الجمعة، 27 يناير 2023

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت (1) : كتابة عزيز مومني

 إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت (1) :

من الظواهر الاجتماعية التي أصبحت ملاحظة في مجتمعنا المغربي أن الكبر والغرور ،والتعالي على الغير غزا عقول، وقلوب كثيرا من ساكنة بعض المدن،والكثير من الناس رغم أن عملهم عادي و لا يكلفهم مجهودا فكريا وتخطيطا كبيرا يدعون أنهم مشغولين على الدوام،سبب ما نحن فيه من استكبار البعض وادعاء افضليته على غيره من لاشيء هو استئساد بعض الأنفس على أصحابها وتضخم الأنا عند البعض،ويدعو الدين الإسلامي معتنقيه إلى التواضع والأدب مع الآخرين واحترامهم،للأسف يصر البعض أن يتعالى على غيره بالنعم التي منحها له الله سبحانه وتعالى، وعوض شكرها يتخذها سلاحا لإذلال غيره،وما هذا شأن المؤمنين الصادقين المفتقرين إلى الله،المسلم الحق لا يتعالى على أحد بل يشارك السعادة التي يشعر بها مع الآخرين،ويدلهم بحاله قبل مقاله على طريق الحق والخير والهدى والنور،ويتقاسم معهم ما تعلمه وقرأه في الكتب التي يطلع عليها.
عندما تكون سيد نفسك أيها المسلم وتؤدي حقوق الله و
حقوق خلقه عليك،وتساعد خلق الله لحل مشاكلهم انطلاقا من عملك وتخصصك،وتدخل السرور على قلوبهم فأنت إنسان صالح، ولا يضيرك أن يتصيد الفاشلين عثراتك لأنهم لن يتركونك في حالك ما دمت تعطي بلا حساب وتبدع وتلمع،
فزد في فضائل نفسك وحقق نجاحات أخرى أكبر في حياتك لتسكتهم.
الناس الذين لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب متحيزون،وغير منصفين لأنهم يرون حسنات الآخرين رغم صغرها بعيني الكمال ،ويحرصون أن يكتمون حسناتك هذا بسبب الحول الذي يعانون منه لأن قيمة العدل والإنصاف غير حاضرة في عقولهم أثناء تقييمهم لأعمال الناس،من يعادي بعض الناس لحاجة في نفسه ويوالي من هم أقل منهم شأنا منحاز وظالم، وحكمه على الآخرين غير صائب لأنه تم وفق هواه،وليس وفق العدل والقسطاس الذين أمر الله بهما،وكل شخص قلبه مليء بالكراهية اتجاه بعض الناس دون غيرهم فذلك دليل أن صدره ليس سليما من الأحقاد.
المسلم الحق له وجه واحد ولا يتعلق بالأشخاص أنى كانوا بل عليه أن يتوكل على الحي الذي لا يموت،وعليه أن يتعلم على أعلى مستوى وأن يصاحب المتقين والصالحين والأبرار
،وأن يعرض عن الظلمة والمعتدين من الفجار والطالحين.
المسلم الحق يذكر ربه ويتوب إليه ويعبده ويستغفره كثيرا،
ويوالي الصادقين الذين لديهم وجه واحد،ويقطع صلته بكل المشبوهين الذين سمعتهم سيئة، ومن رأسمالهم الكذب والذين يغضبون الله باستمرار لأنه لا خير فيهم.
المسلم الحق عابد لله وليس عابثا همته عالية وطموحه كبيرا
، وهو مفناح للخير مغلاقا للشر ولا يخشى أحدا إلا الله،
يخطط لحاضر ومستقبل حياته،ويقوم بجهود كبيرة لنصرة الدين الإسلامي،ويتميز بسعة الإطلاع وصدره سليم وواسع،
ولا يحقد على أحد إلا من ظلمه وغدر به وتآمر عليه.
المسلم الحق مسؤول عن أفعاله وتصرفاته وسلوكاته،ولا يقبل من أي كان أن ينقص منه أو يهينه تحت أي ظرف ومن علا فالله أعلى وأجل،وهو رباني الغاية والوجهة ويعرف ربه و
يتقرب إليه بنوافل الصلاة والصيام والصدقة،ولا يتثاقل إلى الأرض ولا يستكين ،ولا يتذلل لمخلوق فقير مثله،ولا يطبل لا لزيد أو عبيد لأن ذلك منقصة ومذلة.
حياة المؤمن مليئة بالامتحانات وعليه أن ينجح فيها بتفضيل ما يحبه الله ورسوله على حساب ما تحبه نفسه والناس الآخرين، وعليه أن يقوم بأعمال صالحة كثيرة مخبوءة لا يعلمها إلا الله،وقوته في قراراته ومواقفه سبب احترام الناس له،ولا يجب أن يسكت عن قول الحق وتبيانه للناس،ومن صميم ثقته بنفسه أن يعبر عن قناعاته وأفكاره الخلاقة،وأن يكون موضوعي في كلامه ومتجرد من حظوظ نفسه، وسيسلم كلما دار حول الأفكار المبدعة والملهمة الراقية فقط، وتوقف عن الدوران حول الأحداث والأشخاص و
الأشياء لأن هذا شأن أصحاب العقول الكبيرة.
شيء جميل أن يملأ المسلم أوقات فراغه بقراءة كتب كثيرة في تخصص أو تخصصين يحبهما،وعليه أن يحرص كي يعيش حياته بتوازن،وينوع أنشطته الممارسة ويبتعد عن كل ما يقلل من قيمته،ويكون حازما وصارما مع أي شخص يستخف به أو يستغله قال الله تعالى:" ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" وقال أيضأ:"ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين".
لا تكن متاحا دائما أيها المسلم وأكثر من قول كلمة لا لترتاح، وتجاهل الفارغين ومن لا يريدون أن يسمعوا كلامك،ومن يصرون لحاجة في أنفسهم أن يرونك بعيني النقص ويروا غيرك بعيني الكمال.
لا تثق في أي شخص ليس بارا بوالديه ولا يقوم بواجباته وتارك للصلاة،وقوي صلتك بالله لتسعد واترك الخلق للخالق،ومطلوب منك أن تصلح نفسك فقط وليس مطلوبا منك هداية العالم.
إقطع صلتك بكل شخص يستفزك ولا يقوم بواجباته اتجاهك
،ولا يتعامل معك بأدب واحترام وإكبار ،واعتبر وجوده و
عدمه سواء،ليس مطلوبا منا أن نذل أنفسنا لأي مخلوق في الأرض تحت أي ظرف،والله سبحانه أكرم وأعز خلقه بطاعتهم له،وغالبا من لا يؤمنون بالغيب عقولهم قاصرة،وأهدافهم في الحياة ليست نبيلة فاحذر منهم وأبعدهم عنك.
الحياة كبيرة جدا وواسعة فلا تحزن واسعد واطمئن،وابتعد عن كل ما يكدر صفو حياتك،عش مسالما لا مستسلما نظف قلبك وماضيك،وتصالح مع ربك ثم تصالح مع نفسك وأدخل سلام كبير لها، وعندما تدخل جرعات روحية قوية إلى قلبك من خلال صلوات خاشعة في جوف الليل فستنعش قلبك،و
تحييه وستولد من جديد.
توقف عن القيام بجميع الأعمال التي لا تحبها،وقم بالأمور التي تميل و تطمئن إليها،احدف من الواقع والأنترنيت جميع الأشخاص الذين لايهتمون بك، والذين لا توجد على رأس قائمة إخوانهم الذين يسألون عنهم باستمرار.
سنعيش في هذه الدنيا مرة واحدة فقط فلنعشها على أحسن وجه وأنبل غاية،وعندما نقوي صلتنا بالله وننتقي الناس الذين نتعامل معهم بدقة شريطة أن يكونوا أوفياء متعلمين جدا،ومبدعين سنرتاح لأنهم سيكونوا مهذبي الألفاظ و
محترمين.
شيء جميل أن يحافظ المسلم على صحته،وأن يقطع صلته بكل شخص لايسمع كلامه ولا يحترمه،وكل شخص لا يؤدي حقوق الله فلن يؤدي حقوق خلقه.
أن تقرأ أمهات الكتب فذلك أفضل بكثير من الدخول في جدالات عقيمة مع أشخاص محدودي الثقافة والكبر يملأ أنفسهم،ليس مطلوبا منا أن نتعامل مع جميع الناس( كمشة ديال النحل احسن من شواري ديال الدبان) بل تعاملنا مع صفوة الناس يداوي جراح قلوبنا بحلو منطقهم.
قلة مخالطة الناس وتجنب فضول الكلام وفضول النظر ، وتركنا للأمور التي لا تعنينا سبيل اغتنام أوقاتنا،واستغلالها في المفيد من الأعمال الصالحة قال الله تعالى عن الناس :" إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا"..ومن لا يقوم بواجباته اتجاهنا لا حق له عندنا.
قال رجل لسفيان الثوري بأنه يشكو من مرض البعد عن الله فقال له : "عليك بعروق الإخلاص وورق الصبر وعصير التواضع، ضع ذلك في إناء التقوى وصب عليه ماء الخشية وأوقد عليه بنار الحزن وصفه بمصفاة المراقبة،وتناوله بكف الصدق واشربه من كأس الاستغفار وتمضمض بالورع،وأبعد نفسك عن الحرص والطمع وستشفى من مرضك بإذن الله.
لن تتغير حياتنا وواقعنا قبل أن نغير أنفسنا للأفضل،وذلك بمجاهدتها وتطهيرها من الذنوب،وتقوية علم التوحيد و
الإيمان في القلب سبيل القيام بالعمل الصالح مرة أخرى، قال أحمد الراشد :" إذا دخل النور والعرفان إلى القلب خرج منه الزور والبهتان"...
كتابة عزيز مومني عصر يوم الجمعة 27\1\2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق