الاثنين، 17 مايو 2021

الجزء الثالث : مدلينــــــا الاخــري .. بقلم فتحي عبد العزيز

 رواية من أربعة أجزاء :

الجزء الثالث :
مدلينــــــا الاخــري ..
وأفترقنا على ذلك ..
" الى الرائع نادر خضر فى علياءه "
" لا احد بمقدوره أن يفعل ما أفكر به سواي،
سوف لن اطلب من امراة ما، سواء كانت هي أو سواها أن تضطرني للاحساس بالسعادة كما يرغب البعض،
سأكون المبادر الوحيد لإقامة احتفاءها بي منكسرا، كما أي شيء على حجرها،
انا ابنها البار، انا فلذة نهارها، حين أقوم يقوم معي النور،
وحين اقعد لا أدعو سواها ينهضني من سباتي ،فعلى يديها أقمت ما أسميه التيه، تلك الاسراب من المدن،
هل ساتمكن من محو فجيعة ما يرى المارة بي من خسائر؟ يقول الواقف --كما أراه --جنب تلكم الشجرة:
الجائز من الأفعال إيهام "
الشاعر " حميد حسن جعفر "
"ـ ابعث بالفاتورة.
ـ لمن ؟ لك أم للبلدة ؟
لم ينظر إليه العمدة. أغلق الباب وراءه وهو يقول:
ـ لا فرق .
ماركيزـ Márquez
.
" كي شبر.. نج شبر" الرعب الاحمر والرعب الابيض ..
أما حظر التجوال فقد كان سارئ المفعول بأسلوب ناعم لحفظ النظام والأمن , من الساعة السادسة مساء للسادسة صباحا بأستثناء بعض مناطق الفنادق السياحية الفخيمة المتمرسة , وسط البلد التى تتكيف بحكمة وسلاسة تامة مع كل هذة الظروف والمستجدات الغيرمؤاتية , سيما الاجراءات الاستثنائية ألاحترازية الخفية , لتنظيف العاصمة من عناصر حركة ماسون التفجيرية المضادة بقيادة هيلوا فدا المسالم ,والذى يعيش فى المنفى الاختيارى بباريس , بينما الجناح العسكرى للحركة ينشط ويعيس حربا شعواء لاهوادة فيها ويعمل تحت الارض , خصوصا داخل العاصمة أديس أببا وخارجها مستهدفا بقسوة وتشفي على وجة الخصوص رؤساء الاحياء والمجالس الشعبية الجدد , والمعروفين أصطلاحيا باسم " الكبلي " المنتخبين أو الذين يتم تعينهم من قبل السلطة الحاكمة " الدرك " , للمساعدة فى توفير المعلومات والدعم العملياتي الميداني لقوى الامن الداخلي , للقبض والقضاء على المتمردين المناوئين ولمواجهة تحديدا هجمات ما يعرف أو يطلق علية يومها أو حينها بالرعب الابيض " نج شبر " , والذى يواجه من مجلس الدرق العسكري الحاكم والقابض على السلطة بالرعب الاحمر القاني " كي شبر ", والتى مازالت أثارة متواصلة وتشاهد من نوافذ الحافلة التى تشق طريقها وسط البلد والطرق الجانبية , أذ نري بأم أعيننا العشرات بل المئات من النساء والفتيات الصبايا الأرامل حليقات شعر رؤوسهن عن أخرها وتماما , خزنا وحدادا علي أزواجهن وأخوانهن أوأحبابهم الموتي والمفقودين , ويتشحن بالسواد الكامل حتى أخمص أرجلهن كعادة وأرث آخر أثيوبي قديم , والذين ماتوا وأستشهدوا خلال مواجهات الشوارع أوعلى الحدود والجبهات المختلفة المشتعلة للدفاع عن حياض الوطن , وفى اكثرالسنوات دموية وقسوة أعادة أثيوبيا بالكامل الى مئات السنين الي الوراء , وتلك الحروب التى كانت تدور سجالا بين القبائل الاثيوبية وبعضهم البعض ومنذ بدايات تاريخها الاول القديم , فالبراكين السياسية والحروب عادة لا تهدأ أبدا فى اثيوبيا كما يقول صديقنا الصحفي الالماني " ميلر "الا بالديمقراطية والسياسة فلا مجال هنا أبدا لمنتصر أو منهزم
شرارة البركان ..
بينما كانت أيام الاحتفالات تسيرعلى قدم وساق وبيسر وسلام داخل العاصمة كان خارج العاصمة وضواحيها, شىء آخرمختلف تماما وفظيع فالعسكرية قد جن جنونها أنها صراحة بحاجة الى شرارة لتفجير البركان .. , فطبول الحرب مازالت تقرع فى حماسيات ونداءات للدفاع على حياض الوطن تسير وكما هو مخطط لها , بحشود ضخمة من المجندين من الشباب والطلاب وأرتال من الشاحنات المحملة بالجنود والفلاحين القرويون , فى شكل موجات بشرية كانت تتدافع شمالافتعدد أثيوبيا يومها كان يفوق الثمانين مليونا نسمة أويزيد , ثم ولتنتقل الة الحرب والدمار وحركة الجنود والقوات من الشرق لتحقيق نصرا حاسم وأخير لم يتم بعد , فى الشمال على التقراي والاريتريين وباستخدام موجات من مليشيا الفلاحين , ليعقبة زحف فرق من الجيش الاثيوبى النظامي موزعة كما جاء بالصحف ذاك الصباح الباكر كلاتي , " الفرقة 501 للزحف بأتجاة تسني وعلى قدر والحدود السودانية والفرقة502 بأتجاة بارنتو كرن والفرقة 503 بأتجاة أقلاقوزاى وعدي قيح ثم الفرقة 503 و504 بأتجاة حريقريقوا وعدى خالا مصوع ومديريات سراي وحماسين ونكفا , أما الجيش الاول فهو يقاوم وهو محاصر باكملة داخل أسمرا العاصمة الثانية , باتجاه جبال نكفا والثوار الاريترين يقاومون بشراسة منقطعة النظيرة ويموتون بالمئات , بحماس أزهل القوات الاثيوبية والخبراء والمستشارين الاجانب مجازفين بأنفسهم للتشبث والسيطرة على الاراضي والمنحدرات الجبلية , التى تطل مباشرة على العاصمة أسمرا وهم لايبالون بقصف الطائرات والبرمائيات وسفن الأسطول , ويسيطرون غملياتيا على 80% من الاراضى والأرياف الاريترية , أما قوات الحكومة الاثيوبية فنجدها تقاوم وهى محاصرة بالكامل فى أسمرا وميناء عصب ومدينة بارنتو علي الحدود السودانبة , أما صديقي وزميلي بالمدرسة الأولية الذى أنتقل للمدرسة الانجيليكانية بالقضارف وحالفة الحظ بالالتحاق بجامعة أديس اببا , وتخرج منها ليعمل كضابط بسلاح الهندسة الاثيوبي فهو الان محاصر تماما وللعام الخامس على التالي , بمدينة بارنتو نفسها التى سوف نقوم بالطبع بزيارتها , وكانت العادة التى درج عليها منقستو دائما وقبل وبعد الاحتفالات بأعياد الثورة بان يسافر كتقليد عسكرى فى اثيوبيا , للتطواف فى زيارات فجائية خاطفة لكل الجبهات والحاميات العسكرية فى المدن المحاصرة , وليقوى من عزيمة الجنود حتى لايستسلموا أو ينهزموا أو يلجوا الى السودان البلد المجاور , كما فعلها الكثير من الضباط والجنود الاثيوبيون فى قرورة وغيرها من مدن وقري حدودية سودانية مجاورة , كنا بالطبع قد زرنا وفى معية الوفود الصديقة مدينة أسمرا العاصمة الثانية كجزء هام من برنامج الاحتفال الكبير , حيث ترابط بصورة دائمة الفرقة الاولى للجيش الاثيوبي الرئيسة ثم ميناء مصوع المجاور والهام جدا فى حركة الوارد والصادر من والى خارج اثيوبيا , وكذلك زيارة جزيرة دهلك حيث القاعدة البحرية والجوية الضخمة , أما عند دعوة الوفود لزيارة مدينة بارنتو المحاصرة ولمدة خمسة سنوات تقريبا , فقد أعتزرت الكثير من الوفود من المجازفة بزيارتها , الا عدد من الصحفيين المغامرين الغربيين وبعض الملحقين العسكرين القلائل , الذين يكاد أن يعدوا على أصابع الكف الواحدة وشخصي الضعيف , مجازفا لمقابلة صديق العمر وتؤام الروح وزميل الدراسة برقدير جنرال " برهاني أببا " , لمن يذكرونة من طلاب المدرسة الانجلكانية بأمدرمان وداخلياتها من السودانيين حينها , ومعنا لفيف من فناني أثيوبيا الأوائل وعلى رأسهم بالطبع الفنان تلهون قسسا , وأيالي مصفن وفنانة الثورة الاولي بزنيش بكيلا أرسلتهم وزارة الاعلام , والاذاعة والتلفزيون للترفية وشحذ الهمم للجنود المرابطين فى ثغور " بارنتو " , المدينة الإستراتيجية البعيدة يرتدون جميعا أزياء المليشيا المميزة المخططة , وبدوا مباشرة فى أخذ وصلاتهم الغنائية الحماسية المطهمة بالأهازيج العسكرية المعتقة ,المحفوظة على ظهر قلب والتى تحس على المقارعة والنزال والصدق فى القتال , ولمدة ثلاثة أيام لم نذق فيها طعما للنوم أو الراحة خصوصا مع هطول الامطار الغزيرة والتى لم تتوقف أبدا , فغطسنا عن آخرنا فى أجازة استثنائية مفتوحة وكم يحلوا لجميع الاثيوبيين وفى مثل هذة الأجواء البديعية الغائمة الساحرة , وأنغمسنا فى ليالى من الرقص والغناء ولا فى الف ليلة وليلة , قدم فيها الفنانين وحتى الموهوبين من الجنود فنونهم ومن مختلف القبليات الاثنية العديدة وخصوصا رقصات القالا والا روموا البديعة المتنوعة , ورقصات قبيلة الوراقى العنيفة الشديدة الروعة والدهشة والتى تحرك حتى الصخر العصي , وكنا قد وصلناها للمدينة بطائرة هيلكوبتر ضخمة من طراز مي 43, بينما وصلهاالرئيس منقستوا منفردا وغادرها فى نفس اليوم منفردا لوحدة وهو يقود بنفسة وكما يشاع طائرة من طراز فانتوم 5 أوميج 21 فهو خريج أكاديمية هرر العسكرية , ونال تدريبة علي قيادة الطائرات فى القادة الجوية بدبر زيت القريبة من العاصمة الاثيوبية وكورسات تدريبية بمدينة سياتل وبفلوا على الحدود الكندية الامريكية .
-6-
الضيف المبجل ..
بطبيعة الحال كنت أنا الضيف السودانى الاستثنائي الوحيد والغير معروف بالكامل للقنصل أو لاى أحد من أعضاء الوفد الحكومي الزائر , والمستشكل عليهم تماما أمر وجودى غير الرسمي والمميز دونهم وفى كل هذا الحفل الكبير الضخم وبتلك الحالة من الآبهة والوجاهه والمكانة الرفيعة السامية , وبأننى بطبيعة الحال أمثل من وبأي صفة .. , كما أن القائمين على الدعوة أعلنو فى ختام الحفل الرسمي وعلى رؤوس الاشهاد باسمي شخصي الضعيف وهويتي علنا وبأننى أمثل منظمات المجتمع المدنى الناشئيه وبتكريمي ومنحي فى نفس الوقت بطيبة خاطر أرفع وسام أثيوبي ومن الطبقة الاولي الممتازة نجمة أثيوبيا الوطن الام تقديرا لمجهوداتي الانسانية الجبارة التى شهدت بها حتى المنظمات الدولية كداعية للامن والسلم والاستقرارالدوليين , ودوري الدؤوب المميز لتهدية الخواطر والتقارب الثقافى والانساني بين الشعبين المتجاورين , والذى تم تسليمة لى رسميا قبلها فى مدينة بارنتو المحاصرة وفى نهائية حفل أو مأدبة الغداء الكبري الختامية , وأعضاء الوفد الحكومي المشارك معزورين يتجاهلوني وفى دخيلة أنفسهم ويعتبروني برتوكوليا شخص دخيلا عليهم ومفروض عليهم بالكامل ويتحاشون مقابلتي صراحة كتقيد دبلوماسي معروف وهم يتساءلون محتارين وفى ما بينهم هذا المواطن الغيور الذى يحمل هوية سودانية صميمة ويحمل الان أرفع وسام على وجة البسيطة ألاثيوبية يمثل من حقيقة , فأقول لاحدهم ولاذهب عنهم الرجس والحيرة جميعأ أتصدقون أنا نفسى محتار لا أدرى أمثل حقيقة من اللهم الا نفسي وبقية الشعب السوداني الأشم الآبي من الغبش السمحين الطيبين , ولكن وأذا كنتم لا تعلمون يا أخوتي الأفاضل فهكذا هو دأب وطبع جيراننا من الاثيوبيين الكبار المميزين وعندما يبادر أحد الأشخاص بحبهم , فهم يتسابقون بعد ذلك فى الاسراع بحبة وأكرامة وبكرمهم الحاتمي الفياض المنقطع النظير بل يتبارون بعد ذلك فى أظهار ذلك الود ويمنحونه بطيبة خاطر كل شىء وبكرم حاتمي غير منقوص وكذلك أرفع الأوسمة والانؤاط وحدث فى ذلك ولا حرج , حتى أنا نفسي أحسب بأني من الان فصاعدا فى سياحة أبدية وفى عالم مدهش مجاور لنا تماما ونحن صراحة كنا لاندرك حتى كنه أى شىء , بينما الاوربيون يتهافتون على زيارتة كمتحف للتاريخ الطبيعى والانسانى والبشري زرافات ووحدانا , كما قلت لهم صراحة بأننى معروف فى بلدى الصغير أمدرمان بأنني مكتول فى حب وهوى أثيوبيا الخضراء , بالطبع يضحك لحظتها أعضاء الوفد جميعهم وهم بين مكذب ومصدق لمثل هذة الفرية الكبرى التى يسمعونها ولاول مره وفى أننى فى حقيقة ألامر كنت أمثل سفارة شعبية كبري متحركة ومؤازية للوفد الحكومي , وأمثل فى حقيقة الامر الشعب السودانى وبكل قيمة ومثلة السامية الكريمة , زد على ذلك بأننى معروف ومنذ فترة طويلة للكثير من اللاثيوبيين الذين كانوا يدرسون بالمدارس السودانية بحبي وأرتباطاتي القوية والوجدانية باثيوبيا كلها , ولكنني ومع كل ذلك سوداني قح وأقسم على رؤوس الاشهاد بأنني ولو لم أكن سوداني لتمنيت أن أكون سوداني وكما يقول المثل الشعبي القديم , كما أن مساعد القنصل يقسم للجميع بعد ذلك شارحا شجاعتى ونخوتي وموضحا ومقدرا حتى كل مواقفي المشرفة والمواتية تماما والموازرة للسودانين وفى تحسين وتوفيق أوضاع بعض من زج بهم فى غياهب السجون المختلفة ولأسباب متباينة عديدة والوساطات التى قمت بها لفض المنازعات والاشكالات القضائية ضد الكثير منهم , والافراج الفورى ورأجاعهم معززين مكرميين لبلادهم , وأنني ولا فخر الشخص الوحيد الذى يثقون فية الاخوة الاثيوبيون ثقة عمياء ويعزونة تماما , ويسمحون لة حتى بزيارة ودخول المرافق الهامة الحساسة والممنوعة على كل الاجانب وبدون كبير عناء , وشفاعتي وكلمتي مسموعة ومقبولة لديهم , واسألوا سائقة الخاص " قيتاشيوا الموا" وأنا أقول لهم وكان اليوم كالباحة أذا أحب الله عبدا حبب فية خلقة .. .
الجزء االثالث ـ يتبع
فتحي عبد العزيز
حامية كسلا ـ الختمية
4/12/2000م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق