السبت، 27 سبتمبر 2025

كسر الصمت بقلم الكاتبة‏ياسمين عبد السلام هرموش

 كسر الصمت 


أفصحتِ اللوحةُ عن صمتها،

‏وخرجتِ المرأةُ من إطارٍ ضاقَ بأنفاسها،

‏كأنّ الألوانَ ملتْ سكونها،

‏فتناثرَ رمادُها بين الضوء والظل،

‏وكانت ملامحًا غارقةً في الغياب،

‏وروحًا مُعلّقةً على جدارٍ أصم،

‏تمشي كطيفٍ لا يُدركه النظر.

‏رأيتُها تميلُ بوجهها نحو خليلها وتقول:

‏سنواتٌ وأنا حبيسةُ هذا السكون،

‏مجرّد ملامح ضائعة في الغبار،

‏حتى مررتَ أمامي كنورٍ يوقظُ جمرة،

‏تأملتَ وجهي الذي لم يكتمل،

‏وغصتَ في عروقي المرتجفة،

‏فخفق نبضي، وصرتُ حيّة،

‏وتفتّحتُ كربيعٍ يُولد من رُكام.

‏هل تعلم أني قبل أن ألقاك

‏كنتُ الغريبةَ الميتةَ الأشواق؟

‏لوني رمادٌ بين بياضٍ حالكٍ

‏وسوادِ ليلٍ مطبقٍ غسّاق

‏حتى أتيتَ، ففاض فجرٌ باسم

‏يسقي جفاف الروح بالأحداق

‏أيقظتَ فيّ امرأةً منسيّة

‏ضلّت سنينًا بين تيهٍ شاق

‏وتفتّحت أزهارُ عشقٍ بائدٍ

‏بعد الجمود، كخضرة الأوراق

‏أحببتُك الحبَّ الذي لا ينتهي

‏كالنجمِ لا يخبو مع الإشراق

‏ما عاد قلبي يُبصر الدنيا سوى

‏عينيك، رغم النوى ورغم الفراق

‏ورغم عيونِ الحاسدين وغيرتِهم

‏أبقى على العهدِ الجميل أُلاك

‏أنا حرفٌ يذوبُ إذا مررتَ،

‏وريحٌ تهدأُ إن مسَّها نداكَ.

‏كأنَّ عمري قبلكَ كان سرابًا،

‏فجئتَ لتمنحني صدقَ هواكَ.

‏فخذني، فما لي بعدكَ وطن،

‏وما لي مأوى سوى حضنِ ثراكَ.

‏كأنني ما خُلِقتُ إلّا لأكونَ لكْ،

‏وما سكنتُ الحياةَ إلّا بسكنِ هواكْ.

‏ياسمين عبد السلام هرموش 🇱🇧



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق