الجمعة، 27 يناير 2023

حنيني شائك ومتشعّب..مثل حزني تماما بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حنيني شائك ومتشعّب..مثل حزني تماما

مشتاق إلى ذوات كثيرة وأشياء شتى..
بي حنين عاصف إلى أمّي،تلك الشجرة الباسقة التي انتهت قبرا واجما،زاده البياض حيادا..
أين منّي وجه أمّي في مثل ليل كهذا..بسمتها العذبة..بسمتها الأصفى من الصفاء..عتابها لي آخر الليل حين أعود ثملا وقد شردتني أزقة المدينة..
أين منّي حضنها الدافئ وهي تهدهدني وأنا الطفل والشاب والكهل..
لم أعرف اليتم يوم غاص أبي الرحيم إلى التراب..
واليوم تشهد كائناتي وأشيائي أنّي اليتيم..شيخ تجاوز الستين بخمس عجاف..
ولكنّي أحتاج أمّي بكل ما في النّفس من شجن وحيرة وغضب عاصف..
أحتاجها لألعن في حضرة عينيها المفعمتين بالآسى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلّوا بظلّي عند لفح الهجير..
لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي..
واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي وحروف إسمي ..
آه أمّي كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟
حنيني شائك ومتشعّب مثل حزني تماما،وكياني مكتظّ بالوجوه والذوات..
لكم أتوق إلى عناق إبنة الجيران تلك التي تركتني نورسا للعناق الوجيع..
مازلت أذكر هودجها وقد مرّ بحذوي..أذكرها وهي تتهودج في غنج أمامي وقد عجز الشارع الفسيح على إحتضانها،أما عطرها فقد انتشر في خلايا جسدي وأنا الكهل الموغل في الألم والجالس أمام عتبات الرّوح في إنتظار الغروب العظيم..
أشتاق إليها الآن ..أشتاق إلى عينيها السوداوين المفعمتين بالجمال..
لقد ترنّحنا معا في حرائق الشتاء والصيف..
أين مني جسدان شرهان لشاب وفتاة..
أين من رأسي المتصدّعة خلوّ الذهن من كل همّ و إزدحام القلب بوجه فاتنتي البريئة من كل دم..
أين منّي هودجها العظيم في شارع طارق بن زياد..
خساراتي فادحة أيّها الزمن اللعين..
خساراتي مؤلمة أيتها الدنيا اللئيمة..
فقدت أبي ذات مساء قاتم..
توارت أمّي خلف الغيوم..
واختفت تلك التي آتتني من غربة الصحو،ألبستني وجعي ثم تلاشت في ازدحام الصباح..(يتبع)
محمد المحسن
Peut être une image de 1 personne


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق