............ شهرزاد ...........
شهرزاد ، صانعة الحكايا ، وقفت عند رأس الحكي وقد أضناها العيّ. ما عاد الخيال يجاريها ، ما عاد الحرف يطاوعها بعد أن رأت بأمّ عينها باحة الحلم تغرق في السّواد . بعد أن ابتلع القلم لسانه وما عاد يغريه المداد . شهرزاد ما اكتحلت مذ فقأ القهر عين الحقيقة .مذ باع الصّبح إشراقته وتخلّى الفجر عن بريقه .
شهرزاد الحكاية عنوان الصّمود من أجل الوضوح، من أجل الحرّيّة والأمان .كيف لها أن تخنق العتمة ، أن تغري الحكي كي يبوح .
تاه منها الحرف ذات حيرة ، أربكها طفيليّ مناور أطلّ مرتديا جبّة الحلّاج ولمّا تحدث سقط قناعه ، هزت الريح سواد جناحيه .شهقت شهرزاد ، تلمّست عصاها تروم هروبا . رمتها في البحر فما انفلق . هاج ، ماج وهو يحضن العاصفة .يا للطّوفان يبلع صبرها ، يا للعياء يقسم ظهرها .شهرزاد ما صرخت فقط لملمت شالها . خبّأت فيه تعويذة . عاندت الموج حدّ الغرق. ظلّت تكابر ضعفها تستدرج الصّوت من عمقها ، تسعى إلى احتضان الحوت القادم نحوها على مهل والريح تعوي. ما نسيت شهرزاد الحكاية ، ما نسيت عيون الأمل.
في بطن الحوت تدثّرت برؤاها . بخّرته بتعويذتها وبادرت بنداها .أفاقت على شاطئ من عجب والغاب قربها على دوحه يصدح الوقت ، يردد على مسامعها مأثور الطرب .
شهرزاد والشال بين يديها يمتد سهولا ، حقولا تسحر مقلتيها . يرن صدى في أذنيها :
هيّا ياذات البهاء أنيري الشّموع ليزهو السّمر . الحكاية ولهى وصوتك رنين عود أو عزف قيثار .
غني يا شهرزاد . عني كي تعمر الأرض ، كي يعود الفرح المسافر من جديد فيقهر لحن النّاي ويرسي بهاء النّهار .
تونس.... 25/ 9/ 2022
بقلمي ... جميلة بلطي عطوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق