الْعَذَابِ الْمُجَذَّمِ
59- فَلَا نَحْنُ بِالنَّاجِينَ مِنْ سُوءِ وَيْلِهِ=وَلَا نَحْنُ بِالْقُرْصَانِ فِي يَخْتِ حُلَّمِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المعلقة من بحر الطويل
ثاني الطويل :
العروض تام مقبوض
والضرب تام مقبوض
الْقَبْض (حذف الخامس الساكن) فتصبح به (مَفَاْعِيْلُنْ): (مَفَاْعِلُنْ)، وتصبح (فَعُوْلُنْ): (فَعُوْلُ). ولا يجوز اجتماع الكف والقبض في (مَفَاْعِيْلُنْ). والْكَفّ والْقَبْض إن وقعا في جزء أو جزأين قُبِلا، فإن زادا عن ذلك لم يتقبلهما الذوق.
بحر الطويل لا يكون إلا تاما
ووزنه :
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ = فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ
الطويل التام :
هو الذي وُجدت تفعيلاته الثمانية في البيت مثل :
أَيَا غَادَتِي فِي الْحُبِّ لَمْ أَتَكَلَّمِ=وَلَكِنْ بِقَلْبِي وَالشَّرَايِينِ وَالدَّمِ
سَأَخْطَفُ عِطْرَ الْوَرْدِ مِنْ حَقْلِ حُبِّنَا=وَأَرْعَاهُ مِنْ قَلْبِي وَرُوحِي وَأَنْظُمِي
سَأَقْبَلُ دَعْوَى بَوْحِهِ وَعَبِيرِهِ=وَتَسْتَلْهِمُ الْإِيحَاءَ فِي الْحُبِّ أَعْظُمِي
وَأَلْبَسُ أَزْيَاءَ الْمَفَاخِرِ شَامِخاً=أُقَبِّلُ مِنْكِ الْخَدَّ فِي تَرْنِيمَةِ الْفَمِ
فَسَاتِينُكِ الْحَمْرَاءُ تَجْتَاحُ أَضْلُعِي=فَأَشْتَاقُ أَنْ أَحْظَى بِأَجْمَلِ مَبْسَمِ
وَسِحْرُكِ يَا لَيْلَايَ عِنْدَ لِقَائِنَا=يُؤَجِجُنِي بِالشَّوْقِ عِنْدَ التَّبَسُّمِ
لِقَاؤُكِ عِيدِي يَا حَبِيبَةَ أَشْهُرِي=وَأَيَّامُ عُمْرِي مِنْ ثَنَايَاكِ فَانْعَمِي
بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
mohsinabdraboh@ymail.com mohsinabdrabo@yahoo.com
{2}مُعَلَّقَةُ زهير بن أبي سلمى{أمِنْ أُمّ أوْفَى دِمْنَة ٌ لمْ تَكَلّمِ }
1- أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ = بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـمِ ؟!!!
2- وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا = مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ
3- بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً = وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
4- وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً = فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ
5- أَثَـافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلٍ = وَنُـؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ
6- فَلَـمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَـا = أَلاَ انْعَمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَـمِ
7- تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِـنٍ = تَحَمَّلْـنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُـمِ
8- جَعَلْـنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَـهُ = وَكَـمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْـرِمِ
9- عَلَـوْنَ بِأَنْمَـاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّـةٍ = وِرَادٍ حَوَاشِيْهَـا مُشَاكِهَةُ الـدَّمِ
10- وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَـهُ = عَلَيْهِـنَّ دَلُّ النَّـاعِمِ المُتَنَعِّــمِ
11- بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْـرَةٍ = فَهُـنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَـمِ
12- وَفِيْهـِنَّ مَلْهَـىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَـرٌ = أَنِيْـقٌ لِعَيْـنِ النَّـاظِرِ المُتَوَسِّـمِ
13- كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْـزِلٍ = نَـزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّـمِ
14- فَـلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُـهُ = وَضَعْـنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ
15- ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَـهُ = عَلَى كُلِّ قَيْنِـيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْـأَمِ
16- فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ = رِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ
17- وبالَّاتِ والعزَّى الْتي يعبدونها = بمكة َوالبيت العتيق المكرَّمِ
18- يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا = عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ
19- تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا = تَفَانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَـمِ
20- وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعـاً = بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَمِ
21- فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِـنٍ = بَعِيدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَـمِ
22- عَظِيمَيْـنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَـا = وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُـمِ
23- تُعَفِّى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَـتْ = يُنَجِّمُهَا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْـرِمِ
24- يُنَجِّمُهَـا قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرَامَةً = وَلَمْ يَهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَـمِ
25- فَأَصْبَحَ يَجْرِي فِيْهِمُ مِنْ تِلاَدِكُمْ = مَغَانِمُ شَتَّى مِنْ إِفَالٍ مُزَنَّمِ
26- أَلاَ أَبْلِـغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَـةً = وَذُبْيَانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَمِ ؟!!!
27- فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُـمْ = لِيَخْفَى وَمَهْمَـا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
28- يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَـرْ = لِيَـوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ
29- وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ = وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَدِيثِ المُرَجَّمِ
30- مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً = وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
31- فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا= وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
32- فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ = كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
33- فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا = قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ
34- لعَمْـرِي لَنِعْمَ الحَـيِّ جَرَّ عَلَيْهِـمُ = بِمَا لاَ يُؤَاتِيْهِم حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَـمِ
35- وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّـةٍ = فَـلاَ هُـوَ أَبْـدَاهَا وَلَمْ يَتَقَـدَّمِ
36- وَقَـالَ سَأَقْضِي حَاجَتِي ثُمَّ أَتَّقِـي = عَـدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلْجَـمِ
37- فَشَـدَّ فَلَمْ يُفْـزِعْ بُيُـوتاً كَثِيـرَةً = لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَـمِ
38- لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِلاحِ مُقَـذَّفٍ = لَـهُ لِبَـدٌ أَظْفَـارُهُ لَـمْ تُقَلَّــمِ
39- جَـريءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقَبْ بِظُلْمِـهِ = سَرِيْعـاً وَإِلاَّ يُبْدِ بِالظُّلْـمِ يَظْلِـمِ
40- دَعَـوْا ظِمْئهُمْ حَتَى إِذَا تَمَّ أَوْرَدُوا = غِمَـاراً تَفَرَّى بِالسِّلاحِ وَبِالـدِّمِ
41- فَقَضَّـوْا مَنَايَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَصْـدَرُوا = إِلَـى كَلَـأٍ مُسْتَـوْبَلٍ مُتَوَخِّـمِ
42- لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُـمْ = دَمَ ابْـنِ نَهِيْـكٍ أَوْ قَتِيْـلِ المُثَلَّـمِ
43- وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ = وَلاَ وَهَـبٍ مِنْهَـا وَلا ابْنِ المُخَـزَّمِ
44- فَكُـلًّا أَرَاهُمْ أَصْبَحُـوا يَعْقِلُونَـهُ = صَحِيْحَـاتِ مَالٍ طَالِعَاتٍ بِمَخْـرِمِ
45- لِحَـيِّ حَلالٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرَهُـمْ = إِذَا طَـرَقَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَـمِ
46- كِـرَامٍ فَلاَ ذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَـهُ = وَلا الجَـارِمُ الجَانِي عَلَيْهِمْ بِمُسْلَـمِ
47- سَئِمْـتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِـشْ = ثَمَانِيـنَ حَـوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْـأَمِ
48- وأَعْلـَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَـهُ = وَلكِنَّنِـي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَـمِ
49- رأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ = تُمِـتْهُ وَمَنْ تخطئ يُعَمَّرْ فَيَهْـرَمِ
50- وَمَنْ لَمْ يُصَـانِعْ فِي أُمُـورٍ كَثِيـرَةٍ = يُضَـرَّسْ بِأَنْيَـابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِـمِ
51- وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ = يَفِـرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْـمَ يُشْتَـمِ
52- وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْـلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِـهِ = عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْـنَ عَنْـهُ وَيُذْمَـمِ
53- وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُـهُ = إِلَـى مُطْمَئِـنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَـمِ
54- وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَـهُ = وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
55- وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِـهِ= يَكُـنْ حَمْـدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْـدَمِ
56- وَمَنْ يَعْصِ أَطْـرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّـهُ = يُطِيـعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْـذَمِ
57- وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ = يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ
58- وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُوًّا صَدِيقَـهُ = وَمَنْ لَم يُكَـرِّمْ نَفْسَـهُ لَم يُكَـرَّمِ
59- وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَـةٍ = وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ
60- وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِـبٍ = زِيَـادَتُهُ أَو نَقْصُـهُ فِـي التَّكَلُّمِ
61- لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ = فَلَمْ يَبْـقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ
62- وَإَنَّ سَفَاهَ الشَّـيْخِ لا حِلْمَ بَعْـدَهُ= وَإِنَّ الفَتَـى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُـمِ
63- سَألْنَـا فَأَعْطَيْتُـمْ وَعُدًّا فَعُدْتُـمُ = وَمَنْ أَكْـثَرَ التّسْآلَ يَوْماً سَيُحْـرَمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زُهير بن أبي سُلمى
زهير بن أبي سُلمى هو أحد فحول الشعر في العصر الجاهلي، كما أنّه أحد الشعراء الثلاثة الذين قدمهم النقاد على كافة شعراء العرب وهم: امرؤ القيس، وزُهير بن أبي سُلْمى، والنابغة الذبياني، وقد اختلف النقاد أيّهم ظهر قبل صاحبيه، لكنهم لم يختلفوا في الثلاثة، وكان زهيراً شاعراً فذاً شهد له بذلك الكثيرون، وعَدّه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أشعر الشعراء، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: (خرجت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في أول غزاة غزاها فقال لي: (أنشدني لشاعر الشعراء)، قلت: (ومن هو يا أمير المؤمنين؟)، قال: (ابن أبي سلمى)، قلت: (وبم صار كذلك؟)، قال: (لأنّه لا يتبع حوشي الكلام، ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلّا ما يعرف، ولا يمتدح أحداً إلّا بما فيه)).
نسب زُهير بن أبي سُلمى ونشأته وحياته
هو زهير بن أبي سُلْمى، ووالده أبي سُلمى هو ربيعة بن رياح بن عوام بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هزمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن أُد بن طابخة بن إلياس بن مضر، كُني بأبي سُلمى؛ لأنّ اسم ابنته سُلمى (بضم السين) كان اسماً مميزاً لم تُسمى به غيرها من بنات العرب آنذاك، ويعود نسبه إلى قبيلة مزينة، ومزينة هو اسم أمهم مزينة بنت كلب بن وبرة، وكُنية زهير هي أبي كعب، وقد ولد وترعرع في قبيلة أخواله بني غطفان، في كنف خاله بشامة الشاعر المعروف، وتزوج من ابنته أُمّ أوفى، وولدت له أولاداً ماتوا كلهم، ثمّ تزوج بكبشة بنت عمار الغطفانية، فغارت منها أُمّ أوفى ودفعتها غيرتها إلى إيذاء زهير فطلقها وهو محبٌ لها، وقد ذكرها كثيراً في شعره، وأنجبت كبشة له ثلاثة أبناء هم: كعب، وبجير، وسالم، ومات هذا الأخير في حياة أبيه حيث سقط عن فرسه ودقت عنقه، وقد حزن عليه زهير حزناً شديداً. لم يستطع المؤخون تحديد تاريخ ميلاد زهير، إلّا أنّهم يرجحون أنّه ولد عام 520م أو عام 530م، مستندين في ذلك إلى تاريخ نَظْمِه لمُعلّقتِه التي أنشأها في مديح سيدين من بني مرة بعد انتهاء حرب داحس والغبراء والتي ترجح الروايات أنّها انتهت بين عامي 608-610م، وقد كان عمر زهير آنذاك ثمانين عاماً بدليل قوله في معلقته:[٢] سَئِمتُ تَكالِيفَ الحَياةَ ومَنْ يَعِـش ثَمَانِينَ حَولاً لا أَبَا لَـك يَـسأَمِ أخلاق زُهير بن أبي سُلمى على الرغم من أنّ زهيراً بن أبي سُلمى لم يعاصر الإسلام، إذ توفي قبل بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنحو عامٍ إلّا أنّه كان يتحلى بأخلاق الإسلام، فقد كان صادقاً وفياً، ومسالماً محباً للآخرين، ومبتعداً عن الفواحش والمنكرات، كما كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فقد صنع لنفسه معتقداً بعيداً كل البعد عن معتقدات الجاهلية، وقد ظهرت هذه النزعة الدينية في شعره بشكل واضح وجلي، كما في قوله:
فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ = رِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ
يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا = عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ
لقد كان شعر زهير صورة لحياته ومرآة لنفسه، فهو شاعر الخير الذي يدعو إلى السلم وإلى مكارم الأخلاق، كما أنّه يرسم المُثل التي كان يتحلى بها فيمن يمدحهم، وهو لم يمدح أحداً قط إلّا إذا كان أهلاً لذلك، وقد خلد التاريخ الذين مدحهم زهير في شعره، وذلك لما عُرِف عنه من صدق وبعد عن التملق.
أثر نشأة زُهير بن أبي سُلمى في نفسه وشعره
لقد كان لنشأة زهير في كنف أخوال أبيه أثر بالغ في شخصيته انعكس على شعره وأعطاه بعداً إنسانياً، فعلى الرغم من أنّه كان يعيش حياة كريمة في كنف أخواله لا سيما خاله الشاعر بشامة بن الغدير، إلّا أنّه كان يعاني من الغربة ويَحنّ إلى الديار، وهذا الحنين كان يثير مشاعره فيكشف عن رقي نفسه وحسن خلقه، وقد تأثر زهير بخاله بشامة بشكل كبير من الناحيتين الأخلاقية والشعرية، فقد كان بشامة رجلاً ثرياً ومن عِلْية القوم، وكان من أشعر شعراء غطفان، وعرف بحزمه واستقامته، ومن الأدلة على تأثر زهير بخاله تلك الرواية التي تقول: لم يكن لدى بشامة أولاد، فحين اقترب أجله أخذ يقسم ماله على خاصته، فجاء إليه زهير وطلب منه أن يورثه من ماله، فقال له: (يا خالاه لو قسمت لي من مالك؟)، فقال بشامة: (قد والله يا ابن أخت قسمت لك أفضل من ذلك، وأجزله)، فقال زهير: (ما هو؟)، قال بشامة: (شعري ورثتنيه)). ومن بين الأشخاص الذين كان لهم أثرٌ جليّ في شعر زهير أيضاً، زوج أمه الشاعر أوس بن حجر، والذي تزوجته أمه بعد وفاة أبيه، وقد عُدّ أوس فَحل قبيلة مُضر في الشعر، فلزمه زهير حيث كان راوية لشعره، وهكذا كانت تلك العوامل مجتمعة هي التي صنعت زهير الشاعر والإنسان. زُهير بن أبي سُلمى كشاعر كان زهير بن أبي سُلمى سليل عائلة موهوبة بالشعر، فقد كان أبوه شاعراً، وخاله أيضاً، وأختاه الخنساء وسُلمى، وابناه كعب، وبجير، ثمّ استمر الشعر في عائلته أجيالاً، حيث ورث أحفاده أيضاً هذه الموهبة، وقال المؤرخون في ذلك: إنّه لم يتصل الشعر في أهل بيت كما اتصل في بيت زهير، وعاش زهير حياته في بحبوحة من العيش بما ورثه عن خاله بشامة من مال، وبما كان يجنيه عن طريق شعره، وقد مرت به حرب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان وعاش في أحداثها، ورأى ما تركته من صور البؤس والشقاء، وما خلفته من فقر ويُتم، فكان لهذا أثر كبير في نفسه وشعره، فنظم مُعلّقتَه داعياً فيها إلى الوفاء والبر، وهذا ما وجده في هرم بن سنان، والحارس بن عوف، إذ أنقذا القبيلتين من هذا البلاء، وحملا على عاتقهما ديات القتلى على مدى ثلاث سنوات، فأعجب زهير بهذا الصنيع وأمضى حياته يمدح هرماً ويشيد به، وهرم يجزل له العطاء. وتعددت الأغراض الشعرية والفنية في شعر زهير شأنه في ذلك شأن سائر شعراء الجاهلية، وقد تأثر ببيئته وبما يدور بها من أحداث ومشكلات اجتماعية، فامتاز شعره بالحكمة وبالدعوة إلى الإصلاح ومكارم الأخلاق، واتّبع في بناء قصيدته نهج سائر شعراء عصره من حيث الوقوف على الأطلال، وذكر الديار، ووصف رحيل الأحبة، وعلى الرغم من أنّ الحب لم يشغف قلبه، ولم يعانِ من عذاب العشق، إلّا أنّه كان يتقمص حالة الحب والعشق التي يعيشها العاشق لكي يصْدُقَ في عاطفته عند رسم صوره التي كان يبدع في وصفها بكل دقة، وقد عُرِفَ زهير بالعفة والنبل، فجاء شعره خالياً من فحش القول، فهو لم يقدح في الهجاء أو يفجر في الغزل.
خصائص شعر زُهير بن أبي سُلمى والحكمة فيه
كان زهير بن أبي سلمى من أوائل رواد مدرسة الشعر الحولي المُنقّح، تلك المدرسة الشعرية التي أسسها أوس بن حجر الذي كان زهير راوية لشعره، وقد امتازت هذه المدرسة بوصف المرئيات والمحسوسيات بشكل دقيق وواضح، كما اعتنى شعراؤها بشعرهم عناية فائقة، من حيث التنقيح والتهذيب والمراجعة مرة تلو أخرى، ويُقال إنّ زهيراً كان ينظم قصيدته في أربعة أشهر، وتمكث عنده حولاً كاملاً ولا يذيعها بين الناس حتى تطمئن نفسه إلى جودتها، وقد سار ولداه كعب، وبجير، وراويته الحطيئة، والنابغة على نهجه في هذا المذهب.
وفيما يأتي أهمّ سمات وخصائص شعر زهير بن أبي سُلمى:
أول ما يلفت النظر في شعر زهير الحكمة الصادقة، فشعره يفيض بالحكم الرائعة التي هي استخلاص تجارب عاشها الشاعر، وما شهده من صروف الدهر وتقلباته، لذلك عُدَّ زهير من شعراء الحكمة في العصر الجاهلي. من ناحية الألفاظ فقد كان زهيراً شديد الاهتمام باختيار الألفاظ، فتارة تأتي ألفاظه سهلة وتارة أخرى جزلة وقوية. من ناحية الأسلوب فقد امتاز شعر زهير بالبساطة والبعد عن التكلف والتصنع، وتكثر في شعره الصور الفنية مثل: الاستعارة، والتشبيه، والكناية، والطباق، فتزين هذه الصور شعره بشكل عفوي ودون قصد، إذ تأتي من ذوق الشاعر وموهبته. امتاز شعر زهير بصدق المعاني والبعد عن المبالغة وإذا اقتضى الحال بعض المبالغة، فإنّه يختار طريق المبالغة المقبولة. مُعلّقة زُهير بن أبي سُلمى لقد نظم زُهير مُعلّقتِه على إثر انتهاء الحرب بين قبيلتي عبس وذبيان، وكان الغرض منها مدح المصلِحين بين القبيلتين وتعظيم فعلهم، هذا لما فيه من حقن للدماء، ودعى فيها إلى السلام وإعادة الأمن والاستقرار، ورسم فيها طريق سعادة الإنسان التي لا تكون إلّا بالسلام، وأكثر زهير في مُعلّقتِه مِن الموعظة للكفّ عن الأحقاد والرجوع عن سفك الدماء، وبلغ عدد أبيات المُعلّقَة تسعة وخمسين بيتاً مقسمة على النحو الآتي: الأطلال: في بداية القصيدة صور دياره الحبيبة التي هُجرَت منذ عشرين عاماً، وأصبحت خراباً ومسكن للأبقار والظباء، وقد تغيرت ملامحها لدرجة أنّه لم يستطع التعرف عليها إلّا بعد طول تمعّن، فقال:
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ = بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـمِ ؟!!!
وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا = مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ
الظعائن: ثمّ عاد بذاكرته إلى ساعة الرحيل التي كانت وقت السحر، فوصف الموكب وصور بهاءه وفخامته، إذ زُيّنت الهوادج بالأقمشة الثمينة، وفُرشت الرِحال بالفُرش الفاخرة، ومما قال:
بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْـرَةٍ = فَهُـنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَـمِ
جَعَلْـنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَـهُ = وَكَـمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْـرِمِ
مدح الساعين في السلام: ثمّ أخذ يمدح شخصين مهمين قاما بالصلح بين قبيلتي عبس وذبيان، وحقنا الدماء، وتحملا دية القتلى، ومما قال مادحاً لهما:
يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا = عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ
تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا = تَفَانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَـمِ
الحديث إلى المتحاربين: ثمّ خاطب المتحاربين ناصحاً لهم أن يخلصوا في نواياهم، وألّا يغدروا لأنّ الله سيحاسبهم على ذلك، ثمّ ذكّرهم بويلات الحرب ومصائبها وآلامها:
أَلاَ أَبْلِـغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَـةً = وَذُبْيَـانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَـمِ ؟!!!
فَـلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي صُدُورِكُمْ = لِيَخْفَـى وَمَهْمَـا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَـمِ
الحكمة: ثمّ زين أواخر مُعلّقَته بالحكم والمواعظ، مثال ذلك قوله:
وَمَنْ هَابَ أسبابَ الْمَنايا يَنَلْنَهُ = وإنْ يَرْقَ أَسبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ
والحكمة التي ينطوي عليها هذان البيتان هي أنّ لا أحد يستطيع الفرار من قدره، والخوف من الموت لن ينجّيه وإن صعد إلى السماء بسلم. وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفضْلِهِ على قَوْمِهِ يُسْتَغنَ عنهُ وَيُذْمَمِ المقصود هنا أن من يملك المال ويُمسك ماله عن قومه يُترَك، ويُذم، ويُذكر بالسوء. وفاة زُهير بن أبي سُلمى توفي زُهير عام 631م أي قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعام، وكان في أواخر عمره أن رأى رؤيا في منامه تنبأ بها بظهور الإسلام، إذ رأى كأنّه حُمِل إلى السماء وعندما اقترب من لمسها بيديه سقط إلى الأرض، فقص رؤياه هذه على ولده عندما كان يُحتَضَر، وقال له: (إنّي لا أشكّ أنّه كائن من خبر السماء بعدي، فإن كان فتمسّكوا به، وسارعوا إليه)، فصدقت رؤياه، وعند بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلم ولده كعب وأنشد قصيدته المشهورة في مدح رسول الله بانت سعاد.
بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
Peut être une image de 4 personnes et texte

إلى شباب الإنتفاضة بقلم الشاعر محمد علقم

 إلى شباب الإنتفاضة

..........................
ابـق مــرفــوع الهــامـة
وحـافـظ علـى الكــرامة
أنـــت ابـــن فلسطيــــن
صاحب نخــوة وشهـامة
أنـت السيـد انـت القــائد
أنــت صـاحـب الفخـامة
لا تخش سـاحـات القتال
تمشـي منتصــب القـامة
تُقبل على المـوت رجّـال
وجهك مشـرق بابتسـامة
أرعبـت جيـش الإحتلال
مـذعـور يريـد السّــلامة
هــارب أمــام الأطفـــال
مخفـي راســه كـالنعـامة
كـل مـن لايؤيـد الأبطـال
يندم لكن لا تنفعه الندامة
خـانــوا الـوطـن الأتـذال
لأجـل كـرسـي وزعـامة
الأجـر مـن الله يـا ثــوار
تحظــون بـه يـوم القيـامة
محمد علقم/10/12/2015


صدمة بقلم الأديبة رمزية مياس

 صدمة

تأخر وقت الأنتظار
حان موعد الأوجاع
فاض الحزن
واغرق مملكتي
وأضرم النيران في روابي تأملاتي
احرق الدمع في مقلتي
هنا شتاء سرمدي قاتم
وليل طويل دائم
زخات المطر تحمل رائحة الحنان
وتراود نبضات الجنان
قلبي مصلوب في مفترق الطرق
اسير في نفق ضيق
بين صخور الاوهام
اضيع في متاهات الظلام
احمل بوصلة عاطلة
وفانوس مكسور
اتخبط في دروب الحرمان
ابحث عن بصيص نور
بين شقوق الجدران
فأصطدم بصخور الخذلان
مع تحيات وأحترام
رمزية مياس كركوك، العراق

مشاريع بقلم الكاتب لطفي الستي/ تونس

 مشاريع...

مشاريع ...نحن بني
فلا تكبر ...لا تكبر...حتى لا تفهم
أننا مجرد دمى ...
على مسرح العبث والفناء
يحركها الشيطان
يحركها الإنسان
عارية...بلا ثوب و لا كساء ...
بلا عقل ...بلا فكر
تجتر الخواء ...إثر الخواء ...
مشاريع شهداء
تسحقنا الآفات و الأوبئة
لأنه ...لا يوجد دواء
لأننا لا نصنع الدواء ...
مشاريع جياع
لأن زرعنا ما عاد يشبع
جردوه من الروح
من البركة ...نال منه الخصاء...
مشاريع مشردين
من أرض ...إلى غير أرض
من زمن ...إلى غير زمن
نساق قطعانا ...كالنعاج الجرباء...
مشاريع تبع
تميل مع الريح كلما مالت
تغيب مع الشمس كلما غابت
خطابها ...لا خطاب
هراء ...هراء ...عواء ...
لا تكبر ... بني
حتى لا تكون مشروعا...من مشاريعنا
فأنت الأمل ...أنت الرجاء....
لا تقل أجدادي ...أهلي قدوة
قد يكونون هم المشكل
هم الخطأ...سبب الخيبة و البلاء ...
بقلمي: لطفي الستي/ تونس
17/12/2023

فيها ايه بقلم اشرف الشناوي شاعر عاميه

 ................. فيها ايه ..........

فيها ايه
من غير زعل نضحك شويه
أو نداري الجرح م الدنيا الغبيه
فيها ايه
لو رسمنا الحلم في بحور الوجع
أو نسينا اللي في طريقنا يوم وقع
فيها ايه
لو بدرنا السكه بشوية اماني
أو حاولنا نزوق الليل بالاغاني
أو خطفنا الضحكه
من وسط المعاني
فيها ايه
لو عشنا من غير القلق
أو خرجنا بسرعه من ام النفق
فيها ايه لو خسرنا
في يوم سبق
فيها ايه
لو لقينا ديابه قاطعلنا الطريق
أو لقينا الموج بيحدفنا لغريق
أو لقينا الجرح وبرتبة فريق
فيها ايه
لو طرت من غير الجناح
أو رميت قلبك حسب
مايكون متاح
أو نسيت ترسم ملامحك
قبل ماتسيح في اللي ساح
لو صحيح عاوز تكمل
قوم وسلم عالحياه
خبي جرحك جوا منك
حتى لو هاتموت معاه
فيها ايه لو سيبنا روحنا
يبقى ليها الاختيار
أو نسيبها زي نجمه في المدار
تغسل الاحزان بايدها
م الطريق أو م العفار
المهم نعدي بيها
من محطة الانتظار
..............................
اشرف الشناوي
شاعر عاميه
البرامون
المنصوره
Peut être une image de 1 personne et barbe


عيد وغذاء الوريد بقلم الأستاذ : أحمد محمد حشالفية

 عيد وغذاء الوريد

استند للتو وغفا وللصخرة توسدا
عساه كان منهكا وإلى النوم أخلدا
استغرق في النوم لينسى حاضره
وهروبا من واقع مر وماض أسودا
حيرني حاله وانشغلت به مستفهما
من يكون هذا الذي قطع لي الكبدا؟
أتراه طفل فقير والجوع حاصره
لم يجد لقمة فنام كي لا يمد اليدا
أم تراه فلسطيني مهجر ومقصف
أحس بالأمان للحظة وهناك تمددا
أم تراه عربي أبوه قد تزوج من أربع
همه إرضاء نسائه وليكثرن له الولدا
فضاع حقه وسط إخوته العشرون
فانزوى ليرتاح من همومه منفردا
أم تراه طفل إفريقي عائلته نازحة
دفعوه للتسول لتكفيهم وجبة الغدا
من المستحيل أن يكون هذا أوروبيا
فأكيد أن له حقوقا من قبل أن يولدا
ويعاقب جميع من يمتهنه كالأجير
وإن حدث تقام له الدنيا ولن تقعدا
أهكذا كان عيش أجدادنا وهم أطفال ؟
برغم فقرهم فالطفل عندهم سيدا
دارت الأيام وأصبح الكل في شأنه
ويخاف أن يسترق يوما أو يستعبدا
فلا يهمه من بات في الخلاء ومن
توسد الصخر وأصبح للكلاب يتوددا
على بقايا طعام وعظام فبات جائعا
وصاحب الدار غائبا وبابه كان موصدا
يا لهف نفسي وكيف للمرارة تجرعت
إن كان الطفل أجنبي مسلم قد تشهدا
ويحاججنا يوم القيامه فردا وجماعة
عن ضياعه ولا يسلم منه يومها أحدا
يامن تقرأ أبياتي قد شاهدت صورته
أترضاه لابنك وتقبل له هذا المشهدا
بقلمي
الأستاذ : أحمد محمد حشالفية
Peut être une image de 1 personne et enfant


إذا شِئْنا بقلم الشاعر محمد الدبلي الفاطمي

 ايها القرّاء الكرام

يُعرّفُ الكلامُ بانّهُ عيارُ كُلّ صِناعةٍ وزمامُ كلّ عبارةٍ وَقسْطاسٌ يُعْرفُ بهِ الفَضْلُ والرّجْحانُ.وميزانٌ يُعْلَمُ بِهِ الزّيادةُ والنُّقصانُ.والكلامُ كَيْرٌ يُمَيَّزُ بِهِ الخاصُّ والعام والخالصُ والمَشوبُ وَيُنْظَرُ بِهِ الصّفْوُ والكدرُ وَسُلَّمٌ يُرْتَقى بِهِ إلى مَعْرِفَةِ الصّغير والكبير وَيوصَلُ بِهِ إلى الحقير والخَطير.والكلامُ آلةٌ لإِظْهارِ الغامِضِ المُشْتَبهِ وأداةٌ لِكَشْفِ الخَفيِ المُلْتَبِسِ.وبالكلامِ تُعْرَفُ رُبوبيةُ الرّبّ وحُجّةُ الأنْبياءِ والرّسُلِ وَيُحْتَرَزُ بِهِ مِنْ شُبُهاتِ المقالاتِ وفسادِ التّأويلاتِ.وَبِهِ تُدْفَعُ مُضِلاّتُ الأهْواءِ والنِّحَلِ وتُبْطَلُ تَأْويلاتُ الأدْيانِ والمِلَلِ.كما أنّ الكلامَ يُنَزّهُ عَنْ غَباوَةِ التّقليدِ وغُمّةِ التّرْديدِ.وهذا ما نَسَجْتُهُ منَ البلاغة بِخيوط البَيان.
إذا شِئْنا
دَعيني في عُيونِكِ أسْتريحُ
فأنــــت النّور والأملُ المريحُ
رأيتُ بكِ الوجودَ على ضِفافٍ
من الأشْعارِ أبدعَها الفصـــيحُ
ومنكِ النّور أشرقَ في كياني
وتحتَ الرّغوةِ اللّبنُ الصّــريحُ
كأنّ تعلّمي اخْترقَ انْحطاطي
فزالَ الجـهلُ وانهزمَ القبـــيحُ
وإنّ الجدّ بالأذهانِ ينْــــــمو
وعجْزُ المرءِ يعْـــقبُهُ الطّــــليحُ
إذا شِئْنا الصّعودَ إلى الجبالِ
علـــينا بالكفاحِ وبالنّـــضالِ
علينا أنْ نعلّمَ ما اسْتطـــــعْنا
لأنّ العلمَ مَفْـــــــــخَرةُ الرّجالِ
فكمْ مِنْ أمّةٍ بالعـــــلمِ قامتْ
فأحْـــيتْ بالثّقافة كـــــلّ بالي
وكمْ منْ أمّةٍ كانتْ فأمستْ
رمــاداً تحتَ خاصِـــــرةِِ اللّيالي
ومن رضيً المهانةَ عاشَ قِرْداً
يُقلّدُ ما يراهُ من الخــــصالِ
أتيتُ منَ البلاغة بالبــــــيانِ
لأرسمَ ما يَفــــوحُ به لساني
وكنتُ ألاحقُ الإلْهامَ جرْياً
أفتّشُ في الزّمانِ عن المـــكانِ
ولمْ أعثرْ على التّرياقِ إلاّ
بُعَـــــيْدَ الفـجْر في بَرّ الأمانِ
وكان اللّيلُ للشّعراءِ مثْلي
جَواداً في مُلاحقــــةِ البــــيانِ
رأى مرّ السّنينَ أخذْنَ منّي
شباباً في الرّبيـــعِ من الزّمانِ
أرى لُغتي تُبادلني الوئاما
كأنّ بيانها أضْــــحى إماما
تُغازلني بأحْرُفها انْشراحاً
وتمْنــــحُني المَودّةَ والوئاما
وجدْتُ بها التّعلّمَ ليسَ صَعْباً
إذا الإعرابُ بيّنَها انسِـجاما
وكنتُ أحاولُ اسْتظهارَ نظمٍ
تراهُ قَريحتي شِعْـــراً وِساما
وما التّحصيلُ إلاّ بذلُ جُهدٍ
بمـــعْرفةٍ تكــونُ لنا لِجاما
علينا أنْ نثورَ على الغباءِ
بِبحْــثٍ في العلومِ عنِ الدّواءِ
فعرْقَلةُ التّعلّمِ في بلادي
سَترْمي بالعـــقولِ إلى الهُراءِ
وعِندئذٍ سنحْصدُ ما زرعْنا
وحصدُ الزرعِ يَحْرُمُ في الشّتاءِ
وإنّ الجدّ في التّدريسِ فرْضٌ
لترقيةِ التّعـــــــــلّمِ بالذّكاءِ
وأمّا إن تركنا الجدّ عَــــمْداً
سَنبْقى كالبهـــائمِ في الوراءِ
محمد الدبلي الفاطمي