الأربعاء، 12 أبريل 2023

مقالات في رمضان ــــــــ عَبدِ الكَرِيمِ أَحمَد الزيدي


 مقالات في رمضان

المشاعر والنسك في الدين
……………………………………..
ونحن نقرأ في كتاب الله الكريم ، كثيرا ما تستوقفنا في تدبر الآيات الكريمات عبارات والفاظ واسماء وضعت في مواضع تستدعي قرائتها بتأمل وتبصر ، ولعل واحدة من هذه العبارات ما وضعنا عناوينها في صدر المقال هذا .
ولأن هذه المشاعر والمناسك كلا لها توصيفها ومعانيها في كتب الله التي جاءت فيما سبق الاسلام
والدعوة النبوية الشريفة ، لهذا ولايجاز المقال فأني سأكتفي بما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى في هذا الشأن ، ومن المفيد ان نبدأ بما ورد في سورة البقرة على لسان سيدنا ابراهيم وولده اسماعيل عليهما السلام ، قال تعالى " ربنا واجعلنا مسلمَين لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم " وهذا الدعاء جاء بعد ان اوحى الله تعالى الى ابراهيم وولده اسماعيل ان اقيما القواعد للبيت العتيق ، فلما اكملا البناء وآن لهما ان يشهدا ما لحرمة هذا البيت عند الله سبحانه وتعالى من حق على البشر سألا عن بينة وذريعة هذا المكان والبناء المحرم وعن آلية الشكر والامتنان لله على هذا الهدي ، وان يشهدا كيفية اداء تعبدهما وهو معنى المنسك في هذه الاية الكريمة .
وبالعودة الى مقالنا ، فأن الشعائر هي العلم ، وليت شعري أي ليت علمي او ليتني علمت وسمي الشاعر شاعرا لانه يشعر بما لا يشعر به الاخرين ، والمشاعر هي مواضع المناسك وقوله تعالى " ليس عليك جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فأذا افضتم من عرفات فأذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وان كنتم مَن قبله لمن الضالين " والمشعر الحرام تارة يراد به المكان المعين الذي وقف عنده النبي صل الله عليه وسلم وهو الجبل المعروف في المزدلفة وعليه بني المسجد ، وتارة يراد به جميع المزدلفة لانها مشعر حرام ، وسميت بالمشعر الحرام لان هناك "مشعرا حلالا " وهو عرفة وهو حلال لانه على بعد اميال خارج الحرم بخلاف المشعر الحرام الذي بمزدلفة الذي يقف الناس فيه وانه حرام ، ولم تسمى منىً " مشعرا حراما " لانه ليس بها وقوفا مستقلا .
وشعائر الله هي جميع المتعبدات التي جعلها الله لنا اعلاما فهي كل ما كان من موقف او مسعى او ذبح كالوقوف والطواف والسعي ورمي الجمرات ومنه الحديث الشريف ان جبريل اتى النبي صل الله عليه وسلم فقال : " مر امتك ان يرفعوا اصواتهم بالتلبية فأنها من شعائر الحج " وللشعائر نوعين :
الشعائر الزمانية
وهي التي ترتبط بزمن معين لما يحصل فيها من الهداية والخير ومنها شهر رمضان والايام العشر الاوائل من ذي الحجة التي اقسم الله بلياليها العشر تعظيما لها حيث قال " وليال عشر " وافضلها يوم عرفة وكذا من الشعائر الزمانية يوم الجمعة وهو خير ايام الاسبوع فيهِ تقوم الساعة وفيها ساعة يستجاب فيها الدعاء .
الشعائر المكانية
وهي الاماكن التي فضلها الله على غيرها ، مثل المسجد الحرام والمسجد الاقصى والمسجد النبوي ، قال المصطفى صل الله عليه وسلم " لا تشد الرحال الا الى ثلاثة ، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الاقصى " وهي اعظم بيوت الله جعل اجر الصلاة فيها اعظم مما في سواها وحرم على المسلمين ان يعصوا ربهم فيها ، ومن مظاهر الشعائر القران الكَرِيمِ ، الصلاة، الزكاة ، قال تعالى " ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب " .
وعلى العموم فأن الشعائر هي المشخصات المتعلقة في الحج والعمرة ، قال تعالى " ان الصفا والمروة من شعائر الله " و " اذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " و " البدن جعلناها لكم من شعائر الله "، والنسك هو العمل على المشاعر ، البيت الحرام والصفا والمروة من الشعائر ، والطواف بهما من النسك ، عرفات من المشاعر ، والافاضة من عرفات من النسك ، الهدي ( الانعام ) التي تذبح في موسم الحج من الشعائر ، ذبح الهدي وتوزيعه على المحتاجين والفقراء من النسك ، ولهذا فالنسك هي العبادة والطاعة وكل ما تُقرب به الى الله تعالى ، فالصوم يسمى منسكاً ، فالنسك ما امرت به الشريعة ، والورع ما نهت عنه .
وقبل ان نختم مقالنا هذا فان معنى المناسك وهي جمع منسك ، والتنسك هو التعبد والنسك هو العبادة ويطلق في لسان الشرع واهل العلم على انه افعال الحج والعمرة ، قال تعالى في سورة البقرة " فأذا قضيتم مناسككم " ، والمناسك هنا هي اعمال الحج واكثره على الذبح " قل ان صلاتي ونسكي " في سورة الانعام ، ومن الحديث الشريف قال صل الله عليه وسلم لكعب " انسك شاة " اي اذبح شاة فالمناسك اذاً هي اعمال الحج والعمرة والله اعلم .
الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم ونفعنا واياكم بما علمنا واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
……………………………………………………………..
عَبدِ الكَرِيمِ أَحمَد الزيدي
العراق / بَغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق