الجمعة، 3 فبراير 2023

حكاية زيتونة أكبر من الحياة بقلم الاستاذ محمد بن رجب

 حكاية زيتونة

أكبر من الحياة
...
أعددت من الشعر سحره و الكلمات..
اذ لمعت في الأفق صورة رسمها مخيال من عالم الآتي وتلك الحياة.
قلت لشجرة زيتون قد هيمنت على المكان منذ أينعت قرطاج
ثم أصابتها غزوات روما السوداء والحريق والملح ..
قلت لها :
حدثينا عن زارعيك . من هم وكيف كانوا
وكيف أفلت من حريق الغزاة وملحه القاتل .
لم تعرف الزيتونة جوابا
لأنها متأكدة من أن تاريخها هو حديثها ..
وسكت..وسكتت
أو هكذا تخيلتها
ولم أكتب القصيدة
واضح أنها إستعصت على صياغتي النهائية
معلنة في هدوء أنها أكبر مني ..
وهي كثيرة أمام كذبة تاريخ أصم
وثرثرة حضارات موت و دم
كانت الزيتونة الموقرة تراقبني
أو هكذا أحسست ..
بل قد تكون عالمة بما استقر في أعماقي
وهي تضحك مني ومن تاريخ هزمته شجرة سجلت بعيونها الخضراء الحريق الأكبر والملح الأجاج .
وأشهدت الإنسان على كل جرائمه
كل حروبه التي لا تنتهي كالقدر
رغبة القتل سكنت روحه ..
وأعلنت من شأن الدمار
منذ قرطاج الوردة التي سقطت اوراقها ورقة ورقة..
ثم روما العظيمة التي تهاوت بإخلالات حكم فاسد
والعرب ..
وتركيا ..والفرنسيين ..
كلهم مثل الآخرين
هنا وهناك
موت ..ودمار ودماء
وحكم الفاسدين
والنوم على حرير ينسجه دوما عرق الفقراء والآخرين
إنه تاريخ إستبداد
والمستبدون يمرون كل حين بعد أن يضعوا بصماتهم الدموية
على أرض الزيتونة
والزيتونة تتحداهم
إحتقرتهم جميعا...
وآحتقرت فيهم كل لحظة عاشوها لم تكن أكثر من لحظات ذبح الحياة التي عقروها
عبر نهب رحيقها في زمن أحمر متأصل فينا.
لا يسعد الا بتجفيف منابع الفرح عبر الدهور دهرا بعد دهر
والزيتونة قائمة
تهدي كل عام منذ أكثر من ألفي عام زيتا وحبات زيتون ..
الاستاذ محمد بن رجب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق