الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

قراءة في جماليات الصورة الشعرية، في القصيدة العربية القديمة. كتبها الشاعر الناقد/ سامي ناصف

 مقال رقم ٢

حول دور الصور الشعرية في النص الأدبي.
موضوع المقال (قراءة في جماليات الصورة الشعرية، في القصيدة العربية القديمة.
يكتبها الشاعر الناقد /سامي ناصف.
...........
من المعلوم أن الصورة الشعرية، من أهم أدوات التشكيل الشعري، التي أُعْجِبَ بها، علماء، علوم اللغة العربية في القديم، وصاغتها الدراسات اللسانية الحديثة، في نفس الاتجاه، والتي تكشف عن ذوق رفيع، عند شعراء القصيدة العربية القديمة، عند تعاملهم مع هذه، الألوان البيانية دون تكلف أو افتعال، وتشف عن مدا ارتابطهم بنفسية الشاعر المنصهر مع تجربته الشعرية التي خطّت ورسمت وجها من وجوه المعاناة التي تسيطر على المبدع.
ومن المعلوم أن للشعر جمالياته التي تختلف عن النثر وما بين العاطفة، في انطلاقها والفكر في تحديده هنا ليبرز دور المبدع في ضبط تجربته الشعرية، لخلق حالة من توازن، بين الإدراك الشعوري لعالم التجربة الشعرية وللعالم المحيط بها مع قدرة عالية في توازن الصورة الشعرية في وحدة ، تجمع بين نقيضين رئيسيين، ونقائض فرعية تصب كل منها في واحدة من منبعها، دون أن يظهر شيء في تنافر ونشوز في الصورة نفسها.
وما يشغلنا في هذا المقال، هو طبيعة الصورة الشعرية في القصيدة العربية القديمة، ونضرب مثالا على جزء من قصيدة- كعب بن زهير بن أبي سُلمى- وهي اعتذارية في حق الإسلام والنبي-صلى الله عليه وسلم-والتي مطلعها
أنست سعاد بألرض لا يبلِّغُها.. إلا العتاق النجيبات المراسيل.
ولن يبلِّغَها إلا عُذافِرة... فيها على الأين إرقال وتبغيل.
يسعى الوشاة بجنبيها وقولهم... إنك يابن أبي سُلمى لمقتول.
إلى أن وصل بقوله:
أنبئت أن رسول الله أوعدني.. والعفو عند رسول الله مأمول.
مهلا هداك الذي أعطاك.... نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل.،
لا تأخذَنِّي بأقوال الوشاة... ولم أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل.
هيا نتحقق من مصدر القيمة الجمالية للصورة الشعرية، فإذا قلنا: إن تكوين الصورة الجمالية هو نتاج اجتماع عنصرين نقيضيين، الحركة، والسكون، أو الكتلة والفراغ.
أو عنصرين متماثلين ومتباينيين في آن واحد.
ولو اتخذنا من عنصري الحركة والسكون في هذه القصيدة ركيزة لتكوين الصورة الجمالية، فإن حركة الصورة الصوتية وسكونها، والتأثير الجمالي لاجتماعهما، في وحدة الصورة الشعرية، ينتجان القيمة الجمالية فيها، فهي مُحركة للصورة وتأثيرها على مكونها، في قوله:(يسعى الوشاة بجنبيها وقولهم) فتتمثل الحركة في موضوع القول لمصير يراه الوشاة والذي سيذهب إليه الشاعر، من خلال قوله:(إنك يابن أبي سُلمى لمقتول)
وكذلك تتمثل جمال الصورة الحركية من خلال هذا التعبير في قوله:(إلا العتاق النجيبات المراسيل)
لن تُؤدي هذه الحركة الفاعلة إلا من خلال (نُوق) سريعة في السير ويزيد في الحركة، من خلال وصف(سفينفة الصحراء)-الجَمَل-في قوله:ولن يبلغها إلا عُذافرة...فيها على الأين إرقال وتبليغ ، فهي- نوق- عذافرة، أي شديدة أمينة، وزَوّد حركتها بقولة (إرقال) أي سريعة، ثم منحها سرعة أكثر بقوله (وتبغيل) أي تحدث خطوات واسعة في المسير لتتحقق سرعة الحركة الدائرة داخل ما يعتلج الشاعر.
أما حالة السكون والخشوع والخضوع نتلمسها في جثوه على عقبيه أمام- الرسول، صلى الله عليه وسلم-وآنس بذلكم السكون في قوله:
أنبئت أن رسول الله أوعدني... والعفو عند رسول الله مأمول. فاختار الشاعر لهذه اللحظة المفردات والتراكيب التي تتناغم والحالة السكونية المناسبة للحظة الطمع في العفو عنه.
وإن كانت الصورة الجمالية ، تتكون من عنصرين نقيضين: الحركة، والسكون، داخل الصورة، لكن لابد أن يجمعهم تَكْوين فني ما، وتكشف منها عنصرا، وهو عنصر الحركة الذي يستدعي علينا البحث عن عنصر النقيض له في ذلك التكوين الأسلوبي الذي ضمهما في الصورة الشعرية لنرى تواجد الفعل مع تنوع الفاعل، بين الشاعر، والوشاة، والناقة، ولحظة العفو عليه من النبي، فضلا عن مراحل السرد الشعري.
للمقال بقية.
كتبها الشاعر الناقد/ سامي ناصف
Peut être une image de 1 personne, barbe, lunettes_soleil et ciel

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق