المعلّم الحافي.. نبيُّ الحروف
حافيَ القدمينِ تمشي شامخًا
والحرفُ في كفِّيكَ سرٌّ، لا يُدانْ.
تُطفِي جراحَ الجوعِ بالصبرِ الذي
يبني القلوبَ، ويستبيحُ بهِ الطغيانْ.
تزرعْ حروفَ النورِ في أبنائِنا
فتعودُ تَزهرُ في المدى غَدُهمْ أمانْ.
ما ضَرَّ أن يَخذُلْكَ أهلُ سياسةٍ
خانوا الحقيقةَ، وارتضَوا صَرحَ الهوانْ.
أنتَ المعلمُ، لا يقيّدُ عزمَكَ الـ
ـفقرُ المُلِحُّ، ولا جفاءُ الخَسَرانْ.
تمضي على الشوكِ الملظّى واثقًا
والوجهُ في ظلمِ الليالي كالسَّنانْ.
تعطي لتُحيي ما يُميتُ طفولَةً
كي يورقَ الحرفُ البريءُ معَ الأذانْ.
علَّمتَ أنَّ المَجدَ ليسَ لِثَروةٍ
لكنْ لِمَن حَمَلَ الحقيقةَ في الجَنانْ.
يا مَن حملتَ الطبشورَ كالسيفِ الذي
يمحو دجى العتماتِ في صدرِ الزمانْ.
أنتَ النبيُّ بلا كتابٍ، إنّما
نطقَ الضميرُ بحرفِكَ الخالِدانْ.
أمضيتَ عُمركَ لا تُهادنُ بؤسَهمْ
والحلمُ في كفّيكَ قد صارَ الكيانْ.
جاعتْ يداكَ، ولكنَ الروحَ ما ذبُلَتْ
تبقى تنيرُ الدربَ للأجيالِ والأزمانْ.
يمضي الزمانُ وتبقى شاهدًا أبدًا
أنَّ المعلمَ سيفُ هذا العالمِ الجَبانْ.
وتظلُّ آثارُ الخطوطِ على اللوى
كالمجدِ، تحرسُها العصورُ معَ الديوانْ.
يا أيُّها الحافي، كأمٍّ حانيةٍ
تحنو على الطفلِ الصغيرِ بكلِّ حنانْ.
أبٌ لهمْ، والمجدُ يزهرُ في خطاكَ
كالفجرِ، ينهضُ من عيونِكَ كلَّ آنْ.
تبقى كنورِ الشمسِ لا يخبو سَنًا
في كلِّ فجرٍ أنتَ مشكاةُ الأمانْ.
إنَّ المعلمَ وهو حافي خطوِهِ
أعلى من الملوكِ، تاجُهُ خُلدُ المكانْ.
✍ سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق