الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

قراءة في قصيدة كبرياء امراة للشاعر العراقي المغترب ضياء تريكو صكر بقلم الكاتبة منيرة الحاج يوسف /تونس

 كبرياء امرأة

---------- ضياء تريكو صكر
****************************************************************
ليسَ الأذى مِـــنْ بعضِــــــهِ أنّاتي
-------------------------- ومِنَ السَّــقامِ تراكمت آهـاتي
يا مَنْ حسبتَ الحِـلمَ ضعـفاً أنني
-------------------------- كنتُ ازدرَدْتُ الدَّمعَ والعَبَراتِ
أبتِ الكُـلومُ بلجـمِ لسْـنيَ بلسـماً
-------------------------- لبّيكَ صَمتي، ســـيّدَ الكلمـاتِ
إلاّهُ شـــرعـكَ لمْ يكُـنْ لي ظالمٌ
-------------------------- أفلا كفتكَ العاتيـــاتُ بذَاتي ؟
كم ضامني سـُمْتُ الملامةَ نشزَها
------------------------- سلَفَ الظلامُ وقد تداعى الآتي
فهلِ الكوالـحُ مـا فتئتُ ألومُهــا؟
------------------------- أمْ هلْ أعاتبُ بيضَها صَفحاتي؟
متشـدّقاً بالحبِّ خســفاً ســامني
-------------------------- ليلٌ قســـا وغياهبُ الظُلُماتِ
حـبٌّ، وإنْ نزَقاً، حســـــبتَهُ غايةً،
------------------------- والجرحُ بي، ما عـادَ مِنْ غاياتي
ما كانَ في الحُبِّ امتهانٌ سـيّدي
------------------------- وخطوطيَ الحمراءُ مِن حُرُماتي
عَـزَّ الكلامُ إذا الكـرامــــةُ كـابرت
------------------------- والكبرياءُ أطــــالَ في مأســاتي
لا تأتِ بالأعــــذارِ فاتَ أوانُهـــــا
------------------------- أحـرى بكَ التقبيلُ عندَ رفـاتي
ويحي أنا، كَـلْمـاً تئنُ مشـــاعري
------------------------- خَـنَّتْ تناغـي لوعـــةَ الويـلاتِ
إنّي ســـــــــألتُ اللهَ صَـبراً مَلّني
------------------------- حتى غـدا في الذِّكـْرِ كلَّ صلاتي
قدْ ينفـعُ التذكيــرُ أني حـــــــرّةٌ
------------------------- تبت رَحــا الأعـرافِ والعـــاداتِ
والحِــلمُ وِردي والوفـــاءُ منابتي
-------------------------- والنضـجُ ربوتُهــا، عَلت آياتـي
قراءة في قصيدة كبرياء امراة للشاعر العراقي المغترب ضياء تريكو صكر
بقلم منيرة الحاج يوسف /تونس
ليس سهلا أن يخلع الشرقي عباءة أنانيته وسطوته الذكورية، وليس سهلا أن يتمثل أنات الأنثى لأنه دأب منذ عصور على التطاوس والاستقواء بما منحه المجتمع من سلطات يهيمن بها على كل شيء حتى القلوب
ولكن الشاعر في قصيدته يفاجئنا، ويحيد عن المألوف إذ يرتدي بجرأة عاطفية لافتة معطف الحس الأنثوي الدافئ ليصور ما يجيش بقلب عاشقة من مشاعر متضاربة إذيستبطن دواخلها ليكشف جحيم عذابها حينا وبرد يقينها حينا آخر لأن العشق مهما نبت بين ضلوعها وأشعل نيران وجدها لا يأتي على كرامتها وكبريائها بل يزيدها نضجا وإصرارا على الإيمان بذاتها فلئن كان الحب قدرا لا يختار القلب الذي يستقر به فإن النضج ممارسة واعية وإن كانت مؤلمة ولعل أسلوب النداء يكشف البون الشاسع بين المنادي الذي لا يخرج عن دائرة الظن والوهم والمنادى وهي الأنثى القوية الصبورة الواعية بقيمة الصمت متى أصبح الكلام ثرثرة لا طائل من ورائها. فالصمت في حرم الجمال جمال يزين الأنثى ولا يعيبها إذ تحوله لغة فريدة تتفوق في معانيها على كل الكلام وهل أجمل من لغة العيون لغة بين العشاق متى تكافأت العاطفة ؟
نوع الشاعر أساليب القول على لسان الأنثى فراوح بين الخبر والإنشاء وتواتر الإثبات والنفي وتكرر الاستفهام وتوفر النهي وتزينت الابيات بأحلى الصور الشعرية التي أفصحت بحق عن كبرياء الأنثى وشموخها وهي تنأى بنفسها عن كل ما يذلها أو يحط من شأنها ولو كان حبا مغروسا كالخنجر في أبهرها أوحبيبا متشدقا بالحب مجانبا لعمق معانيه وقداسة مضمونه
إذ تواجهه في عنفوان لافت قسوته وصدمتها فيه وتلوذ إلى محراب دعائها كلما أوجعتها الويلات وتأذت مشاعرها.
برع الشاعر في تقمص شخصية المرأة العاشقة التي لايذلها عشقها بل يرفعها إلى درجات عُلى من النضج والوعي لتتجاوز جروح قلبها وتجتاز ما عبدته لها العادات والأعراف بتحد ولامبلاة كبيرين رغم شروخ العاطفة وقروح العشق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق