الاثنين، 26 يوليو 2021

حين يتوهّج الشعر في وجدان الشاعرة التونسية القديرة منجية حاجي (تقديم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن)

 حين يتوهّج الشعر في وجدان الشاعرة التونسية القديرة منجية حاجي

(تقديم محمد المحسن)
لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ جل قصائد الشاعرة التونسية المتميزة منجية حاجي،سجل متنوّع من المضامين تتراوح بين استحضار الطفولة واستلهام النضال الوطني مع تغنّ بقيم العدل والكرامة والحرية،مما يؤكّد أنّ الشعرَ لديها رسالة سامية وشهادة من أجل حياة جميلة،قائمة على الحرية والعدالة والمحبة.
هذا مدخل للولوج إلى فضاء يعبق بعطر الشعر..شعر منجية حاجي التي أذهلتني مرارا قصائدها العذبة على غرار القصيدة التي وافتني بها منذ حين وهي بالعامية المستساغة،وقد كتبتها -على حد قولها منذ أسبوع-ولكأني بها تتنبأ بحصول حدث جلل..
ختاما،وفي محاولة لتوصيف أو وضع سمات محددة لنصوص الشاعرة التونسية القديرة منجية حاجي،يمكننا القول بأنها تكتب ما يجثم على صدرها من كوابيس ليلية ومكبوتات نهارية ولا تضع القارئ في أجندة حساباتها عند الكتابة،ولا ترى أن الشعر له من القداسة ما تجعل الشاعر فوقيّ وعلى القارئ أن يمر بمعاناة كالتي عاشها الشاعر للوصول إلى المعنى،وإذا كان (الشعر قد تفصّد وتبعثر في كلّ الفنون،فنجده في السرد،ونجده في السينما،ونجده في الفوتوغرافيا،كما نجده في المسرح؛بمعنى أنّه حتى وإن كان يوجد نصّ شعريّ محض إلا أن الشعريّة موجودة في كلّ الفنون والألوان بنسب مختلفة) وقد لاحظنا في نصوص -منجيةحاجي- دفقات شعرية في ثنايا السرد وهي نفسها لا تدري أيهما يطغى على الآخر عند لحظة الكتابة.
كما تجدر الإشارة فى هذا السياق إلى أن اختيار العامية لغة للإبداع الشعرى أمر لا علاقة له مطلقا بالسوقية والابتذال والتدنى الفنى،فكما يقول «باختين»: إنه «من الواضح أن اللهجات بدخولها إلى الأدب ومساهمتها فى لغته،تفقد صفة كونها أنساقا اجتماعية لسانية مغلقة.
إنها تتشوه،وحاصل الكلام فإنها تكف عن أن تكون ما كانت عليه بصفتها لهجات»،حيث تكتسى العامية فى إطارها الشعرى ثوبا جديدا يكون بالتأكيد أبهى من أثواب الفصحى إذا كان الشاعر العامى أكبر موهبة من الشاعر الفصيح.
لنستمتع معا بالقصيدة التالية التي جاءت بالعامية التونسية وأبدعت الشاعرة في تحريك أجراسها الموسيقية فتكامل المبنى مع المعنى :
أيا..تونس
يا تونس
الفولة خرّبها السّوس
والشّعب معلابالوش
في الدار الكبيرة
كل واحد فارش حصيرة
العركة ولاّت اِحْوِمْ
و التّشفير بالصّباط
كانت تشخرْ
زادت...... "بـَـــفْ"
الحرّة تأكل في الكَفْ
والصناديدْ ضاربين الصَّفْ
هذه تونس ياوخيّاني
وإلا أنا غالط في العنوان
ياوعد الله عليها الخضراء
بين البلدان طاحت قيمتها
كانت
عروسة في الجحفة
كفوفها مخضبة في الحنة
صارت مضغة في الأفَّامْ
وتتراقص عليها الثيران
وينك
ياعود الزان لعبت بيه الفرسان
يا صنديــد .. الصناديدْ
ياماسك قبضة الحديد
طل عليها آش صاير فيها
سرّاقها ولو حكام
ارجالها ماتو بالغدرة
وكراسيها شادتها القدرة
يا تونس يا جبل العالي
نطلع لراسك وانهدو
ها الطوفان اش يردّو
يا تونس يا شارع بورقيبة
بحوافر الحمير صَارْ اِدريبة
من بعد الهمّة
ومعادش فمة تدبير
يبس فيك المشموم
و بلاصتو نبْتِتْ الثّومْ
يا ربي يا مجلّي الهموم
لا تخلي غمّة على أمّة
اللقمة مرارت في الفم
والرّضيع منها شاب
منجية حاجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق