الثلاثاء، 1 يونيو 2021

مِرْآة الحَيَاة/عزالدين الهمامي تونس /جريدة الوجدان الثقافية


 مِرْآة الحَيَاة

*****
كَأننَا خُلِقنَا لِنَبكِي أشيَائنَا الجَمِيلة بَعدَمَا نُطِيلُ النَّظرَ فِي مِرْآةِ الحَيَاةِ التِي تُسَافِرُ بِنَا مَا بَينَ ثَنَايَا الأيَّام فِي رُبُوعِ وَطنِي الغالِي حَيثُ تُدْخِلنَا أغْنَى القُصُور فنَتكِئ عَلى أرَائِكَ مُرِيحَة لِأجسَادِنَا ومَــا دُونَهَا وَتُجَالِسُنَا عَلى فِرَاشِ أفقَرِ الأكوَاخ فَتَرتَاحُ أرْوَاحُنَا حَتى نَسْتَمْتِعَ بِهَذيَانِ العُشَّاق، وكَذلِكَ نُجَالِسُ وَنَسْتَمِعُ جَيّدًا لِمَنطِق الفَلاسِفَة وَالمُثقفِين، فَتَكثرُ تَجَارِبَ النّجَاح وَالفَشَلِ، ونَعِيشُ الفَقرَ، وكَذلِكَ الغِنَى..
ونَحنُ نَرُومُ أنْ يُولدَ الوُجُودُ مِن جَدِيد وَتكبُرُ المِرْآة حَتَى نَرَى وَجْهَ الأيَّامِ الجَمِيلةِ تَخُطهَا يَدُ القدَر بِمَلامِح آمَالٍ و أحْلامٍ مُتَجَدّدَة كَتَجَدّدِ الصَّبَاحَاتِ المُشرِقة ، ومَا فِيهَا مِن أحْلامٍ ولكِنّنَا قَدْ نُصْدَمُ حِينَ تَكُونُ مُتَجَعّدَةٍ نَتِيجَة مَا مَرَّ وَيَمُرُّ مِن سِنِينَ شَاحِبَةٍ، سِنِين عِجَاف رَسَمَهَا هَذا الوُجُودُ فِي لائِحَة مِنَ المَمْنُوعَات الكبِيرَة وَنِقاطهَا الكثِيرَة المَمْلوءَة بِالصّرَاعَات وَالنِزَاعَات حَد القِتَال و رُبّما الاقتِتَال المَفرُوض مِنْ كَثرَةِ التنَاقضَاتِ والتي قد تَجْعَلُ الأبْكمَ يَنطِقُ ..
وَبِرَغمِ هَذا وَذَاك فِإنَّ أرْوَاحنَا تَرَبَّتْ عَلى حُبِّ الوَطن حَتَّى أصْبَحنَا مُطَالبُونَ بِكلِّ نِسْمَةِ هَوَاءٍ أوْ قَطْرَةِ مَاءٍ تَسَللتْ إلى خَلايَا أجْسَادِنَا، بِرَغمِ كثرَة اللصُوصِ والمُنَافِقِينَ الذِينَ يَظهَرُونَ عَلى حِسَابِ المَسَاكِين وَيَتَكلمُونَ كَذِبًا بِألسِنَةِ الكَادِحِين وَالذِينَ عَايَشُوا الانْكِسَار بِكل أشكَالِهِ وَقَد يُعَمّرُ بِالأعْمَاقِ وَكَأنَّهُ مِن أسَاطِيرِ الأوَّلِينَ كَالجُرحِ الذِي لا يَندَمِلُ أبَدًا..
إنَّ الحَيَاة عِبَارَة عَن رِحْلةٍ مَنَحَهَا اللهُ لِلإنسَان لِكَي يَتَنعَّمَ بِهَا وَيَتَمَتع مِنْ خَيرَاتِهَا، وَلكِن بِالقَوَانِين التِي تَنفَعُ البِلادَ وَالعِبَاد وَلا بِتِلكَ القوَانِين التِي يَخُطّهَا القوِي لِتَكُونَ عَلى مَقَاسِهِ ومَقاس مَصَالِحِهِ وَمَصَالِحَ مَن أعْطاهُم الأوَامِرَ، فَتَكُونُ قوَانِين حُبّ لِمُسْتَقرّهِ وَلِمَوطِنَ أهْلِهِ ...
ولِأنَّ الأمْن والأمَان مَطلَبٌ تَصْغُرُ دُونَهُ كَثِيرٌ مِنَ المَطَالِب، وَتَهُونُ لِأجْلِهِ كَثِيرٌ مِنَ المَتَاعِب، وَهُو مِنَّةٌ وَمِنْحَةٌ مِن اللهِ عز و جل ...
-----------
عزالدين الهمامي
بوكريم – تونس
02/06/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق