الخميس، 22 يوليو 2021

قراءة بعنوان: (ملاءمة القالب للموضوع)، في القصّة القصيرة (خيانة)، للأديب بشير حمد من سوريا، بقلم الناقدة سهيلة حماد.

 قراءة بعنوان: (ملاءمة القالب للموضوع)، في القصّة القصيرة (خيانة)، للأديب بشير حمد من سوريا، بقلم سهيلة حماد.

=========
=============
قصة قصيرة
خيانة.. قصة قصيرة. بقلم: بشير حمد/ سوريا.
برد آخر الليل ينخر عظامه، وعضلات فكه السفلى تتقلص، ورغم ذلك ظلّ واقفاً في مكانه وعيناه معلّقتان بتلك النافذة التي ينبعث منها ضوء خافت يشبه ضوء الشموع في ليلة الميلاد...
نافذةٌ تُطلّ على شرفة صغيرة في الطابق الأول، رأى تلك الملابس المعلقة على الحبل الممتد من أول الشرفة إلى آخرها، إنها لطفل صغير وامرأة ممشوقة القد! حنّ قلبه لتلك الأيام التي نعم فيها بدفء الحب وعاطفة الأبوة! الحب والبرد لا يجتمعان، لا بدّ له من مخرج ما ينهي عذابه، سمع نباح كلاب تقتتل على جيفة رُميت على مزبلة قريبة، لا بد أنه واحد منهم، تلمس السكين التي خبأها تحت ملابسه، أخرجها بدت تحت ضوء القمر لامعة واضحة كوضوح الخيانة في عينيها، المسألة بسيطة طعنة أو طعنتان وينتهي الأمر، الآن سيكون قد صعد تحت الظلام المخيِّم درجات السلم، وسيقرع الباب بخفة وسينفتح الباب، يستقبله هواء دافئء وسيشبع من نهديها، سكتت الكلاب عن النباح يبدو أنها قسمت الجيفة بينها، أو أن كلباً استأثر بخداعه عليها! نظر إلى السماء كان القمر يقطع الغيوم المتفرقة على صفحة السماء.
أنا مريض.
لا لست مريضاً.
المصباح المتدلي من سقف الشرفة يتأرجح كلما هبت نسمة فتتحرك الأخيلة في رأسه! انطفأ المصباح تحرك ببطء وحذر وهو يصعد درجات السلم المظلم، قطة أمام الباب شديدة السواد تبرق عيناها، السكين في يده يكاد يهرس مقبضها في يده، حاول أن ينزوي عنها لكنها قفزت في وجهه،! تلفت كانت زوجته تنام إلى جواره والطفل يبكي لا بدّ أنه جائع…
=========
============
القراءة:
العنوان: ملاءمة القالب للموضوع
قصّة استطاع صاحبها أن ينتزعنا من واقعنا لنركض خلفه لاهثين خائفين نرتعد لنكتشف في لحظة أنّه كان مجرّد كابوس...
قصّة استجابت لكلّ مقوّمات القصّة القصيرة، من قواعد كوحدة الحدث والتّكثيف والصّراع والتّشويق الذي خدم الحبكة بشكل جعلنا نعتقد فعلا أنّنا في الواقع، غير أنّ الخاتمة خيبت آفاقنا محدثة الصّدمة التي علّت في نسق الدّهشة لدينا..
هذا التّوفيق مأتاه تخمُّر الفكرة وحسن التّخطيط، ومنهجيّة العرض وتمكّنه من توظيف لغة بسيطة أدّت الغرض بشكل حرفي، قد يبدو سهلا، ولكنّه يصعب على غيره غزله بتلك الجودة.
الحوار كان عبارة عن مونولوج، أبرز حدّة الصّراع، الذي يعكس حميّة الشّرقي، ونزعة الثّأر لوأد العار النّاجم عن الشّكّ والخيانة ....
أمّا الوصف فقد ساعد في نقل المتلقي إلى بيئة القصّة، جاعلا من الكلاب رافدا دالّا على الخساسة من خلال ملفوظ تقتتل الذي يلتئم مع واقع قصّة الحال، والسّكين اللّامعة، وطعنة وطعنتان، ومع عنوان النّص الذي كشف عن محتواه، وتضارب مع الخاتمة...
أمّا عن الزّمن فقد كان بطلا متعدد الخصائص والوظائف، فهو النّباح وهو بكاء الطّفل، وهو اللّيل وفصل الشّتاء، ومن خلال استحضاره "لضوء القمر" فهو نصف الشّهر القمري، وهو الأمسُ البعيد استرجاعا، وهو الآن الحلم، وهو الآن العلم والواقع والوقْع والتوقّع، وخفقان قلب المتلقي، لحظة القراءة وكسر أفقه بالنّهاية، والحقيقة والكابوس، والفرج والانفراج، والعقدة والدّهشة... فهو الكلّ في واحد، ما جعل للقصّة إيقاعا كإيقاع موسيقى الأفلام البوليسيّة، محاط بهالة من الأضواء، قمر ومصباح، وبريق عيني زوجته الخائنة، وبريق عيني قطّة سوداء، وبريق سكّين وظلام حالك، وضوء منبعث من نافذة وصمت ووقوف وبطء حركة وصعود...
المكان، حارة ومزبلة وسرير وغرفة نوم...
الشّخوص، بطل والزّوجة الخائنة والشّريفة والابن الباكي والعشيق السّاكن في المخيّلّة الحاضر بالغياب...
وهكذا يتبيّن لنا نجاح الكاتب في حسن اختيار قالب موضوعه الذي تلاءم كمّا وكيفا مع جنس القصّة القصيرة، ساعده التّكثيف في بثّ الروح في نصّه في سلاسة مطلقة كما كان للصّورة الشّعرية حضورا زادت الفكرة ألقا...
هذا لا يجعلنا نغفل على زوايا التقاط المشهد، ووضعة عدسة المخرج المتحرّكة بانوراميّة الأبعاد، إضافة إلى تحكمه بالإضاءة والظلام إلى جانب تلاعبه بزومها بمساعدة النّسمة التي هبت معها الأخيلة زادها براع إبداع هندسة الصّوت رونقا كل هذا أنتج أفعالا وانزياحات حرّكت الصّورة محدثة مشهديّة سينمائيّة لتشدّ الرائي وتبهره أبرزت مرة أخرى تفوق اللّغة على ريشة الرّسام روحا حركة و إيقاعا...
سهيلة بن حسين حرم حماد
الزهراء تونس في: 13/07/2021
Peut être une image de 1 personne, foulard, lunettes et texte qui dit ’Souheyla Hammed’

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق