الأربعاء، 3 مايو 2023

يوميات شاعر شواي ـــــــــ ع جمال الجزائري


 يوميات شاعر شواي .:

كانت صدفة تعرفي على قاسم بائع الخبز من أجمل الصدف التي عشتها في حياتي كيف لا وهي صحبة طيبة بين شخصين طفل لم يتجاوز الثمان سنين وكهل في الأربعينيات هههه ، كما ذكرت في المرة السابقة أن قاسم لم يكن أبدا من فئة محرومة أو محتاجة ، أبوه لديه حرفة محترمة وهو يوفر لهم ما يحتاجونه حسب الإستطاعة طبعا....فكنت تذكرت قصتي مع والدي أطال الله في عمره والذي كان مسؤولا إداريا في إحدى الإدارات المحترمة...
وأنا في سن قاسم أتى أبي بزوج أرانب ( ذكر وأنثى )إلى البيت من أجل أن نلعب ونلهو بهما أنا وإخوتي وقت فراغنا و بعد مضي شهران إذا بالأرنبة تلد صغارها ...( الأرنبة طبعا تحمل وتلد في شهر واحد ) فكانت فرحتنا أنا وإخوتي لا تصدق هههه خصوصا لما كبرت صغار الأرنبة وأخذت تخرج من صندوق خشبي كنا وضعناه لها من قبل لتضع صغارها فيه ...فكنت أنا وإخوتي في صراع دائم بسبب صغار الأرنبة وكان قد إختار كل واحد منا أرنوبا صغيرا لنفسه وقد كانت تقريبا كلها متشابهة اللون وهذا ماكان يجعلنا في دوامة من المشاكل ههههه كان عمري آنذاك 9 سنوات ومرت الأيام و كبرت صغار الأرنبة حتى صارت تقريبا جاهزة للذبح من أجل طبق لذيذ......
أبي لم يشتري الأرنبة من أجل أن تضع صغارا و نأكل لحم صغارها لما تكبر أو نبيعها لسد الحاجة وإن كان ليس عيبا في ذلك !!!! لا أبدا لقد كان يريد بها شيأ آخر يمكن أن نقول عنه حكمة !!! أو هدف حتى لا نبالغ....
ذات يوم أيقضني أبي باكرا و طلب مني أن أمسك أرنبين من الصغار و أضعهما داخل قفة ثم أتبعه إلى السوق !!! (ماذا يريد أبي ممم!!! ؟؟؟) فطبعا ترددت في الأول ورجعت إلى أمي وأخذت أحدثها بالإشارات مخافة أن يسمعني والدي هههه يعني ( كيف يطلب مني أبي هذا الأمر !!؟؟ ) فطبعا الوالدة رحمة الله عليها قالت لي إسمع كلام أبوك وافعل ماطلبه منك !!! ممم هنا طبعا لم أجد بدا سوى تطبيق الأوامر ... تقبلت الأمر وتبعته حتى وصلنا السوق فإذا به يقول لي إذهب إلى تلك الزاوية وإجلس وإجعل القفة التي بها صغيري الأرنبة بين قدميك وإياك أن يهرب الصغيران ، لديهم سرعة فائقة ههه وإذا سألك أحد عن الثمن فقل له كذا +++ !!!! أي الثمن ، فطبعا كان هناك باعة آخرون يبيعون حيوانات أليفة وطيور ودجاج وبط.....فطبقت ماقاله لي أبي بالحرف الواحد وأخذ المهتمين بشراء الأرانب يتوافدون علي و كل واحد منهم يعرض علي سعرا و أنا طبعا أرفض عرضه مصرا على الثمن الذي طلب مني أبي البيع به هههه كانت أول تجربة لي في عالم التجارة ههه فلاحظ أبي ذلك وقد كان يرقبني من مسافة ليست بالبعيدة فجاء إلي وتحادث مع شخص كان حريصا على شراء صغار الأرنبة مني حتى إتفقا على الثمن المناسب، فباع له أبي الصغيران بعد أن خفظ له الثمن.....، دخلنا بعدها سوق الخضر وأشترينا ما كان يلزمنا من خضار..، ثم أخذ أبي يلقنني دروسا حول مافعلناه و عن التجارة بصفة عامة... وقد كان إصطحبني بعدها أبي مرتين أو ثلاث مرات ثم بعدها أصبحت أذهب لوحدي إلى السوق من أجل بيع صغار الأرنب التي كانت عندنا طبعا كان هذا في عطلة الصيف وكانت قد ولدت عدة مرات بعدها في ذلك الحين....
فطبعا بعدها إستخلصت من ذلك أن أبي لم يكن همه المال كما إعتقدت بادئ الأمر ، أبي كان يريد أن يعلمني التوكل على الله ومن ثم أتكل على نفسي في جلب رزقي وقوت يومي مستقبلا ( طبعا في حالة لم يسعفني الحظ في الدراسة !!!، الإنسان لايعلم كيف تكون الأمور في المستقبل !!! لكن الحمد لله...) وتعلم الإحتكاك بالناس والمجتمع وكذا إكتساب معرفة لأمور الحياة لأستنفع بها باقي حياتي وهي نعم الطريقة والتي أتت بثمارها في حياتي الشخصية بعدها إلى يومنا هذا ، فمن يومها لم تصبح لدي عقدة من أي شيء على الأقل في أمور البيع والشراء و كانت بداية دخولي عالم الحياة بتعلمي بذيهيات التجارة بأمور بسيطة جدا ( صغار أرنبة فقط هههه)..
ومن هنا قاسم كذلك لم يكن ضحية أي إستغلال أو حاجة او فقر....
هي فطرة والد وفكرة طيبة ليعلم إبنه الإتكال على نفسه و إزالة حاجز من حواجز الحياة من سبيل إبنه في سن يبدو مبكرا عند البعض ولكنه مناسب ليغرس فيه شيء بذيهي يحتاجه في حياته مستقبلا..بدل الإتكال على الغير كما يفعل الكثير .. وللأسف قد لاحظنا في مجتمعنا كثير من الاشخاص الكبار لديهم عقدة حتى في بيع خبز مثل قاسم و يطمعون فيما بأيدي الناس عافانا الله وإياكم من الطمع و الحاجة إلى الناس و هؤلاء لابد يوما ما إذا لم يغيروا من سلوك كهذا سوف يصبحون لا محالة عالة على ذويهم وحتى على المجتمع ....
يقال أن العلم في الصغر كالنقش على الحجر فلازالت تلك الذكريات راسخة في ذهني ليومنا هذا وقد كنت كلما شاهدت قاسم إلا وعاد بي الزمن إلى تلك الأيام التي كانت سبب في دخولي معترك الحياة بكل سلاسة والفضل لله أولا ثم الوالد الرائع أطال الله في عمره بكل خير إن شاء الله تعالى.
شكرا والدي بارك الله فيك.....و بارك الله فيك أبا قاسم..
يتبع ......
بقلم ع جمال الجزائري.
يوم 20/09/2022.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق