الخميس، 25 أغسطس 2022

قراءة لسانية دلالية في قصيدة "انتظرتك ولم تأت" لللشاعر والسينمائي "حبيب بن مبارك" بقلم الأديبة حبيبة محرزي

قراءة لسانية دلالية في قصيدة "انتظرتك ولم تأت" لللشاعر والسينمائي "حبيب بن مبارك"

 وحدة واغتراب ام وجع تحت نير الغياب؟

قصيدة نثر قامت على الصراع بين النّقص وسدّ النّقص..بين الانتظار والغياب وما بينهما من معاناة ووجع ومكابدة..

عتبة العنوان اختزلت كلً القصيدة بالحضور والغياب .عنوان ورد نصا تامً الاركان باسلوب خبريّ مثبت بفاعل هو المتكلم الشاعر ومفعول به ضمير نصب خاطب "ك" مع استئناف لجملة خبرية منفية، مثّل النفي الباتّ فيها النقص الذي منه الشكوى والاسى. اي الغياب . فالقصيدة رسالة بعدية لحدث سابق .اذن هي نتيجة لحدث قادح "لم تات" جزم ونفي يثبت الجرم على المخاطبة.

القصيدة انبنت على مفارقة موجعة .زادها وجعا التاكيد على الزمان "الليل" صار الحاضنة المثلى والذي اعطى اشارة الانطلاق للتوجس :

أغشى الليل .اي بدا يحط فمفعول الزمان والظلمة هو الذي نبش المخاوف من" الغياب"

وأخشى أن لا تأتي...خشية وتخوف مشروع لان الشاعر سيمدد الزمن ويجعل محطاته المتغاقبة "

انتظرتك وقت السحر..الى هذا الحد المنتظرة هي الحبيبة الغائبة التي لا تاتي.

لكن المخاطبة ستعوض بطلوع القمر .يصير منتظرا وكانه في نفس مرتبة الحبيبة والانزياح في هذه الصورة تحدد ضمنيا كان الحبيبة صنو للقمر ، حضورها كحضوره بل قد يتزامن معها.

 المكان مقدر مفتوح يستشفه القارئ .فمتظر القمر حدث منفرد ليتجاوز الشاعر الجزء الى الكل "نيسان ".الغياب تجاوز الليلة الى الليالي استفهام انكاري .الطبيعة اكثر وفاء تحضر بانتظام لكن الغياب "أنت" عشوائي اخبار وتاكيد على النفي 

التكرار"انتظرتك "تعمد للتاكيد والاصرار على كم المعاناة والوجع الذي صور الخدث المتكرر ..انتظرتك في "محطة الذكريات"م اضافي المضاف فيه محطة اسم مكان يرتبط ارتباطا وثيقا بالانتظار والغياب لكن اضافتها الى" الذكريات", انزياح يستحضر الماضي. "وفي بهو الحنين" ضيق الحاضر والشعور بالاغتراب اضاء الماضي واكسبه اتساعا وانطلاقا وانفتاخا للحنين بهو لكن في الماضي الجميل ليحضر الزمن المحدد "

حين كنا نلتقي..حين ظرف حدد انقضاء كينونة حدث صيغة فعله مضارع استمر في الزمن الماضي "نلتقي" ديمومة زمن الوصال في الماضي.

واللقاء كانت له طقوس وتقديسات "شموع. وآلهة الحب وترانيل الكونيات" قداسة وسمو وخشوع في تناص مع ابي القاسم الشابي "صلوات في هيكل الحبّ"

لكن الاستئناف بجملة منفية "لم تات " اثبات وضبط حالة مستجدة وليدة زمن الحاضر المثلوم المنقوص . ليحصر للشاعر كل معاناته وانتظاره وهيبته ووحدته في "السراب" هو النظر والانتظار والعطش وانعدام الماء. وما حضور الحمام رمز السلام وتبادل الرسائل بين العاشقين والذي تغنى به الشعراء قديما وخديثا "لم يقل شيئا" انزياح وتشخيص للحمام بنفي القول عنه كناية عن "الغياب" غياب الوصل 

....حتى صار صوتي..حتى تفيد انتهاء الغاية الزمانية اي نقطة الوصول تحول "صار" ليتجانس الصوت مع الضجيج والزحام والضباب والصداع .تبعات النقص وغياب الحبيبة والذكريات اغرقت الشاعر في ضوضاء وصخب بدل الهدوؤ وانتظار القمر والشموع .

ليرخل الليل الحاضن للغياب ليكون المآل والقرار الحاضر الحدث المستمر المفروض فرضا:

"ها انا اغفو .. ليصير للنسيان هضابا وللامل مواقد .

لكن لا صدق ولا قرار ولا نسيان مادام ""غطائي صورة لايام مرّت" ليكون سقف الاماني والمنى و"ادماني " هي القفلة التي عصفت بكل قرارات النسيان والهجر لتصير الحبيبة ادمانا لن يبرأ ولن يتوقف ليبدا العد من جديد في ليلة اخرى قادمة لاحقة بانتظار وشكوى النقص ولوعة الغياب .

قصيدة كتبت بصدق عفوي وبوجع وجداني يطفو خد انتظار القمر ويخبو حد اتخاذ الغطاء من الذكريات.

حبيبة المحرزي 

تونس


إنتظرتك ولم تأت


أغشى الليل وأخشى أن لا تأتي...

إنتظرتك وقت السحر 

إنتظرت طلوع القمر 

فكيف لنيسان أن يأتي 

وأنت لم تأت..

إنتظرتك في محطة الذكريات 

وفي بهو الحنين

 إنتظرتك حين كنا نلتقي

 على شموع المنسيات..

 وٱلهة الحب..وتراتيل الكونيات..

 ولم تأت


كل الذي مر هذه الليلة لا شيء..

لا شيء غير السراب

وسرب من الحمام لم يقل شيئا..

إنتظرتك حتى صار صوتي 

ضجيجا في زحام الضباب 

وصداعا في سماء الغياب

رحل الليل ولم تأت

وها أنا أغفو على هضاب النسيان

ومواقد الأمل

وغطائي صورة لأيام مرت

وسقف الأماني وبالمنى أنت إدماني

  

                                 حبيب بن مبارك




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق