الثلاثاء، 28 فبراير 2023

محاورة بين المعلّم والطالب/الكاتب الجزائري عبدالعزيز عميمر


 محاورة بين المعلّم والطالب

_ المعلّم: لو وجدت محفظة أموال ضائعة،هل تاخذها؟
-الطالب: نعم آخذها
-المعلّم: لماذا تاخذها؟
-الطالب :لأنني احتاج المال،وأصرفه فيما احتاج،
وهذا من حظي ونصيبي .
-المعلّم: افرض أنّ امّك تراقبك وهي تراك،
هل تأخذ المحفظة؟
-الطالب : لا آخذها، أو ربّما أبحث عن الشخص
الذي ضيّعها .
-المعلّم : معناه أنت تعطي اعتبارا لنوع المراقب
الذي يراك .
-الطالب: نعم ،بالتأكيد.
-المعلّم : إذا كان الله هو الذي يراقبك،هل تأخذ المحفظة ؟
-الطالب : بطبيعة الحال ،لا آخذها
-المعلّم: هل رأيت أمّك عندما كانت تراقبك من بعيد؟
-الطالب: نعم رأيتها
-المعلّم: وهل رأيت الله عندما كان يراقبك ؟
-الطالب : أنا لم أره ،ولكن أحسست بداخلي بأنّه يراقبني ،وهو موجود معي .
-المعلّم : معنى كلامك أن الله بداخلنا، ويكون كذلك بالخارج ،في هذا الكون الواسع.
الطالب : أظن ذلك .
-المعلّم : ماذا تفعل بالمحفظة ؟ كأحسن حل؟
-الطالب: آخذها ،لكن سأبحث عن الذي ضيّعها .
-المعلّم : لماذا لا تتركها على الأرض ،وسيأخذها آخر،ويكون مثلك،وسيبحث عن صاحبها !؟
-الطالب : أخاف أن يأخذ المال لنفسه.
-المعلّم : ألم نتفق معا بأن الله بداخلنا ويراقبنا ؟
-الطالب : نعم توصلنا لهذا الاتفاق ، لكني أخاف أن الشخص الآخر ،ما زال لم يشعر بأنّ الله بداخله،رغم وجوده بداخل كلّ البشر.
-المعلّم: ما المانع من شعور هذا الشخص أن الله بداخله،ويراقبه .
-الطالب : ربما الاستعداد الفطري ،ما زالت فاكهته لم تنضج بعد ،وعلينا بالصبر ومراقبة الفاكهة
المعلّم: هل معنى هذا أن الفاكهة لا تنضج كلّها دفعة واحدة؟ أوليس من شجرة واحدة ؟
الطالب: أظن إنّها من نفس الشجرة ،ولكن لا أعرف قضية نضج واحدة ،قبل الأخرى
المعلّم: الشجرة لها فروع وأغصان،وبعضها معرّض للشمس لفترة أطول! وأخرى لمدّة قصيرة! وبعض الأغصان هي في الظلّ،ولم تلامسها الشمس إلاّ لبضع دقائق فقط ،لذلك فالفاكه لا تنضج في نفس الوقت،والبعض منها، مازالت تنتظر حلاوة السكّر .
الطالب : الآن فهمت! أشعّة الشمس تنضج الفاكهة بحسب مقدار تعرّض الفاكهة لحرارة الشمس.
لكن ما علاقة الفاكهة،وأشعّة الشمس،بفعل الخير، وبمحفظة النقود! ظننت الفهم،ولكن تعقّدت الأمور الآن
والصورة ضبابية !
المعلّم : الاختلاف في وقت نضج الفاكهة،يرجع لمدّة ووقت تعرّض الفاكهة للشمس،والفاكهة الناضجة،هي الخير الفطري الموجود بداخلنا! لكن هذا الخير يحتاج للاستثارة والتنبيه والتربية حتى تخرج الفطرة بخيرها، بمثابة الأشعّة للفاكهة
الطالب : ولكن لم تتعرّض لمحفظة المال؟ وعلاقتها بنضج الفاكهة، وبالخير ؟
المعلّم: حسبتك تفطنت، وبنيت علاقة ؟
قلت سابقا ،ستردّ المحفظة لصاحبها ،وستبحث عنه !
أليس كذلك ؟
الطالب : بلا هو كما ذكرت، وطمعت بأنّ فاكهتي نضجت ،هههه .
المعلّم : هذا ما رأيت أنا كذلك ،فنضج الفاكهة هو الحبّ وفعل الخير ،ومرتبط برد المحفظة لصاحبها،
الطالب : أرجوك سيّدي أنا أتمم الفكرة،والشخص الذي أخذ المحفظة بمالها،ولم يردّها لصاحبها ،فاكهته مازالت تحت الظلّ ولم تمسسها الشمس بعد .
-المعلّم : بالضبط،رائع،اختصرت الطريق! ما كنت أظنّك بهذا الذكاء ! لقد نجحت في وحدة الفلسفة .
-الطالب : شكرا لكم سيّدي لقد ساعدتنا على فتح عيوننا للفكر،وقلوبنا للرحمة .
انتهى الدرس.
الكاتب الجزائري عبدالعزيز عميمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق