المثوى الأخــــــــير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مهلا .....إنتـــظرْ..
يَا حَضْرة المَلِكِ النَّبيـــلْ..
هَا قدْ أتى الهُدْهدُ الواشِي
بمُلككَ الزَّائـــــِلِ
و أخبرَ عنْ دمكَ المَهْدورْ ..
لاَ تـــــَــــنمْ ..!
قبلَ أنْ أشْبُكَهُ بيَدَيَّ هاتَينِ
وأُهْديكَ منْ عَطايَا الوَلهِ
بُرقُعَ اللَّيل الجَميلْ..
فإنّي أرَاكَ اليومَ
مُلقًى على أريكةِ منَ الوَبَر
مَنْزوعَ الهيْبةِ والوِقـــَارِ
مُثْخَنًا بالخوفِ منَ الأفكَــارِ
التي كَتبتَ لها هذا المَصيرْ...
لاَ تـــــَــــنمْ ..!
حتىَّ أرى الريح تَعرُجُ منْ خلفِكَ
ومنْ أمَامكَ ...
تنزعُ وجْهَ الحقيقةِ عنْ سُرادِقِها
و تَرفعُ منْ حوْلنَا هذا السِّتَــــارْ..
لا تنــــــــــمْ ..!
قبل أن تغتسِلَ منَ الذّنوبِ
فيصيرَ القلبُ الطاهرُ
كالهيكل المصْلوب ..
لِحُلمِ المُؤفَكينَ
القادمينَ منْ جنات الخُلــد
المُرسلينَ إلى بُؤرة العَدمْ
حين تغيّرَ هذا المسَار...
لاَ تـــــَــــنمْ ..! وانظـــرْ
إلى ذاك النُور كَثُريَّاتِ الدُّجى
الذي كَان حُبّي مثله مُؤججاً
في قلبكَ المَدَى الطويل..
لكنَّ الهواءَ منْ حيثُ لا تَدْري
أتىَ واسْتـــــَدارَ
حينَ عَلِقَ بأثوابي المُطرَّزةِ
بِعصَا السَّنابــِل ..
أتىَ ليُمزّقَ الفُؤادَ إلى كَمْ حَفْنةٍ
منْ رَغيفٍ على طاولةِ الإحْتِظارْ..
نـــــَـــمْ .. واطَمئِنْ... !
مثلَما نَامَ قبلَكَ فقيدُ فلسْطينَ
ذاتَ ليْلٍ دارِسِ الأقمَـارْ ...
لكنْ هيْهاتَ...
لَيتَها تَبكيكَ أمَّةٌ مثْلَهُ
أو تَرثيكَ خنساءُ مثْلي
وتُلقي على الأنْواءِ بُردةَ الأشْعارْ...
نـــــــــــــَـمْ... لا تخفْ !
تَجرَّدْ منْ ثَوبِ حرْباءِكَ المُنَمَّق
المُتَلوّنِ فوقَ خَشَبَةِ المَسرح
اخْترْ ما يليقُ بأدوارِكَ
عندَ كلّْ عَرضٍ منَ الفُصولِ
وَ لا تَنْسَى...
أنّ الأقفـــــَالَ بيدي !
و النهايةَ التّي بَاركَتْها يَداكَ
لنْ تكُونَ كمَا كنتَ تَشتَهي
لِينْجو في النّهاياتِ البَطلْ ...
نـــَـــــــمْ الآنَ ...! وتذكَّــرْ
بِأنّي شًقيقةُ البَلابــِلِ
و الرِّيشةُ الغَرّاءُ تعْلقُ بفَمي
حينَ أودُّ أنْ ألقيهَا على الصَّخرِ
ينسابُ في ثنايَاه الحَرفُ نهرا دافئا ..
و حين أودُّ أنْ أغمسَها في البحرِ
يَنظُو حبرُ أقلامِك منَ الدُّررْ
فلنْ تَكتبَ منْ بعدي بيتاً واحدا...
و حين أودُّ أن أسْقِطها فوقَ الثّرى
سأفتحُ لكَ َمسْربا للقَبــْرِ
فلنْ تملكَ منْ أمركَ شيئا واحدا...
نـــــَـــــم... هُنا المُسْتقـَـرُّ ..!
فإنّي لمْ أعدْ اهْتـَمُّ بمراسِمِ التأبينِ
للغِــرْبانْ..
ولاَ بضَمَّة المَوجِ و الحنينِ
للشُّطآنْ...
لنْ أعيرَ للحُبّ بعد الهجْرِ
عيْــنا و لا أذنـــــــًا..
حَانتْ سَاعةُ الصّفْــر
بَطُــــلَ السِّــحرُ..
أُغلِقتْ سَراديبُ مَولايَ المَاضي
تَحتَ عَرشِه الظلِيلْ ...
فاحتْ رائحةُ الخنادقِ
التّي عَمَّدتْها النُّجومُ قبلَ الأفُولْ..
نــــــَــــــــمْ... وتَدثّــــرْ..!
حولَ مدفأةَ الخشَبِ المكْسُورْ
فإنّي ألمحُ المصبَاحَ يَــدعو
غيمتيً للهطول
وهذا الشتاءُ القادمُ إليكَ
طويلٌ جدا ... طـَــــــويل...
نــــــَــــــــمْ...بسَــــلام
وسأدعُ طيفكَ يرحل عنّي
لأخْلدَ إلى حُضن حلمٍ جديدْ
منَ الوهمِ خَــــــاليا ..
أملي الوحيدُ الذي لنْ يَموتْ أبدا..!
لقدْ شَيعتُ الليلةَ حُزني
إلى المَثــــوى الأخيرْ ....
فانظـــُـرْ إن كنتَ ترى
ما أجملَ السّكونَ الذي
يَكسرُ خِنَجرَ القــــنوط
بعدَ الرَّحِـــيلْ ...!
.
ليلى_السليطي/تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق