** ((رحلة عميقة في الوجدان))..
قراءة ((أمل حامد سالم))
لقصة ((مزح كردي)):
للأديب والشاعر السوري: (مصطفى الحاج حسين)
هي رحلة عميقة في الوجدان البشري، تحكي عن الصراع بين الإنسان والسلطة، بين الحرية والاضطهاد، وبين الحقيقة والمزاح كغلاف لوقائع مأساوية. الحدث يتصاعد تدريجياً من حالة التهديد والترهيب إلى التوتر النفسي الأخلاقي، ثم إلى المواجهة الحاسمة التي تبرز هشاشة الإنسان أمام القهر.
تُبرز القصة الأبعاد النفسية والعاطفية للنفسية المحاصرة، حيث يختلط الخوف بالحنين والاحتجاج بالاستسلام، في لعبة معقدة من الإذلال والقوة والضعف.
تتكشف الأزمة تدريجياً عبر الحوار المتوتر، والتوتر النفسي واضح في الشخص.
المُلَازِمُ أَوَّل، يمثل السلطة القمعية، شخصية تفرض نفسها بالقوة والصراخ، يرمز إلى النظام الذي يبتعد عن الإنسانية.
الراوي (الشاعر)، في صراع نفسي عميق بين الخوف والتمرد، بين الدفاع عن الزميل والتخلي عنه، يظهر تذبذباً إنسانياً يعكس تعقيدات الموقف.
(حكمت).. الضحية التي تحمل أعباء الضعف والخذلان، رمز للمعاناة والتضحية التي لا تجد سوى السخرية والاضطهاد.
الأزمة ليست فقط سياسية أو اجتماعية، بل أخلاقية وجدانية، تحبس الأبطال في حالة مأزق داخلي يصعب الخروج منه.
الأسلوب الفني وتقنيات السرد.. التكثيف واللغة الشعرية، رغم كونها قصة، تتداخل فيها عناصر الشعر، سواء في الصور اللغوية أو الإيقاع، مما يضفي على النص بعداً جماليًّا عميقاً.
(الحوار) ليس مجرد تبادل كلمات، بل ساحة صراع نفسي وفكري، يعكس التوتر الاجتماعي والذاتي.. التكرار والتناوب يستخدم الكاتب التكرار بحرفية لتأكيد الإحساس بالخوف والضغط، ولتصعيد الحدث بشكل درامي.. الزمن المكثف.. القصة تدور في فترة زمنية قصيرة، لكنها تستثمرها بشكل مكثف لتعبر عن تصاعد نفسي ودرامي.
الرمزية والخيال.. المزاح (الكردي) في العنوان يبدو سطحياً، لكنه يحمل رمزية لاذعة عن المزاح المرير الذي تمارسه السلطة، وعن المزاح كوسيلة للتعبير عن المقاومة الخفية.. استخدام الشخصيات كرموز.. السلطة، الضحية، الشاعر/المراقب، يعكس الصراعات الكبرى في المجتمعات القمعية.. الصور الشعرية (مثل الدم، العطش، الأرض المتشققة) تبرز معاناة الشعب، وتعبر عن ثورة الكلمة على القهر.
الضغط النفسي والتوتر.. يظهر جلياً في تصرفات الشاعر وحكمت، ويعكس كيفية تأثير القمع على النفس.. الوجدان الإنساني
، التعبير عن الندم،
والخوف، والرغبة في النجاة، وفي الوقت نفسه رفض الاستسلام.
الأخلاق والتضحية.. الصراع بين الولاء للنفس والزملاء وبين النظام القاسي، مما يفتح نقاشاً عن القيم والإنسانية.
المقارنة مع أدباء عرب وأجانب..
تشابه القصة مع أعمال
/غابرييل غارسيا ماركيز/ في أسلوب المزج بين الواقع والقصة الرمزية، حيث تُستخدم الأحداث اليومية لتصوير مأساة أكبر.
تشابه في الرؤية مع أعمال /نجيب محفوظ/ التي ترصد الاضطهاد النفسي والاجتماعي بأسلوب بسيط لكن عميق.
- تشابه في التكثيف مع قصص /ألبير كامو/ حيث البطل في مواجهة عبثية الواقع.
الفرق.. في «مزح كردي» تبرز الطبقات السياسية والاجتماعية بحدة أكثر، مع بُعد شعري واضح لا نجده في الأدب الواقعي الخالص.
مكانة الكاتب وإبداعاته
الكاتب يتقن مزج السرد القصصي بالشعر، وهذا الجمع يضيف بعداً جديداً للأدب العربي الحديث.
إبداعه يكمن في تصوير النفس الإنسانية في حالات القمع، بأسلوب مكثف وجمالي.
مقارنة بجيله، هو من القلائل الذين يتناولون الموضوعات السياسية والاجتماعية بعمق وجداني مع الاحتفاظ بالبلاغة الفنية، خلافاً للكتّاب الذين يميلون إلى السرد الجاف أو الشعر الصرف.
هو جسَّر بين الرواية والشعر وقصيدة النثر، مما يعزز التجديد الأدبي.
قصيدة النثر وتطورها في القصة
حضور قصيدة النثر في القصة لا يقتصر على الشكل فقط، بل يمتد إلى الرؤية، حيث تتسم بالصدق الفني والحرارة التعبيرية.
استخدام الزمن الحاضر والأفعال المتلاحقة يعكس توترات الواقع، ويوحي بالحركة المستمرة في مواجهة القهر.
قصيدة النثر في القصة تعبير عن الثورة المعاصرة على الأشكال التقليدية، وتفتح آفاقاً للتجديد في التعبير عن القضايا الكبرى.
النتائج والتوصيات النقدية
«مزح كردي» قصة متكاملة فنياً ووجدانيًا، تعكس أزمة الإنسان في ظل السلطة القمعية.
تحث القارئ على التأمل في مآلات السلطة والحرية، وتطرح قضايا العدالة والكرامة.
الكتابة توثق حالة اجتماعية ونفسية معقدة بأسلوب يجمع بين الشعر والسرد، مما يجعلها تجربة فريدة في الأدب العربي الحديث.
ضرورة دراسة أعمال الكاتب ضمن حركة التجديد الأدبي في العالم العربي، وربطها بالتيارات العالمية في الرواية والشعر.
تستحق القصة أن تُقرأ وتُدرس في سياقات متعددة.. السياسة، النفس، الفن، والتاريخ.*
أمل حامد سالم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق