استغاثة مترعة بالأسى..إلى صلاح الدين الأيوبي* :
قم من سباتك-تنكّب سيفك وقوسك..وأصرخ : "لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم ولأنزلكم الله إلينا"
في هذا الزمن السافل،عندما يلجأ المحبطون إلى الأنبياء والأولياء والقدّسين،ألجأ إليك ومواجعي خلف شغاف القلب تنخرني..وسؤالي إليك وأنت في مهدك الأبدي:أين أنت لتشدّ آزرنا وتخلصنا من غبار العواصف ودمدمة الرعود ووميض البروق الساطع علّ تعود فلسطين التي حلمنا بعودتها منذ أكثر من نصف قرن متخم بالدموع..؟
هانحن نناشدك علك تستفيق من سباتك لتدثرنا برجولتك وشجاعتك في زمن غدت فيه الرجولة والكرامة زبدا وطواحين ريح..
ها نحن نعود إليك كاليتامى كي نستريح في ظلالك الممتدة بين دم جعفر بن أبي طالب1 وعبد الرحمان الغافقي 2..وأن نحلم -حلما طوباويا-يدغدغ مشاعرنا ويرتفع بها من حدود الصين إلى مشارف أوروبا..الحلم في زمن الإنكسارات جميل شريطة أن لا ننحني إلى كل غاصب أو محتل..
سؤال لجوج يقضّ مضجعي: هل أستطيع في هذا الزمن المتخم بالرداءة أن أحتمي بك معاهدا إياك أن لا أفرّط في ذرّة تراب واحدة من وطني،مثلما أوصيتنا أن لا نتاجر بعرض فلسطين وأن لا نساوم بالأوطان أو نبادلها كراقصات في ملهى..
أمعاء خاوية..إرادة فذة..وإصرار عجائبي على الشهادة..هي ذي أسلحة أبناء فلسطين..فلسطين التي إغتالوها وحولوها إلى ألقاب مفرغة من معانيها وسجّاد أحمر،وموائد مفاوضات عبثية..وعلم لا يحمل معانيه..!
بعد مضي سبعة قرون على رحيلك يا صلاح الدين،صار عمر الولايات المتحدة الأمريكية قرنين من الزمان لا غير.
ها هي أمريكا اليوم تنتصب منفردة وكأنّها "المنقذ "العالمي،دون أن تنشد مغفرة من أحد..
وها هي قد أضحت قوّة،تُحتذى،تستثير نخوة الدول الكبرى كما كان الإغريق يستثيرون وسطاء الوحي من الكهنة..وها هي الرؤوس-هنا وهناك-تنحني لأوامرها مما يكسبها مكانة الأنبياء والمبشرين والحاملين وزر البشرية كلّها..!
قم من سباتك-يا صلاح الدين- وتنكّب سيفك وقوسك وأصرخ بملء الفم والعقل والقلب والدم:"لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم ولأنزلكم الله إلينا"
قم من سباتك الأبدي..فقد أوغل ليلنا في الدياجير،وأصبحنا نسير حفاة إلى قبورنا..!
محمد المحسن
*الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي (532 هـ - 589 هـ / 1138 - 1193 م)،المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي، القائدُ المسلم الذي أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن تحت الراية العباسية، بعد أن قضى على الدولة الفاطمية التي استمرت 262 سنة.[3] قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي استولى عليها الصليبيون في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة نكراء في معركة حطين.
*جعفر بن علي بن أبي طالب (توفي في 61هـ/ 680 م) الأخ الشقيق للعباس بن علي، شارك في معركة كربلاء مع أخيه الحسين وقُتل معه.
**عبد الرحمن الغافقي قائد إسلامي شارك في فتح الأندلس في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك وتولى إمارتها بعد تعيين 4 ولاة للأندلس لم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم فيها، قام عبد الرحمن بإخماد الثورات القائمة في الأندلس بين العرب والبربر وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني والثقافي. استشهد في معركة بلاط الشهداء(732 م الموافق 114 هـ) قرب مدينة تورز الفرنسية وذلك بعد أن توغل في جيشه داخل أراضي الفرنجة حتى وصل إلى ما يعرف اليوم بشمال إيطاليا.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق