الخميس، 13 يونيو 2024

من الـخَضْـرَاءِ إلى"الطَّبَاقَـهْ والخَـضْـرَاءِ" بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف ... (تونس)

 من الـخَضْـرَاءِ إلى"الطَّبَاقَـهْ والخَـضْـرَاءِ"

(من ذكرياتي أثناء إعارة في بَلد عربي)

حَلَلْتُ مِن "قـرطاج" بالـخَضْـرَاءِ

بِمَعْـهَـدِ "الطَّـبَاقَـهْ و الخَـضْــرَاءِ"

فاسْتَقْبَلـتْنِي ، فَـرَحًـا بِمَـقْدَمِي،

جَحَـافِـلُ البَـعُــوضِ بالـغِـنَــــاءِ

بَاتَـتْ لِـلَيْلٍ كَامِلٍ تُـسْمِعُـــنِـي

مَـزَامِـرًا في قِـمَّـةِ "الـبَـهَــاءِ"

و وَقَـفَتْ، لَعَلَّهَـا، لِـمَقْدَمِي

جِبَـالُهَا السَّـوْدَاءُ في الخَـلَاءِ

تُـحِيـطُ بِي، حَافِظَةً لِضَيْفِـهَا

مِنْ عَـارِضِ الهُمُـومِ والـبَـلَاءِ

وزَادَتِ الـطَّبِـيـعَـةُ خَـنَـادِقًا

مُعْـظَـمُهـَا مَـغْـمُـورَةٌ بِـمَــــاءِ

وهَـبَّت العَـقَارِبُ سَـرِيعَـةً

مِن أبْـعَـدِ الأَنْحَاءِ والأرْجَاءِ

تُـشِـعُّ مِن زُبَـانِــهَـا لَافِـتَـةٌ: 

يَا مَـرْحَبًـا بِقَـادِمِ "الخَضْـرَاءِ"

و"الغُولُ" (*) هَبَّ في الدُّجَى مُسْتَنْكِرًا

إزْعَـاجَ صَوْتِ ضِـفْـدَعٍ في المَـاءِ

مَا أكْـرَمَ "الغِيلَانَ" فِي "طَبَاقَةٍ"

تَـزُورُنِـي في الصُّبْــحِ و المَـسَاءِ

حَتّى المِيَـاهُ ، في "العُيُونِ" لُوِّنَتْ

بِأحْـمَرٍ و أَخْـضَـرِ الــرِّدَاءِ

والسَّمَكُ ،فِيـهِ ،بَدَتْ أفْوَاجُهُ

تَزُورُنِي، في مَسْكِني، في الـمَاءِ

إنِّـي نَسِيـتُ بَسْمَةَ"الـخَضْـرَاءِ"

في غَـمْـرَةِ التَّرْحِيـبِ في "الخَضْرَاء"ِ.

(*): الغـول: هو الثّعبان عند العُمانيّين.

حمدان حمّودة الوصيّف ... (تونس)

خواطر : ديوان الجدّ والهزل




((أريد شبرا لا أكثر)) بقلم الاستاذ داود بوحوش

 ((أريد شبرا لا أكثر))


أريد شبرا لا أكثر

على هذه الأرض

عساني به أفخر

بحثت في كل الإتجاهات

و لازلت بعدُ لم أعثر

كلما قلت ها خلُصت

تتعاظم القذارة إلى الأقذر 

أريد بُرقة ضوء 

و حفنةَ طُهرٍ 

تدعوني إلى أن أشكر الله 

حتّى لا أكفر

ذا العيد

 على الأبواب قد أقبل

و الوضع في غ.ز.ة 

آيل إلى الأعسر

و بنو الحفاة يسّابقون

من يشتري كبشا 

ذا إلية أفخم

به يتباهى 

لعله من جيرانه يسخر

فأنّى لنا اللّحم نأكل

و العدوّ رقابنا ينحَر ؟

أنا لا أريدُني رئيسا لا

و لا ملكا بالكِبْرِ أشعر

أريدني جنديّا 

أريدني أشلاء شهيد 

بها تربتي تُزهر

أريدني إكسير نخوة

تكسر الصّمت

تشحذ الهامات فتستنفر

أريد بناء

كفانا رُكاما، كفانا  ما دُمِّر

نريد قدسا حيّة تُرزق

نريدها درّة حرّة

كفانا ما تجرّعنا حنظلا مُرّا


      ابن الخضراء 

الاستاذ داود بوحوش

 الجمهورية التونسية


يا حب بقلم الأديبة آمنه المحب.

 يا حب

بحبّك بحبّك بحبّك

بس الحب ما عرفتو،

وبرميل العسل فضي

والعسل ما دقتو. 

مرّ الربيع بجنينتي

بس الورد ما شفتو،

وإجا الصيف بنارو

وقلبي كأني بالتلج تركتو ،

ولمّا الشتا بِبَردو وصل

فَتّشت عن نار وحطب

تإدفا ودفيت لكن قلبي

بالبرد والصقيع بعدو. 

كل الفصول مرّت

بس أنا  وين كنت

حتى ولا فصل عِشْتو؟

آمنه المحب.


في هذه الأيّام الجليلة المقدّسة بقلم الشاعر رشيد بن حميدة-تونس

 في هذه الأيّام الجليلة المقدّسة 

**********************

أكاد

لولا احترازي من إثم أرتكبه

أكاد أكتبني جرحا غائرا

لا يندمل..


أكاد 

لولا إيماني بأنّ بعد كلّ عسر

يسرا

أكاد أسحبني إلى أخاديد 

بها الأحزان

تعتمل.. 


لكنّني

في هذه الأيّام الجليلة المقدّسة

أسحبني نحو الضّياء

وفي حضن الإله أرتمي

يحدوني الأمل.. 


أنزّه الإله 

أن يخيّب رجائي و للشّجن يهملني

فأكبّره..أكبّره

وأحمده

وأهلّل... 

***********************

رشيد بن حميدة-تونس 

في13-6-2024



يا ويلها الأم..في ليل الدجى..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 يا ويلها الأم..في ليل الدجى..!


إلى " نورس" حلق فوق صفحات البحار..ثم توارى خلف الغيوم..

يقولون أنك متّ يا غسان.. مُتّ..!!

متى وُلدت..!

متى عشت..!

متى رويتنا من غدير عينيك..!

متى رحلت..!

يا قرة عين محمد..

يا فاجعة سعاد..

يا زهرةً ما استدلّت النحلات لرحيقك..

متى حبَوت..!

متى مشيت..!

متى كبرت..!

متى..!

لا أذكر تاريخ مولدك..يا مهجة الروح..

بالأمس كان..؟ 

        أم قبل ميلاد تاريخ وفاتك..

    ذاك الذي دوّنته قبل ساعات..

حين أبلغوني أنك قد رحلت

أبكيت أمك..

أبكيت والدك..

تدري من هو والدك..

رجلٌ تمرّس على المآسي.. 

             تهزّه الأرض هزًا..

أبكيت محمدًا يا ابن محمد..

أبكيت سيّدة النساء..

أبكيت أنجال الرجال..

أبكيت من أبكاهُم الفراق..

يا ويلها الأم في ليل الدجى..

يا ويلها صاحبة العزاء..

بالأمس وضعتك وليدها..

واليوم تُلبسها ثوب الحداد..

يا فاجعة بلدي..

يا زمنا كان بالأمس سعيدا ..

يا صبرًا سندعوه لقلبها..

يا قوةً سندعوها له..

يا غافرًا..

رُحماك له..

يا رحيمًا..

رفقًا بهم.

رفقا بي

رفقا بأمك التي أرضعتك لبنا طازجا

وعدت إلى الأرض طينا..


كما أنجبتك السماء

محمد المحسن





الكنعانيون باقون..وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد من جديد.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الكنعانيون باقون..وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد من جديد..


"الخير أيضا مثل الشر – نزعة متأصلة في الإنسان»


– كل طفل فلسطيني يموت،تطلع من قبره ألف شمس جديدة تنشر نور الفكرة، فكرة الصمود المفتوح. فالحرية فكرة قد تمرض، ولكنها لن تموت..

أن تتداعى الصور الشعرية في ذهن الشاعر، وتخترق سجوف خياله مفصحة عن الوجدان وما يمور داخله من أحاسيس ومشاعر، فهذا يعني أن ما ستفرزه شاعريته، سيؤسس لوعي جديد تتأثث به عوالم النص وترتقي فيه اللغة إلى مرتبة الجمال والإبداع..

لكن..

الكتابة الشعرية في وجه من الوجوه هي ضرب من الشقاء والمعاناة تتراوح فيها الذات بين حالتين متنافرتين: قتامة وانكسار/قوة وانتصار..

ولو حاولنا استقراء الحالتين لتبين لنا أن للأولى دلالات تحيل على الذات المشروخة والمشظاة، حيث تبدو الصور الشعرية متسربلة بالألم، راشحة بالمرارة، جانحة في أبعادها إلى الاغتراب، وموغلة في سوداوية ورثناها عن ذاكرة مدانة تحطّ بنا كرها في مواقع مترهلة، تكشف عن تشاؤم دفين..

أما الحالة الثانية، فهي تلك التي تتجاوز فيها اللغة تحقيق المصالحة بين الإنسان والفرح ليكونَ التألق في رحاب شعرية مشرقة ومضيئة تنحى صوبَ الجمال وتعانق الأفاق المستقبلية بكل أمل وثبات..

إننا إزاء حالتين متناظرتين تتنافر فيهما الصور وتتعارض.. أفلا يمكن إيجاد مصالحة بينهما تقوم على التناغم بين: ثنائية التوتر بين الذات والموضوع، والكائن والممكن، على نحو يقترب فيه النص الإبداعي من الشمولية، دون أن يشذّ عن الحدود التي رسمناها، أو تلك التي أملاها الواقع؟ وبسؤال مغاير أقول:

ألا يمكن أن تكون الكتابة الشعرية جامعة توحّد بين قطبين نائيين: تداعيات الراهن.. وتجليات المدى المنظور.. فنكون بذلك قد أسسنا لوعي جديد يبدأ من الذات ويؤسس للكون في تواصل جمالي خلاّق؟ ألسنا إزاء تغييرات في البنى الاجتماعية والثقافية بالنظر إلى ما تطرحه العولمة من تحديات في ظل احتدام الثقافات وتنافسها، إلى حد يحيلنا على وضع تبدو فيه البكائيات والمراثي المألوفة واستهجان الواقع المترهل، من ضروب التقوقع والانغلاق على الذات؟ ألا تفرض علينا الثقافة الكونية نصوصا شعرية ذات شمولية فنية مفعَمة بدفء الكلمة ونبل السؤال وجمال الحيرة، تؤسس الذات وتساعد على استجلاء المضمون الأدبي والفني بتفاؤل خلاّق، لنواجهَ عبرها عالما ما فتئ يخيّب الآمال ويثير الفوضى في وجه الوجود؟ ألم تكن أشعارنا المحدثة في معظمها تنحو للغرابة والغموض، وما الغرابة إلا دلالة على الغربة عن العالم وانعطاف، يستحيل نوستالجيا -لا يخطو على درب الآتي الجليل، بل يترجرج إلى الماضي في حنين سئمناه؟

إن هذه الأسئلة التي طرحناها لا نروم من خلالها التأسيس لواقع مغاير لمنطق الأشياء والكون، بقدر ما نهدف إلى صياغة هذا الواقع في نصوص إبداعية ترنو إلى أفق مغاير يتفتّح باستمرار ويؤسّس دفقا موصولا ضمن تواصل موضوعي، يحقّق عبره المبدع شرط وجوده..

على سبيل الخاتمة:

يرى البعض أن الطبيعة البشرية من أقوى أسباب الصراعات الإقليمية والعالمية، وأن تاريخ الأمم هو تاريخ حروبها، وأن من طبيعة الأمور- من ناحية – أن يهيمن الأقوى على الأضعف ويستغله لصالحه، ومن ناحية أخرى فإن الصراع حتى بين الإخوة مغروس في الجينات البشرية، فقصة مثل قصة الأخوين قابيل وهابيل Cain And Abel – حين لم يكن على الأرض غير أسرتهما – إنما ترمز لوجود جين العنف في الإنسان. ويرون أن الصراع سيبقى ما بقيت البشرية، فلا أمل في التخلص من الاستعلاء العنصري أو التعصب العقائدي، وهما دافعان يبرزان في مقدمة دوافع الصراعات الطائفية والإقليمية، وربما دول الشمال مع دول الجنوب، بل دول قارة مثل أوروبا كما حدث في الحربين العالميتين في القرن الماضي، لكن من المعروف أيضا أنه كما يمكن إيقاظ الأحقاد إلى حد سفك الدماء بين الإخوة، حيث تكون هناك تفرقة في المعاملة بينهم، على نحو ما حدث في القصة الدينية: قصة يعقوب ويوسف وإخوته، وفي قصة قابيل وهابيل من قبل، فإنه يمكن وأد هذه الأحقاد حين تكون المساواة أساس المعاملة. كذلك الأمر بين الشعوب، يمكن بآليات محددة إثارة الفتن بين مختلف طوائفها أو مع جيرانها (وهو ما حدث في التاريخ نتيجة مؤامرات داخلية أو خارجية) ويمكن تغليب ثقافة احترام الاختلاف، وتغليب العوامل التي تجمع على تلك التي تفرّق بدءا من التعليم والمنابر العقائدية حتى وسائل الإعلام والقنوات الفضائية. فالخير أيضا – مثل الشر- نزعة متأصلة في الإنسان.

أخيرا:

الشعر في الأصل بوح ذاتاني يعبّر عن علاقة وجدان الشاعر بوجوده، من خلال أحلام اليقظة واقتراح عوالم خاصة يصنعها الخيال الشجاع واللغة الجسورة الماكرة. فالشاعر يمثّل هويته الخاصة أولا، حتى لو عاش في جزيرة معزولة فهو خارج عبودية الزمكان والإرادة الخارجية. فرسالته جمالية فنية في جوهرها. وبما أنه مرتبط بنسيج أمته وهموم مرحلته بالضرورة فمن الطبيعي أن يشارك شعره في الدفاع عن مأساة الجرح القومي فيرقى بشعريته إلى فضاء إنساني يسهم في وقف محاولات الاستبداد. كل المحاولات العولمية الساعية إلى تفكيك الروح الجمعية وتذويب خصوصية الشاعر في ماء عكر هجين ستبوء بالفشل، لأن كينونة الشاعر تأبى الاتباع والامتصاص. أما موقف الشاعر من محاولات طمس الهوية الفلسطينية فهو واحد في العالم كله. إنه الرفض الكلي. فالشعر دفاع فطري عن هوية الإنسان وخصوصيته، وهو ضد اقتلاع الجذور. وعليه فإن كل طفل فلسطيني يموت تطلع من قبره ألف شمس جديدة تنشر نور الفكرة، فكرة الصمود المفتوح. فالحرية فكرة قد تمرض ولكنها لن تموت. فالكنعانيون باقون وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد، إلى أن تموت البشرية. لفلسطين حضورها التاريخي الحضاري قبل من يحاولون سرقتها. 

الحياة نفسها تستغيث بأطفال فلسطين ليعلموها فن الأمل. ألم نلاحظ أن مئة سنة من التشتيت والتهجير والإبادة قد فشلت في ساعة واحدة فصحا العالم من غيبوبته الطويلة ووقف على الحقيقة؟

وبسؤال مغاير أقول :

أليست فلسطين قصيدة أزلية،ينحني لها التاريخ احتراما..؟

ويظل السؤال محلقا في تعاريج المدى..يعانق أرواح الشهداء..


محمد المحسن





الثقافة هي مؤسسة انتاج المعنى..وانتاج القوة بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الثقافة هي مؤسسة انتاج المعنى..وانتاج القوة


-إنّ الثقافة العربيّة تراثٌ وليست إرثًا، فالموروث معرض للضمور والتلاشي والزوال، أمّا التراث العربيّ فهو نبض الأصالة الماضية في حاضر يعد بالخروج على الانبطاح والتبعيّة..( الكاتب)


العولمة هي نظام انتاج المعرفة والتبادل والمواصلات، او انها شكل الانتاج والتداول والاتصال والتواصل والانتقال عن طريق الحاسوب والذي يعمل بسرعة الضوء. فالثورة العلمية والتكنولوجيةهي ثورةعلميةلانها تحيل اي معطى الى معلومة رقمية، وكونها ثورة تقنية لانه يتم نقل المعلومة بسرعة الضوء.

العولمة تقوم على الانتاج الالكتروني والاقتصاد الناعم والعمالة المعرفية، او عمال الاعلام حيث يردمون الهوة بين العمل الفكري والعمل اليدوي. في ظل العولمة تحولت العلاقات بين البشر الى علاقات افقية بعد ان كانت قائمة على التراتبية الهرمية العامودية. وهكذا انهارت بفضل العولمةالمؤسسات الايديولوجية الشمولية القائمة على التراتبية الهرمية والانضباط الحزبي الصارم لصالح فردانية الانسان من خلال العلاقات الافقية المباشرة.

فالعولمة قضت على فكرة المثقف النخبوي والطليعي والرسولي، وفي ظل العولمة اصبحت المعرفةهي مصدر للثروة وللسلطة. ان سقوط تجربةالاتحادالسوفييتي والدول الاشتراكية ادى الى ظهور ازمة هوية. الهوية هي الذاكرة حيث تشظت الهوية في زمن العولمة، حيث تحولت الهوية الى هوية مركبة ومعقدة ومتغيرة. وادت الى موت الجغرافيا، فاصبح نشاط الانسان عابرا للقارات وللحدود السياسية والسيادية للدول ولنقاط الكمارك. بضغطة زر الحاسوب تنتقل الاموال من مصرف الى اخر عبر المحيطات. واصبحت بورصات السندات والاوراق المالية والعقارات وبورصات البترول والغاز تدار عن طريق الحاسوب.

الهوية في زمن العولمة لم تعد تقوم على رابطة الدم او القرابة او القبيلة، او القومية والعرق، او الارض. انها نوع من الهويات القائمة عن بعد حيث تجاوز نظام المعلومة والبريد الالكتروني والاقتصاد الناعم حدود الدول القومية. ان فتح الحدود بين الدول بفضل العولمة انتج هويات هجينة او مولدة.

فهنالك الملايين من الناس الذين يملكون اكثر من جنسية واحدة ويتكلمون باكثر من لغة واحدة ويسكنون في اكثر من بلد واحد ويديرون اعمالهم من اكثر من بلد واحد. وبذلك اصبح الاقتصاد اقوى من السياسة واصبحت الشركات الاقتصادية العملاقة تفرض توجيهاتها على السياسيين. واصبحت الشركة اقوى من الدولة.

في عصر العولمة تغلبت الصورة على الفكرة والرسالة وتغيرت العقائد والايديولوجيات القديمة.

والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:

كيف يمكن مواجهة الإختراق الثقافي الكوني في ظل راهن يتعولم إقتصاديا وسياسيا..؟

هل ندير ظهرنا لهذا الغزو العولمي في حركة إستعراضية مشفوعة - بإنتحار حضاري- أم نواجه ما بات يهددنا بإعتماد ثنائية المحافظة على الذات والتفتّح على الآخر؟

كيف يمكن خلق توازنات تحمي أجيال المستقبل من مداهمات الثقافة المعولمة واختراقاتها في ظل هذه الثورة الإتصالية الوافدة من الغرب وما يتخللها من تنميط سياسي متعدّد الوسائل والأشكال..؟

ألسنا مدعويين هنا.. والآن إلى لحظة مكاشفة صادقة مع النفس لتجاوز مطباتنا وتفعيل واقعنا وعقلنة ملامح المستقبل..؟

إنّ الخوف من غزو ثقافي كوني لم يعد له مبرّر وهو ليس من قبيل الأوهام التي تعودنا عليها، بقدر ما هو حقيقة ثابتة ومؤكّدة أملتها ظروف وملابسات تاريخية لها عميق الأثر في واقعنا العربي خاصة والدولي عامة نورد منها ما يلي:

- انهيار القطب الإشتراكي وتفكّكه وما تلاه من انهيارات متلاحقة أصابت دول المنظومة الإشتراكية مما أفضى إلى تحكّم الرأسمالية المعولمة في إقتصاد الدول النامية واخضاع هذه الأخيرة لتبعية إقتصادية موغلة في التسلط والإستغلال..

- في عالم الثقافة الكونية هذا، برزت شركات متعددة الجنسيات تستغل في صالح المصالح الإقتصادية الكونية، وهذه الشركات أقوى من الدولة حيث تفوق ميزانياتها الدخل القومي لكثير من الدول النامية، وقد ملأت الحيز الثقافي في إعلامنا واستطاعت تلوين العالم بأفكارها وثقافتها..

- اتفاقية- الجات- التي تحوّلت إلى منظمة عام 1995 وأصبحت تبعا لذلك ضلعا أساسيا في مثلث الهيمنة الغربية (صندوق النقد- البنك الدولي- الجات) وهذه الإتفاقية تفسح المجال للغزو الثقافي الأمريكي والغربي عامة الذي أساسه إنكار وإقصاء الثقافات القومية للشعوب الأخرى، وبالتالي أمست تشكّل تهديدا خطيرا لثقافة وتطوّر العالم النامي في كافة المجالات الأخرى.

- في ظل العولمة ومع توقيع إتفاقية- الجات- أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات ومنها- والت ديزني- أقوى من الدول بعد حدوث إنفصال بين المصالح الإقتصادية العملاقة والأنظمة السياسية المحلية، وأصبحت تبعا لذلك تمارس ضغوطا من أجل التأثير على القرارات السياسية الداخلية في الدول التي تمارس فيها أنشطتها..

- نجاح العولمة في خلق أجيال كونية منبهرة بالسلعة الثقافية الأمريكية الأكثر إبهارا، الشيء الذي يهدّد بتخلّف صناعة السينما لدينا وغيرها من الصناعات الثقافية..

إنّ لهذه المعطيات التي ذكرناها عميق الصلة بخلخلة الواقع العربي وجعله ينوس بين طرفي الإنغلاق والإنفتاح دون الإلتفاف حول هذا الواقع وعقلنته بما يؤسّس لإستحضار الذاكرة لدى الإنسان العربي، ولعل في قولة فلاديمير لينين خير دلالة لما نحن بصدد الإشارة إليه:”شعب بلا ذاكرة، هو شعب لا مناعة له”..

فكيف يمكن في ظل الراهن الثقافي الكوني تأكيد الذات وإثبات الهوية والمحافظة على الأصالة بما من شأنه أن يبلور الصورة الحقيقية لحضارتنا..؟

هل نحن مطالبون وأمام المد الكاسح للتكنولوجيا من جهة، والعولمة من جهة أخرى، بإعادة البناء الفكري للمجتمع عبر استحياء الماضي ومصالحة الراهن واستشراف المستقبل؟..

ألم نفرّط في مكاسب حضارية كانت ستضعنا في مرتبة الدول المتقدمة استهدفتها بواكير النهضة في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر:محمد عبده- جمال الدين الأفغاني والكواكبي.. فكيف نسينا التاريخ وقد ولجنا قرنا جديدا وصافنا ألفية ثالثة!؟..

إنّ إقصاء الأنا.. للآخر وانغلاقه على ذاته طمس للهوية الفاعلة والمؤسسة، كما أنّ الإنفتاح المحافظ على الأصالة والحضارة العربية تأسيس للذات، ولذا بات لزاما على المثقفين العرب خاصة وعلى الشعوب العربية عامة إعادة النبض إلى التاريخ والعكس صحيح، وذلك من خلال فعل المواطنة وتجذير قيم الهوية بإعتماد التنمية الثقافية للمجتمع كشرط أساسي لنجاح التنمية في كافة مجالات الحياة، ثم المساهمة بشكل فعّال في بناء بعد الذاكرة العربية والسعي لصياغة الواقع العربي الراهن وفقا لمقاييس التقدّم قصد الإنتقال من الوضع المتخلّف حضاريا، إلى الوضع المحقّق لإنسانية الإنسان..

على سبيل الخاتمة:

تحاول العولمة محاصرة الثقافة وقنص تراث الأمم،وإلغاء الفعل الثقافيّ والفكريّ، واغتيال العقل الحداثيّ الإبداعّيّ،ومن ثمّ فرض أحادية ثقافيّة تلغي الخصوصيّات الثقافيّة القوميّة. والظاهرة الأكثر خطورة هي السيطرة الثقافية، وفرض الهيمنة غير المرئية على العقل الإنساني. والمجتمعات لاتموت، و لا تتلاشى إلا بخسارة قدرات أبنائها الفكرية؛ لأن تفريغ الأمة من مقوّمات وجودها الثقافي، يفقدها مبرر وجودها و يؤدي إلى خسارة هويتها الذاتية؛ لتتحوّل إلى مجهول تابع في المعادلة الجديدة.

ضمن هذه المعادلة الصعبة تبقى الثقافة، وحدها، قادرة على الوقوف في وجه مخططات العولمة السلبية، فالتحصين الثقافي الذاتي لكلّ أمة ضرورة حتمية يضمن بقاءها بفضل قدراتها الإبداعية. و التحصين الثقافي مرتبط بقوة الفاعلية اللغوية للأمة، والفاعلية لا تنفصل عن الأصالة و القدرة على التطور والارتقاء، والأصالة تتجدّد بحداثة يدعو بعضهم إلى نفيها وهم يجهلون تاريخ ميلادها الفعليّ.

 إنّ الثقافة العربيّة تراثٌ وليست إرثًا، فالموروث معرض للضمور والتلاشي والزوال، أمّا التراث العربيّ فهو نبض الأصالة الماضية في حاضر يعد بالخروج على الانبطاح والتبعيّة، والخروج مشروط بنشاط مثقفين عرب يسعون إلى تجديد الفكر العربيّ من داخل التراث وإحياء عناصره الحيّة وتلقيحها بفكر وافد فيكون تفاعل ينتج تراثًا جديدًا بلغة عربيّة قادرة على تدوين العلوم والمعارف والتصوّرات والرؤى والتطلعات..


محمد المحسن


حين تجترح الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود..أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه..( قصيدة-هنا..كنا-نموذجا) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين تجترح الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود..أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه..( قصيدة-هنا..كنا-نموذجا)


-ان المتلقي الابداعي لا يقبل من الشاعر بأي شيء على أنه شعر وجمال وابداع ما لم يحرّك فيه الذكريات البعيدة،وتستفزّ حاضره، مما يجعل المتلقي يقوم بتحليل وتقييم ما يقرأه بروية وقياس كمية الابداع فيه،وهذا ما لمسناه في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة- فائزة بنمسعود.." هنا..كنا " ( الكاتب)


-إن القصيدة هي عبارة عن حلم عميق لا شعوري،يجب قراءة هذا الحلم بما يتناسب مع كمية الجمال المنبعث من داخله،وتقديمه بصورة تكشف للمتلقي جميع مغاليقه،وتشير الى مواطن الجمال فيه،والإمساك بيد المتلقي وأخذه الى ضفاف هذا الحلم..( الكاتب)


الشعر هو فن التعبير الذاتي ،وكلما أتقن الشاعر التعبير عن ذاته ،تأثر الآخر به وتماس معه ،فتتسع الحالة الذاتية لتصبح توجه تعبيري عام.

فالشعر خاص لكنه يعبر عن التشكيل الوجداني العام،عن ديناميكية الذات وتمردها والرغبة و المكاشفة والتحرر..

ويعدُّ العنوان عتبة مهمَّة من عتبات النص،سواء كان هذا النص نصًّا شعريًّا أم نصًّا نثريًّا، ولقد اختارت الشاعرة التونسية د-فائزة بنمسعود عنوان قصيدتها "هنا..كنا"، وهذا يؤكد على اختيار هذا المكان وأهميته لتجاوره للقلب في المكانة والأهمية، ولدمج المكان مع القلب؛للتدليل على حبِّ العشق في أبهى تجلياته،سيما إذا كانت "الحبيبة"ترقد في الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..

كما سرَدت لنا الشاعرة بكل حِرفية،وترَكَتنا نقرأ وكأنها تتحدث عن معشوقة أبدية..تركت عطرها وتوارت خلف الغيوم:"ضمها القبر/ وترفق اللحد وطواه/ وما رف جفن الموت خجلا/ من لوعة العاشقين/ ما قاسمني لوعتي ومصابي/ سرق مني حبيبتي/ ورماني على رفوف الفاقدين.."

إنّ القصيدة هي عبارة عن حلم عميق لا شعوري، يجب قراءة هذا الحلم بما يتناسب مع كمية الجمال المنبعث من داخله، وتقديمه بصورة تكشف للمتلقي جميع مغاليقه،وتشير الى مواطن الجمال فيه، والإمساك بيد المتلقي وأخذه الى ضفاف هذا الحلم .

لذا على الناقد ان يقوم بتفكيك وإعادة تركيب وقراءة الأفكار فيه حتى يصل الى معرفة الغايات التي جعلت من الشاعر يصرّح بمكنونات ذاته، والغوص في اعماق هذه الذات .

ومتى ما تعاونت فيما بينها مكونات الذات (الهو /  الأنا /  الأنا الأعلى)، تمكّن الفرد من أن يمارسَ نشاطاته الفعّالة والحيوية بطرقة مجدية في البيئة التي هو فيها..

إنّ الغاية من هذه النشاطات هي من أجل ارضاء الحاجات واشباع الرغبات الاساسية، أما اذا اضطربت حينا ستضطرب هذه الاجهزة الثلاثة للشخصية، وأصبحت متذمرة وغير راضية عن نفسها وعن العالم الذي تعيش فيه .

ان المتلقي الابداعي لا يقبل من الشاعر بأي شيء على أنه شعر وجمال وابداع ما لم يحرّك فيه الذكريات البعيدة، وتستفزّ حاضره، مما يجعل المتلقي يقوم بتحليل وتقييم ما يقرأه بروية وقياس كمية الابداع فيه، وهذا ما لمسناه في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة- د-فائزة بنمسعود .

وبالعودة الى قصيدة الشاعرة: د-فائزة بنمسعود / هنا..كنا/ ،من ارتباك الصوت نستشعر بوجود الذات الشاعرة، مما يجعله صوتا متميّزا بالعذاب والخيبة والخسران والتشظّي،وحينها سنتيقن بحضورها القوي والمميّز، فربما هناك مفردة او عدة مفردات سقطت في بئر المتلقي العميقة تمكّنه من لملمة ما يستطيع لملمته وحسب ذائقته، فتثير فيه الكثير من الصور والمشاعر والاحاسيس،ودون ان تستنفذ طاقاتها او تخبو اشعاعاتها .

انّ جوّ النسيج الشعري عند الشاعرة نجده مشحونا بزخم شعوري عنيف وذات قلقة تبحث عن الخلاص، فمثلا نجد بأن الشاعرة قامت بتكرار المفردات التالية لأكثر من مرّة / القلب:ثلاث مرات/ حبيبتي: سبع مرات/ العشق..والعاشقين: أربع مرات/ الشوق: مرتان..

ليس اعتباطا الشاعرة هنا استخدمت وكرّرت هذه المفردات، فربما لا شعوريا سقطت وتكررت داخل نسيجها الشعري لا شعوريا أو عن قصد، لشحن هذا النسيج بزخم شعوري عنيف،فلو دققنا النظر في هذه المفردات واستمعنا بهدوء الى ما ينبعث منها ويشعّ في نسيجها الشعري وخصوصا من ايحاءات العنوان: هنا..كنا.. لكشفت لنا القصيدة عن مكنوناتها الملغزّة وباحت لنا بكلّ بوحها دفعة واحدة .

من خلال العنوان نجد هذا الزخم الشعوري متمثلا بلغة تجريدية مدهشة، فالعنوان هنا لا ينقل لنا معنى صريح وواضح، ولكنه ينقل لنا كمية هائلة من المشاعر والاحاسيس، كما يعبّر عن الحالة النفسية والمزاج،نتيجة ما تعانيه في واقعها الأليم، فربما هو يعبّر عن حالات من التذمر والحزن، ومن خلال نبرات ونغمات نستشعرها بين ثنايا القصيد هذا-الحزن الهاجع خلف الشغاف- نستطيع ان نعرف ماذا يعني وماذا وراءه من مغزى ومن دلالات، هل هو دليل عن الحزن او الفقد او الغربة والضياع، هل هو الشكوى مما تعاني من آلام أو هو البحث عن العزلة والانطواء على الذات في ظل غياب"حبيبة"خطفها-قسر الإرادة-موت عديم الرحمة ..؟؟ .

وتبدأ الذات الشاعرة بعزف أشجى موسيقى تعبيرية تحاول من خلالها بثّ مواجعها وأحزانها-بضمير الآخر (هو)،من خلالها تحاول ان تعبّر عن الجانب الشعوري العميق المتغلغل في روحها المنكسرة، فمن خلال مفرداتها تتهادى إلينا نغمات موسيقاها شجية، هذه المفردات استطاعت ان تنقل لنا هذا الشعوري الداخلي لديها، نقلت لنا هذا الزخم الشعوري العنيف بصدق ووعي، مما جعلها تغزو اعماق المتلقي وتستفزّه..

لقد جاءت هذه المشاعر تحت تأثير حالة نفسية ونتيجة ظروف قاهرة خارجة-حتما- عن إرادتها: "وكنت/ أناديها حبيبتي/ والى هناك رحلت/ وما زلت أناديها حبيبتي لا شيء تغيّر/ عدا قلبي المفجوع تجمّد نبضه/ واختلت دقاته/ قلب فرّ من سجن الضلوع/ وتاه في الدروب والميادين/ يتصفح وجوه العابرين/ ويتهجأ العناوين/ وببراءة الحيارى وعفوية المعتوهين/ يسأل:هل رأيتم حبيبتي/ حبيبتي شامة وخال/ على الكتف اليمين/ كنا هنا بين الخمائل/ والبساتين/ كنا نؤوب مع النوارس/ ونشدو مع الحسَاسين كنا نوضب الشعر باقات/ بعطر الياسمين/ ونهديها لليائسين كنت أناجيها/ و حبيبتي أناديها/ وتجيب بين قبلة وامنيه/ زدني عشقا/ يا سلطان العاشقين/ هنا كنا/ هنا شربنا دموع الشوق/ والقدر راضٍ عنا/ وكنا له من الشاكرين/ كنا هنا/ واختارها الموت حبيبة/ من بين الآلاف والملايين/ وقلبي يحدثني انها أشعلت الجنه حبا/ واخمدت نار الجحيم/ ضمها القبر/ وترفق اللحد وطواها/ وما رف جفن الموت خجلا/ من لوعة العاشقين/ ما قاسمني لوعتي ومصابي/ سرق مني حبيبتي/ ورماني على رفوف الفاقدين/ دثّرني بالأحزان/ وعمّدني بالشوق والحنين/ خدعتني ساعات الصفاء/ وما كنت الا من زمرة الغافلين/ الذين أمِنـوا شر الزمان/ وما كانوا من المحترسين/ ولغدر الزمان أنياب/ إذا كشّر عنها/ أصابت من الروح مقتلا/ فاحذروا أيها العاشقين…"

لقد جاءت قصيدة الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود بأنظمة نصّية متعددة ومتناسقة ومتناغمة فيما بينها، وكذلك بزخم شعوري عنيف وبعمق تجريدي وتعبيري وحّد مكونات القصيدة .

تناوبت في هذه القصيدة السردية التعبيرية لغة التجريد واللغة التعبيرية والسرد المشحون بالزخم الشعوري،وبلغة قاموسية بألفاظ تعكس ما في روح الشاعرة وما في روح القصيدة، فخلقت لنا بذلك صوراً حيّة برّاقة وببوح عميق .

اللغة هي الوسيلة الأولى لعملية التواصل مع الآخرين،غير أنها تتعدَّى وظيفتها الاجتماعية المحدودةَ هذه، فتشكِّل الأساس في عملية بناء القصيدة؛إذ تمثِّل الطريق الموصلة بين المبدع والمتلقِّي، فتؤدي بذلك وظيفةً أخرى، تتمثَّل في إيجاد روابطَ انفعالية بينهما، فتتَجاوز بذلك لغة التقرير إلى لغة التعبير، وتسعى للكشف عن العواطف والأحاسيس،والانفعالات الكامنة في قلب الشاعر، ومحاولة إيصالها في نفس المتلقي.تختار-د-فائزة بنمسعود-من اللغة وإيحاءاتها، وتولّد منها ما قدرت على التوليد، لا لتأتي بمعانٍ يجهلها الناس تمامًا،ولكن لتصور الواقع كما تراه من زوايا متفردةٍ تدهش المتلقي وتجعله يعيش إحساسات جماليةً لا تنتهي، وحجارة هذا البناء الموضوعيِّ الألفاظ،إلا أن الألفاظ في الشعر تومئ إلى ما وراء المعاني، فتُضيف إليها أبعادًا جديدة، وبذاك تتجدد وتحيا، وبغير ذلك تذبل وتموت؛إذ نجد ألفاظها تقدِّم صورة إنسانية وفنية بغرَض إماطة اللِّثام عن هذه الألفاظ.

تعد العملية الإبداعية في حقيقتها نفاذا إلى واقع متخيل، أين يستطيع الشاعر تحويل أخيلته إلى نوع جديد من الحقائق التي تكون انعكاسات قيِّمة لواقعه الذي يمثل مسرحا لتجربته الفنية، فتكون رؤية الشاعر لهذا الواقع مختلفة تماما عما يراه الناس، فهو لا يكتفي بحدود واقعه، بل ينفذ إلى عمقه متخطيا النظرة السطحية إلى نظرة مرتبطة بالكشف والتجاوز، و"هنا..كنا" هي صورة أليمة تترجم بعمق أحاسيس من فقدوا أحبتهم في زمن مفروش بالرحيل..

ختاما أقول : 

إن الإبداع هو أن يأتي المبدع بما لايستطيعه الآخرون ،أن يأتي بالجديد المدهش وألا يهتم بالشكل دون المضمون.وكلما امتلك المبدع آليات الشعر استطاع أن يخرج بنصه في إطار جمالي يتسم بالإيحاء والتلميح لا التصريح.

وهذا ما تميزت به الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود فقد استطاعت أن تعبر عن القضايا في إطار جمالي وبتكثيف وتلميح،مستخدمة الصور الفنية الخلاقة..

وفي هذه القصيدة تظهر لنا،كما لم تظهر لنا من قبل،ولأن الأحداث المفجعة تجبرنا على الابداع،فإن قريحة -د-فائزة-قد اجترحت أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه، فكتبت بحبر الروح..ودم القصيدة

وأترك للقارئ الكريم أحقية التفاعل والتعليق..


محمد المحسن




في إطار الإحتفال بشهر التراث ينظم أحباء نادي الشباب الريفي بالمش هذا الصباح 13 جوان 2024 تظاهرة تنشيطية بعنوان:" نفحات تراثية...من المش البربرية " في دورته الثانية.

 في إطار الإحتفال بشهر التراث ينظم  أحباء نادي الشباب الريفي بالمش هذا الصباح 13 جوان 2024 تظاهرة تنشيطية بعنوان:" نفحات تراثية...من المش البربرية " في دورته الثانية. و هذا جانب من نشاط المعارض و الورشات الحية لفقرات التظاهرة التنشيطية. 

مرفوقة بزيارة السيد معتمد المكناسي و سادة من المجتمع المدني و بعض المسؤولين.

من صفحة قرية المش 




















أمر جلل*** بقلم الشاعر عمار العوني

 ***أمر جلل***

جاءت بكل تلك الأبّهة..

وخطّت على الروح قلبا..على عجل..

ثم رفّت حول هامته

فأحيت شعورا كان أفل..

يا رب عشق كان مواتا..

أحيته رفّة فعاد يطلّ..

ويا أيها المحبون هل رأيتم في مواجعكم

نحلة تحنو على رجل؟

-عمار العوني-

...عجائب... بقلم الأديبة... جميلة بلطي عطوي

 .....عجائب.......


كلما هزّني العجب أحفر عمق الزّمن ، أبحث عن رصانة الأيام في ذاكرة الوقت ..ذاك الوقت المتلوّن بحكايا الطّفولة .زمن يهوى طريق المروج ، يروم قطف النّرجس لينسج طوقا تعلّقه الشّمس على مدار السّاعة .شمس لا يرهبها الغروب .إنّها  القادرة على ترويض المسافات وكبح الظّلال كي يظلّ طريقها مشكاة نور لا يدركها الأفول . كم أهواك أيّها الزّمن الهارب .اعلم جيدا أنّك تستقي البقاء من شريان ذاكرتي  وانّك تهوي شغبي الطفوليّ فتعلّق  أشواقك على أرجوحتي الحالمة .

أناوانت صنوان تاكلنا عجائب واقع مهين ، عجائب مما لا عين رأت ولا أذن سمعت لكنّنا في كلّ مرة ندحرج الصّخرة ونتجاوز العقبة فتشرق شمسنا من جديد ..أتعلم أنني كلّما حفرت فيك اعتلت بي الكثبان نحو المطلق فأراني على صفحتك رسما بفرشاة لا يحسن مسكها سواك وسواي  . معا نرسمها اللّوحة . في مباهج قزح نسقط العجب ونعود بصفاء اللّحظة كما تشتهيها النفس وينتشي بها  الكيان .


تونس....12/ 6/ 2024.

بقلمي ... جميلة بلطي عطوي


"فَقْدٌ أفْقَدَنِي الرَّشَدَ" بقلم الشاعر محمود بشير

 فَقْدُ رفيقَةِ دربِي المرحومةِ

"نجِيَّة إسماعيل درويش"يوم 2024/4/27 أفْقَدَنِي الرَّشَدَ.


"فَقْدٌ أفْقَدَنِي الرَّشَدَ"


ربِّي بُلِيتُ بِفَقْدٍ أفْقَدَ الرَّشَدَا

    في العَيْنِ حَلَّ سُهاداً يزْرَعُ الرَّمَدَا


خَرَجَ الحبيبُ وما نادَىٰ يُوَدِّعُنِي

   قدغَضَّ طَرْفاًفأبقَىٰ الشَّوْقَ مُتَّقِدَا


ما خِلْتُ يوماً بأنّ الخِلَّ يسْبِقُنِي

   خِلْتُ الخليلَ يُجارِي خِلَّهُ الصُّعُدَا

        

لو بانَ مِنِّي خِصالٌ كانَ يأنَفُهَا

   لَاجْتاحَ نفسِي عذابٌ زادَ ما خمَدَا


ربِّي أجِرْنِي فحُزْنِي اليومَ يُعْجِزُنِي

     والدّارُ ثَكْلَىٰ فمَنْ يحْنُو يمُدُّ يدَا ؟


شُلَّ اصطِبارِي فكيفَ الخِلُّ أُدرِكُهُ

              اَلخِلُّ غابَ ويُفْتَىٰ أنَّهُ فُقِدَا 


قلبِي دخَلْتُ ولم أعْثُرْ علىٰ أحَدٍ

              إلاَّ "نجِيَّةَ"آواهَا وقدْ سَعِدَا


كانتْ عَطاءً من المَنَّانِ تَمْنَحُنِي

          عَيْشاً هنيئاً مَريئاً سائِغاً رَغِدَا


واليْوْمَ أمْضِي ولا خِلٌّ يُؤَانِسُنِي

    أينَ المآلُ ومن رافَقْتُ قد بَعُدَا ؟


ربِّي أعِنِّي فإنِّي هدَّنِي كَلَلٌ 

    مالِي سِوَاكَ فَكُنْ يا رَبِّ لِي سَنَدَا


محمود بشير

2023/6/10




ألعيدُ أقبلَ والأسماءُ قد كُتِبَتْ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 ألعيدُ أقبلَ والأسماءُ قد كُتِبَتْ 

في جنّةِ الخُلدِ للنّاجين .،…. مَنْ فينا ؟


ألكُلُّ  صائمُ والأبوابُ قد فُتِحَتْ

    قَبْلَ المَغيبِ : ….."أربَّ الكَوْنِ نَجِّينا !


إرْحَمْ عِبادَكَ ، وَانْصُرْ مُسْلِميكَ وَغِثْ 

     فالبيتُ هُدِّمُ   …….والنّيرانُ  تَصْلينا 


أُنصُرْ عِبادَكَ في (غزّا)  فقد ظُلِموا

لا العيْشُ عَيْشٌ ولا أمنْ …………يُوافينا


فالسّيْفُ مُسْلَطُ والأحداثُ دامِيَةٌ

      والكُلُّ هُجِّرَ  والأحداثُ……..تُدْمينا!


أنقِذْ عِبادَكَ  فَالإسلامُ مُتّهَمٌ 

      إرهابُ فيهِ  ، عَدُوُّ  الله…. ….يَرْمينا!


ما لي سِواكَ فأنتَ الله ُ وِجْهَتُنا

      إعتِقْ رِقابَنا للفِرْدَوْ س ……..فأْوينا 


صُهيونُ غَوّلَ والأعداءُ تُسنِدُهُ 

    كَفْكِفْ دِمانَا ، وأعْتِقْنا….  ….وَهنّينا


دَعْنا نُعَيِّدُ  والأفراحُ  تَغْمُرُنا

   نورُ الهِدايَةِ  في الأعماقِ ……..يَهْدينا


فالعيدُ عيدُكَ  يا أللهُ  تنقِذُهُمُ

  أُنْصُرْ عِبادَكَ(فالأقصى )……يُنادينا" !


وكلَّ عامٍ وأنتم إلى اللَّهِ أقرب وغزّةُ والضّفّة والعرب والمسلمين  بِخَيْر


            عزيزة بشير








الأربعاء، 12 يونيو 2024

باقة هايكو بقلم الكاتب ياسين بن محمد حراثي

 هايكو


-آخر دمعة

شكلت بركة ماء

____________________

-أذان الفجر في الصباح

اخلاص عاشق

____________________

-الحياة:

إمرأة ناضلت من أجل بكارتها

____________________

-منذ افترقنا

وكل الأسلحة

 تتحرك جهة قلبي 

____________________

-أرض قاحلة

أنبتت

ألف وردة

دون ماء

معجزة من السماء

____________________

-اشتباك عاطفي

انهزم القلب... مرة اخري

___________________

-عشرون سيجارة

 في يدي... لفافة تبغ

في قلبي

____________________

-اللص

أخذ كل شيء من الناس

لم يستطع

أن يأخذ القمر

____________________

-أعرف حزنا 

كلما نداني سقيته 

يسئلني

منذ متى أسكن فيك

أجيب

منذ لحظة الولادة

وأنا أربيك في داخلي

____________________

-الأمل

تضميد الجرح بوردة

قبل النزيف

____________________

-أول قبلة

لم تمت على شفاه أرملة

____________________

-مطر ينزل

يتساقط الثلج

تبرد القصيدة

تتسكل الإستعارة

فتنزل اللغة نشاز

____________________

-آخر لوحة لبيكاسو

رسمتني قصيدة

_______________

-العصفور الجائع

عاد للقفص

عبودية عاشق

_____________

-عمري خمسة وعشرون عاما

ولازلت

أروض الألم

_____________

-الشعور

خروج الكذب عن الحقيقة

واستواء الأصابع

دون بترٍ

________________

-أركض بلا توقف

خلف ظلك المبتور

كسنفونية مقطوعة

من جذع بيتهوفن

_________________

-وحيدا في المعركة

انتصر في الحرب

وأنهزم في الحب

جندي تونسي 

________________

-ضحايا الحب

ماتوا دون عرس

______________

-أبحث عن كتاب

يُسقط على الورق... دمعًا

______________

-إمرأة بحجم وطن

أركعت

جيش محتل

_______________

-يصلون الجنود

على المدافع

ويركعون انتصارات

_____________

-في كل حب

يكون الصدق والكذب

محطة واحدة

_____________

-قصائد الحب

المدججة بصور الإغواء

كتبها شاعر

 دون جناحين

  ______________

-صقلت سيوف الشهداء

حماماتان... في الجنة

_______________

-في الشارع المزدحم

أطيل التحديق

من خلف الرصيف 


ياسين بن محمد حراثي


الصمت بقلم د. انعام احمد رشيد

 الصمت

من قال ان الصمت سكوت 

 انه كلمات لن تموت 

ففي لغة الصمت تعابير 

وفيه صراخ الجبروت 

وفي الصمت دموعا تنهمر 

وقوافل تجري وتفوت

 وسهر الليالي وسهدها 

تسمع خلف جدران البيوت  

ويقال ان الصمت سكوت

 انه كلام  حب وعتاب متشابك

يشبه خيوط العنكبوت

ياصمتي أنا

د. انعام احمد رشيد




قفص العشاق بقلم الكاتبة زينب عياري / تونس

 ★★ قفص العشاق ★★


حين ألقي عليّ القبض 

وأنا أجمع لك باقات الورد ...

من حديقة العشاق ..

استسلمتُ 

ودخلت زنزانة الوجد 

مربطة العينين 

عمياء الخطى .....

يحيط بي فرسان القصص القديمة 

أبطالها قرع الطبول على  صدري ..

وكل الرماح والسيوف 

وُجهت إلى رأسي المتهم ..

أُسرتُ في قفص منفرد 

أُوصدت الابواب وليس لي مفر 

إرتجت الروح وأضربتْ عن النظر 

قررت كتم الخبر ....

كل المحاولات والتحقيق 

باتت بالفشل ..

السر في بئر الأعماق 

والقلب عاشق ولهان 

أردت الهروب 

فلم أر غير الظلام ...

يسبح في دربي 

يحوم حولي ..

صرختُ

هتفتُ 

فزاد ظلام الليل وطالت الساعات 

تحركت الأرض أرجوحة في يدي 

وطارت العصافير من حضني وفكري 

فشع الضياء بحب الورود

بحب الحياة 

وحانت رحلة العطش 

عند ضفاف المياه 

تتهاوى الكؤوس ظمأى .. 

وعبابا من دموع 

وحقول من شجن

نغزل الكلمات تحت ضوء القمر 

نُسكر الالحان حتى الوجع .................

بقلمي زينب عياري / تونس 




إضاءة نقدية في عنوان الرواية الموسومة "كفارة الحبس للنساء" للمبدعة التونسية حبيبة المحرزي. بقلم الكاتب محمد مجيد حسين

 الأضداد.. وانزياحات الطمأنينة 

"الثقافة هي ما يبقى فينا بعد أن ننسى ما قرأناه"

مكسيم غوركي

إضاءة نقدية في عنوان الرواية الموسومة "كفارة الحبس للنساء" 

 للمبدعة التونسية حبيبة المحرزي.

تُشكل الجندرةُ، بمُختلف تشعباتها، ومؤثراتها،مناخاً شائكاً ما بين الأفكار وتطبيقها على أرض الواقع فمعظمنا يدَّعي تبني الذهنية التقدمية في الظاهر وفي بعض المواقف كحد أقصى، وعلى المحك تُكشر ذكوريتنا عن أنيابها، ويتبوأ العنف ماهية سلوكنا. 

ثمة صراع أزلي جندري لهُ جذور ضاربة في التاريخ بين السلطة  الذكورية والمرأة عبر صراع ونضال وديمومة تنتقل من جيل إلى جيل. أمهات تقتربن بتضحياتهن من مشارف الأساطير، وأخوات يبلغن أعلى سلالم هرم الإيثار. ثمة فتيات منحنَ أباءهمن  أطواقا من الحنان والسعادة والأنثى الزوجة، حسب مفهومي، عظيمةٌ ولكنً الاختلاف وارد بل حتميً  وثمة شريحة شبه محدودة ارتقت راببة التمرد.

فمنذ جلجامش والكائن البشري يعيش صراعا بين الجنسين يتمدد ويتقلص بحركة شبيهة بالمد والجزر والى اليوم والجدلية قائمة بين الجنسين بنسبية بينة وفق الانتماءات الدينية والمذهبية والاجتماعية والفكرية.

 " كفارة الحبس للنساء" هذا النحت المتقن ما ذهبت إليه الروائية حبيبة المحرزي القادمة من بعيد لتنضم إلى موكب النساء الأحرار عاشقات الكرامة والحياة خارج قلاع العبودية والخنوع. وأن تسمي كاتبة شرقية روايتها " كفارة الحبس للنساء" هنا يمكننا استساغة  باقة من الهواجس المستندة إلى دوافع تصب في خانة الثورة على العبودية الذكورية دون تجاوز الخطوط الحمراء كإنسان لا كامرأة.

 أي أنَّها تفضي بنا إلى ثورة على العبودية عبر خارطة طريق يرسمها العقل وتوجهها القيم الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية دون المسً بالثوابت والفضائل.

الحياة في عمقها قائمة على الثنائيات الجمال، قبح ، الكراهية، المحبة، الرجل، المرأة، والسلسلة تمتد بنا حتى لا نهاية جدلية العلاقة ما بين الأضداد كما ذهب إليها الفيلسوف ألألماني  هيغل في الجدلية التاريخية  ومن أشهر أقواله في هذا السياق" وحدة وتناقض الأضداد".

الجدلية التأثير والتأثر كينونة الرجل ملازمة لوجود المرأة وكينونة المرأة مقترنة بوجود الرجل أي أن ووفقاً لهيجل الرجل والمرأة هما محور الحياة على سطح هذا الكوكب.

هنا نصل إلى المُتبغى من تسمية الرواية "كفارة الحبس للنساء" 

ثمة مقولة شائعة " الحبس للرجال " 

وهنا استبدلت الروائية المسند اليه من الرجال إلى النساء وكأنها أرادت أن تؤكد بأن لدى النساء المنظومة الأخلاقية ذاتها والتي تخرج من كينونتها المرذولة إلى الحمد والافتخار . فالرجل الذي يتفاخر بدخول السجن من أجل هدف نبيل بات لدى شريحة ليست بالقليلة من النساء أمرا ممكنا يحيل على القوة والصمود ما دامت الدوافع نضالية لإثبات الوجود.

 فالمفردة " كفارة" لها بُعد ترميميً يؤشر على إمكانية البدء من جديد على أسس صلبة صحيحة دون تعثرات  ولا زلاّت فهي.

 العودة للصواب لتصحيح مسار كان دون المؤمل لكن المستقبل سيكون أعتى وأجمل. 

و"الحبس للنساء" صرخة لزعزعة الآخر وبيان أنً المرأة وإن ظلمت فهي قادرة على المواجهة دون خوف أو خضوع حفاظا على الكرامة والحرية.

وردا على المنظومة الذكورية المتسلطة.

منذ جلجامش والكائن البشري يعيش صراعا بين الجنسين يتمتد ويتقلص بحركة شبيهة بالمد والجزر.

يمكننا أن نستسيغ جملة من دموع الدوالي تختزل بمقولة واحدة المرأة أعلنت ثورتها على الطغيان الذكوري ولا موطئ قدم للعودة للتبعية.

محمد مجيد حسين 

كردي_سوري




الثلاثاء، 11 يونيو 2024

اسال يراعي...". كلمات الشاعرة منية محمود

 "اسال يراعي..."...(البحر الكامل )


الناي غنى من حروف قصائدي... 

والورد ازهر للحبيب دروبا .....

وارى بحور الشعرفي اوزانها ... .

عزفت لاوتار الغرام حبيبا ...

فالقلب مسحور بلحظ عيونكم ... 

هل في الغرام يكون ذاك معيبا ....

لا..لاتلمني في الهوى ياسيدي ....

فاسأل يراعي من تراه مجيبا ... 

واسأل فؤادي كيف يغدو حاله ....

ببعادكم صوت الفؤاد نحيبا ....

لامواقصائدنا وعشق قلوبنا ....

ياويلي هل ينسى الحبيب حبيبا ... 

والله لومات الغرام بداخلي ....

من ذا يزيد على الغرام ذنوبا ....

ماذنب قلبي ان نثرت وداده ....

وجعلت اشعار الغرام طبيبا...  


كلمات : منية محمود




قراءة انطباعية لقصيد حروف مكسورة للشاعرة نادية بن رابح. بقلم الكاتب محمود البقلوطي

 محمود البقلوطي


قراءة انطباعية لقصيد  حروف مكسورة للشاعرة

                       نادية بن رابح


الكتابة تستمر رغم نزيف القلب والألم.. تقوم الشاعر بتصديرفي مطلع القصيد ببعض الأبيات لتفكك عتبة العنوان.. "حروف مكسورة" فتقول: حروف مكسورة كجفوني..والمفردات مغتالة والكلمات حبيسة كمارد في قمقم

والأمنيات عجفاء..

لتتساءل. ماذا سأكتب ياوطني؟لتبدأ في تفكيك سبب السؤال وما يحمل في طياته من الم تحسه وتعبر عنه في كلماتها عن أوجاع هذا الوطن كاشفة المتسببين في مآسيه وتردي الوضع الذي يتخبط فيه مستعملة أفعال فاضحة لما يقومون به.. هدموا،مزقوا،سرقوا دنسوا وغرسوا مخالبهم في جسد الوطن وجعلوه ينزف ويتألم من اعمالهم الخسيسة والدنيئة التي قتلت الفرحة والبهجة في قلوب شعبه..لتتمادى في السؤال.. الا أن لهم ان يطفؤوا الحرائق؟

كيف يغتال الربيع؟

لتقفل القصيد. ب.. ليس لي جواب

فحروفي مكسورة كجفوني..

قصيدة رائعة وعميقة ملأى بالالم والوجع.. تساؤلات واضحة استطاعت من خلالها ان تكشف مشاعر كاتبة النص وحبها العميق

لونها وتوقها الى ان تتبدل أحوال هذا الوطن الي الارقى فيا ترى متى يأتي الخلاص وتصبح أيامه ربيعية فيطيب العيش وتبرأ النفوس وتصبح الكلمات زاهية وردية وتتخلص من الانكسارات

دام روع حرفك العاشق للوطن

وبحر مدادك وألق إبداعك السامق

تحياتي صديقتي الشاعرة نادية بن رابح وباقة من الورد ملونة بعشقك للحرف الجميل والكلمات السامقة العبقة

 بالمعنى العميق 🌹🌺🌹

 محمود البقلوطي

                              القصيدة

                          حروف مكسورة 


حروفي مكسورة 

كجفوني

و المفردات مغتالة 

و الكلمات حبيسة

كمارد في قمقم

والأمنيات عجفاء

 فماذا سأكتب  يا وطني؟

وثورتك موؤودة

سأكتب لأخبر عن الأشرار 

هدٌموا وطنا

مثل الينابيع عذوبة

سرقوا سبوا العروبة

مزٌقوا رسومك

فوق الخرائط مكتوبة

دنٌسوا ثوبك الأخضر

مرٌقوه وونثروه أشلاء مبثوثة

يتقاسمونه

وليمة موعودة

غرسوا مخالبهم في جسدك

المسجٌى فوق السنابل

يئزٌونها أزٌا 

تهزٌهم أطماعهم  و احقادهم  هزٌا


أما آن لهم أن يحنوا لك الجباه ؟ 

أن يقدموا القرابين للوفاء

  أن يعجنوا من دمائهم غذاء؟ 

أما آن لهم أن يصادقوا  العصافير و الهديل؟

أما آن لهم أن يوقفوا  كل الحرائق

 أن يختزنوا كل مياه البحار في الأحداق؟

فلا تمتلئ  الزوارق

ولا تعول أم ثكلى

فؤادها مكلوم

يحترق

 يختزل كل المدامع

تسأل في ذهول

كيف يثقبها الأنين

و يقسمها الحزن شطرين

وهم سعداء؟

كيف يذبل و يموت الياسمين؟

كيف يغتال الربيع؟

لا أملك الجواب

فحروفي مكسورة

كجفوني


نادية بن رابح



قراءة قصيرة لنص سردي من" يوميات فراشة تحترق" للشاعرة الكاتبة سليمى السرايري. بقلم الكاتب محمود البقلوطي

 محمود البقلوطي

قراءة قصيرة لنص سردي من" يوميات فراشة تحترق" للشاعرة الكاتبة سليمى السرايري.    

=================================       

 كتب النص بقلم شاعرة رسامة تشكيلية ماهرة  جعلت متصفح كلماته ومعانيه يحس بمتعة القراءةو ادهاش الاسلوب والدلالة البليغة

المتضمنة في تطرقها للكثير من المفاهيم.بدات بتشريحها مستعملة استعارات عميقة.. 

لتقول :

"الحزن والصيف توامان لحالة واحدة" الوحدة"... سجن ساكن الروح...

 الضفة :

" هو الانتظار الذي سيباغتنا حين نسرع الخطى نحو المجهول" 

 لتواصل وتتحدت عن الكاتب والشعراء..الكاتب الذي نسي "صوته وامتلأ بالوجع فتستحضر الأنثى في القصيد" للتخفيف عنه.. ولم تنس الفنان الغارق في لوحاته والمنفلت بدون قيد ديدنه الابحار بكل حرية

لانه معاد للاختناق..

"الاختناق يسقط علينا فجأة حين تضيق الاتجاهات".. لتتحدت عن شعراء مسافرين بين الأرض والسماء ترهقهم لحظة المخاض المرتبط بالذات حين يلدون القصيد المرتبط بالذات العابثة والمتناقضة الحاملة للحزن، للوجع و للفرح للحب.. للحياة وفكرة الموت..

"هل هي لعبة المصير؟" كما تساءلت صاحبة النص السردي.. 

مصير الإنسان لما يحمل  في ذاته من وجع وحب وهذيان.". لتذكر لنا قلق الشاعر

وشعوره بالقهر لاحساسه بأن تعبه ومجهوده يرمي في "حاويات المهملات"...

 لأن الوضع الثقافي تدنى وسيطر عليه الانحطاط. 

ثم سافرت الي استحضار ثلات اسامي أسطورية "عشتار"، "افروديت" و"المرأة الافعى لاميا" اكلة الأطفال لأنها عاقر.. هو مجاز انا استنتجت ان هناك عشتار وافرو ديت رمز الحب والعطاء، هي الخصوبة وهما يمثلا المبدعين الشعراء والكتاب... 


اما لاميا فهي ترمز لشعراء والشاعرات المزيفين الذين يأكلون أطفال غيرهم، قصائد المبدعين فشبهتهم بالمرأة الافعى... "لاميا" إذ تقول :

-

""حزن يتنهد هنآ بين سطور القصيدة...

 كأنّك ايها النائم على الورقة ،تغرف من صحائف الشجن 

 ذلك الوجع الدفين يكبر و يكبر فنتساءل :

 لمَ تقرع أبوابنا كلّ هذه ألقسوة

 هل هو الوقت الذي تغيّر ؟؟

 أم مسالك غامضة تنبؤنا أن عاصفة هوجاء في طريقها إلينا ؟؟

 حتما ستشتعل المسافات فلا ندرك حينها حجم الاحتراق....

 اللوحات دائما ذات ملامح معتمة و لكنها تفيض لؤلؤا و جمالا كلّما احتوتنا اللغة ولثمت أناملنا...

ألوانٌ ترابيّة تميل إلى وهج غريب

 بين الأسود والأحمر الأرجواني

 الأسود الدخاني ,,,, الأحمر الناري

 لتكتمل لوحة مقنعة ذكيّة تجعلنا نتعايش مع الحالة..... حالة شاعر يبكي .. وشاعر يستلذّ الغرق...."""

-

نص جميل وعميق هو سفر في الذات ومسيرة الحياَة كلماته الفاتنة اغوتني لسلاستها ولرقة الاحاسيس والمعنى الجميلين..

فيه تحفير فلسفي لبعض المفاهيم بكلمات رقراقة سلسة وشفيفة تحس بنشوة عند قراءتها والاطلاع عليها..

-

 دام روعك وبحر مدادك والق إبداعك تحياتي والورد الكثير لابداعك المنير صديقتي الشاعرة الفنانة سليمى السرايري🌹

-=-=-




فيض من نور بقلم المفكر العربي عيسى نجيب حداد موسوعة نورمنيات العشق

 فيض من نور


ليفض البصيص

من شعاع النور هنا

على ساح السطور ليزهو

ببريق من تشكيلات الورود لذة

عوابق من الكلمات تسرج بايات السطور

ونهايات الليالي تضيئها اقمار القصائد البهية

الوان من الاطياف عابرة حروف الدواوين عزة

تباهي ارواح بجماليتها الجاذبة لحسن الحضور

يا صانع الميراث قل للبوح كن شجيا تلذذ ٱهتك

واعبر جسور المكتبات بالتدوين عساك ان تخلد

بكل فوز  عظيم متى اقيمت اعراس احتفالاتها

كواكب من النور هي الفواصل تعبئ ثغر الاشهاد

تصنع قصور لشامخات البنيان بدون عماد يزفها

عروس قصيدة المنال تختال على بوح الشموع

ميراث متجدد باعالي سماء المكتبات هي هدية

يزفها البريق اللامع من حضن البدر لتباهي نجم

تجوب مراسيلها القلوب بين البساتين بتنزهاتها

يا فرح الايام كلما عانق بالخيلاء اجتذاب الفكر

ترنوه عيون برسم من زهو الابتسام على النقش

دعوني اتجمل ريح العبق مع بوح الحروف نور

هو شعاع يسطر على كل فيحاء بموازين عصره

  

                          المفكر العربي

                      عيسى نجيب حداد

                 موسوعة نورمنيات العشق




(نصوص إبداعية..عابرة للحدود) هوذا الشاعر التونسي الكبير -طاهر مشي..عيناه ترصدان الإبداع المتمثّل سنابل شعرية..تنحني للقطاف. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 (نصوص إبداعية..عابرة للحدود)


هوذا الشاعر التونسي الكبير طاهر مشي..عيناه ترصدان الإبداع المتمثّل سنابل شعرية..تنحني للقطاف.


هي سيرة حياة مذهلة،اعتبرها أطول -قصيدة-كتبها،جبلها من ترابه ورصعها بفسيفساء متقنة اكتنه اسرارها وعبث بالوانها.

بدا لنا كذواق يلتهم الزمن ويتأنى في تذوقه،ينافس نفسه بصدق وعناد،ويأبى أنن يقلب حياته على جمر حارق.

أحب الحياة كعاشقٍ ابدي مهما جانبت توقعاته،وانتصر دوماً على ضعفها وراودها عن اذيّته، وواجهها بملامح ونظرات جُبلت بالتحدي والصبر والذكاء.

والحياة عنده قطار طويل وسكة ومحطات ولذة ارتحال..والكتابة عنده رحلة لا يرجو منها وصولاً ولا راحة…هي نسق حياة،سبحة لا نهائية..ومحطات عديدة ،وظل يُكمل بهجة الاستكشاف،يعاند الصعوبات،ويحوّل التعب الى ثمار،والثمار الى لذة…

هو شاعر فذ وقاص مثابر مُجدّد،يراهن على الكلمة وامداء وحيها،يصطفيها كميثاق خلاص، يرميها كنردٍ اكيد من ربحه او يناوشها كأفعى في جحرها.

إن التكامل الجمالي -في قصائد هذا الشاعر المتألق-تونسيا وعربيا -يكمن في روح البناء الكلية من حيث الشفافية والعمق والتماسك الجمالي بين الأنساق،فثمة قيمة جمالية في الاندماج والتلاحم بين الأنساق الوصفية والمضافة،مما يرتد على إيقاع القصيد بشكل عام،لاسيما في العلاقات الجدلية التي تعطي جمالياتها على الشكل النسقي التضافري الذي تشكله -القصيدة-.

إن خصوصية التجربة الشعرية والقصصية لدى طاهر مشي- تمتاز باكتنازها بالرؤى والدلالات المراوغة التي تباغت القارئ في مسارها النصي،وهذا يعني أن الحياكة الجمالية في قصائد وقصص -طاهر-حياكة فنية يطغى عليها الفكر التأملي والإحساس الوجودي،وكشف الواقع بمؤثراته جميعها..

إن الحياكة الجمالية في قصائد وكذا قصص-طاهر مشي-ترتكز على المخيلة الإبداعية،ومستوى استثارتها،الأمر الذي يؤدي إلى تكثيف الرؤى،وتحقيق متغيرها الجمالي.

ذهب في -قصائده-الى اقاصي العذاب كما الى اقاصي العشق،متقناً شهوة الاسترسال وبراعة الومض..يكتب ويكتب وكأن الكلمات تتوالد وتنساب بسعادة الى ناشره بسهولة الى القارئ من اصابعه المتعرشة على قلم لا ينضب حبره.

لا يحاول -الشاعر التونسي القدير طاهر مشي-أن يسترضي قارئه او يستميله او يمجّد ابداعاته العذبة.هو يصافح البؤس البشري،ويروي -أحيانا-سقوط الانسان في هاويته،ويفتح بجرأةٍ ستارة تفضح ما نوّد ان نخفي لإراحة ضمائرنا..يكتب الحياة مشدداً على وجهها المُعتم كي يحتفي ببهائها المتعالي على التراب المُعّفر.

ختاما أقول :

مثل ساحر متمكّن يقود --طاهر مشي-القارئ في كل قصيدة من قصائده،أو في كل قصة من أقاصيصه -اللذيذة-،يقوده سيرا حيناً وركضا في الكثير من الأحيان. نتابع الكلمات والأحداث بلهفة الفضول والحيرة ونلتهم الكلمات التهاما،ومن ثم لا نملك فرصة للهرب من فتنة سرده،منذ أول جملة في القصيدة أو القصة،حتى آخر نقطة في آخر صفحة.

لا نستطيع أن نهرب من فتنة حكاياته المتداخلة،حيث تتحول اللغة إلى مجرد أداة،وتصبح بالتالي مثل إزميل النحات أو فرشاة الرسام،ولا تكون في أحيان كثيرة محور القصيدة أو القصة،مثلما تعودنا من بعض الكتاب العرب الذين يهتمون باللغة وزركشتها على حساب الحكاية وأحداث البنية القصصية أو الشعرية.

سواء في القصيدة أو القصة القصيرة تكشف لنا أعمال الشاعر والقاص التونسي القدير طاهر مشي عن مدى قدرته على الانتفاع من معارفه الأدبية والثقافية والفكرية،بدون أن يسقط في نرجسية «ذات الكاتب»،التي تقول: «أنا موجود بالقوة».وإنما يستثمر كل ذخائره مراعيا حدود الجنس الأدبي،ومحافظا على الحس الجمالي والأثر الفني للعمل الأدبي.

ختاما أقول :

الشاعر التونسي السامق -طاهر مشي،إنما هو شاعر يكتب بحبر الروح ودم القصيدة،تخضع المفردات لأحاسيسه الجيّاشة،فتنتظم أجمل القصائد وأكثرها شاعريّة،معجم مفردات ثريّ قائم بذاته، تتناثر الكلمات منه كورود شاردة من حطام الحياة،تلامس عباراته شغاف القلب-فنرقص على ايقاعها-رقصة زوربا اليوناني-

كلّ لحظة يعيشها،نعيشها معه في قصيدة تخترق وجداننا،وتلامس أرواحنا.

تحبس مشاعره الكون،فتتحرّر قصائده محمّلة بأسرار الأرض ومكنونات السّماء،ولعلّ الوضع السّياسيّ الّتي تمرّ به بلادنا العربيّة،جعلت-أحيانا-من اليأس تربة خصبة،ليزرع فيها قصائده الحزينة كما ناي مكسور،لتنمو في الرّوح كسيف ينصل الأوصال بقسوة.

خير مدافع عن اللغة العربيّة الّتي يعتبرها الهويّة والأصل والجذور،كتب القصيدة الخليليّة،واستهوته قصيدة التفعيلة والنثر.

وسار على درب الإبداع بخطى ثابتة..مثل خطى الأنهار في حقولٍ، تجري فيها وتكسوها ثياب الاخضرار.

شعره يصدق وصفه بأنه حقولٌ تترامى فيها السنابل الذهبية المتمثلة بحبَّاتها،والرّائية إلى روّاد قطافها القادرين على النفاذ إلى الجوهر الشعري،الممتلك جاذبيّة كأنّها السحر الحلال،وليد الخيال الخلاق.

أنت حر كالسحاب..يا " الطاهر"..مبارك عطاؤك المتميز..وإلى المزيد منه.وأدعو الملحنين إلى تلحين نماذج من أشعارك،كي يتغنى بها القادمون..في موكب الآتي الجليل..


محمد المحسن



الاثنين، 10 يونيو 2024

أيا تونس الخضراء..لا تتركي-حفاة الضمير-يحرفون تواريخ مجدك.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 أيا تونس الخضراء..لا تتركي-حفاة الضمير-يحرفون تواريخ مجدك..


قتلتنا الردّة،والواحد منا..يحمل في الداخل ضده” (مظفر النواب)


-مدهش أمر هذا الشعب الذي أربك بثورته المجيدة أصقاع العالم..

عظيم هذا الشعب الذي مضى لملاقاة دبابات وعسكر ولا سلاح معه غير جسده وإصراره، فمعنى ذلك أنّ المقدّس فيه قد تجلّى..( الكاتب)


كمن ينثر الورد في واد غير ذي زرع..هكذا صارت حالنا بعد سبع سنوات من ثورة دحرجت رؤوسا كثيرة وردّت الإعتبار لمن نال منهم الظلم والظلام في نخاع العظم..

نحن بواد و-الحكومات المتعاقبة- بواد آخر، تنبئنا مع اشراقة كل صباح بأنّ قوافل الخير المحمّلة بجرار العسل في طريقها إلينا.. ستفيض بلادنا لبنا وعسلا.. قليلا من الصبر فقط.. أيّها الشعب العظيم..

الكل ينآى بنفسه عن الواقع الأليم الذي تتحفنا به قنواتنا الوطنية في كل نشراتها الإخبارية: اعتصام هنا.. واحتجاج هناك.. واضراب يلوح في الأفق سيشمل كل القطاعات.. ولنا أن نفرح. لنا أن نهلّل. وطوبى للحزانى لأنّهم عند الله يتعزّون.

قيل لنا أنّ تونس ستشبه بعد الثورة جنّات من تحتها تجري الآنهار.

وقيل لنا أيضا أنّ الحرية سينتشر عطرها في الأقاصي حتى يزكم الأنوف..أما أرغفة الخبز فسيكون عددها أكثر بكثير من عدد الأفواه الجائعة.. جاري فقط نبّهني لأمر جلل.. جاري الذي قدّم ابنه مهرا سخيا لعرس الثورة قال لي: لا تؤذّن مع المؤذنين في مالطا، فلن يسمعك أحد..هكذا صارت حال كل من ينتقد الوضع الراهن..

“الثورة التونسية المجيدة”وعدتنا بأنّ الخيرات ستتوالى.وسيعمّ الخير والرفاه بلاد العرب من البحرين حتى أقاصي بلاد شنقيط موريتانيا العظمى،وستنال الصحراء الغربية نصيبها من الغنيمة أيضا.وعلى العرب أن يفرحوا.عليهم أن يهللوا للصدقات أمريكية هذه المرة.ولهم أن يبتهجوا بالنظام العالمي الجديد صانع المعجزات،وكافر من يردّد قول المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

الكل يهرب من الواقع المؤلم،يحتضن طموحاته مرغما ويمضي بها.

من اعتقد أنّ الدين هو الحل لحلحلة الملفات العالقة ارتدى جلبابا “أفغانيا” وأطال لحيته وانتهى إلى أنّ الديمقراطية كفر وضلال. أما الذي يرى في “البروليتاريا” قوّة ضاربة وقادرة على ترجيح الكفّة لصالح الفقراء والجياع فانبرى ينظّر ويرمي-اللوم-جزافا على الناخبين الذين لم يهدوا له أصواتهم،وأشاحوا بوجوههم عن برامجه الثورية الواعدة..موضّحا أنّ الطريق إلى جهنّم مفروش بحسن النوايا..

البعض منا أصيب بالفصام أيضا:يصفّق"للنهضة"صباحا..وينتصر للقوى التقدمية عند المساء..!

أما أنا فمازلت ألعن أم الإنتهازيين وخالاتهم من الرضاعة..والأمم المتحدة.. وكلّ قوى الخراب في هذا الكوكب الأرضي الكئيب..

لم أعد أعرف ماذا كان يجب عليّ أن أفعل!! أخذت جرعة من الأمل،ثم دسست طموحاتي بين كتب الأدب،واعتبرت الكتابة جدارا أخيرا أحتمي به من الإنكسار.

لعلي آمنت بأنّه لا فائدة من -الطموحات الزائفة- إن هي ظلّت تعبث بالمشاعر: التنمية قادمة..العدالة الإجتماعية في طريقها إلينا.. والخير والرفاه سيعمّ البلاد من شمالها إلى جنوبها.. وداعا أيها الفقر اللعين..

أنا لا أراهن كثيرا على-حكومة أحمد الحشاني-ولكن حضور الأمنيات القليلة اللطاف أفضل من غيابها الكلي..

لذا سأرتّل، بصوتي العليل تعاويذ الأمل..وأكتب..ولكن الحياة الكريمة أقدس من النص، والفعل المقاوم أعظم من أن تحيط به الكلمات..

يحدوني الأمل قليلا وأنا أتابع خطابات -رئيسنا العظيم سي قيس-وهو يذكّر الجميع بحكمة ورثناها عن أجدادنا: لا تغلّب الفتق..على الرتق..واطلب المستطاع إن أردت أن تطاع..ثم يتعهّد بإتخاذ اجراءات صارمة ضد الفساد..“فترتبك"عقول المفسدين،وتنتفض هلعا..ووَجلا..

يا رئيسنا الفذ نحتاج قليلا من صبرك الرباني فالرّوح محض عذاب.

إعلامنا المؤقّر-أبهجنا-بعودة -رموز التجمّع-إلى الواجهة كي يعلموننا المبادئ الأساسية للديموقراطية الحقيقية..وحقوق الإنسان !!علنا نأسف على رحيل-الراحل- ونذرف دموعا سخية بحجم المطر على الإطاحة بحزب التجمّع اللعين..

ثمّة في العيون غيظ مكتوم..

وطوبى للثكالى لأنهن عند الله يتعزين..

رئيس الحكومة (يحفظه الله) ينبئنا بأنّ أوضاعنا الإقتصادية ليست على ما يرام،أما بخصوص القروض التي “يتكرّم” بها علينا صندوق النقد الدولي فستخصّص للإستهلاك بدل التنمية،وما علينا والحال هذه،إلا أن نواجه مصيرنا الكئيب بأمعاء خاوية..بعد أن تراجع الدعم العربي وشحّ المال والماء والأمل..

وإذن؟

علينا إذا،أن نهلّل..ولنا أن نبتهج بالثورة التونسية المجيدة صانعة المعجزات.

وكافر من يردّد قول المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..

رئيس حكومتنا هذا “أبدع” في التصريع..بمعنى إثخان الجرح ورش الملح عليه بدل لملمته وتضميده..صادق أنت وصريح..يا أحمد..وتونس شاهدة عليك..!

غريب أمر هذا الشعب التونسي لا يكتفي بالخبز بديلا عن الحياة والكرامة.

مدهش أمر هذا الشعب الذي أربك بثورته المجيدة أصقاع العالم..

عظيم هذا الشعب الذي مضى لملاقاة دبابات وعسكر ولا سلاح معه غير جسده وإصراره، فمعنى ذلك أنّ المقدّس فيه قد تجلّى.

أفتح الأنترنات و-أتسكّع- بين مواقعه فأبتسم للتعليقات الساخرة على صفحات -الأصدقاء الفايسبوكيين-على مردود الحكومة وعدم قدرتها على ترتيب-ما بعثرته الفصول-لشعب أنهكه طول الإنتظار ومن ثم دعوتهم للإعتصام غدا أو بعد غد..لا يهم..المهم أن لا تتوقّف الإحتجاجات والإعتصامات،وما على الجميع إلا أن يحملوا معهم زجاجات المياه المعدنية وعلم تونس وأحذية مريحة وسندويتشات تكفيهم طوال مدّة الإعتصام..ويستلهموا من أبي القاسم الشابي المعنى الحقيقي للمجد والكرامة..

عجيب أمر هذا الشعب التونسي الذي يرفض أن تنتهي الحياة إكراما للذين تسابقوا للموت إعلاء للحياة..وتمجيدا لها..

هذا الشعب التونسي العظيم يعلم علم اليقين أنّ هناك من عقد العزم على إبادة الحياة وعلى إفسادها وتحويلها إلى جحيم.وهو على يقين أيضا بأنّ -المفسدين في الأرض- يستدرجون الحياة إلى الهاوية.وهاهم جنودنا البواسل ورجال أمننا الأفذاذ يتسابقون إلى الموت لأنهم مؤتمنون على استمرارية الحياة.من هنا تستمدّ المواجهة لديهم عنفها المدوّخ الضاري.

تونس يا مهد الثورات العربية. تونس.. يا خضراء..ذات ربيع رحل أوكتافيو باز*.كتب شعرا ثم رحل.لست أنا القائل بل هذا الشاعر الذي اسمه أوكتافيو باز هو القائل:“لا يجب علينا أن نترك التماسيح الكبيرة تصنع تاريخ البشرية،إنني لا أستبعد الإنهيار الأمريكي فالتاريخ لا يمكن أن يتحمّل إلى ما لا نهاية هذا الإلتحام الهائل بين الموت والموت.لذلك أدعو دول العالم الثالث إلى العودة إلى الجوهر،وإلى الوقوف وقفة واحدة في مواجهة الجحيم”.

حتما لم يكن أوكتافيو باز  يدري أنّ التونسي سيقف في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة وحيدا.و”سي قيس” يدعو أيضا شعبه إلى الوقوف في وجه الإرهاب بكل تمظهراته المخزية،بجسارة من لا يهاب الموت..

ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان،بل بذاكرته المنقوشة في المكان. أزمنة متراصة مكثّفة.

هي ذي تونس إذن.زمان تكثّف حتى غدا مكانا وحكايات،أقاصيص وملاحم، سماء تنفتح في وجه الأرض،أرض تتسامى وتتخفّف من ماديتها حتى تصبح كالأثير.ثم يلتقيان.الأرض والسماء يغدوان واحدا.

هي ذي تونس اليوم مجلّلة بالوجع ومطرزّة بالبهاء: أمل يرفرف كلما هبّت نسمة من هواء..ثمّة فسحة من أمل..خطوة بإتجاه الطريق المؤدية، خطوة..خطوتان ومن حقّنا أن نواصل الحلم.

ولتحيا الحياة.


محمد المحسن


* أكتافيو باث(بالإسبانية: Octavio Paz) شاعر وأديب وسياسي مكسيكي، ولد في مدينة المكسيك في 31 مارس 1914.حصل على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1990 ليكون بذلك أول شاعر وأديب مكسيكي يفوز بهذه الجائزة.عرف بمعارضته الشديدة للفاشية،وعمل دبلوماسيًا لبلاده في عدة دول. تشعب نشاطه في عدة مجالات،فإلى جانب كونه شاعراً،فقد كتب أيضاً العديد من الدراسات النقدية والتاريخية والمقالات السياسية.





ايمان بن حمادي..كاتبة تونسية متميزة تعبق بعطر الإبداع..وشذى الحرف بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 ايمان بن حمادي..كاتبة تونسية متميزة تعبق بعطر الإبداع..وشذى الحرف


كل كاتب مبدع لا يتميز من بين الكتاب الآخرين إلا بالخصوصية والنوعية، وهما يرتبطان كل الارتباط بخصوصية العوالم، وبنوعية تصويغ الكتابة لهذه العوالم،من خلال طرائق السرد،والاشتغال على الحبكة القصصية،ولغة الكتابة،والأٍسلوب،والصور التعبيرية.بذلك وبغيره يصنع الكاتب القاص ما يميز كتابته القصصية عما يكتبه القُصَّاصُ الآخرون.

وهو أيضا،شأن الشعراء والروائيين وكتاب المسرحيات،بل هو شأن كل المبدعين والفنانين الذين يمهرون أعمالهم بالمظاهر المضمونية والخواص الجمالية التي توفر لأعمالهم طابعها الخاص المميز، وسماتها الخاصة،وعبقها الذي هو عبق الإبداع.

من هنا،قد لا أرمي الورود جزافا إذا قلت أن ايمان بن حمادي،ألق وأرق يقبع في عمق الكلمات،تنسج وتسبك نصوصها بلغة سلسة قريبة من العفوية المصقولة فينا،وينصب اهتمامها بايصال ما تفكر وتشعر فيه الى عقل ووجدان القارئ .

وقد لا يحيد القول عن جادة الصواب أيضا،إذا قلت إنها ترسم بحروفها عالماً فريدًا من الإبداع يجعلها بحق صاحبة نظرة وومانسية خاصة تسيطر وتطغى على نصها-كالذي بين أيدينا-ولا تتخلى عن اناقتها في كل مكونات خواطرها ونصوصها من حروف ومعان وخيال وعاطفة..

كتابات هذه المبدعة الفتية،سنابل فرح وتراتيل حب وترانيم غرام تشدو بها،وزهرات يانعة شديدة الاشعاع والبوح،ومع كل ترنيمة،وهمسة من همساتها تشتعل العواطف والاحاسيس والأفكار ..

ايمان بن حمادي،الكاتية والقاصة والسيناريست، تسكب لنا الجمال الوجودي في قالب ابداعي يغذي حاجتنا الملحة لادراك الخير والحب والجمال،تبدو لي حروفها-دون مجاملة أو محاباة-مفعمة بأريج الكلمة،ومطرزة  بالبوح الشذي،تجربتها تسير في تدفق وانسيابية وتسلسل مما يمنحها ترابطًا شعوريًا يريح عين القارىء وقلب المستمع،وتتمسك بالبساطة والوضوح مع حفاظها على الرونق في التعبير.

بعض نصوصها التي اطلعت عليه،ترتقي الى مستوى الإبداع الخلاق وقدسية الكلمة..

هي صوت أدبي دافىء ينبثق من بين الحروف،كي يعبرعن الهواجس والأوجاع ومكنونات النفس .

وخلاصة القول: هذه الكاتبة الشابة ( ايمان بن حمادي )  ملهمة تمتلك قلمًا متميزًا ورؤية شاعرية لها خصوصيتها تحيكها في كلمات وسطور رقراقة عذبة..

نتابع معا هذه اللوحة الإبداعية التي نحتتها بمهارة مذهلة :


أنا كلاسيكية قديمة تقليدية في اختياراتي...صحيح أن ملامح الصغر و الشباب تغزو كل تفاصيلي الجسدية و الخلقية و صحيح أن عمري يافع لكن اختياراتي لا تتوافق و هذه السنين التي تعبر عن تاريخ تواجدي في الحياة...يوم أعلن القدر عن قدومي و عن انتمائي إلى هذا الكون و هذا العالم الإنساني...أنا منشدة إلى الأغاني التي مر عليها الدهر مروراً عابرا لكنه لم يستطع أن يمحو سحر رونقها...أغاني عبد الحليم و فيروز و فريد و صباح و أم كلثوم...أستمتع و أنا أضغي إليها بكل روح و حس فني و أنا أحتسي فنجان قهوتي...أعانق نسمات الصباح مع فيروزيات الصباح و أودع يوما مضى من حياتي و لن يعود بأم كلثوم أو عبد الحليم....مازلت أعشق أن أجلس في كنف ليالي الشتاء التي تستدعي الحنان و الدفء و أنا أشاهد أفلام مصر القديمة أفلام سعاد حسني و رشدي أباضة و غيرهما الكثير...عندما كان الحب عذريا روحيا قلبيا خالصا و حتى الجنس ما هو إلا تعبير عن هذا الحب العفيف....مازلت أعشق لباس العصر الفيكتوري ألبس عقدا يطوق جيدي أسودا منشدا إلى عنقي الأبيض الذي  يجعلني أقف وقفة شامخة يتوسطه قلب أو دائرة ذهبية مرصعة مع فستان فيكتوري يغطي كامل جسدي بأناقة فاخرة....مازلت أعشق البحر و السماء و الطبيعة التي هي ملهمتي جالبة أفكاري و مبعث كلماتي الجميلة...مغرمة أنا بأوراق أشجار الخريف التي تغزوها الصفرة و هي تتساقط على جسدي و كأنها لا تتماسك أو تبتغي التحرر من قبضة الشجر عليها.....مازلت منشدة إلى كلمة أحبك نابعة من قلب نحب لا يعرف الكذب في هذه الأمور المشاعرية.. ومازلت أعشق هدية الوردة الجورية الحمراء أو الوردية من عاشق ولهان بي.لا أحب التعقيد و لا التكلف و لا الماديات المجردة من الروح و من الأحاسيس الصادقة الناعمة.."

هذه اللوحة الفنية المطرزة بالإبداع،تحقق-في تقديري- لذة القراءة بجمالية الأسلوب وأناقة القص،والرشاقة،والابتعاد عن الترهل اللغوي وترهل الأحداث والتفاصيل.إنها توحي بالمعاني الإنسانية، وتخلق معنى القص الجميل،المفتعم بالمعاني والصور والخلابة..

مبدعتنا الفذة ايمان بن حمادي،ما اجمل بوحك ،ونبض حرفك،العيون تهفو اليك،والقلوب تنعم في روض ابداعك وسحر يراعك..

واصلي دربك الإبداعي بثبات،كي ترسخي حضورك في الإبداع القصصي،وتغتني تجربتك في هذا الجنس الأدبي بالتنويع في مواد المحكي،والتنويع في تقنيات الكتابة،وهما الأساس في صنع الخصوصية الأدبية للكاتب ومساهمته في تطوير مضامين وأساليب وتقنيات الكتابة القصصية.

لك مني تحية تقدير وامتنان،ومزيدًا من العطاء والابداع..يا أميرة الشعور والاحساس والنبض..


محمد المحسن