شكوى
يا ليل، آوي إليك في العراء
وأُصدر تنهيدا،
فأنا أحمل وجعا لا يسعه قلبي،
لأبوح لك بما أخفيته عن غيرك.
يا ليل، لعلّك فهمت أنّني ضعيف، عاجز عن نصرة غزّة.
أبكي جراحها، وأكتفي بكلمات أكتبها على صفحاتي،
لكنّها لا تكسر حاجزا ولا تفتح معبرا.
بالله عليك يا ليل، هل سمعت أنينها؟
هل رأيت أطفالها ينامون على الرّكام؟
ونساءها اللواتي يحرسن بيوتا خالية، وشيوخها الّذين يرفعون وجوههم إلى السّماء:
متى ينكسر القيد؟ متى يولد فجر بلا حصار؟
وأنا ههنا بلا حلول، أضعف من أن أكون سلاحا، أو حتّى حجرا في يد طفل.
يا ليل، كم حلمت أن أرى شوارعها حرّة، والنّاس ذهابا وإيّابا يتبادلون التّحيّة.
والأسواق تزخر بالبضائع والحلوى، والمدارس تفتح أبوابها للطّلبة،
فيغنمون من الدّرس ويغمرون الفضاء حركة.
كم حلمت أن يستقبل أهلها يومهم بفرحة، وطيور دون خوف تحلّق في السّماء، وأغان في المقاهي تصدح فتملأ القلوب راحة وطمأنينة.
ليتني صدى يوقظ صمت العالم، أو صرخة تصدّع جدار الظّلم، أو دمعة حارّة تحرق كلّ مغتصب.
لكنّني، يا ليل، لا أملك غير حروفي، أو في القلب دعائي.
وإنّي إذ أشكوك ضعفي، فإنّي أدعوك أن تخفّف وجعي، أو تضعه نجمة فوق غزّة؛
علّها تعرف أنّ خلف ذلك الصدّ عيونا تسهر معها، وترمقها، وتحلم أن تراها يوما حرّة.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق