الثلاثاء، 14 مايو 2024

على هامش صدور الديوان الشعري الجديد " بعض..ما قال لي " للشاعر التونسي السامق محمد الهادي الجزيري بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش صدور الديوان الشعري الجديد " بعض..ما قال لي " للشاعر التونسي السامق محمد الهادي الجزيري


قصائد تسافر عبر الغيوم الحزينة..والأسئلة التائهة..


صدر عن دار الكتاب للشاعر التونسي الألمعي محمد الهادي الجزيري ديوان شعري جديد بعنوان " بعض..ما قال لي "

الشاعر محمد الهادي الجزيري قامة شعرية شاهقة..شاعر يبحث عن منارة في متاهات الضياع العبثي المبعثر على صفحات الحياة..

شاعرٌ قلقٌ يبوح بما يكتمن في قلبه في لوحات شعرية،في قصائد مشحونة بالألم والحزن،تتكأ على الحب،الإغتراب،الشوق،التناص وغيرها من الأساليب الفنية،وتعكس اوجاع الحياة،وألوان الاغتراب.

شاعرٌ لا ينفصل عن الواقع ولا يهرب الى مدارج الاحلام،في عينيه تسافر ألف قضية وألف لوحة حائرة،وفي قصائده تسافر غيوم حزينة وأسئلة تائهةٌ..حيث تتشابك همومه الذاتية وهواجسه واوجاعه مع المرأة والمكان والإنسان فوق كل ارض.

وهو يجذبنا بعزف انامله،إذ يبدع بحروفه المتناغمة على الورق صورًا يرسمها بدقة في السبك وجمال في الايقاع، ناثرًا كلماته كحبات اللؤلؤ مجتمعة في نصوص مسبوكة بمهارة واتقان.

وهنا أضيف : قصائد هذا الشاعر التونسي السامق ( محمد الهادي الجزيري) تتنكر للتقليد والنمطية،وتحتفي بالفرادة  والخصوصية.وتؤكد بالتالي على حقيقة أن السمو بالشعر،ليس في تلك الأوصاف المادية المباشرة الصرفة.وإنما هي في السمو به روحيا،و جعله لا يفقد جوهر معناه الحقيقي في ديوان الشعر العربي..أعني الصفاء،البهاء والتجلي..

وانتهينا إلى أن قصائده تنفتح على عدة قراءات اجتماعية ووجدانية وفنية،وحقق لغته الجمالية خاصة بحكم ما يمتلك من كفايات إبداعية وقدرات مكنته من تشكيل رؤياه الشعرية الخاصة التي تتوحد فيها جهوده، ويلتحم الذاتي بالموضوعي.

وبدا أن عمله الإبداعي (وهذا الرأي يخصني) ميزته كثير من الخصوصيات الفنية والمقومات الجمالية،وخاصة اللغة التي تمظهرت جماليتها من خلال تناغم الحقول الدلالية وتنوع الرموز الشعرية المفعَمة بالطاقة الإيحائية والتعبيرية واعتماد الانزياح في أبعاده المختلفة.

ومن هذا المنطلق يمكن القول: إن الشعرية قيمة تفاعلية مؤثرة في خلق المؤثرات الجمالية التي تباغت القارئ بمستوى المكتشفات النصية التي تحقق غايتها وقيمتها الإبداعية.

تهنئة من القلب لهذا الانجاز الشعري الجديد ،لشاعر متمكن من الحرف الشعري يحلق بجناحي الشعر بشكل متألق ومبدع..

وهنا أختم : تعد الشعرية قيمة جمالية متغيرة بإيحاءاتها وتشكيلاتها النصية،والقارئ الجمالي هو الذي يباغت المتلقي بأسلوبه الشعري،من خلال التشكيلات النصية المراوغة،وحراك الدلالات الشعرية التي تباغت المتلقي بأسلوبها التشكيلي الانزياحي الخلاق بمؤثرات الدلالة ومثيراتها النصية،وهذا يعني إن أي ارتقاء جمالي في قصيدة من القصائد يظهر من خلال بناها النصية المفتوحة ورؤاها العميقة.

وفي تقديري : إن الوعي الجمالي في اختيار النسق الشعري المؤثر والكلمة المؤثرة في بنية القصيدة هي التي تحدد الإمكانية الجمالية التي يمتلكها المبدع في خلق الجمالية النصية،وما من شاعر موهوب إلا ويملك الخصوصية الإبداعية،تبعاً لمحفزاته الشعرية،وطريقة الاختيار، وبراعته في اختيار النسق المناسب جمالياً..

ومن هنا تختلف شعرية المحفزات النصية من قصيدة لقصيدة،ومن سياق شعري إلى آخر،تبعاً لحساسية المبدع الجمالية ودرجة شعرية النسق..

ولهذا نلحظ اختلاف درجة شعرية المحفزات في قصائد الشاعر التونسي الألمعي أ- محمد الهادي الجزيري  تبعاً لحساسية الشاعر وبراعته في الانتقال من نسق تصويري إلى آخر،ومدى الوعي في الاختيار النسق الجمالي المؤثر في إيقاعه الشعري؛ومن هنا يختلف الشاعر المبدع عما سواه وفقاً لحساسيته الرؤيوية،وبراعته النسقية في التشكيل والخبرة المعرفية في الانتقال من نسق شعري إلى آخر،وهذا دليل الحنكة الجمالية في التشكيل والوعي الجمالي في تفعيل المحفزات الجمالية تبعاً لحساسية الرؤية وفنية اللغة في التعبير عن الفكرة الشعرية.

وبتصورنا : إن الفكر النقدي الإبداعي يقف على المثيرات النصية المؤثرة التي تجعل القارئ يتلذذ بمتعة المكاشفة والاكتشاف الجمالي،فالقارئ الجمالي هو الذي يكتشف ما خفي من النص، ويكتشف الرؤى البؤرية العميقة التي ينطوي عليها..

ومن هنا فمن يبحث في مثيرات الشعرية ومتحولاتها النصية في قصيدة من القصائد عليه أن يقف على المتغيرات الجمالية التي تنطوي عليها القصيدة في تجلياتها النصية الشعرية المفتوحة برؤاها ودلالاتها النصية.

ومن يطلع على قصائد الديوان ( (بعض..ما قال لي)،يلحظ-دون عناء-أن البناء الجمالي الذي تؤسس عليها حركة القصائد يرتكز على المقومات والبؤر النصية التي تحقق قيمة جمالية عالية،من حيث الاستثارة والفاعلية واللذة في التلقي الجمالي..

إن حنكة الشاعر محمد الهادي الجزيري التشكيلية وراء التوهجات الإبداعية في جل قصائده،وهذا يؤكد أن الشعرية قيمة تفاعلية تحقق استعلائها الجمالي من تشكيلها النصي المثير،وحراكها الشعوري المفتوح،وهذا دليل احتفاء قصائدها بكل مظاهر الاستثارة واللذة في تلقيها الجمالي الآسر.

إن الروح الجمالية هي التي تحكم سيرورة قصائد محمد الهادي الجزيري من حيث الفاعلية والدهشة والتأثير،وهذا يؤكد أن الشعرية تشكل الرحم الجمالي لقصائد -الجزيري-في توثباتها الإبداعية الخلاقة بالمعاني والدلالات الجديدة،وهذا ما يحسب له على المستوى الإبداعي

إن احتفاء الشاعر بالصور هو احتفاء في تأسيس اللغة الشعرية على مثيرات درامية مفتوحة في تشكيل القصيدة،وهذا ما يجعل الرؤيا الشعرية متغيرة في تجلياتها الإبداعية تبعاً لفاعلية الصورة الشعرية عند- شاعرنا محمد الهادي الجزيري-وغناها بالمؤثرات التشكيلية التي تحقق إيقاعها الجمالي بأقصر الألفاظ وأرقى الصور الشعرية في الإحاطة بالموقف والحدث الشعري في آن معاً.

ومن هذا المنطلق-أولا..وأخيرا- تغتني الشعرية في قصائده بدلالات شتى لأنها نابعة من روح شاعرية مفعمة بالرؤى والدلالات الشعرية الجديدة.

أتمنى أن يحظى ديوانه "بعض..ما قال لي " بالقراءة والاهتمام وبالقراءات النقدية لمن يبحث عن الشعر الأصيل.

وتمنياتي له بالمزيد من العطاء والابداع والتألق الدائم..


محمد المحسن




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق